الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الكاساني: "لا خلاف أنه يجوز التوكيل بالخصومة في إثبات الدين والعين وسائر الحقوق برضا الخصم حتى يلزم الخصم جواب التوكيل"(1).
أما المعقول: فإن الحاجة تدعو إليها؛ إذ ليس كل أحد يهتدي إلى وجوه الخصومات التي بها يثبت حقه أو يندفع بها عنه ما يدعيه الآخر (2).
وقد صدر نظام المحاماة في المملكة العربية السعودية بتاريخ 28/ 7 / 1422 هـ وهو يشتمل على ثلاث وأربعين مادة وهي تنظم عمل المحاماة وإجراءاتها وما لها وما عليها وقد جاء في المادة الأولى من النظام: يقصد بمهنة المحاماة في هذا النظام الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصاتها ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية ويسمى من يزاول هذه المهنة محاميًا.
أقوال علماء العصر في واقع المحاماة:
اختلف العلماء المعاصرون في حكم المحاماة بواقعها المعاصر في البلاد الإِسلامية وغيرها على قولين:
الأول: أنها محرمة وممن قال بذلك الشيخ أبو الأعلى المودودي والشيخ عبد الله عزام والدكتور خادم حسن وغيرهم. واستدلوا بأدلة كثيرة أقواها ما يأتي:
1 -
أن المحامين لا يهمهم سوى نصرة موكلهم بما لديهم من الخبرة وقوة الحجة ولا يهمهم كونه على حق أو على باطل، وكثيرًا ما يقلب المحامي الحق باطلًا والباطل حقا.
(1) بدائع الصنائع (6/ 22).
(2)
انظر: الهداية شرح بداية المبتدي (3/ 136)، شرح فتح القدير (7/ 504)، المغني (5/ 53).
ويؤيد هذا أن الله نهى عن الخصومة للخائن في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (1). قال القرطبي: "وفي هذا دليل على أن النيابة عن المبطل في الخصومة لا تجوز؛ فلا يجوز أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق"(2).
2 -
أن فيها الترافع أمام الطاغوت مما يستلزم الحكم بغير الإِسلام وتبجيل القوانين الوضعية وقضاتها.
3 -
أن الأجر الذي يستحقه المحامي غالبًا ما يكون مجهولًا يحيط به الغرر من كل وجه وأصول الشريعة لا تبيح صفقات الغرر.
الثاني: ذهب أكثر العلماء إلى مشروعيتها واستدلوا بما تقدم من أدلة مشروعية الوكالة بالخصومة (3).
الترجيح: الراجح هو القول الثاني بشرط أن يكون القصد إحقاق الحق وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة في الملكة العربية السعودية في فتواها رقم 3532 حيث قالت: "إذا كان في الاشتغال بالمحاماة أو القضاء إحقاق للحق وإبطال للباطل شرعا ورد الحقوق إلى أربابها ونصر للمظلوم -فهو مشروع؛ لما في ذلك
(1) سورة النساء: 105 - 107.
(2)
تفسير القرطبي (5/ 377).
(3)
انظر: المحاماة في ضوء الشريعة الإِسلامية والقوانين العربية د. مسلم محمَّد جودت اليوسف (ص: 73، وما بعدها)، نظام المحاماة في الفقه الإِسلامي وتطبيقاته في المملكة العربية السعودية، د. محمَّد بن علي آل خريف (ص: 117، وما بعدها).