الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن السنة ما رواه مسلم بسنده عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على صُبْرَةِ طَعَامٍ (2)، فأدخل يَدَهُ فيها فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فقال:"ما هذا يا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ " قال: أصَابَتْهُ السَّمَاءُ (3) يا رَسُولَ الله، قال:"أفَلَا جَعَلتَهُ فَوْقَ الطَّعَام كَي يَرَاهُ الناس؟ من غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي"(4).
وما رواه مسلم أيضًا بسنده عن أبي سعيد قال: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رَأَى مِنكُمْ مُنكرًا فَليُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ"(5).
اختصاص والي الحسبة:
يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحمل الناس على المصالح العامة، ويمنع كل ما يكون من شأنه المضايقة في الطرقات، والتعدي على الجيران، ويمنع معلمي الصبية من ضربهم ضربًا مبرحًا، ويجوز رفع الشكوى إليه وسماع الدعوى في
(1) سورة المائدة: 78 - 79.
(2)
قوله: صُبْرَةِ طَعَامٍ: هي بضم الصاد وإسكان الباء قال الأزهري: الصبرة: الكومة المجموعة من الطعام، سميت صبرة لإفراغ بعضها على بعض، ومنه قيل للسحاب فوق السحاب: صبير. النووي على صحيح مسلم (2/ 109).
(3)
أصابته السماء: أي: المطر. شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 109).
(4)
صحيح مسلم (1/ 99)، كتاب الإيمان؛ بَاب قَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم:"من غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"، برقم (102).
(5)
صحيح مسلم (1/ 69)، كتاب الإيمان، بَاب بَيَانِ كَوْنِ النَّهْيِ عن المُنْكَرِ من الإِيمَانِ، وَأَنَّ الإِيمان يَزِيدُ وَينْقُصُ، وَأَنَّ الأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عن المُنْكَرِ وَاجِبَانِ، برقم (49).
الأشياء التي تدخل في وظيفته وفي حدود اختصاصه ومن اختصاصه المحافظة على الآداب والأخلاق، ومنع التعدي على الحرمات، ومنع التعدي على حدود الله، والأخذ على يد السفهاء، والمعونة على استيفاء الحقوق.
فوظيفة القاضي الحكم بين الناس بطريق الإلزام، أما وظيفة المحتسب فهي النظر فيما يتعلق بالنظام العام والآداب مما لا ينبغي لأحد مخالفته، أو الخروج عليه.
وليس له أن يسمع بينة على إثبات الحق، ولا أن يحلف يمينا على نفيه فهذا من اختصاص المحاكم العامة.
ومن شروط المحتسب أن يكون خبيرًا عالمًا عدلا ذا رأي وصرامة ومهابة في الدين وعلم بالمنكرات الظاهرة (1).
والفرق بين والي الحسبة والقاضي العادي من وجهين:
أحدهما: قصور والي الحسبة عن سماع عموم الدعاوى الخارجة عن ظواهر المنكرات كالدعاوى في العقود، والمعاملات، وسائر الحقوق والمطالبات.
والوجه الثاني: أن نظر والي الحسبة مقصور على الحقوق المعترف بها، فأما ما يدخله التجاحد والتناكر فلا يجوز له النظر فيها.
وأما الفرق بين قضاء الحسبة ووالي المظالم فمن وجهين أيضًا:
أحدهما: أن النظر في المظالم موضوع لما عجز عنه القضاة، والنظر في الحسبة موضوع لما رفه عنه القضاة، ولذلك كانت رتبة المظالم أعلى من القضاء، ورتبة الحسبة أخفض من القضاء.
(1) الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 300).
الثاني: أنه يجوز لوالي المظالم أن يحكم، ولا يجوز لوالي الحسبة أن يحكم (1)
(1) الأحكام السلطانية للبعلي (ص: 285 - 287)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 300 - 302)، الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام (1/ 30)، معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام (ص: 26)، القضاء في الإِسلام للدكتور محمَّد سلام مدكور (ص: 47 - 153).