الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَخِيهِ، وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ وَالصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ، الْمَوْلَى لِعَتِيقِهِ.
فصل.
الثَّانِي:
أَنْ يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ
كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ، وَالْوَارِثِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: بِمَالٍ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا.
قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ أَجَازَ ابْنُ الزُّبَيْرِ شَهَادَةَ الْأَخِ لِأَخِيهِ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَيَدْخُلُ فِي الْعُمُومَاتِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى عَمُودَيِ النَّسَبِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ (وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ) أَيْ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ كَالْأَخِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْهُ، (وَالصَّدِيقِ) الْمُلَاطِفِ (لِصَدِيقِهِ) وَهُوَ قَوْلُ عَامَّتِهِمْ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِصَدَاقَةٍ وَكِيدَةٍ، وَعَاشِقٍ لِمَعْشُوقِة؛ لِأَنَّ الْعِشْقَ يَطِيشُ (الْمَوْلَى لِعَتِيقِهِ) كَالْأَخِ لِأَخِيهِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ، وعليه: وَلِغَيْرِ سَيِّدِهِ، لَكِنْ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ، وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا مِنْهُ، فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِعَوْدِهِمَا إِلَى الرِّقِّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ مُعْتِقَهُمَا غَيْرُ بَالِغٍ حَالَ الْعِتْقِ، أَوْ جَرَحَا الشَّاهِدَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِمَا، وَلَوْ عِتْقًا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، فَشَهِدَا بَدَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ فِي الرِّقِّ، لَمْ يُقْبَلْ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ سَيِّدٍ.
فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ الشَّاهِدُ مَعَ شَهَادَتِهِ لَمْ تُرَدَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَمَعَ النَّهْيِ عَنْهُ يُتَوَجَّهُ عَلَى كَلَامِهِ، فِي التَّرْغِيبِ: تُرَدُّ.
[أَنْ يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ]
فصل.
(الثَّانِي: أَنْ يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ) لِأَنَّ فَاعِلَهُ مُتَّهَمٌ فِي الشَّهَادَةِ، وَالتُّهْمَةُ يُمْنَعُ مِنْ قَبُولِهَا (كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ) بِمَالٍ (وَالْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَسْرِي، فَتَجِبُ الدِّيَةُ لَهُ ابْتِدَاءً، وَيُقْبَلُ لَهُ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ فِي الْأَشْهَرِ، فَلَوْ حَكَمَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَمْ يَتَغَيَّرِ الْحُكْمُ بَعْدَ مَوْتِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ شَهِدَ غَيْرُ وَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا، سَمِعْتُ دُونَ عَكْسِهِ، وَالْمَانِعُ مَا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ نَفْعٌ حَالَ الشَّهَادَةِ.
لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَالْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ، وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ، وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ، وَالْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ بِالْمَالِ، وَأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَلِهَذَا جَازَ شَهَادَةُ الْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ، مَعَ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَهُ، وَشَهَادَتُهُ لِامْرَأَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَشَهَادَتُهُ لِغَرِيمٍ لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْهُ، أَوْ يُفْلِسَ فَيَتَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهِ، وَمُنِعَتِ الشَّهَادَةُ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَفْضَى إِلَى الْمَوْتِ بِهِ، فَتَجِبُ الدِّيَةُ لِلْوَارِثِ الشَّاهِدِ ابْتِدَاءً فَيَكُونُ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ، مُوجِبًا لَهُ بِهِ حَقًّا ابْتِدَاءً، وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ لِمَوْرُوثِهِ الْمَرِيضِ بِحَقٍّ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ، فَلَمْ يُمْنَعِ الشَّهَادَةُ لَهُ كَالشَّهَادَةِ لِلْغَرِيمِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَجَزْتُمْ شَهَادَةَ الْغَرِيمِ لِغَرِيمِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، كَمَا أَجَزْتُمْ شَهَادَتَهُ لَهُ بِمَالٍ.
قُلْنَا: إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجِبُ لِلشَّاهِدِ ابْتِدَاءً، إِنَّمَا تَجِبُ لِلْقَتِيلِ وَالْوَرَثَةِ ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْغَرِيمُ مِنْهَا، فَأَشْبَهَتِ الشَّهَادَةَ لَهُ بِمَالٍ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (وَالْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ) لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ فِيهِ حَقُّ التَّصَرُّفِ، فَهُوَ مُتَّهَمٌ فِيهَا، وَأَجَازَ شُرَيْحٌ وَأَبُو ثَوْرٍ شَهَادَتَهُ لِلْمُوصَى عَلَيْهِمْ إِذَا كَانَ الْخَصْمُ غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمْ، فَقُبِلَتْ كَمَا بَعْدَ زَوَالِ الْوَصِيَّةِ، (وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ) وَعَبَّرَ السَّامَرِّيُّ عَنْهُ بِالْقَانِعِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالْوَكِيلِ، وَتُرَدُّ مِنْ وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ. وَقِيلَ: وَكَانَ خَاصَمَ فِيهِ، وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: أَنَّهَا تقبل بَعْدَ عَزْلِهِ، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إِنْ خَاصَمَ فِي خُصُومَةٍ مَرَّةً، ثُمَّ نَزَعَ، ثُمَّ شَهِدَ لَمْ تُقْبَلْ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَيَتِيمٌ فِي حِجْرِهِ، (وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ) بِمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِاتِّهَامِهِ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ (وَالْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (بِمَالٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُفْلِسُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْحَجْرِ فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: لَا تُقْبَلُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَعَ إِعْسَارِهِ، (وَأَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ، فَإِنْ شَهِدَ بَعْدَ إِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ قُبِلَتْ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.
مَسَائِلُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَجِيرٍ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ فِيهِ، وَذَكَرَ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ: أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ ـ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ ـ: