الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقِسْمَةِ
وَقِسْمَةُ الْأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ
وَهي نَوْعَانِ:
قِسْمَةُ تَرَاضٍ:
وَهِيَ مَا فِيهَا ضَرَرٌ أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا، كَالدُّورِ الصِّغَارِ وَالْحَمَّامِ وَالْعَضَائِدِ الْمُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِي لَا يُمْكِنُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَكْتُبُ مَعَ ذَلِكَ أَسْمَاءَ أَصْحَابِهَا وَيَخْتِمُ عَلَيْهَا. فَإِنْ أَحْضَرَ خَصْمَهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ أَلْزَمَهُ بِالْحَقِّ بِسُؤَالِ خَصْمِهِ. وَإِنْ لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ، فَلَا فِي الْأَشْهَرِ. وَإِنْ نَسِيَ الْوَاقِعَةَ، فَشَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّهُ حَكَمَ بِهَا، أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ، لَزِمَهُ ثُبُوتُهَا وَالْحُكْمُ بِهَا بِسُؤَالِ الْمُدَّعِي فِي الْأَظْهَرِ.
[بَابُ الْقِسْمَةِ]
[تَعْرِيفُ الْقِسْمَةِ وَحُكْمُهَا]
بَابُ الْقِسْمَةِ
الْقِسْمَةُ: بِكَسْرِ الْقَافِ، وَالْقِسْمِ بِكَسْرِهَا أَيْضًا، وَهُوَ النَّصِيبُ الْمَقْسُومُ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْقِسْمُ: مَصْدَرُ قَسَمْتُ الشَّيْءَ فَانْقَسَمَ. وَقَاسَمَهُ الْمَالَ، وَتَقَاسَمَاهُ، وَاقْتَسَمَاهُ، وَالِاسْمُ: الْقِسْمَةُ.
وَهِيَ تَمْيِيزُ بَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ مِنْ بَعْضٍ، وَإِفْرَازُهَا عَنْهَا.
وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهَا.
وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [القمر: 28]، {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] الآية.
وَقَوْلُهُ عليه السلام: الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ، وَكَانَ يُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ. وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ ; لِيَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ مِنَ التَّصَرُّفِ عَلَى حَسَبِ اخْتِيَارِهِ، وَيَتَخَلَّصُ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَكَثْرَةِ الْأَيْدِي. (وَقِسْمَةُ الْأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ) لِلدَّلِيلِ السَّابِقِ.
[أَنْوَاعُ الْقِسْمَةِ]
[قِسْمَةُ تَرَاضٍ]
(وهي نَوْعَانِ: قِسْمَةُ تَرَاضٍ: وَهِيَ مَا فِيهَا ضَرَرٌ أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا، كَالدُّورِ الصِّغَارِ وَالْحَمَّامِ وَالْعَضَائِدِ) وَاحِدَتُهَا: عِضَادَةٌ، وَهِيَ مَا يُصْنَعُ لِجَرَيَانِ الْمَاءِ فِيهِ مِنَ السَّوَاقِي وَذَوَاتِ الْكَتِفَيْنِ، وَمِنْهُ عِضَادَتَا الْبَابِ: وَهُمَا جَنَبَتَاهُ مِنْ جَانِبَيْهِ. (الْمُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِي لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ عَيْنٍ
قِسْمَةُ كُلِّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ، وَالْأَرْضِ الَّتِي فِي بَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ، وَنَحْوُهُ. مِمَّا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْأَجْزَاءِ وَالتَّعْدِيلِ إِذَا رَضُوا بِقِسْمَتِهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ جَازَ. وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ.
وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُنْفَرِدَةً، وَالْأَرْضِ الَّتِي فِي بَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ، وَنَحْوُهُ. لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْأَجْزَاءِ) لِأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ قِسْمَتُهُ بِالْأَجْزَاءِ مِثْلَ: أَنْ تَكُونَ الْبِئْرُ وَاسِعَةً، يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ نِصْفَهَا لِوَاحِدٍ وَنِصْفَهَا لِلْآخَرِ، وَيَجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا فِي أَعْلَاهَا. أَوِ الْبِنَاءُ كَبِيرًا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ. (وَالتَّعْدِيلِ) مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ جَانِبَيِ الْأَرْضِ بِئْرٌ يُسَاوِي مِائَةً، وَفِي الْآخَرِ مِنْهَا بِنَاءٌ يُسَاوِي مِائَةً، تَكُونُ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ إِجْبَارٍ لَا قِسْمَةَ تَرَاضٍ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْبِئْرُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَعَ نِصْفِ الْأَرْضِ، وَالْبِنَاءُ لِلْآخَرِ مَعَ نِصْفِ الْأَرْضِ. (إِذَا رَضُوا بِقِسْمَتِهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ جَازَ) فَأَجَازَ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَإِنْ طَلَبَا مِنَ الْحَاكِمِ أَنْ يُقَسِّمَهُ بَيْنَهُمَا أَجَابَهُمَا إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا ; لِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُمْ، فَثَبَتَ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ. وَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مِنَ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالِاتِّهَابِ. (وَهَذِهِ) الْقِسْمَةُ. (جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ) لِمَا فِيهَا مِنَ الرَّدِّ، وَبِهَذَا تَصِيرُ بَيْعًا ; لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ بَذَلَ الْمَالَ عِوَضًا عَمَّا حَصَلَ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْبَيْعُ. (لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، قَالَ:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَلَهُمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا. وَلِأَنَّهُ إِتْلَافٌ وَسَفَهٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْحَجْرَ، أَشْبَهَ هَدْمَ الْبِنَاءِ، وَلِأَنَّ فِيهَا إِمَّا ضَرَرٌ وَإِمَّا رَدُّ عِوَضٍ، وَكِلَاهُمَا لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ. لَكِنْ إِذَا دَعَا شَرِيكَهُ إِلَى بَيْعٍ فِي قِسْمَةِ تَرَاضٍ أُجْبِرَ، فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا، وَقُسِّمَ الثَّمَنُ. نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْفُصُولِ وَالْإِفْصَاحِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا الْإِجَارَةُ.
الْقِسْمَةِ: وهُوَ نَقْصُ الْقِيمَةِ بِالْقِسْمِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ أَوْ لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. فَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَرَجُلَيْنِ: لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ وَيَتَضَرَّرُ الْآخَرُ، فَطَلَبَ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ لَمْ يُجْبُرْ الْآخَرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَبَهُ الْآخَرُ أُجْبِرَ الْأَوَّلُ. وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أُجْبِرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ فِي وَقْفٍ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ فِي الْإِجَارَةِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَدِدْتُ لَوْ مُحِيَ مِنَ الْمَذْهَبِ.
قَالَ: وَقَدْ عُرِفَ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّهُ إِذَا امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَى مَمَالِيكِهِ، بَاعَهُمُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. فَإِذَا صِرْنَا إِلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ شَرِيكٍ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَمِلْكٌ، فَلِمَ لَا يَصِيرُ إِلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ شَرِيكٍ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا مِلْكَ! (وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنَ الْقِسْمَةِ) أَيْ: قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ. (هُوَ نَقْصُ الْقِيمَةِ بِالْقَسْمِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّ نَقْصَ قِيمَتِهِ ضَرَرٌ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا. وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ، انْتَفَعُوا بِهِ مَقْسُومًا أو لا. (أَوْ لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ) وَاخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي: أَنَّهُ الْقِيَاسُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا دَارٌ صَغِيرَةٌ، إِذَا قُسِّمَتْ أَصَابَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْضِعًا ضَيِّقًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فِي شَيْءٍ غَيْرِ الدَّارِ، أَوْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ دَارًا، فَلَا إِجْبَارَ ; لِأَنَّهُ ضَرَرٌ يَجْرِي مَجْرَى الْإِتْلَافِ، بِخِلَافِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ. فَإِنَّ اعْتِبَارَهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِ الْقِسْمَةِ غَالِبًا، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ. وَلِأَنَّ ضَرَرَ نَقْصِ الْقِيمَةِ يَنْجَبِرُ بِزَوَالِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، فَيَصِيرُ كَالْمَعْدُومِ. (فَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَرَجُلَيْنِ؛ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ وَيَتَضَرَّرُ الْآخَرُ، فَطَلَبَ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ) اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةَ مَالٍ، وَلِأَنَّهَا قِسْمَةٌ يَضُرُّ بِهَا صَاحِبَهُ، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا، كَمَا لَوِ اسْتُضِرَّا مَعًا، فِي الْأَصَحِّ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. (فَإِنْ طَلَبَهُ الْآخَرُ أُجْبِرَ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ شَرِيكَهُ مَالِكٌ، طَلَبَ إِفْرَازَ نَصِيبِهِ الَّذِي لَا يُسْتَضَرُّ بِتَمْيِيزِهِ، فَوَجَبَ إِجَابَتُهُ إِلَى ذَلِكَ.
(وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَضْرُورُ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ) ،
الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَضْرُورُ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبِيدٌ أَوْ بَهَائِمُ أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَقَالَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هذا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ كَمَا لَوْ كَانَا لَا يُسْتَضَرَّانِ، وَلِأَنَّهُ يُطَالِبُ بِحَقٍّ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ.
وَالثَّالِثَةُ: أَيُّهُمَا طَلَبَ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْمُسْتَضِرُّ أُجْبِرَ الْآخَرُ. قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ ضَرَرَ الطَّالِبِ رَضِيَ بِهِ مَنْ يَسْقُطُ حُكْمُهُ، وَالْآخَرُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ.
وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا: أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَنِ الْقِسْمَةِ ; لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنَّ طَلَبَ الْقِسْمَةِ مِنَ الْمُسْتَضِرِّ سَفَهٌ.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ قُلْنَا: الْمَانِعُ مِنَ الْإِجْبَارِ نَقْصُ الْقِيمَةِ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ: مَا تَلَاصَقَ مِنْ دُورٍ وَعَضَائِدَ وَنَحْوِهَا، اعْتُبِرَ الضَّرَرُ وَعَدَمُهُ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَحْدَهَا. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ حَقَّهُ إِذَا كَانَ خَيْرًا لَهُ. (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبِيدٌ أَوْ بَهَائِمُ أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا) مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ. وَفِي الْمُغْنِي: مِنْ نَوْعٍ. (فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ) أَيْ: إِذَا كَانَتْ مُتَفَاضِلَةً، لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ. وَكَمَا لَوِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ ضَرَرٌ وَلَا رَدُّ عِوَضٍ، فَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ. (وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْبَرُ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ إِذَا تَسَاوَتِ الْقِيمَةُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: هُوَ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ.
وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُجَابُ إِذَا تَفَاوَتَتِ الْقِيمَةُ. وَقَوَّى أَبُو الْخَطَّابِ عَدَمَ الْإِجْبَارِ، كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الدُّورِ، بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا دَارًا كَالْأَجْنَاسِ. يُؤَيِّدُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ لَيْسَ بِأَكْثَرَ اخْتِلَافًا مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ ; لِأَنَّهَا ذَاتُ بُيُوتٍ
الْقَاضِي: يُجْبَرُ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ، لَمْ يُجْبَرِ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قِسْمَةٍ. وَإِنِ اسْتَهْدَمَ لَمْ يُجْبِرْ عَلَى قَسْمِ عَرْصَتِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ طَلَبَ قَسْمَهُ طُولًا، بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ الطُّولِ فِي كَمَالِ الْعَرْضِ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ. وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهُ عَرْضًا، وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ أُجْبِرَ الممتنع، وَإِلَّا فَلَا.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ لَهَا عُلُوٌّ وَسُفْلٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَاسِعَةٍ وَضَيِّقَةٍ وَقَدِيمَةٍ وَحَدِيثَةٍ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْبَارَ، كَذَلِكَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ. وَفَارَقَ الدُّورَ فَإِنَّهُ أَمْكَنَ قِسْمَةُ كُلِّ دَارٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهَا، وَهُنَا لَا يُمْكِنُ.
وَفِي الشَّرْحِ: فَإِنْ كَانَتِ الثِّيَابُ أَنْوَاعًا كَحَرِيرٍ وَقُطْنٍ فَهِيَ كَالْأَجْنَاسِ.
فَرْعٌ: الْآجُرُّ وَاللَّبِنُ الْمُتَسَاوِي الْقَالَبِ: مِنْ قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ. وَالْمُتَفَاوِتُ: مِنْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ. (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ، لَمْ يُجْبَرِ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قِسْمَةٍ) صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ به فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا. (وَإِنِ اسْتَهْدَمَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَسْمِ عَرْصَتِهِ) وَهِيَ الَّتِي لَا بِنَاءَ فِيهَا ; لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ لِلْحَائِطِ أَشْبَهَ الْأَوَّلَ. (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ طَلَبَ قَسْمَهُ طُولًا، بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ الطُّولِ فِي كَمَالِ الْعَرْضِ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ) لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ. وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ ; لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى أَنْ يَبْقَى مِلْكُهُ الَّذِي يَلِي نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ حَائِطٍ. (وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهُ عَرْضًا، وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ أُجْبِرَ) الْمُمْتَنِعُ. قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَحَكَاهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ عَنِ الْقَاضِي فَقَطْ ; لِأَنَّهُ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَقْسُومًا. وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ ; لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَلِي مِلْكَ الْآخَرِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ: وَمَعَ الْقِسْمَةِ، فَقِيلَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَلِيهِ. وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا كَانَ لَا يَسَعُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمْ ; لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا إِجْبَارَ فِي الْحَائِطِ بِخِلَافِ الْعَرْصَةِ.
وَقِيلَ: لَا إِجْبَارَ فِيهِمَا، إِلَّا فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ عَرْضِهَا. وَإِنْ رَضِيَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَازَ. (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ لَهَا عُلُوٌّ وَسُفْلٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا، لِأَحَدِهِمَا الْعُلُوُّ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ) أَوْ قَسْمَ الْعُلُوِّ وَحْدَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَا إِجْبَارَ كَدَارَيْنِ مُتَلَاصِقَتَيْنِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسْكَنٌ مُنْفَرِدٌ. وَلِأَنَّ فِي إِحْدَى الصُّوَرِ قَدْ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُلُوُّ سُفْلِ
لِأَحَدِهِمَا الْعُلُوُّ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ، لَمْ يُجْبَرِ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا، وَإِنْ تَرَاضِيَا عَلَى قَسْمِهَا كَذَلِكَ وَعَلَى قَسْمِ الْمَنَافِعِ بِالْمُهَايَأَةِ جَازَ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعِ قُسِّمَتْ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْآخَرِ، فَيُسْتَضَرُّ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَفِي أَحَدِهِمَا يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ، وَالْقِسْمَةُ تُرَادُ لَهُ. وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا مَعًا وَلَا ضَرَرَ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ وَعُدِلَ بِالْقِيمَةِ. وَلَا يُحْسَبُ فِيهَا ذِرَاعُ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلُوٍّ، وَلَا ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ. (أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ لَمْ يُجْبَرِ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا) جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ ; لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ إِنَّمَا تَكُونُ بِقِسْمَةِ الزَّمَانِ، وَالزَّمَانُ إِنَّمَا يُقْسَمُ بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَهَذَا لَا تَسْوِيَةَ فِيهِ، فَإِنَّ الْآخَرَ يَتَأَخَّرُ حَقُّهُ فَلَا يُجْبَرُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ مُشَاعٌ وَالْمَنَافِعَ تَابِعَةٌ لَهُ.
وَعَنْهُ: يُجْبَرُ. وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْمَكَانِ. وَلَا ضَرَرَ. (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى قَسْمِهَا كَذَلِكَ) أَيْ: بِزَمَنٍ أَوْ مَكَانٍ صَحَّ، وَيَقَعُ جَائِزًا. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ: يَقَعُ لَازِمًا إِنْ تَعَاهَدَا مُدَّةً مَعْلُومَةً. وَقِيلَ: لَازِمًا بِالْمَكَانِ مُطْلَقًا. (وَعَلَى قَسْمِ الْمَنَافِعِ بِالْمُهَايَأَةِ جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَإِذَا رَضِيَا بِهِ جَازَ. فَإِنِ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ الْوَقْفِ، فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً أَوْ لَا؛ فِيهِ نَظَرٌ.
فَإِنْ كَانَتْ إِلَى مُدَّةٍ لَزِمَتِ الْوَرَثَةَ وَالْمُشْتَرِيَ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ، إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَى جِهَتَيْنِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُقْسَمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لَازِمَةً اتِّفَاقًا ; لِتَعَلُّقِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي مِنَ الْبُطُونِ، لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ، وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ، وَهَذَا وَجْهٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا فَرْقَ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ. وَفِي الْمُبْهِجِ: لُزُومُهَا إِذَا اقْتَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ تَهَايَوْا.
تَتِمَّةٌ: نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ فِي مُدَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَ الْحَادِثُ عَنِ الْعَادَةِ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ. (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعِ قُسِّمَتْ) جَزَمَ بِهِ
وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا مَعَ الزَّرْعِ أَوْ قَسْمَ الزَّرْعِ مُفْرَدًا، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ وَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ، وَالزَّرْعُ فَصِيلٌ أَوْ قُطْنٌ، جَازَ، وَإِنْ كَانَ بَذْرًا وسَنَابِلَ قَدِ اشْتَدَّ حَبُّهَا، فَهَلْ يَجُوزُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ فِي السَّنَابِلِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْبَذْرِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَصْحَابُ. كَالْخَالِيَةِ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ كَالْقُمَاشِ فِي الدَّارِ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْقَسْمَ، كَذَا هُنَا. وَسَوَاءٌ خَرَجَ الزَّرْعُ أَوْ كَانَ بَذْرًا، فَإِذَا اقْتَسَمَاهَا بَقِيَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا، كَمَا لَوْ بَاعَا الْأَرْضَ لِغَيْرِهِمَا.
قَالَ فِي الْكَافِي: هَكَذَا ذَكَرَ أَصْحَابُنَا.
وَالْأَوْلَى: أَنَّهُ لَا يَجِبُ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ بَقَاءُ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْأَرْضِ الْمَقْسُومَةِ إِلَى الْجَدَادِ، بِخِلَافِ الْقُمَاشِ. (وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا مَعَ الزَّرْعِ) لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ ; لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِهِ وَحْدَهُ وَهُوَ الزَّرْعُ، وَلِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا لِلنَّقْلِ عَنْهَا، فَلَمْ تَجِبْ قِسْمَتُهُ كَالْقُمَاشِ فِيهَا.
وَفِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي: أَنَّهُ يُجْبَرُ فِي فَصِيلٍ وَحَبٍّ مُشْتَدٍّ ; لِأَنَّ الزَّرْعَ كَالشَّجَرِ فِي الْأَرْضِ، وَالْقِسْمَةُ إِفْرَازُ حَقٍّ. وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ بَيْعٌ، لَمْ يُجْبَرْ إِذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ ; لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ بَيْعَ السُّنْبُلِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ. وَقِيلَ: بَلَى، لِأَنَّهُ دَخَلَ تَبَعًا. وَفِي الْبَذْرِ وَجْهَانِ. (أَوْ قَسْمَ الزَّرْعِ مُفْرَدًا، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْدِيلِ الْمَقْسُومِ، وَتَعْدِيلُ الزَّرْعِ بِالسِّهَامِ لَا يُمْكِنُ لِبَقَائِهِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ. (وَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ فَصِيلٌ أَوْ قُطْنٌ، جَازَ) كَبَيْعِهِ، وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ، وَلِجَوَازِ التَّفَاضُلِ إِذَنْ. (وَإِنْ كَانَ بَذْرًا وَسَنَابِلَ قَدِ اشْتَدَّ حَبُّهَا، فَهَلْ يَجُوزُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ الْبَذْرَ مَجْهُولٌ. وَأَمَّا السُّنْبُلُ فَلِأَنَّهُ بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّسَاوِي.
وَالثَّانِي: بَلَى، إِذَا اقْتَسَمَاهُ مَعَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ تَبَعًا.
وَبَنَاهُ فِي التَّرْغِيبِ عَلَى أَنَّهَا هَلْ هِيَ إِفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ؟ (وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ فِي السَّنَابِلِ) مَعَ الْأَرْضِ. (وَلَا يَجُوزُ فِي الْبَذْرِ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي السُّنْبُلِ أَقَلُّ. (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ