الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرى الحنفية أن ركن الدعوى هو الصيغة والطلب فقط، أو هو القول وما يقوم مقامه، المرفوع إلى القاضي للنظر فيه، وللمطالبة بحق من الحقوق؛ لأن هذا الطلب هو الذي يكون به قوام الدعوى ويعدُّ جزءًا داخلًا فيها، أما المدعي، والمدعى عليه، فهي من مقومات الدعوى، أو هي أطراف الدعوى؛ لأنه لا يتصور وجود الدعوى إلا بها (1).
التمييز بين المدعي والمدعى عليه:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي، واليمينُ على من أنكر"(2).
وفي رواية: "قَضَى النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّ اليَمِينَ على المُدَّعَى عليه"(3).
فمن هو المدعي المكلف بالبينة؟ ومن هو المدعى عليه المكلف باليمين؟
إن المدعي والمدعى عليه هما طرفا الخصومة في الدعاوى، وقد تنقلب الدعوى فيكون المدعي مدعى عليه، وبما أنه يترتب على كل منهما واجبات والتزامات، فيجب التفريق بينهما، وتمييز المدعي من المدعى عليه.
وإن التمييز بينهما من الأهمية بمكان؛ لأنه يسهّل على القاضي النظر في الدعوى، والسير فيها، وتكليف كل طرف الإثبات الذي يجب عليه شرعًا، بل إن
(1) بدائع الصنائع (6/ 222)، البحر الرائق (7/ 191)، الحاوي الكبير (17/ 292)، المغني (9/ 271)، نظرية الدعوى للدكتور محمَّد نعيم ياسين (ص: 171)، الموسوعة الفقهية (20/ 272)، الوجيز في الدعوى والإثبات للدكتور شوكت عليان (ص: 13)، الدعوى وطرق الإثبات للدكتور عبد الحميد عويس (ص: 12).
(2)
سنن البيهقي الكبرى (10/ 252)، سنن الدارقطني (3/ 111). وحسنه النووي وابن حجر. شرح النووي على صحيح مسلم (12/ 3)، فتح الباري (5/ 283).
(3)
صحيح البخاري (2/ 888)، كتاب الرهن، بَاب إذا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ فَالبَيِّنَةُ على المُدَّعِي وَاليَمِينُ على المُدَّعَى عليه، برقم (2379).
التمييز بينها يحدد مسار الدعوى كلها من الأساس، لذلك اهتم الفقهاء كثيرًا في وضع الضوابط والمعايير لتمييز المدعي من المدعى عليه ومن أشهرها ما يلي:
الأول: أن المدعي من إذا ترك الخصومة ترك، والمدعى عليه من إذا ترك الخصومة لم يترك (1).
ويعتمد هذا التعريف على آثار الاعتراف بالحق، وأن صاحب الحق غير بين المطالبة بحقه، أو تأجيله، أو إسقاطه، أو إبراء المدعى عليه منه، أو إعفائه عنه، فإن اختار ترك الخصومة والدعوى والمطالبة، فله ذلك، ويترك وشأنه ولا يلاحقه القضاء، ولا يجبر على رفع الدعوى ومخاصمة الآخرين، أما إن اختار المطالبة بحقه، وسعى للحصول عليه، فإن المدعى عليه ملزم بالحضور لبيان رأيه، والجواب عن الدعوى، وبيان موقفه سلبًا أو إيجابًا، ويجبر على الحضور إلى المحكمة إن امتنع، ويجب عليه الاشتراك في الخصومة للتأكد من براءة ذمته أو شغلها، ومن ثم أداء الحق لصاحبه.
الثاني: المدعي من يخالف قوله الظاهر والمدعى عليه، من يوافق قوله الظاهر (2).
وهذا المعيار مبني على ظواهر الأمور، ومجريات الحياة، وغالب الأحوال وهو أن من يضع يده على حق، أو يتصرف به، أو يتفق حاله مع قواعد الشرع،
(1) بدائع الصنائع (6/ 224)، روضة القضاة للسمناني (1/ 165 - 166)، الشرح الصغير للدردير (4/ 208، 211)، أدب القضاء لابن أبي الدم (ص: 131)، مغني المحتاج (4/ 464)، فتح الباري (5/ 283)، المغني (10/ 241)، الموسوعة الفقهية (20/ 275)، الفقه الإِسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي (8/ 6278)، التنظيم القضائي في الفقه الإسلامي للدكتور محمَّد الزحيلي (ص: 297)، نظرية الدعوى (ص: 177).
(2)
المراجع السابقة.