الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آداب القاضي
يقصد بآداب القاضي: الصفات الواجبة والمندوبة التي يتحلى بها القاضي، وما عليه الأخذ به هو وأعوانه من أحكام ونظم تحفظهم عن الميل إلى الهوى وتسير بالقضاء إلى غايته المنشودة من تحقيق العدل والقضاء على الظلم (1).
أولًا: آداب متعلقة بشخص القاضي وصفاته:
لقد ذكر الفقهاء الكثير من الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها القاضي، يقول ابن فرحون (2) وعلاء الدين الطرابلسي (3): اعْلَمْ: أنهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ وَلِيَ القَضَاءَ أَنْ يُعَالِجَ نَفْسَهُ عَلَى آدَابِ الشَّرْعِ وَحِفْظِ المروءَةِ وَعُلُوِّ الِهمَّةِ، وَيَتَوَقَّى مَا يَشِينُهُ في دِينهِ وَمُرُوءَتِهِ وَعَقْلِهِ، أَوْ يَحُطُّهُ في مَنْصِبِهِ وَهِمَّتِهِ، فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَأَنْ يُنْظَرَ إلَيْهِ وَيُقْتَدَى بِهِ، وَلَيْسَ يَسَعُهُ في ذَلِكَ مَا يَسَعُ غَيْرَهُ فَالعُيُونُ إلَيْهِ مَصرُوفَةٌ، وَنُفُوسُ الخَاصَّةِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهَدْيِهِ مَوْقُوفَةٌ وَلَا يَجْعَلُ حَظَّهُ مِنْ الوِلَايَةِ المُبَاهَاةَ بِالرِّيَاسَةِ وَإِنْفَاذَ الأَوَامِرِ وَالتَّلَذُّذَ بِالمَطَاعِمِ وَالمَلَابِسِ وَالمَسَاكِنِ فَيَكُونُ مِمَّنْ خُوطِبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} (4)، وَليَجْتَهِدْ أَنْ يَكُونَ جَمِيلَ الهَيْئةِ ظَاهِرَ الأُبَّهَةِ، وَقُورَ المِشْيَةِ وَالجِلسَةِ حَسَنَ النُّطْقِ وَالصَّمْتِ مُحترِزًا في كَلَامِهِ مِنْ الفُضُولِ وَمَا لَا حَاجَةَ بِهِ، كَأنَّمَا يَعُدُّ حُرُوفَهُ عَلَى نَفْسِهِ عَدًّا، فَإِنَّ كَلَامَهُ مَحْفُوظٌ وَزَلله في ذَلِكَ مَلحُوظٌ، وَليُقْلِل عِنْدَ كَلَامِهِ من الإِشَارَةَ بِيَدِهِ وَالِالتِفَاتَ بِوَجْهِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ المُتكَلِّفِينَ وَصُنعِ غَيْرِ المتأَدِّبِينَ، وَليَكُنْ ضَحِكُهُ تبسُّمًا، وَنَظَرُهُ فِرَاسَةً وَتَوَسُّمًا، وَإِطْرَاقُهُ تَفَهُّمًا، وَليَلزَمْ مِنْ السَّمْتِ الحَسَنِ وَالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ مَا يَحْفَظُ بِهِ مُرُوءَتَهُ،
(1) نظام القضاء في الإِسلام للمرصفاوي (ص: 132).
(2)
تبصرة الحكام (1/ 31 - 32).
(3)
معين الحكام (1/ 45 - 46).
(4)
سورة الأحقاف: 20.