الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإجارة. ويصح ذلك بلفظ الوكالة وكل ما يدل عليها عرفًا كوكلتك أو فوضت إليك في كذا أو أذنت لك فيه أو بعه أو أعتقه أو كاتبه ونحو ذلك كأقمتك مقامي أو جعلتك نائبًا عني؛ لأنه لفظ دال على الإذن فصح كلفظها الصريح فلا يتشرط لانعقادها لفظ مخصوص. ويصح قبول الوكالة بكل قول أو فعل من الوكيل يدل على القبول؛ لأن وكلاء النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنهم سوى امتثال أوامره، ولأنه إذن في التصرف فجاز قبوله بالفعل كأكل الطعام (1).
ويصح القبول على الفور والتراخي نحو أن يبلغه أن رجلًا وكله في بيع شيء منذ سنة فيبيعه أو يقول: قبلت أو يأمره بفعل شيء فيفعله بعد مدة طويلة؛ لأن قبول وكلاء النبي لوكالته كان بفعلهم وكان متراخيًا عن توكيله إياهم، ولأنه إذن في التصرف والإذن قائم ما لم يرجع فيه أشبه الإباحة فجاز القبول (2).
الشروط العامة للوكالة بالخصومة:
يشترط إلى جانب ما تقدم ذكره من الشروط في أركان الوكالة ما يأتي:
1 -
أن يعلم صدق الموكل في الظاهر وأنه لا يقصد من التوكيل الإضرار بخصمه:
وقد ذكر هذا الحنابلة وبعض الحنفية فلا بد أن يعلم الوكيل في الظاهر أن الموكل صادق في الخصومة ولا يقصد بتوكيله الإضرار بخصمه. قال السرخسي: "وإذا علم من الموكل القصد إلى الإضرار بالمدعي في التوكيل لا يقبل ذلك منه إلا برضا الخصم فيصير إلى دفع الضرر من الجانبين"(3).
(1) انظر: مواهب الجليل (5/ 190)، المهذب (1/ 350)، المغني (5/ 55)، كشاف القناع (3/ 461).
(2)
انظر: المهذب (1/ 350)، المغني (5/ 55)، كشاف القناع (3/ 462).
(3)
المبسوط (19/ 8).
وقال المرداوي: "قال في الفنون: لا يصح ممّن علم ظلم موكله في الخصومة واقتصر عليه في الفروع. وهذا مما لا شك فيه. قال في الفروع: وظاهره يصح إذا لم يعلم ظلمه. فلو ظن ظلمه جاز. ويتوجه المنع. قلت: وهو الصواب. . وكذا قال المصنف في المغني، والشارح، في الصلح عن المنكر: يشترط أن يعلم صدق المدعي فلا تحل دعوى ما لم يعلم ثبوته"(1).
ويؤيد هذا قوله تعالى: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} (2)، قال القاضي أبو يعلى:"يدل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن غيره في إثبات حق أو نفيه، وهو غير عالم بحقيقة أمره، وكذا قال المصنف في المغني، والشارح، في الصلح عن المنكر: يشترط أن يعلم صدق المدعي فلا تحل دعوى ما لم يعلم ثبوته"(3).
ولقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (4).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع"(5). وفي لفظ: "من أعان على خصومة بغير حق كان في سخط الله حتى ينزع"(6).
(1) الإنصاف (5/ 394).
(2)
سورة النساء: 105.
(3)
انظر: الفروع (4/ 267)، الإنصاف (5/ 394)، شرح منتهي الإرادات (2/ 201)، كشاف القناع (3/ 483).
(4)
سورة المائدة: 2.
(5)
رواه ابن ماجه [2/ 778 (2320)]. صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه [2/ 35 (22320)].
(6)
رواه الحاكم في المستدرك [4/ 111 (7051)]، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعان ظالمًا بباطل ليدحض بباطله حقا فقد بريء من ذمة الله عز وجل وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم "(1).
وقد نصت المادة الحادية عشرة من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة السعودي في الفقرة الأولى على أنه يجب على المحامي ألا يتوكل عن غيره في دعوى أو نفيها وهو يعلم أن صاحبها ظالم مبطل، ولا أن يستمر فيها إذا ظهر له ذلك أثناء التقاضي.
2 -
أن يسبق التوكيل بدء جلسات النظر في الخصومة أمام القضاء:
حيث يشترط المالكية لصحة التوكيل في الخصومة أن يتم قبل بدء القاضي بنظر القضية ومضي ثلاث جلسات على ذلك، فإذا بدأ القاضي بنظر الخصومة ومضت ثلاث جلسات لم يحق للموكل التوكيل فيها إلا من عذر أو رضا الخصم. قال ابن عبد البر:"وإذا شرع المتخاصمان في المناظرة بين يدي الحاكم لم يكن لأحدهما أن يوكل لأنه عند مالك ضرب من اللدد إلا أن يخاف من خصمه استطالة بسبب أو نحوه فيجوز له حينئذ أن يوكل من يناظر عنه"(2).
وفي الشرح الكبير: "لا إن قاعد الموكل خصمه عند حاكم وانعقدت المقالات بينهما كثلاث من المجالس ولو في يوم واحد؛ فليس له حينئذ أن يوكل من يخاصم عنه؛ لما فيه من الإعنات وكثرة الشر، إلا لعذر؛ من مرض أو سفر
(1) رواه الطبراني في المعجم الكبير [11/ 114 (11216)]، و [11/ 215 (11539)]، والمعجم الأوسط [3/ 211 (2944)]، والمعجم الصغير [1/ 147 (224)]. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 205):"رواه الطبراني في الثلاثة وفي إسناد الكبير حنش وهو متروك وزعم أبو محصن أنه شيخ صدق وفي إسناد الصغير والأوسط سعيد بن رحمة وهو ضعيف".
(2)
الكافي لابن عبد البر (1/ 394).