الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ حكم كِتَابِ الْقَاضِي إلى القاضي
يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي فِي الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ، كَالْقَرْضِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ النِّكَاحُ. وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَطْءِ لِلْمَرْأَةِ مِنِ اثْنَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَطَأُهَا بِحُكْمِ الظَّاهِرِ، وَالْآخَرُ بِحُكْمِ الْبَاطِنِ. وَهَذَا فَسَادٌ. وَكَالْمُتَزَوِّجِ بِلَا وَلِيٍّ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا رَدَّ حَاكِمٌ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِرَمَضَانَ، لَمْ يُؤَثِّرْ كَمِلْكٍ مُطْلَقٍ، وَأَوْلَى، لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِحُكْمِهِ فِي عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَتْوَى، فَلَا يُقَالُ: حَكَمَ بِكَذِبِهِ، أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ. وَفِي الْمُغْنِي: أَنَّ رَدَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ هُنَا، لِتَوَقُّفِهِ فِي الْعَدَالَةِ، وَلِهَذَا لَوْ ثَبَتَتْ حُكِمَ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أُمُورُ الدِّينِ وَالْعِبَادَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إِلَّا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، إِجْمَاعًا. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِثْبَاتَ سَبَبِ الْحُكْمِ كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَالزَّوَالِ لَيْسَ بِحُكْمٍ. فَمَنْ لَمْ يَرَهُ سَبَبًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ: أَنَّهُ حُكْمٌ. الثَّانِيَةُ: إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ حُكْمٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ، لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ فِي الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: مَعَ عَدَمِ نَصٍّ يُعَارِضُهُ. وَكَذَا إِنْ كَانَ نَفْسُ الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.
وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَا يَلْزَمُهُ، إِلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ آخَرُ قَبْلَهُ. الثَّالِثَةُ: إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ خَصْمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ، وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ نَافِذُ الْحُكْمِ، حُكِمَ بِصِحَّتِهِ، فَلَهُ إِلْزَامُهُمَا ذَلِكَ، وَرَدُّهُ وَالْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِنَّهُ كَالْبَيِّنَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَبَيِّنَتِهِ إِنْ عَيَّنَا الْحَاكِمَ. الرَّابِعَةُ: مَنْ قَلَّدَ فِي صِحَّةِ نِكَاحٍ لَمْ يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ، كَحُكْمٍ بِخِلَافِ مُجْتَهِدٍ نَكَحَ ثُمَّ رَأَى بُطْلَانَهُ، فِي الْأَصَحِّ.
وَقِيلَ: مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، وَلَا يَلْزَمُ إِعْلَامُ الْمُقَلِّدِ بِتَغَيُّرِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ فِي إِتْلَافٍ بِمُخَالَفَةِ قَاطِعٍ ضَمِنَ، لَا مُسْتَفْتِيهِ، وَفِي تَضْمِينِ مُفْتٍ لَيْسَ أَهْلًا وَجْهَانِ.
[بَابُ حُكْمِ كِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي]
[الْأَحْوَالُ الَّتِي يُقْبَلُ فِيهَا كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي]
بَابُ حُكْمِ كِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي
وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -:{إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29] ،
وَالْغَصْبِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالصُّلْحِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ وَلَا يُقْبَلُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى. وَهَلْ يُقْبَلُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، كالْقِصَاصِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْخُلْعِ، وَالْعِتْقِ، وَالنَّسَبِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالتَّوْكِيلِ، وَالْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
فَأَمَّا حَدُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَكُتُبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ وَمُلُوكِ الْأَطْرَافِ، وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى عُمَّالِهِ وَسُعَاتِهِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى قَبُولِهِ. فَإِنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ لَا يُمْكِنُهُ إِتْيَانُهُ وَلَا مُطَالَبَتُهُ إِلَّا بِكِتَابِ الْقَاضِي، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَبُولِهِ.
(يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي فِي الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ، كَالْقَرْضِ، وَالْغَصْبِ، وَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالصُّلْحِ، وَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. (وَلَا يُقْبَلُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ ; لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّتْرِ، وَالدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْإِسْقَاطِ بِالرُّجُوعِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الرِّعَايَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ. (وَهَلْ يُقْبَلُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، كالْقِصَاصِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْخُلْعِ، وَالْعِتْقِ، وَالنَّسَبِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالتَّوْكِيلِ، وَالْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) :
إِحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ لَا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا، كَقَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلا بِشَاهِدَيْنِ كَحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -. وَعَنْهُ: يُقْبَلُ إِلَّا فِي الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ.
وَفِي الشَّرْحِ: أَنَّ الْمَذْهَبَ: لَا يُقْبَلُ فِي الْقِصَاصِ كَالْحَدِّ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْفَرْعِ، وَمَا لَا فَلَا، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي ; لِأَنَّ الْكِتَابَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي، فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. (فَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ، فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلَّهِ