الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل.
وَمَتَّى زَالَتِ الْمَوَانِعُ مِنْهُمْ، فَبَلَغَ الصَّبِيُّ، وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تُقْبَلُ، زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ: لَا مَسْتُورَ الْحَالِ مِنْهُمْ، وَإِنْ قَبِلْنَاهُ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إِلَيْهِمْ، فَبِرَدِّ شَهَادَةِ فَاعِلِهِ يَمْنَعُ مِنْ تَعَاطِيهِ فَيُؤَدِّي إِلَى ضَرَرٍ عَظِيمٍ بِالْخَلْقِ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ شَرْعًا، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ يَتَجَنَّبُهُ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ.
وَفِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: أَنَّ الْأَوْلَى قَبُولُ شَهَادَةِ الْحَائِكِ وَالْحَارِسِ وَالدَّبَّاغِ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْمُرُوءَاتِ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ قَالَ: تَرِدُ بِبَلَدٍ يُسْتَزْرَى بِهِمْ فِيهِ.
وَفِي الْفُنُونِ: وَكَذَا خَيَّاطٌ، وَهُوَ غَرِيبٌ.
فَرْعٌ: الصَّيْرَفِيُّ وَنَحْوُهُ: إِنْ لَمْ يَتَّقِ الرِّبَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ.
قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ الصَّرْفَ، وَيُكْرَهُ كَسْبُ مَنْ صَنْعَتُهُ دَنِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ مَعَ إِمْكَانِ أَصْلَحِ مِنْهَا، وَمَنْ يُبَاشِرِ النَّجَاسَةَ كَجَزَّارٍ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ، وَفَاصِدٍ وَمُزَيِّنٍ وَجَرَائِحِيٍّ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبَيْطَارٍ، وَظَاهِرُ الْمُغْنِي: لَا يُكْرَهُ كَسْبُ فَاصِدٍ، أَفْضَلُ الْمَعَايِشِ: التِّجَارَةُ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: الزِّرَاعَةُ، وَاخْتَارَ فِي الْفُرُوعِ: الصَّنْعَةُ بِالْيَدِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: أَفْضَلُ الصَّنَائِعِ الْخِيَاطَةُ.
وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا وَعَنْ عَمَلِ الْخُوصِ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؛ قَالَ: كُلَّمَا نَصَحَ فِيهِ فَهُوَ حَسَنٌ، وَكَانَ إِدْرِيسُ خَيَّاطًا، وَكَذَا لُقْمَانُ، وَيُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ، وَاتِّخَاذُ الْغَنَمِ.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: حَثَّنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى لُزُومِ الصَّنْعَةِ، وَكَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[زَوَالُ مَوَانِعِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ]
فصل.
(وَمَتَّى زَالَتِ الْمَوَانِعُ مِنْهُمْ، فَبَلَغَ الصَّبِيُّ، وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَتَابَ الْفَاسِقُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ مَوْجُودٌ، إِنَّمَا رُدَّتْ لِمَانِعٍ وَقَدْ زَالَ، وَلَا
وَتَابَ الْفَاسِقُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، وَلَا يُعْتَبَرُ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ فِي التَّائِبِ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ سَنَةً، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ قَاذِفٍ؛ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، وَقِيلَ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ بِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ أَوْلَى إِذَا كَانَ مَعْصِيَةً مَشْهُورَةً، وَشَرْطُهَا نَدَمٌ وَإِقْلَاعٌ وَعَزْمٌ عَلَى أَلَّا يَعُودَ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ تَعَالَى، فَإِنْ تَابَ مِنْ حَقِّ آدَمِيٍّ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُبَرِّئَهُ مِنْهُ، أَوْ يُؤَخِّرَهُ بِرِضَاهُ، أَوْ يَنْوِيَ رَدَّهُ إِذَا قَدَرَ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَيُعَوِّضُ اللَّهُ الْمَظْلُومَ بِمَا شَاءَ، فَتُقْبَلُ إِذَنْ، وَإِنْ كَانَ مَنْ حَقٍّ لِلَّهِ كَزَكَاةٍ وَصَلَاةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ سَرِيعًا بِحَسَبِ طَاقَتِهِ، وَيُعْتَبَرُ رَدَّ مَظْلَمَةٍ أَوْ يَسْتَحِلُّهُ أَوْ يَسْتَمْهِلُهُ مُعْسِرٌ (وَلَا يُعْتَبَرُ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ) نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ تُقْبَلُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ، فَلَأَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَلِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه لِأَبِي ذَرٍّ: تُبْ أَقْبَلْ شَهَادَتَكَ وَلِحُصُولِ الْمَغْفِرَةِ بِهَا (وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ فِي التَّائِبِ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ سَنَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النور: 5] ، فَنَهَى عَنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ اسْتَثْنَى التَّائِبَ الْمُصْلِحَ، وَلِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَمَرَ بِضَرْبِ ضُبَيْعٍ وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ حَتَّى بَلَغَهُ تَوْبَتُهُ، فَأَمَرَ أَنْ لَا يُكَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ، وَقِيلَ: إِنْ فُسِّقَ بِفِعْلٍ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً.
وَعَنْهُ: فِي مُبْتَدَعٍ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْحُلْوَانِيُّ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مُضِيُّ مُدَّةٍ يَعْلَمُ حَالَهُ فِيهَا، وَعَنْهُ: وَمُجَانَبَةُ قَرِينَةٍ فِيهِ.
وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّهُ يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا وُجُودُ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ: {إِلا مَنْ تَابَ} [مريم: 60] .
فَرْعٌ: إِذَا عَلَّقَ تَوْبَتَهُ بِشَرْطٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ تَائِبٍ حَالًا، وَلَا عِنْدَ وُجُودِهِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ قَاذِفٍ) أَيْ: تَسْقُطُ شَهَادَتُهُ بِالْقَذْفِ إِذَا لَمْ يُحَقِّقْهُ لِلْآيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَاذِفِ الْمَرْدُودِ الشَّهَادَةِ: وَهُوَ