الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ، وَالْقَرَوِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ، وَعَنْهُ فِي شَهَادَةِ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ: أَخْشَى أَنْ لَا تُقْبَلَ، فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ
.
وَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا:
قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ
، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَالِدٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْحَاكِمِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ فِي الرَّضَاعِ وَالْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ عَلَى الْقِسْمَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ، إِذَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَسَبَقَهُ إِلَيْهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ، وَالْقَرَوِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ (وَعَنْهُ: فِي شَهَادَةِ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ: أَخْشَى أَنْ لَا تُقْبَلَ، فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: لَا تُقْبَلُ، وَقَالَهُ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ.
لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ.» وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْجَفَاءِ فِي الدِّينِ.
وَالثَّانِي: تُقْبَلُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَابْنُ الْمُنَجَّا؛ لِأَنَّ مَنْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْبَدْوِ قُبِلَتْ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، دَلِيلُهُ شَهَادَةُ الْقَرَوِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْبَدَوِيِّ لَا تُقْبَلُ لِلْجَهْلِ بِعَدَالَتِهِ الْبَاطِنَةِ، وَخَصَّهُ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ.
[بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ]
[قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ]
بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ.
الْمَوَانِعُ: جَمْعُ مَانِعٍ، وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ مَنَعَ الشَّيْءَ: إِذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْصُودِهِ، فَهَذِهِ الْمَوَانِعُ تَحُولُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَمَقْصُودِهَا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا قَبُولُهَا وَالْحُكْمُ بِهَا (وَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ) يَأْتِي عَدُّهَا (أَحَدُهَا: قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ) وَهِيَ بِمَعْنَى لَا تُقْبَلُ
لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا وَلَدٍ لِوَالِدِهِ وَإِنْ عَلَا، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ.
وَعَنْهُ: تُقْبَلُ فِيمَا لَا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا غَالِبًا، نَحْوَ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ، أَوْ قَذْفٍ، وَعَنْهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، ولا تقبل شهادة الوالد لولده، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَالِدٍ لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ) مِنْ قَبِيلِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (وَلَا وَلَدٍ لِوَالِدِهِ وَإِنْ عَلَا، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، وَآبَاؤُهُمَا وَأُمَّهَاتُهُمَا، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ: أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلَى أَخِيهِ، وَلَا ظَنِينٍ فِي قَرَابَةٍ وَلَا وَلَاءٍ» ، وَفِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ، وَرَوَاهُ الْخَلَّالُ بِنَحْوِهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمِيلُ إِلَيْهِ بِطَبْعِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام:«فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا» . وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ دِينُهُمَا أَوِ اخْتَلَفَ.
لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُؤَلِّفُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ: لَا مِنْ زِنًى وَرَضَاعٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الاتفاق وَالصِّلَةِ، وَعِتْقِ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَالتَّبَسُّطِ فِي الْمَالِ (وَعَنْهُ: تُقْبَلُ فِيمَا لَا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا غَالِبًا، نَحْوَ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ قَذْفٍ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَنْتَفِعُ بِمَا يَحْصُلُ لِلْآخَرِ، فَتَنْتَفِيَ التُّهْمَةُ عَنْهُ فِي شَهَادَتِهِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِمَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَنِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ (وَعَنْهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ) لِدُخُولِهِ فِي الْعُمُومِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ) لِأَنَّ مَالَ ابْنِهِ كَمَالِهِ لِلْخَبَرِ، فَكَانَتْ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: تُقْبَلُ مُطْلَقًا، ذَكَرَهَا فِي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ؛ لِأَنَّهُمَا عَدْلَانِ فَيَدْخُلَانِ فِيهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَشُرَيْحٍ، وَقَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
بَعْضٍ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا تُقَبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وَهِيَ تَحْتَهُ أَوْ طَلَاقِهَا، فَاحْتِمَالَانِ فِي الْمُنْتَخَبِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] ، وَلِأَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ لَا تُهْمَةَ فِيهَا، فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ أَبْلَغُ فِي الصِّدْقِ كَشَهَادَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ تُقْبَلْ عَلَيْهِ كَغَيْرِ الْعَدْلِ.
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: لَا أَرَى شَهَادَةَ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ فِي حَدٍّ وَلَا قِصَاصٍ؛ لِاتِّهَامِهِ فِي الْمِيرَاثِ، وَمُكَاتَبِ وَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ لَهُمَا، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَ لِوَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِأَلْفٍ، أَوْ بِحَقٍّ آخَرَ مُشْتَرَكٍ، بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهَا ابْنُ هُبَيْرَةَ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِشَهَادَتِهِ لِيَنْبَسِطَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَالِ الْآخَرِ، وَاتِّسَاعِهِ بِسَعَتِهِ، وَإِضَافَةِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَى الْآخَرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، وَ {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] ، وَلِأَنَّ يَسَارَ الرَّجُلِ يَزِيدُ فِي نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ، وَيَسَارَهَا يَزِيدُ فِي قِيمَةِ بُضْعِهَا الْمَمْلُوكِ لِزَوْجِهَا، وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ مِنْ غَيْرِ حَجْبٍ، فَأَوْجَبَ التُّهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِ.
وَظَاهِرٌ: وَلَوْ بَعْدَ الْفِرَاقِ، وَالْأُخْرَى: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ عَلَى مَنْفَعَةٍ، فَلَا يَتَضَمَّنُ رَدَّ الشَّهَادَةِ كَالْإِجَارَةِ.
وَظَاهِرُهُ: أَنَّ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مَقْبُولَةٌ، صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: فِي قَبُولِهَا رِوَايَتَانِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ فَشَهَادَتُهُ لَهُ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ بِنِكَاحٍ، وَلَا لِأَمَتِهِ بِطَلَاقٍ (وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ يَنْبَسِطُ فِي مَالِهِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ، فَهُوَ كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ، زَادَ