الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْأَيْمَانِ
وَ
الْيَمِينُ الَّتِي تَجِبُ بِهَا الْكَفَّارَةُ
هِيَ الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الْأَيْمَانِ][الْيَمِينُ الَّتِي تَجِبُ بِهَا الْكَفَّارَةُ]
وَهِيَ جَمْعُ يَمِينٍ، وَالْيَمِينُ: الْقَسَمُ، وَالْجَمْعُ: أَيْمُنٌ وَأَيْمَانٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ أَحَدُهُمْ يَضْرِبُ يَمِينَهُ عَلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ، فَالْيَمِينُ: تَوْكِيدُ الْحُكْمِ بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، فَهِيَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ تُؤَكَّدُ بِهَا أُخْرَى، وَهُمَا كَشَرْطٍ وَجَزَاءٍ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى:{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] ، وَالسُّنَّةُ شَهِيرَةٌ بِذَلِكَ، مِنْهَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ:«إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ يَمِينَكَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَوَضْعُهَا فِي الْأَصْلِ لِتَأْكِيدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53] وَ {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7] وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ قَاصِدٍ لِلْيَمِينِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَالْإِقْرَارِ، وَفِي الْمُمَيِّزِ وَجْهٌ، قَالَهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَفِي السَّكْرَانِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى التَّكْلِيفِ وَعَدَمِهِ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالشَّرْحِ، وَبَنَاهُ فِي الْكَافِي عَلَى طَلَاقِهِ، وَتَصِحُّ مِنَ الْكَافِرِ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَقَالَهُ جَمْعٌ وَقَالَ: لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ} [التوبة: 12] وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ، وَجَوَابُهُ:«أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ» ، وَلِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَسَمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106]، قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَكُلُّ مَنْ صَحَّتْ يَمِينُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ صَحَّتْ يَمِينُهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ كَالْمُسْلِمِ، وَعَنِ الْآيَةِ أَنَّهُمْ لَا يَفُونَ بِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة: 13] وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (وَالْيَمِينُ) تَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ:
وَاجِبٌ: كَالَّتِي يُنَجِّي بِهَا إِنْسَانًا مَعْصُومًا مِنْ هَلَكَةٍ، وَكَذَا إِنْجَاءُ نَفْسِهِ، مِثْلَ أَنْ تَتَوَجَّهَ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَرِيءٌ.
وَمَنْدُوبٌ: كَحَلِفٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ، مِنْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ، أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ، فَقِيلَ: هُوَ مَنْدُوبٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوهُ إِلَى فِعْلِ الطَّاعَةِ وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْأَغْلَبِ، وَلَوْ كَانَ طَاعَةً لَمْ يُخِلُّوا بِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى النَّذْرِ.
وَمُبَاحٌ: كَالْحَلِفِ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ، أَوْ تَرْكِهِ، وَالْحَلِفِ عَلَى الْخَبَرِ بِشَيْءٍ هُوَ صَادِقٌ فِيهِ، أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ.
وَمَكْرُوهٌ: كَالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ مَكْرُوهٍ، وَلَا يَلْزَمُ حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ، لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى تَرْكِهَا لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا، وَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
وَحَرَامٌ: وَهُوَ الْحَلِفُ الْكَاذِبُ، وَمِنْهُ الْحَلِفُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ وَمَتَى