الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ
إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ أَجَلْ أَوْ صَدَقَ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهَا، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ فِي ثُبُوتِ مِلْكِهِ.
فَعَلَى هَذَا: يُقِرُّ بِيَدِ الْمُقِرِّ ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ. فَإِذَا بَطَلَ إِقْرَارُهُ بَقِيَ كَأَنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ. فَإِنْ عَادَ الْمُقِرُّ فَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِثَالِثٍ، قُبِلَ مِنْهُ، وَلَمْ يُقْبَلْ بَعْدَهَا عَوْدُ الْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا إِلَى دَعْوَاهُ. (وَفِي الْآخَرِ: يُؤْخَذُ الْمَالُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ) فَيُحْفَظُ لَهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالِكُهُ ; لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُنْكِرُ مِلْكَهُ، فَهُوَ كَالْمَالِ الضَّائِعِ.
فَعَلَى هَذَا: يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِمَا. ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَكْذَبَهُ أنه يَبْطُلُ إِقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَعَلَى الثَّانِي: أَيُّهُمَا غَيَّرَ قَوْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ]
(إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ أَجَلْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ وَسُكُونَةِ اللَّامِ، وَهُوَ حَرْفُ تَصْدِيقٍ كَنَعَمْ.
قَالَ الْأَخْفَشُ: إِلَّا أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ نَعَمْ فِي التَّصْدِيقِ، وَنَعَمْ أَحْسَنُ مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَامِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44]، وَقِيلَ لِسَلْمَانَ رضي الله عنه: عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؛ قَالَ: أَجَلْ. (أَوْ صَدَقْتَ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهَا، أَوْ بِدَعْوَاكَ، كَانَ مُقِرًّا) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وُضِعَتْ لِلتَّصْدِيقِ.
وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ كَذَا؟ قَالَ: بَلَى. كَانَ إِقْرَارًا صَحِيحًا ; لِأَنَّ بَلَى جَوَابٌ لِلسُّؤَالِ بِحَرْفِ النَّفْيِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، فَلَوْ قَالَ: نَعَمْ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا. وَقِيلَ: إِقْرَارٌ مِنْ عَامِيٍّ، كَقَوْلِهِ: عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ، بِضَمِّ الرَّاءِ. يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ.
بِدَعْوَاكَ، كَانَ مُقِرًّا. وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا، أَوْ عَسَى أَوْ لَعَلَّ أَوْ أَظُنُّ أَوْ أَحْسَبُ، أَوْ أُقَدِّرُ، أَوْ خُذْ، أَوِ أتَّزِنْ، أَوْ أَحْرِزْ، أَوِ أفتح كُمَّكَ، لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا. وَإِنْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ، أَوْ خُذْهَا، أَوِ اتِّزِنْهَا، أَوِ اقْبِضْهَا، أَوْ أَحْرِزْهَا، أَوْ هِيَ صِحَاحٌ، فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا؛ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ وفِي عِلْمِي،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إِذَا قَالَ لِي عَلَيْكَ كَذَا؛ فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ بَلَى، كَانَ مُقِرًّا.
وَفِي قِصَّةِ إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، «فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ. قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى» . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ صِحَّةُ الْجَوَابِ بِبَلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا نَفْيٌ، وَصِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهَا، وَقَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا.
(وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا، أَوْ عَسَى أَوْ لَعَلَّ أَوْ أَظُنُّ أَوْ أَحْسَبُ، أَوْ أُقَدِّرُ، أَوْ خُذْ، أَوِ أتَّزِنْ، أَوْ أَحْرِزْ، أَوِ أفْتَحْ كُمَّكَ، لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا) لِأَنَّ قَوْلَهُ: (أَنَا أُقِرُّ) وَعْدٌ بِالْإِقْرَارِ، وَالْوَعْدُ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ إِقْرَارًا بِهِ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِيهِ، وَفِي (لَا أُنْكِرُ) ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِنْكَارِ الْإِقْرَارُ، فَإِنَّ بَيْنَهُمَا قِسْمًا آخَرَ وَهُوَ السُّكُوتُ عَنْهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ: لَا أُنْكِرُ بُطْلَانَ دَعْوَاكَ.
وَقِيلَ: بَلَى كَأَنَا مُقِرٌّ.
وَقَوْلُهُ: (يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا) لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ مُحِقًّا ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الشَّيْءِ وُجُوبُهُ.
وَقَوْلُهُ: (عَسَى أَوْ لَعَلَّ) لِأَنَّهُمَا وُضِعَا لِلشَّكِّ.
وَقَوْلُهُ: (أَظُنُّ أَوْ أَحْسَبُ أَوْ أُقَدِّرُ) لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الشَّكِّ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: (خُذْ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ: خُذِ الْجَوَابَ مِنِّي.
وَقَوْلُهُ: (وَأتَّزِنْ) أَيْ: أَحْرِزْ مَالَكَ عَلَى غَيْرِي.
وَقَوْلُهُ: (أفْتَحْ) تحمل لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ اسْتِهْزَاءً لَا إِقْرَارًا.
وَكَذَا قَوْلُهُ: أخْتِمْ عَلَيْهِ، أَوِ أجعله فِي كِيسِكَ، أَوْ سَافِرْ بِدَعْوَاكَ، وَنَحْوُهُ. (وَإِنْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ، أَوْ خُذْهَا، أَوِ اتَّزِنْهَا، أَوِ اقْبِضْهَا، أَوْ أَحْرِزْهَا، أَوْ هِيَ صِحَاحٌ، فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا؛ يَحْتَمِلُ
أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ قَالَ: أقْضِنِي دَيْنِي عَلَيْكَ أَلْفًا، أَوْ سَلِّمْ لِي ثَوْبِي هَذَا، أَوْ فَرَسِي هَذَا. فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَدْ أَقَرَّ بِهَا. وَإِنْ قَالَ: إِنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا. وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجْهَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ.
أَشْهَرُهُمَا: يَكُونُ مُقِرًّا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ عَقِبَ الدَّعْوَى فَيَصْرِفُهُ إِلَيْهَا، وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ. وَكَذَا إِذَا قَالَ: أَقْرَرْتُ.
قَالَ تَعَالَى: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: 81]، وَلَمْ يَقُولُوا: أَقْرَرْنَا بِذَلِكَ. فَكَانَ مِنْهُمْ إِقْرَارًا.
وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِوُجُوبِهِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ بِأَخْذِهَا أَوْلَى أَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْهُ الْوُجُوبُ، وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ: إِنِّي مُقِرٌّ بِالشَّهَادَةِ، أَوْ بِبُطْلَانِ دَعْوَاكَ. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ، وفِي عِلْمِي، أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ قَالَ: أقْضِنِي دَيْنِي عَلَيْكَ أَلْفًا، أَوْ سَلِّمْ لِي ثَوْبِي هَذَا، أَوْ فَرَسِي هَذَا. فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَدْ أَقَرَّ بِهَا) وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ فَهُوَ إِقْرَارٌ، نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ وَعَقَّبَهُ بِمَا لَا يَرْفَعُهُ، فَلَمْ يَرْتَفِعْ الْحُكْمُ بِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ، أَوْ مَشِيئَتِهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِلَّا إِنْ شَاءَ زَيْدٌ، أَوْ لَا يَلْزَمُنِي إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ أَنَّهُ لَغْوٌ.
الثَّانِي: إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي عِلْمِي، أَوْ عِلْمِ اللَّهِ، أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ لَا فِيمَا أَظُنُّ ; لِأَنَّ مَا عَلِمَهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْوُجُوبِ.
الثَّالِثَةُ: بَقِيَّةُ الصُّوَرِ فَيَلْزَمُهُ ; لِأَنَّهُ جَوَابٌ صَرِيحٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: عِنْدِي. كَقَوْلِهِ: أقْضِنِي أَلْفًا مِنَ الَّذِي عَلَيْكَ، أَوْ إلِيّ، أَوْ هَلْ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ؛ فَقَالَ: نَعَمْ. أَوْ قَالَ: أَمْهِلْنِي يَوْمًا، أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ، أَوْ زَوَّجْتُكَ، أَوْ قَبِلْتُ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ. صَحَّ، كَالْإِقْرَارِ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: كَـ أَنَا صَائِمٌ غَدًا ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ، يَصِحُّ بِنِيَّتِهِ وَصَوْمِهِ، وَيَكُونُ تَأْكِيدًا. وَلَمْ يَرْتَضِهْ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْعُقُودُ ; لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَ إِيجَابِهَا قَبْلَ الْقَبُولِ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ. وَفِي الْمُجَرَّدِ: فِي بِعْتُكَ، أَوْ زَوَّجْتُكَ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ، أَوْ بِعْتُكَ إِنْ شِئْتَ. فَقَالَ:
قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ قَدِمَ فُلَانٌ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. كَانَ مقرا، وَإِنْ قَالَ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَبِلْتُ، أَوْ قَبِلْتُ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ صَحَّ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَّا: إِذَا قَالَ: زَوَّجْتُكَ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ. لَا أَعْلَمُ خِلَافًا عَنْهُ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ. وَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَ بِأَلْفٍ إِنْ شِئْتَ. فَقَالَ: قَدْ شِئْتُ وَقَبِلْتُ. صَحَّ ; لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مِنْ مُوجِبِ الْعَقْدِ وَمُقْتَضَاهُ. (وَإِنْ قَالَ: إِنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا) حَيْثُ قَدَّمَ الشَّرْطَ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُقِرٍّ فِي الْحَالِ، وَمَا لَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ لَا يَصِيرُ وَاجِبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَقْتَضِي إِيجَابَ ذَلِكَ. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ قَدِمَ فُلَانٌ) أَوْ إِنْ شَاءَ (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) الْأَشْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا كَالَّتِي قَبْلَهَا.
وَالثَّانِي: يَكُونُ مُقِرًّا ; لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْإِقْرَارَ، فَثَبَتَ حُكْمُهُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ ; لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آجِلًا؛ وَلِأَنَّ الْحَقَّ الثَّابِتَ فِي الْحَالِ لَا يَقِفُ عَلَى شَرْطٍ فسقط.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. كَانَ مُقِرًّا) قَالَهُ أَصْحَابُنَا ; لِأَنَّهُ قَدْ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ فَعَمِلَ بِهِ. وَقَوْلُهُ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الْحَوْلِ. يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَحَلَّ، فَلَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ. (وَإِنْ قَالَ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَشْهَرُهُمَا: لَا يَكُونُ مُقِرًّا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالشَّرْطِ وَعَلَّقَ عَلَيْهِ لَفْظًا يَصْلُحُ لِلْإِقْرَارِ، وَيَصْلُحُ لِلْوَعْدِ، فَلَا يَكُونُ إِقْرَارًا مَعَ الِاحْتِمَالِ.
وَالثَّانِي: بَلَى كَالَّتِي قَبْلَهَا.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ تَقْدِيمَ الشَّرْطِ وَتَأْخِيرَهُ سَوَاءٌ. فَيَكُونُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَجْهَانِ. وَكَذَا فِي الرِّعَايَةِ.
وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ: يَصِحُّ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا، إِذَا جَاءَ وَقْتُ كَذَا لِاحْتِمَالِ إِرَادَةِ الْمَحَلِّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ تَخْرِيجٌ فِي عَكْسِهَا. وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ فِيهِمَا. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ، أَوْ إِنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ صَدَّقْتُهُ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا) لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ؛ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَدَّقَ الْكَاذِبُ. وَفِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ: إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ
قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ، أَوْ إِنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ صَدَّقْتُهُ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا وَإِنْ قَالَ: إِنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ، فَهُوَ صَادِقٌ. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. وَإِنْ أَقَرَّ الْعَرَبِيُّ بالعجمية أَوِ الْأَعْجَمِيُّ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا قُلْتُ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ هَلْ يَكُونُ مُقِرًّا؛ عَلَى وَجْهَيْنِ. (فَإِنْ قَالَ: إِنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ، فَهُوَ صَادِقٌ. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ إِقْرَارًا ; لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ.
وَالثَّانِي: بَلَى. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ ; لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُهُ إِلَّا مَعَ ثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ، وَقَدْ أَقَرَّ بِصِدْقِهِ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ قَالَ: الشُّهُودُ عُدُولٌ فَلَيْسَ إِقْرَارًا بِالْمُدَّعَى.
وَقِيلَ: بَلَى، إِنْ جَازَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِهِ. قَالَ ابْنُ حِمْدَانَ: أَوْ قُلْنَا طَلَبُ التَّزْكِيَةِ لِلشُّهُودِ. 1
(وَإِنْ أَقَرَّ الْعَرَبِيُّ بِالْعَجَمِيَّةِ أَوِ الْأَعْجَمِيُّ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا قُلْتُ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. وَالظَّاهِرُ: بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَصِدْقُهُ فِي قَوْلِهِ. وَوَجَبَتِ الْيَمِينُ ; لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ كَذِبُهُ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ أَمَتِي بِأَلْفٍ. فَقَالَ: بَلْ زَوَّجْتَنِيهَا. وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا، لَمْ يَحْلِفِ السَّيِّدُ أَنْ لَا نِكَاحَ.
وَقِيلَ: بَلَى، وَيَحْلِفُ مُنْكِرُ الشِّرَاءِ عَلَى نَفْيِهِ، وَتُرَدُّ الْأَمَةُ إِلَى سَيِّدِهَا مِلْكًا، وَلَا بَيْعَ وَلَا نِكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ، سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا. وَهَلْ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا إِذَا عَادَتْ؛ فِيهِ وَجْهَانِ. فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنِ الْيَمِينِ، أَوْ حَلَفَ مُنْكِرُ النِّكَاحِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَيْهِ، ثَبَتَ الْبَيْعُ وَوَجَبَ الثَّمَنُ، وَلِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا بِكُلِّ حَالٍ ; لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوِ الْأَرْشُ. فَإِنْ وَلَدَتْ وَتَنَازَعَا، فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ وَيَتَوَارَثَانِ، وَلَا تَعُودُ إِلَى مُنْكِرِ النِّكَاحِ ; لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ الْوَاطِئِ، وَأَنَّ وَلَدَهُ حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَيَدَّعِي ثَمَنَهَا وَلَا تُقَرُّ بِيَدِ الْوَاطِئِ ; لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهَا مِلْكُ مُنْكِرِ النِّكَاحِ وَوَلَدَهَا وَمَهْرَهَا. فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ صَادِقًا، جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا بَاطِنًا فَقَطْ، وَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهَا.
وَقَالَ ابْنُ حِمْدَانَ: بَلْ عَلَى سَيِّدِهَا. وَتُوَقَفُ فَاضِلَةً حَتَّى يَنْكَشِفَ الْحَالُ، أَوْ يَصْطَلِحَا، وَالْوَلَدُ حُرٌّ.
فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ مُسْتَوْلِدِهَا، فَلِمُدَّعِي بَيْعِهَا أَخَذُ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهَا.