الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه غائبًا من البلد، أو ممتنعًا عن الحضور، نظر القاضي في الدعوى، وقضى عليه عند الجمهور، واشترط الحنفية حضور الغائب.
3 -
الإثبات: إذا سمع القاضي أقوال الخصوم، وميز بين المدعي والمدعى عليه، فإما أن يقر المدعى عليه بالحق، فهنا يأمره القاضي بإبراء ذمته، وتنفيذ ما أقر به، وتسليم الحق للمدعي، وإن أنكر المدعى عليه طلب القاضي من المدعي الأدلة والبينات التي تثبت حقه، فإن فعل وتأكد القاضي من صحة الأدلة والبينات فقد ثبت الحق على المدعى عليه، وإن عجز المدعي عن البينة طلب القاضي -بناء على طلب المدعي- أداء اليمين من المدعى عليه، وإن طلب أحدهما مهلة لإحضار بينته أو لمراجعة حسابه أمهل فترة كافية لذلك.
4 -
الحكم: بعد الانتهاء من الإثبات الإيجابي أو السلبي من المدعي أو المدعى عليه، يصدر القاضي الحكم بالمدعى به للمدعي، أو يحكم ببراءة المدعى عليه، أو إنهاء الدعوى بصرف النظر وترك المدعى به في يد المدعى عليه، وتسمى الحالة الأخيرة:(قضاء ترك).
5 -
التنفيذ: بعد صدور الحكم من القاضي يلتزم المحكوم عليه بتنفيذه، فإن كان الحكم عقوبة فيقع عبء التنفيذ على الأجهزة المختصة في ذلك، وإن كان الحكم مدنيًا فالمحكوم عليه ينفذه اختيارًا، وإلا أجبر على ذلك بإجراءات خاصة في دائرة التنفيذ.
التعجيل بالحكم:
يتعلق بإجراءات النظر في الدعوى وجوب الحكم فيها لإنهاء النزاع والخلاف فيها، ورد الحق لأصحابه، ومنع المعتدي من عدوانه، وكف يده عن حق غيره، ويجب على القاضي التعجيل بإصدار الحكم بعد استكمال الإجراءات
المطلوبة شرعًا؛ لأنه انتهى منها، وظهر له الحق، فيجب عليه الإسراع في الحكم على الفور، من دون تأخير أو مماطلة، وإلا كان القاضي آثمًا عند الله تعالى؛ لأنه يقر الظالم على ظلمه، ويمنع الحق عن صاحبه، وهذا الأمر أحد ميزات القضاء في الإِسلام، وخصائصه، أما التأجيل بدون سبب، والمماطلة الطويلة، فهذا يؤدي إلى بقاء الدعاوى الشهور والسنين دون إصدار الحكم، وكثيرًا ما يمل أصحاب الحقوق فيتركونها، ويفتح أمام الخصوم أبواب التحايل والرشوة والطرق الملتوية، فيصبح القضاء وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل، وهذا ما بينه القرآن الكريم، فقال تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (1).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجل الحكم بعد فهم القضية ووضوح الحق، فقضى بين الزبير والأنصاري فورًا في جلسة واحدة (2)، وقضى بالصلح الفوري بين كعب بن مالك وعبد الله بن أبي حدرد، وطلب التنفيذ مباشرة (3)، وفي قصة العسيف قال عليه الصلاة والسلام:"واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"(4) ولم يأمره أن يأتي بها، أو يحبسها، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى إلى
(1) سورة البقرة: 188.
(2)
تقدم (ص: 26).
(3)
روى البخاري ومسلمٌ بسنديهما عن كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى: "يا كعب" قال: لبيك يا رسول الله، قال:"ضع من دينك هذا" وأومأ إليه أي: الشطر، قال: لقد فعلت يا رسول الله، قال:"قم فاقضه". صحيح البخاري، برقم (445)، صحيح مسلم، برقم (1558).
(4)
روى البخاري ومسلمٌ بسنديهما عن أبي هريرة وزيد بن خالد قالا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال: أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه وكان أفقه منه فقال: اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي قال: "قل" قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة