الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
حديث بريدة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار"(1).
وجه الاستدلال:
وصف القاضي بكونه رجلًا دل بمفهومه على إخراج المرأة.
4 -
روى البخاري بسنده عن أبي بَكْرَةَ قال: لَما بَلَغَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قد مَلَّكُوا عليهم بِنْتَ كِسْرَى، قال:"لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلوْا أَمْرَهُمْ امْرَأة"(2).
وجه الاستدلال: أن الحديث خبر في معنى النهي وكلمة "أَمْرَهُمْ" تشمل جميع أمور الأمة باعتبار أنها صيغة عامة، فيفيد الحديث النهي عن تولية المرأة شيئًا من الولايات إلا ما دل الدليل على استثنائه وهو الولايات الخاصة وبما أن القضاء ولاية عامة؛ لذا فإن الحديث يدل على تحريم تولية المرأة القضاء، وبطلان قضائها؛ لأنه خبر تضمن عدم فلاح من تولى امرأة أمورهم، وهو ضرر، والضرر يجب اجتنابه، فيجب اجتناب ما يؤدي إليه وهو تولية المرأة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولو قلنا: إنه خبر لفظا إنشاء معنى فهو عام في جميع الولايات إلا الولايات الخاصة فهي متفق عليها.
أدلة القائلين بالجواز:
1 -
استدلوا من الكتاب بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (3).
(1) تقدم (ص: 16).
(2)
صحيح البخاري (4/ 1610)، برقم (4163)، صحيح ابن حبان (10/ 375، 4516).
(3)
سورة البقرة: 228.
وجه الاستدلال:
إن الآية أفادت المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وهي مساواة عامة لم يرد عليها استثناء.
وقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1).
وجه الاستدلال:
أن الآية نصت على اشتراك الجنسين في الولاية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك يؤدي إلى مشاركة النساء في جميع السلطات ومنها ولاية القضاء.
2 -
الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يقم دليل المنع فكل من يصلح للفصل في الخصومة فإنه تصح ولايته للقضاء والمرأة صالحة وقادرة على الفصل في الخصومة وليس بها مانع من ذلك وعليه يصح توليتها القضاء؛ لأن أنوثتها لا تحول دون فهمها للحجج وإصدار الحكم (2).
3 -
إن المرأة يجوز أن تكون فقيهة فيجوز أن تكون قاضية (3).
4 -
القياس على الحسبة فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى امرأة -تدعى الشِّفَاءَ- الحسبة على السوق فيجوز أن تتولى القضاء؛ لأن كلًا منهما من الولايات العامة (4).
5 -
القياس على بيت الزوجة فقد أثبت الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة ولاية بيت
(1) سورة التوبة: 71.
(2)
المحلى (9/ 429).
(3)
المحلى (9/ 431).
(4)
المحلى (9/ 429). أحكام القرآن لابن العربي (3/ 482)، تفسير القرطبي (13/ 183).
زوجها والقيام على إدارته وتدبير شئونه فقال: والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها فدل ذلك على أنها أهل لسائر الولايات.
الترجيح: لم تتول امرأة منصبًا إداريًا على طول عصور الإِسلام المختلفة ولم تتشوق لذلك دعك عن توليها منصب القضاء أو الحكم مع وجود أعداد كبيرة من النساء الصالحات العالمات العاملات في تلك العصور المختلفة ابتداءً بعصر النبوة والخلافة الراشدة وانتهاء بالقرن الماضي، فقد كانت أم المؤمنين عائشة عالمة فقيهة فلم تتول هي ولا غيرها أي منصب إداري بل لم تتطلع إحداهن لذلك؛ لعلمهن أن ذلك مما خص به الرجال، والمرأة المسلمة مطالبة أن تساهم في تطوير المجتمع وتنميته من خلال إتقانها للتخصصات التي تهمها وتتناسب مع وظيفتها تعلمًا وتعليمًا وتطبيبًا لبنات جنسها كما كانت النساء في عصور الإِسلام الزاهرة تساهم مساهمة فعالة في دفع عجلة التعلم، بل قد فاق بعضهن الرجال وعشن في سعادة واستقرار دون مطالبة بتولي الوظائف المناسبة للرجال، أو تأوه من ظلم لهن لعدم تحقق ذلك (1).
(1) المغني (14/ 13)، حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء للأمين الحاج (ص: 45)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 83).