الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَهْوٌ مِنْ نَاقِلِهَا.
وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ، حَتَّى تَثْبُتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا. وَعَدَالَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ. وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَلَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَدْخَلٌ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَهَادَتِهِنَّ إِثْبَاتُ الْحَقِّ الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ شُهُودُ الْأَصْلِ، فَكَانَ لَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ كَالْبَيْعِ.
وَعَنْهُ: لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ فِي الْأُصُولِ ; لِأَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ضَعْفًا فَاعْتُبِرَ تَقْوِيَتُهَا بِالذُّكُورِيَّةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ فِي الْأَصْلِ. وَفِي الْفُرُوعِ: رِوَايَتَانِ. (فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِدُخُولِهِنَّ فِيهِ. (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ) لِأَنَّ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ ضَعْفًا، فَلَا يُضَمُّ ضَعْفٌ إِلَى ضَعْفٍ. (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَهْوٌ مِنْ نَاقِلِهَا) لِأَنَّهُ إِذَا قُبِلَ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ عَلَى مِثْلِهَا فَلَأَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهَا؛ وَلِأَنَّ نَاقِلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ فِيهَا: أَقْبَلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. وَهَذَا مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّ رَجُلًا وَاحِدًا لَوْ كَانَ أَصْلًا، فَشَهِدَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ وَمَعَهُ مِائَةُ امْرَأَةٍ لَمْ يُقْبَلْ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ إِذَا شَهِدَ بِهَا وَحْدَهُ وَهُوَ فَرْعٌ وَيُحْكَمُ بِهَا.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ ذَلِكَ، حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَيْهِ غَيْرُهُ. فَيَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى شَاهِدٍ وَاحِدٍ كَمَا يَقُولُهُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ.
[حُكْمُ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ]
(وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ، حَتَّى تَثْبُتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا وَعَدَالَةُ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ يَنْبَنِي عَلَى شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ عَدَّلَ شُهُودُ الْفَرْعِ شُهُودَ الْأَصْلِ كَفَى بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا بِالْحَقِّ مَقْبُولَةٌ، فَكَذَا فِي الْعَدَالَةِ. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِعَدَالَتِهِمْ تَوَلَّى الْحَاكِمُ ذَلِكَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِنْ لَمْ يُعَدِّلْ شَاهِدُ الْفَرْعِ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا ; لِأَنَّ تَرْكَ تَعْدِيلِهِمَا يَرْتَابُ بِهِ الْحَاكِمُ وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْرِفَا ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْرِفَا عَدَالَتَهُمَا،
يَحْكُمْ حَتَّى حَضَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ، وَقَّفَ الْحُكْمَ عَلَى سَمَاعِ شَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ حَدَثَ مِنْهُمْ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ. وَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْفَرْعِ لَزِمَهُمُ الضَّمَانُ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ لَمْ يَضْمَنُوا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَضْمَنُوا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَيَتْرُكَاهَا اكْتِفَاءً بِمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ عَدَالَتِهِمَا. (وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَحْكُمْ حَتَّى حَضَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ، وَقَّفَ الْحُكْمَ عَلَى سَمَاعِ شَهَادَتِهِمْ) لِأَنَّهُ قُدِرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْعَمَلِ بِالْبَدَلِ، كَالْمُتَيَمِّمِ يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَفِسْقِ بَعْضِهِمْ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ حُضُورُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَإِنْ حَدَثَ مِنْهُمْ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ) لِأَنَّ الْحُكْمَ يَنْبَنِي عَلَيْهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ فَسَقَ شُهُودُ الْفَرْعِ أَوْ رَجَعُوا. (وَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْفَرْعِ لَزِمَهُمُ الضَّمَانُ) لِأَنَّ الْإِتْلَافَ كَانَ بِشَهَادَتِهِمْ، كَمَا لَوْ أَتْلَفُوا بِأَيْدِيهِمْ. فَإِنْ قَالُوا: بَانَ لَنَا كَذِبُ الْأَصْلِ أَوْ غَلَطُهُمْ. لَمْ يَضْمَنُوا. ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ. (وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ) أَيْ: بَعْدَ الْحُكْمِ. (لَمْ يَضْمَنُوا) قَدَّمَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ، كَالْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ، وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُلْجِئُوا الْحَاكِمَ إِلَى الْحُكْمِ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَضْمَنُوا) هَذَا قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إِلَيْهِمْ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُمْ، وَلِأَنَّهُمْ سَبَبٌ فِي الْحُكْمِ فَضَمِنُوا كَالْمُزَكِّينَ. فَإِنْ قَالَ شَاهِدَا الْأَصْلِ: كَذَبْنَا أَوْ غَلَطْنَا. ضَمِنُوا. وَقِيلَ: لَا. وَإِنْ قَالُوا بَعْدَ الْحُكْمِ: مَا أَشْهَدَنَا بِشَيْءٍ. لَمْ يَضْمَنِ الْفَرِيقَانِ شَيْئًا.
1 -
فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَ شَاهِدَا فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ، وَتَعَذَّرَ الْآخَرُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ. ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.
وَقَالَ جَمْعٌ: إِذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا لِتَأَكُّدِ الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا غَيَّرَ الْعَدْلُ شَهَادَتَهُ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ، فَزَادَ فِيهَا أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَوْ أَدَّى بَعْدَ إِنْكَارِهَا، قُبِلَتْ. نَصَّ عَلَيْهِمَا. كَقَوْلِهِ: لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ. وَقِيلَ: لَا، كَبَعْدِ الْحُكْمِ.