الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَتُسْتَحَبُّ ضِيَافَتُهُ ثَلَاثًا، فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِنْزَالُهُ فِي بَيْتِهِ إِلَّا أَلَّا يَجِدَ مَسْجِدًا أَوْ رِبَاطًا يَبِيتُ فِيهِ.
بَابُ الذَّكَاةِ
لَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ إِلَّا الْجَرَادَ وَشِبْهَهُ، وَالسَّمَكَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَيَّامٍ، فَإِنْ أَبَوْا أَخَذُوا مِنْهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ، (وَتُسْتَحَبُّ ضِيَافَتُهُ ثَلَاثًا) لِخَبَرِ أَبِي شُرَيْحٍ، (فَمَا زَادَ) أَيْ: عَلَى الثَّلَاثَةِ، (فَهُوَ صَدَقَةٌ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَكَانَ كَصَدَقَةِ النَّفْلِ، (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِنْزَالُهُ فِي بَيْتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَرَجِ، وَالْمَشَقَّةِ، وَالْخَبَرُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الضِّيَافَةِ فَقَطْ، وَأَوْجَبَهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ مُطْلَقًا كَالنَّفَقَةِ، (إِلَّا أَلَّا يَجِدَ مَسْجِدًا أَوْ رِبَاطًا يَبِيتُ فِيهِ) فَيَلْزَمُهُ إِنْزَالُهُ فِي بَيْتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:«مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومَنَّ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْأَضْحَى: النَّاسُ فِيهِ تَبَعٌ لِوَفْدِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ بَيْتِهِ، وَهُمْ كَالضَّيْفِ، فَلَا يَحْسُنُ صَوْمُهُ عِنْدَ مُضَيِّفِهِ.
فَائِدَةٌ: مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَمَذْمُومٌ مُبْتَدِعٌ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْبِطِّيخِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِكَيْفِيَّةِ أَكْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ كَذِبٌ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
[بَابُ الذَّكَاةِ]
[حُكْمُ التَّذْكِيَةِ]
بَابُ الذَّكَاةِ
يُقَالُ: ذَكَّى الشَّاةَ وَنَحْوَهَا تَذْكِيَةً، أَيْ: ذَبَحَهَا، وَالِاسْمُ: الذَّكَاةُ، وَالْمَذْبُوحُ ذَكِيٌّ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
(لَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ) الْمُبَاحِ، (الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ) ، وَقَالَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3]، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْبَحْرِيِّ: أَوْ عُقِرَ، لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ كَحَيَوَانِ الْبَرِّ، (إِلَّا الْجَرَادَ وَشِبْهَهُ) فَإِنَّهُ يُبَاحُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ، لِقَوْلِهِ:«أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ: الْحُوتُ، وَالْجَرَادُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ
وَسَائِرَ مَا لَا يَعِيشُ إِلَّا فِي الْمَاءِ، فَلَا ذَكَاةَ لَهُ. وَعَنْهُ فِي السَّرَطَانِ وَسَائِرِ الْبَحْرِيِّ أَنَّهُ يَحِلُّ بِلَا ذَكَاةٍ، وَعَنْهُ فِي الْجَرَادِ: لَا يُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ كَكَبْسِهِ وَتَغْرِيقِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا دَمَ لَهُ، وَيُبَاحُ بِمَا فِيهِ، (وَالسَّمَكَ وَسَائِرَ مَا لَا يَعِيشُ إِلَّا فِي الْمَاءِ، فَلَا ذَكَاةَ لَهُ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِلْأَخْبَارِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا مَاتَ بِسَبَبٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى إِبَاحَةِ مَا مَاتَ بِسَبَبٍ، مِثْلُ أَنْ صَادَهُ إِنْسَانٌ، أَوْ نَبَذَهُ الْبَحْرُ، أَوْ جَزَرَ عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِي الطَّافِي، وَنُصُوصُهُ: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَتَقَذَّرْهُ، وَعَنْهُ: لَا يُبَاحُ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ:«وَمَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا، فَلَا تَأْكُلُوهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنِ الصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ حِلَّهُ، قَالَ: وَمَا يُرْوَى خِلَافَ ذَلِكَ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ عِنْدَ قَائِلِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96]، وَهُوَ: مَا رَمَى بِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا مَاتَ فِيهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَحْرِ:«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ، وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ مَرْفُوعًا، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ ذَبَحَ مَا فِي الْبَحْرِ لِبَنِي آدَمَ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ مَوْقُوفًا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً يَجْرِي مَجْرَى دِيدَانِ الْخَلِّ وَالْبَاقِلَاءِ، فَيَحِلُّ بِمَوْتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالذُّبَابِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ حَرُمَ لَمْ يَنْجُسْ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: مَعَ دَمٍ.
فَرْعٌ: كَرِهَ أَحْمَدُ شَيَّ سَمَكٍ حَيٍّ لَا جَرَادٍ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِمَا: يُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَحْرُمُ بَلْعُهُ حَيًّا، ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ إِجْمَاعًا، وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: يُكْرَهُ، (وَعَنْهُ فِي السَّرَطَانِ وَسَائِرِ الْبَحْرِيِّ أَنَّهُ يَحِلُّ بِلَا ذَكَاةٍ) لِأَنَّ السَّرَطَانَ لَا دَمَ فِيهِ، قَالَ أَحْمَدُ: السَّرَطَانُ لَا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ لَهُ: يُذْبَحُ؟ قَالَ: لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقْصُودَ الذَّبْحِ إِنَّمَا هُوَ إِخْرَاجُ الدَّمِ، وَتَطْيِيبُ اللَّحْمِ بِإِزَالَتِهِ عَنْهُ، فَأَمَّا مَا لَا دَمَ لَهُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى ذَبْحِهِ،