الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بها على الوجه المطلوب شرعًا إلا من كان عدلًا يرعى الأمانة ويخشى مسئولية التضييع لها، والفاسق ليس أهلا لذلك لجرأته على فعل ما نهي عنه، أو ترك ما أمر الله به إذ القضاء هو الحكم بين الناس بالحق والفاسق ليس من أهل الحق؛ لأن النفوس تطمئن إلى العدل ولا تطمئن إلى الفاسق فأولى أن لا يطمئنوا إلى حكمه (1).
وقد جمع شيخ الإِسلام ابن تيميه بين القولين فقال: "إن اشتراط العدالة يعتبر بحسب الإمكان"(2).
وقال في موضع أخر: "فليس عليه -أي ولي الأمر- أن يستعمل إلا أصلح الموجود وقد لا يكون في موجوده من هو أصلح لتلك الولاية فيختار الأمثل، فالأمثل في كل منصب بحسبه وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام وأخذه للولاية بحقها فقد أدى الأمانة"(3).
7 - الاجتهاد:
أن يكون القاضي عالمًا بالأحكام الشرعية علمًا يصل به إلى درجة الاجتهاد. وقد عرف الغزالي الاجتهاد بأنه: بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة. والاجتهاد التام أن يبذل الوسع في الطلب بحيث يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب (4).
وقال ابن النجار: "هو استفراغ الفقيه وسعه في درك حكم شرعي"(5).
(1) أحكام ولاية القضاء في الشريعة الغراء للدكتور عبد الحميد عويس (ص: 49).
(2)
مجموع الفتاوى (18/ 169).
(3)
مجموع الفتاوى (28/ 252).
(4)
المستصفى (1/ 342)، وانظر: روضة الناظر (1/ 352).
(5)
شرح الكوكب المنير (4/ 458).
قال النووي: "المجتهد هو من عرف من القرآن والسنة ما يتعلق بالأحكام: خاصه، وعامه ومجمله، ومبينه، وناسخه، ومنسوخه، ومتواتر السنة وغيره، والمتصل والمرسل، وحال الرواة قوةً وضعفا، ولسان العرب لغةً ونحوا، وأقوال العلماء من الصحابة فمن بعدهم إجماعًا واختلافا، والقياس بأنواعه"(1).
وعلى هذا فالاجتهاد يتحقق بتحصيل ما يلي (2):
1 -
عليه بكتاب الله عز وجل على الوجه الذي تصح به معرفة ما تضمنه من الأحكام ناسخًا ومنسوخا ومحكمًا ومتشابها، وعمومًا وخصوصا ومجملًا ومفسرا عالمًا بآيات الأحكام وبما يمكنه من الرجوع إلى أي منها متى شاء.
2 -
علمه بسنة رسول الله الثابتة من أقواله وأفعاله وتقريراته وطرق ورودها والتواتر والأحاد وما كان عن سبب أو إطلاق، عالمًا بمظان أحاديث الأحكام متنًا وسندا وحال الرواة والجرح والتعديل فيها.
3 -
علمه بتأويل السلف فيما اجتمعوا عليه واختلفوا فيه ليتبع الإجماع ويجتهد برأيه في الاختلاف.
4 -
علمه بالقياس الموجب لرد الفروع المسكوت عنها إلى الأصول المنطوق بها أو المجمع عليها حيث يجد طريقًا إلى العلم بأحكام النوازل وتمييز الحق من الباطل.
5 -
علمه باللغة العربية علمًا يؤهله لمعرفة معاني الألفاظ.
(1) منهاج الطالبين (1/ 148)، مغني المحتاج (4/ 376).
(2)
المستصفى (2/ 350 - 352)، شرح مختصر الروضة (3/ 575)، الموافقات (4/ 56)، الأحكام للآمدي (4/ 162 - 164)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 84 - 85)، شرح الكوكب المنير (4/ 459 - 464)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص: 61 - 62).