الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَلْفًا، أَوْ بِعْتُهُ. فَيَقُولُ: مَا أَقْرَضَنِي، وَلَا بَاعَنِي، أَوْ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ. صَحَّ الجواب.
وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ: لِي بَيِّنَةٌ وإِنْ لَمْ يَقُلْ، قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ فَإِنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ. أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا فَإِذَا أَحْضَرَهَا، سَمِعَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ:(لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ) نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ:(مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَا ادَّعَاهُ، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ) وَهَذَا مَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْحَقِّ. فَلَوِ ادَّعَتْ مَنْ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَهْرَ، فَقَالَ: لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا. لَمْ يَصِحَّ الْجَوَابُ، وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إِنْ لَمْ يَقُمْ بَيِّنَةٌ بِإِسْقَاطِهِ ; لِجَوَابِهِ فِي دَعْوَى قَرْضٍ اعْتَرَفَ بِهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا. وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا: لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ. لَمْ تُقْبَلْ إِلَّا بَيِّنَةُ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ. نَقَلَهُ مُهَنَّا أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ فِي الصِّحَّةِ.
تَنْبِيهٌ: لَوِ ادَّعَى بِدِينَارٍ فَقَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَبَّةً. فَلَيْسَ بِجَوَابٍ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ ; لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي رَفْعِ الدَّعْوَى إِلَّا بِنَصٍّ لَا بِظَاهِرٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَعُمُّ الْحَبَّاتِ، وَمَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِي لَفْظِ حَبَّةٍ مِنْ بَابِ الْفَحْوَى، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: نَعَمْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ.
وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْكَ مِائَةٌ. فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ مِائَةٌ. اعْتُبِرَ فِي الْأَصَحِّ قَوْلُهُ، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا كَالْيَمِينِ. فَإِنْ نَكَلَ عَنْ مَا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ إِلَّا جُزْءًا.
وَإِنْ قُلْنَا: بِرَدِّ الْيَمِينِ. حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى مَا دُونَ الْمِائَةِ إِذَا لَمْ يَسْنُدِ الْمِائَةَ إِلَى عَقْدٍ، لِكَوْنِ الْيَمِينِ لَا تَقَعُ إِلَّا مَعَ ذِكْرِ النِّسْبَةِ كَمُطَابِقِ الدَّعْوَى، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
[الْبَيِّنَةُ أَوِ الْيَمِينُ]
(وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ: لِي بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ الْحَقَّ طَرِيقٌ لَهُ، وَالْبَيِّنَةُ طَرِيقٌ إِلَى تَخْلِيصِهِ. (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ، قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟) لِقَوْلِهِ عليه السلام لِلْحَضْرَمِيِّ: «لَكَ بَيِّنَةٌ؛ قَالَ: لَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِيهِ: فَلَكَ يَمِينُهُ. فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي عَارِفًا بِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْبَيِّنَةِ خُيِّرَ الْحَاكِمُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَبَيْنَ السُّكُوتِ.
وَظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ: وَلَا يَقُولُهُ. (فَإِنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ. أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا) لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى تَخْلِيصِ الْحَقِّ.
الْحَاكِمُ. وَحَكَمَ بِهَا إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا سَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ. فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ أَحَدٌ، أَوْ سَمِعَهُ مَعَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ: يَقُولُ لَهُ: أَحْضِرْهَا إِنْ شِئْتَ. وَفِي الْمُغْنِي: أَنَّ الْمُدَّعِيَ إِذَا قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ. لَمْ يَقُلْ لَهُ الْحَاكِمُ: أَحْضِرْهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ، فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَرَى.
قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: فَيُحْمَلُ أَمْرُهُ بِالْإِحْضَارِ عَلَى الْإِذْنِ فِيهِ ; لِأَنَّ حَمْلَ الْأَمْرِ عَلَى حَقِيقَتِهِ يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي. (فَإِذَا أَحْضَرَهَا) لَمْ يَسْأَلْهَا الْحَاكِمُ حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ. فَإِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي سُؤَالَهَا لَمْ يَقُلِ اشْهَدَا، وَلَا يُلَقِّنْهُمَا. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يَنْبَغِي. وَفِي الْمُوجَزِ: يُكْرَهُ كَتَعَنُّتِهِمَا. (سَمِعَهَا الْحَاكِمُ) لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ أَجْلِ السَّمَاعِ. فَيَقُولُ الْحَاكِمُ: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فَلْيَذْكُرْ مَا عِنْدَهُ. فَإِذَا شَهِدَا وَاتَّضَحَ الْحَقُّ لَزِمَهُ، وَلَمْ يَجُزْ تَرْدِيدُهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: إِنْ ظَنَّ الصُّلْحَ أَخَّرَهُ.
وَفِي الْفُصُولِ: أَحْبَبْنَا لَهُ أَمْرَهُمَا بِالصُّلْحِ، أَيْ: إِذَا كَانَ فِيهَا لَبْسٌ. فَإِنْ أَبِيَا أَخَّرَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْجَهْلِ حَرَامٌ. فَإِنْ عَجَّلَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا يَسَعُهُ الصُّلْحُ فِي الْأُمُورِ الْمُشْكِلَةِ، أَمَّا إِذَا اسْتَنَارَتِ الْحُجَّةُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ إنَّهُ مَا أَصْلَحَ بَيْنَ الْمُتَحَاكِمَيْنِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحَا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُحْدِثُ بَيْنَ الْقَوْمِ الضَّغَائِنَ. (وَحَكَمَ بِهَا إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي) بِأَنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً. وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ شَهِدَا عَلَيْكَ، فَإِنْ كَانَ لَكَ قَادِحٌ، فَبَيِّنْهُ عِنْدِي.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَعْنِي يُسْتَحَبُّ. وَذَكَرَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إِذَا ارْتَابَ فِيهِمَا، فَدَلَّ أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ مَعَ الرِّيبَةِ. وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مَا يَقْدَحُ فِيهَا حَكَمَ عَلَيْهِ إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي الْحُكْمَ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَسْتَوْفِيهِ إِلَّا بِمَسْأَلَة مُسْتَحَقّه. (وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا سَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ) لِأَنَّ التُّهْمَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا.
شَاهِدٌ وَاحِدٌ، فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَحْكُمُ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ مِمَّا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الْقَدَحِ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَكَمْتُ بِكَذَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ. (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ أَحَدٌ، وسَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا لُبِسَ بِمَحْضِ الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ وَلَا يَضُرُّ رُجُوعُ الْمُقِرِّ. (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَحْكُمُ بِهِ) هَذا رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ هُبَيْرَةَ ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِعِلْمِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَعَنْهُ: لَا يَحْكُمُ بِإِقْرَارٍ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ مَعَهُ عَدْلَانِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. فَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ الْإِشْهَادَ عَلَى إِقْرَارِهِ عِنْدَهُ لَزِمَهُ. (وَلَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ) فِي غَيْرِ ذَلِكَ (فِيمَا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ) .
وَفِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ، هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ. لِقَوْلِهِ عليه السلام:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَدَلَّ أَنَّهُ يَقْضِي بِمَا سَمِعَ لَا بِمَا يَعْلَمُ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ، لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ - تَعَالَى - مَا أَخَذْتُهُ، وَلَا دَعَوْتُ لَهُ أَحَدًا حَتَّى يَكُونَ مَعِي غَيْرِي. حَكَاهُ أَحْمَدُ. (وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِه سَوَاءٌ