الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركن الثالث المحكَّم فيه:
وهي القضية المتنازع عليها، ويشترط فيها أمران:
1 -
أن تكون محددة ومعلومة فلا يجوز التحكيم في قضية مجهولة. وقد نصت المادة (6) من نظام التحكيم السعودي على أنه يحدد في وثيقة التحكيم موضوع النزاع تحديدًا كافيًا.
2 -
وأن تكون مما يجوز التحكيم فيها. وقد اختلف الفقهاء فيما يجوز التحكيم فيه مما لا يجوز على قولين:
القول الأول: أن التحكيم يجوز في كل ما يتحاكم فيه الخصمان دون استثناء في المال والقصاص والحد والنكاح واللعان وغيرها قياسًا على قاضي الإِمام، وهو مذهب الحنابلة (1).
القول الثاني: أن التحكيم يجوز في بعض الحقوق دون بعض وهو مذهب الجمهور واختلفوا في تحديد ذلك:
1 -
فذهب الحنفية إلى أن التحكيم يجوز في سائر المجتهدات غير الحدود والقصاص، أما الحدود فلأنه من اختصاص الوالي العام وليس لهما ولاية على سائر الناس، ولأنها تدرأ بالشبهات، وأما القصاص وحد القذف؛ فلأن حكم المحكم بمنزلة الصلح ولا يجوز استيفاء القصاص وحد القذف بالصلح، ولأنهما يدرآن بالشبهات وفي حكمه شبهة؛ لأنه حكم في حقهما لا في حق غيرهما وأي شبهة أعظم من هذا (2).
(1) انظر: المغني لابن قدامة (10/ 137)، الكافي للمؤلف نفسه (4/ 436)، الإنصاف (11/ 197).
(2)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 3)، شرح فتح القدير (7/ 318)، البحر الرائق (7/ 27)، الفتاوى الهندية (3/ 397).
2 -
وذهب المالكية إلى أنه يجوز فيما يصح لأحدهما ترك حقه فيه كالأموال وما في معناها، ولا يجوز فيما يتعلق به حق لغير المتخاصمين وهي سبعة أمور: الحدود، واللعان، والقتل، والولاء لشخص على آخر، والنسب، والطلاق، والعتق، فلا يجوز التحكيم في واحد من هذه السبعة؛ لأنه يتعلق بها حق لغير الخصمين إما لله تعالى وإما لآدمي كما في اللعان والولاء والنسب لما في ذلك من قطع النسب، وفي الطلاق والعتق حق لله تعالى؛ إذ لا يجوز بقاء المطلقة البائن في العصمة ولا رد العبد في الرق، وأما الحد والقتل فالحق فيهما لله تعالى؛ لأن الحدود زواجر وهي حق لله (1).
3 -
وذهب الشافعية في الصحيح من مذهبهم إلى جوازه في جميع الحقوق غير حدود الله تعالى وتعزيراته؛ لأنه ليس لها طالب معين (2).
4 -
وذهب بعض الحنابلة إلى أنه يجوز في الأموال خاصة وما في حكمها ولا يجوز في أربعة أشياء النكاح واللعان والقذف والقصاص؛ لأنها مبنية على الاحتياط فيعتبر للحكم فيها قاضي الإِمام كالحدود (3).
الراجح: أن التحكيم لا يجوز إلا في نطاق ضيق حرصًا على استقرار أحكام الناس في لجوئهم إلى القضاء العام، فلا يجوز إلا في الأموال وما في معناها مما للخصمين إسقاط الحق فيه؛ لأن غير ذلك يتعلق به عادة حق لطرف آخر غيرهما وهو إما آدمي أو الله تعالى ومبنى ذلك الاحتياط.
(1) انظر: التاج والإكليل (8/ 360)، تبصرة الحكام (1/ 63)، الشرح الكبير (4/ 136)، شرح الخرشي على مختصر خليل (7/ 145)، منح الجليل (8/ 284).
(2)
روضة الطالبين (11/ 121)، مغني المحتاج (3/ 378)، نهاية المحتاج (8/ 242).
(3)
انظر: المغني لابن قدامة (10/ 137)، الكافي للمؤلف نفسه (4/ 436)، الإنصاف (9/ 241)، كشاف القناع (6/ 309).