الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الدلالة: أن زيد بن ثابت امتنع عن الحلف على المنبر، ولو كانت واجبة لما امتنع.
والراجح: جواز التغليظ في الزمان والمكان لكن يكون ذلك في الحالات العظيمة والوقائع الخطيرة وتختلف باختلاف الأشخاص ويخول القاضي سلطة تقديرها وتطبيقها.
الطريق الرابع: القضاء بالنكول
.
النكول في اللغة: مصدر نكل بفتح الكاف وكسرها يدل على منع وامتناع يقال: نكل الرجل عن الأمر وعن العدو إذا جبن وامتنع.
ونكل عن اليمين: هابها وترك الإقدام عليها وامتنع منها (1).
وفي الاصطلاح: امتناع من وجبت اليمين عليه من أدائها (2).
حكم القضاء بالنكول:
إذا نكل عن اليمين فهل يحكم عليه؟ اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أربعة أقوال:
القول الأول:
أن النكول طريقة من طرق الحكم، وهذا مذهب الحنفية ورواية عند الحنابلة، ويندب أن يقول له ثلاث مرات احلف وإلا قضيت عليك لجواز أن يكون المدعى عليه ممّن لا يرى القضاء بالنكول، أو يكون نكوله بسبب مهابة مجلس الحكم؛ لأن المدعى عليه مخير بين الإقرار، وأداء اليمين الموجهة إليه فلما
(1) مقاييس اللغة (5/ 473)، لسان العرب (11/ 678)، المصباح (2/ 859)، المعجم الوسيط (2/ 953).
(2)
منح الجليل (8/ 571).
نكل عن اليمين حمل نكوله على الإقرار؛ ولأنه لو كان صادقًا في إنكاره لحلف اليمين لحفظ حقوقه من الضياع (1).
وقد استدلوا بما يلي:
1 -
روى البخاري ومسلمٌ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه"(2).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل جنس اليمين على المدعى عليه؛ لأن الألف واللام للاستغراق.
2 -
روى الإِمام مالك بسنده عن سَالِمِ بن عبد الله أَنَّ عَبْدَ الله بن عُمَرَ بَاعَ غُلَامًا له بثمانمائة دِرْهَمٍ، وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، فقال الذي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ الله بن عُمَرَ: بِالْغُلَامِ دَاءٌ لم تُسَمِّهِ لي، فَاخْتَصَمَا إلى عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، فقال الرَّجُلُ: بَاعَنِي عَبْدًا وَبِهِ دَاءٌ لم يُسَمِّهِ، وقال عبد الله: بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَضَى عُثْمَانُ بن عَفَّانَ على عبد الله بن عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ له لقد بَاعَهُ الْعَبْدَ وما بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى عبد الله أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتجَعَ الْعَبْدَ، فَصَحَّ عِنْدَهُ فَبَاعَهُ عبد الله بَعْدَ ذلك بِألفٍ وخمسمائة دِرْهَمٍ (3).
وجه الدلالة: أنه لما أبى عبد الله أن يحلف حكم عليه عثمان بالنكول فارتجع العبد ورد ثمنه.
(1) بدائع الصنائع (6/ 227)، تبيين الحقائق (4/ 295)، المغني (10/ 260)، المبدع (10/ 72)، الطرق الحكمية (ص: 116).
(2)
صحيح البخاري (2/ 888)، برقم (2379)، صحيح مسلم (3/ 1336)، برقم (1711).
(3)
موطأ مالك (2/ 613)، برقم (1274)، وهو في مصنف عبد الرزاق (8/ 163)، برقم (14722)، وفي السنن الكبرى للبيهقي (5/ 328)، برقم (10568). وقال ابن الملقن: هذا الأثر صحيح. البدر المنير (6/ 558).