الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ في تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ
إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: مَتَى قُتِلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ
، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ فَيُعْتَقَ، أَوْ تَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى عَلَى الرِّقِّ؛ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِي الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِنِ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْهُ بِذَلِكَ قُبِلَ إِقْرَارُهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ، لِأَنَّهَا لَوْ أَرَادَتِ النِّكَاحَ لَمْ تُمْنَعْ مِنْهُ، فَإِنِ ادَّعَاهَا اثْنَانِ، فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا بِلَا بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ، وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ، فَإِنَّهَا لَوْ أَرَادَتِ ابْتِدَاءَ تَزْوِيجِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ مِنْ دَعْوَى الْآخَرِ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا فَلَا نِكَاحَ، وَإِنِ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا فَهِيَ لِلْأَسْبَقِ تَارِيخًا، فَإِنْ جُهِلَ الْأَسْبَقُ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ، نَصَّ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: الْمُجْبَرُ، فَإِنْ جَهِلَ فَسَخَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ]
[إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ مَتَى قُتِلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ]
بَابٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ
التَّعَارُضُ: مَصْدَرٌ، تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ: إِذَا تَقَابَلَتَا، تَقُولُ: عَارَضَتْهُ بِمِثْلِ مَا صَنَعَ؛ أَيْ: أَتَيْتُ بِمِثْلِ مَا أَتَى، فَتَعَارُضُهُمَا: أَنْ تَشَهَدَ إِحْدَاهُمَا بِنَفْيِ مَا أَثْبَتَتْهُ الْأُخْرَى، أَوْ بِالْعَكْسِ.
فَالتَّعَارُضُ: التَّعَادُلُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: مَتَى قُتِلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَتْلِ، لَكِنْ يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى نَفْيِهِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً، أَنَّهَا تُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ فَيُعْتَقَ، أَوْ تَتَعَارَضَانِ فَيَبْقَى عَلَى الرِّقِّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ) الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ وَهُوَ الْقَتْلُ.
وَالثَّانِي: تَتَعَارَضَانِ فَتَسْقُطَانِ، صَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ؛ لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا تَشْهَدُ بِضِدِّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى، فَعَلَى هَذَا: يَبْقَى الْعَبْدُ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِتْقُهُ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يُقَسَّمُ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: فَيُعْتَقُ نِصْفُهُ إِذَنْ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِي الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ مِتُّ
وَإِنْ مِتُّ فِي صَفَرٍ فَغَانِمٌ حُرٌّ، وأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِي مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْتُ فَغَانِمٌ حُرٌّ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، تَعَارَضَتَا، بَقِيَا عَلَى الرِّقِّ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ، وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِي صَفَرٍ فَغَانِمٌ حُرٌّ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ: أَنَّهُمَا تَتَعَارَضَانِ فَتَسْقُطَانِ وَيَبْقَيَانِ عَلَى الرِّقِّ إِذَا جُهِلَ وَقْتُ مَوْتِهِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ غَانِمٍ فَيُعْتَقُ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَفِي الْكَافِي: أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، فَيُعْتَقُ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَإِنْ بَانَ مَوْتُهُ بَعْدُ وَجُهِلَ زَمَنُهُ وَلَا بَيِّنَةَ رُقَّا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمُوتَ فِي غَيْرِ الشَّهْرَيْنِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ: يُحْتَمَلُ فِيمَا إِذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ مَوْتَهُ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ أَنْ يُعْتَقَ مَنْ شَرَطَهُ الْمَوْتَ فِي صَفَرٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ مَعَهُ.
وَعَلَى الْمَذْهَبِ: إِذَا عُلِمَ مَوْتُهُ فِي أَحَدِ الشَّهْرَيْنِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يُعْمَلُ فِيهِمَا بِأَصْلِ الْحَيَاةِ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِي مَرَضِي هَذَا، فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْتُ فَغَانِمٌ حُرٌّ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، تَعَارَضَتَا بَقِيَا عَلَى الرِّقِّ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى، وَتُثْبِتُ زِيَادَةً بِنَفْيِهَا الْأُخْرَى.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ التَّعَارُضَ أَثَرُهُ فِي إِسْقَاطِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَوْ لَمْ تَكُونَا لَعُتِقَ أَحَدُهُمَا، فَكَذَلِكَ إِذَا سَقَطَتَا (وَالْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ) وهو رِوَايَةٌ قَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ وَلَا يُعْلَمُ عَيْنُهُ، وَكَمَا لَوْ جُهِلَ مِمَّ مَاتَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ) وَقِيلَ: يُعْتَقُ سَالِمٌ وَحْدَهُ، وَحكي فِي الْفُرُوعِ: الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهَا، وَكَذَا حَكَمَ: إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي بَدَلَ فِي. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ: أَنَّهُ إِذَا جُهِلَ مِمَّ مَاتَ، أَنَّهُمَا عَلَى الرِّقِّ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي الْمَرَضِ بِحَادِثٍ، وَقِيلَ: يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَادِثِ، وَيُحْتَمَلُ
قِيمَتَهُ عِشْرُونَ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ، لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ، وَلَوْ مَاتَتِ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ، وَقَالَ أَخُوهَا: مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، وَلَا بَيِّنَةَ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ مِيرَاثُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنْ يُعْتَقَ مَنْ شَرَطَهُ الْمَرَضَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُهُ وَعَدَمُ الْبُرْءِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ الْوَرَثَةُ: أَعْتَقَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَقَالَ: بَلْ فِي صِحَّتِهِ، فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَهُوَ دُونَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ، عُتِقَ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْوَرَثَةُ (وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قَيِمَتَهُ عِشْرُونَ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ، لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ، وَرُبَّمَا اطَّلَعَتْ بَيِّنَةُ الْأَقَلِّ عَلَى مَا يُوجِبُ النَّقْصَ، فَتَكُونُ شَهَادَةٌ بِزِيَادَةٍ خَفِيَتْ عَلَى بَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ.
وَعَنْهُ: تَسْقُطَانِ لِتَعَارُضِهِمَا فِي الزَّائِدِ، فَيَحْلِفُ الْغَارِمُ عَلَى الْأَقَلِّ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: الْأَكْثَرُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي نَظِيرِهَا فِيمَنْ آجَرَ حِصَّةَ مُولِيهِ، قَالَتْ: بَيِّنَةٌ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَبَيِّنَةٌ بِنِصْفِهَا، وَإِنْ كَانَ بِكُلِّ قِيمَةٍ شَاهِدٌ ثَبَتٌ عَشَرَةٌ بهما عَلَى الْأَوَّلَةِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَحْلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَا تَعَارُضَ؛ لِعَدَمِ كَمَالِ بَيِّنَةِ الْأَقَلِّ، وَنَصَرَ الْمُؤَلِّفُ الْأَوَّلَةَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا فِي الزَّائِدِ، وَتُخَالِفُ الزِّيَادَةَ فِي الْإِخْبَارِ.
فَإِنَّ مَنْ يَرْوِي النَّاقِصَ لَا يَنْفِي الزَّائِدَ، وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَتْ بِأَلْفٍ لَا يَنْفِي أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفًا أُخْرَى.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ قَائِمَةً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مَا يُصَدِّقُهَا الْحِسُّ، فَإِنِ احْتَمَلَ، فَقَالَ شَيْخُنَا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَوِ اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَانِ فِي قِيمَةِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ لِيَتِيمٍ يُرِيدُ الْوَصِيُّ بَيْعَهَا، أُخِذَ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ (ولَوْ مَاتَتِ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ، وَقَالَ أَخُوهَا: مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، وَلَا بَيِّنَةَ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (وَكَانَ مِيرَاثُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ) لِأَنَّ سَبَبَ الحي مَنْ مَوْرُوثه مَوْجُودٌ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ لِبَقَاءِ مَوْرُوثِ الْآخَرِ بَعْدَهُ، وَهَذَا الْأَمْرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يَزُولُ عَنِ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ.
مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا، وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى أَنْ تجْعَلَ لِلْأَخِ سُدُسُ مَا لِلِابْنِ، وَالْبَاقِي لِلزَّوْجِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يُقَالُ: قَدْ أَعْطَيْتُمُ الزَّوْجَ وَهُوَ لَا يَدَّعِي إِلَّا الرُّبُعَ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِجَمِيعِهِ؛ رُبُعُهُ بِمِيرَاثِهِ مِنْهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بِإِرْثِهِ مِنِ ابْنِهِ، (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْعَمَلُ بِهِمَا وَجَبَ تَسَاقُطُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى أَنْ تُجْعَلَ لِلْأَخِ سُدُسُ مَا لِلِابْنِ، وَالْبَاقِي لِلزَّوْجِ) لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَاتَتْ أَوَّلًا، فَيَكُونُ مِيرَاثُهَا لِابْنِهَا وَزَوْجِهَا، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَوَرِثَ الزَّوْجُ كُلَّ مَا فِي يَدِهِ، فَصَارَ مِيرَاثُهَا كُلُّهُ لِزَوْجِهَا، ثُمَّ يُقَدَّرُ أَنَّ الِابْنَ مَاتَ أَوَّلًا فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِأَبِيهِ، ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ وَفِي يَدِهَا الثُّلُثُ فَكَانَ بَيْنَ أَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَلَمْ يَرِثِ الْأَخُ إِلَّا سُدُسَ مَالِ الِابْنِ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَخْتَصُّ مَنْ جَهِلَ مَوْتَهُمَا وَاتَّفَقَ وَارِثُهُمَا عَلَى الْجَهْلِ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ تَرِكَةِ زَيْدٍ، فَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ، أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا طَلَّقَ ضَرَّةَ أُمِّهِمَا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِيهِمَا عَلَى الْأَشْهَرِ.
وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ زَيْدًا أَخَذَ مِنْ صَبِيٍّ أَلْفًا، وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ أَلْفًا، لَزِمَ الْوَلِيَّ طَلَبُهُ بِهِمَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَخَذَهَا مِنْهُ وَرَدَّهُ إِلَيْهِ بِلَا إِذْنِ وَلِيِّهِ.
وَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَلْفٍ بِعَيْنِهِ، طَلَبَهُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلٍ، فَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ قَتَلَاهُ، فَصَدَّقَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلَيْنِ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ، وَإِنْ صَدَّقَ الْآخَرَيْنِ وَحْدَهُمَا لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ لِكَوْنِهِمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا ضَرَرًا، وَإِنْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ فَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.