الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - الحرية:
فلا يصح تقليد غير الحر للأمور التالية:
1 -
لأن القضاء من باب الولاية، وغير الحر لا ولاية له على نفسه فلا تكون له ولاية على غيره ففاقد الشيء لا يعطيه، والقضاء من أعلى درجات الولايات.
2 -
ولأنه لم يجز أن يكون شاهدًا فالأولى ألا يكون قاضيا.
3 -
ولأنه لا يجد وقتا للقضاء لانشغاله بخدمة سيده فلا تتحقق المصلحة بتوليته.
4 -
ولأن الأحرار يستنكفون عادة من ولاية غير الأحرار عليهم فتسقط هيبتهم وذلك يخل بالقضاء، فلا يجوز تقليدهم (1).
4 - الإسلام
(2):
أ - القضاء بين المسلمين: هذا الشرط مجمع عليه بالنسبة للقضاء بين المسلمين فلا يجوز تقليد الكافر القضاء بين المسلمين وإن ولي فلا يصح قضاؤه ولا ينفذ. ويدل على ذلك ما يأتي:
1 -
أن القضاء ولاية ولا ولاية لغير المسلم على المسلم: لقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (3) فالآية خبر لفظا إنشاء معنى أي: أن الله ينهى أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيلا، أو يكون المراد ولن يجعل الله
(1) بدائع الصنائع (7/ 3)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 83)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص: 61).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 3)، القوانين الفقهية (ص 195)، مغني المحتاج (4/ 375)، كشاف القناع (6/ 295).
(3)
سورة النساء: 141.
للكافرين على المؤمنين سبيلًا مشروعا، فإن وجد فخلاف الشرع (1).
2 -
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (2) فقد بينت الآية أن الولاية للمسلم على المسلم.
3 -
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} (3) فقد نهى الله عن اتخاذ البطانة (4) من غير المؤمنين وذلك يدل على عدم جواز اتخاذ الكافر قاضيا.
4 -
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (5) فلفظ منكم يدل على أن صاحب الولاية أيا كانت ينبغي أن يكون مسلما.
5 -
نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى التكافؤ بين المسلمين وأن غيرهم ليسوا بأكفاء لهم فقال: "المُؤْمِنُونَ تَتكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ على من سِوَاهُمْ ألا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ"(6).
(1) فتح القدير (1/ 528).
(2)
سورة الأنفال: 72.
(3)
سورة آل عمران: 118.
(4)
بطانة الرجل: خاصته الذين يفضي إليهم بأسراره، شبه ببطانة الثوب؛ لأنه يلي البدن. المعجم الوسيط (1/ 62).
(5)
سورة النساء: 59.
(6)
مسند أحمد بن حنبل (1/ 119)، سنن أبي داود، برقم (2751)، سنن النسائي الكبرى (5/ 208)، برقم (8681)، سنن ابن ماجه، برقم (2683)، المستدرك على الصحيحين (2/ 153)، برقم (2623)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، المنتقى لابن الجارود
عن سماك بن حرب قال سمعت عياض الأشعري يقول: إن أبا موسى رضي الله عنه وفد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعه كاتب نصراني، فأعجب عمر رضي الله عنه ما رأى من حفظه، فقال: قل لكاتبك: يقرأ لنا كتابا، قال: إنه نصراني لا يدخل المسجد، فانتهره عمر رضي الله عنه وهم به وقال: لا تكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله، ولا تأتمنوهم إذ خونهم الله عز وجل (1).
ب- أما بالنسبة للقضاء بين غير المسلمين:
أولًا: فذهب الجمهور (2) إلى اشتراط الإِسلام في القاضي أيضًا.
ثانيًا: وذهب الأحناف إلى أنه يجوز أن يكون القاضي بينهم غير مسلم فيقضي الذمي بين الذميين ويصح قضاؤه وينفذ. قال ابن عابدين: وتقليد الذمي ليحكم بين أهل الذمة صحيح لا بين المسلمين (3).
الأدلة: استدل الجمهور بما يلي:
1 -
قال الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (4) وجه الاستدلال: أن تقليدهم القضاء يفضي إلى نفوذ الأحكام منهم وهو ينفي الصغار عنهم فلا يجوز.
= (1/ 194)، برقم (771)، صحيح ابن حبان (13/ 340 - 341)، برقم (5996)، وحسنه محققه شعيب الأرنؤوط. قال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح أخرجه أبو داود، والنسائيُّ، والحاكم. البدر المنير (9/ 158). وصححه الألباني في الإرواء (7/ 265)، برقم (2208).
(1)
سنن البيهقي الكبرى (10/ 127)، برقم (20196). وصححه الألباني في الإرواء (8/ 255)، برقم (2630).
(2)
بداية المجتهد (2/ 344)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 84)، الشرح الكبير مع الإنصاف (28/ 298).
(3)
حاشية رد المحتار على الدر المختار (5/ 428)، وانظر: فتح القدير لابن الهمام (5/ 499).
(4)
سورة التوبة: 29.