الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَرَمِ، لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا أَنْ يَمْشِيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ نَذَرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
شَيْئًا مِنْهُ، وَإِلَّا أَتَى بِمَا يُطِيقُهُ مِنْهُ، وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي، وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِعَارِضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ، فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ، فَإِنْ كَانَ عَنْ صَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَفَاتَ وَقْتُهُ قَضَاهُ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ كَفَّارَةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ
[نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَرَمِ]
(وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ) الْحَرَامِ (أَوْ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَرَمِ) لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ عليه السلام:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» . (لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا أَنْ يَمْشِيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ: لَزِمَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي أَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُ مَشى إِلَى عِبَادَةِ، وَالْمَشْيُ إِلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ، مَا لَمْ يَنْوِ إِتْيَانَهُ لَا حَقِيقَةَ مَشْيٍ مِنْ مَكَانِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي إِجْمَاعًا، مُحْتَجًّا بِهِ وَبِمَا لَوْ نَذَرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ لَمْ يَجُزْ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ مِنَ الْأَبْعَدِ مِنْ إِحْرَامِهِ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِهِ (فَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) قَدَّمَهُ الْأَصْحَابُ، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، «لِقَوْلِ عُقْبَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، لِتَخْرُجْ رَاكِبَةً، وَلْتَكْفُرْ يَمِينَهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ، وَلِأَنَّ الْمَشْيَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّرْعُ بِمَوْضِعٍ، كَنَذْرِ التَّحَفِّي، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَادِرًا، وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، (وَعَنْهُ: عَلَيْهِ دَمٌ) وَأَفْتَى بِهِ عَطَاءٌ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدِهِ عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: مَا «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا، إِلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ، وَفِيهِ: وَإِنَّ مِنَ الْمُثْلَةِ أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا، فَإِذَا نَذَرَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَلْيُهْدِ هَدْيًا، وَلِيَرْكَبْ» ، وَلِأَنَّهُ أَخَلَّ بِوَاجِبٍ فِي الْإِحْرَامِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَفِي الْمُغْنِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَسْتَأْنِفُهُ مَاشِيًا، لِتَرْكِهِ صِفَةَ الْمَنْذُورِ، كَتَفْرِيقِهِ صَوْمًا مُتَتَابِعًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ مَعَ الْعَجْزِ كَفَّارَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَهَلْ عَلَيْهِ
الرُّكُوبَ فَمَشَى، فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ. وَإِنْ نَذَرَ رَقَبَةً، فَهِيَ الَّتِي تُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ، إِلَّا أَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هَدْيٌ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ «أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ، وَأَنَّهَا لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا» .
فَرْعٌ: إِذَا عَجَزَ عَنِ الْمَشْيِ بَعْدَ الْحَجِّ كَفَّرَ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ مَشَى بَعْضَ الطَّرِيقِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: يَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَيَرْكَبُ مَا مَشَى، وَيَمْشِي مَا رَكِبَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ إِلَّا حَجٌّ يَمْشِي فِي جَمِيعِهِ.
أَصْلٌ: يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَمْشِي مِنْ مِيقَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ، قَالَ: وَالْخَبَرُ فِيهِ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَيَلْزَمُهُ الْمَنْذُورُ مِنْهُمَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَى أَنْ يَتَحَلَّلَ، لِأَنَّ ذَلِكَ انْقِضَاءٌ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ فَرَغَ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالتَّحَلُّلَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى، فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا نَذَرَ، فَهُوَ بِمَعْنَى الرُّكُوبِ إِذَا نَذَرَ الْمَشْيَ، وَلِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي نفسه غير طَاعَةٍ.
إِحْدَاهُمَا: تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ دُونَ الدَّمِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي.
وَالثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ دَمٌ، لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِتَرْكِ الْإِنْفَاقِ، وَفِي الشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ: إِلَّا أَنَّهُ إِذَا مَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ مَعَ إِمْكَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ.
فَائِدَةٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوِ الْأَقْصَى، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إِتْيَانُهُمَا، وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: مُرَادُهُمْ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ، لِأَفْضَلِيَّةِ بَيْتِهَا، وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ حَرَمٍ لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ رَكْعَتَيْنِ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، مَنْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ يَأْتِهِمَا أَصْلًا، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدَيْهِمَا فَلْيَأْتِهِمَا.
فَرْعٌ: إِذَا أَفْسَدَ الْحَجَّ الْمَنْذُورَ مَاشِيًا، وَجَبَ الْقَضَاءُ مَشْيًا، وَيَمْضِي فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ مَاشِيًا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُ، وَإِذَا عَيَّنَ لِنَحْرِ الْهَدْيِ مَوْضِعًا مِنَ الْحَرَمِ تَعَيَّنَ، وَكَانَ لِفُقَرَائِهِ مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ مَعْصِيَةً، لِلْخَبَرِ، وَإِنْ نَذَرَ سَتْرَ الْبَيْتِ وَتَطْيِيبَهُ لَزِمَهُ.
يَنْوِيَ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا، وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ عَلَى أَرْبَعٍ، طَافَ طَوَافَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْأَلَةٌ: إِذَا نَذَرَ الْحَجَّ الْعَامَ فَلَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ نَذَرَ أُخْرَى فِي الْعَامِ الثَّانِي، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ يَصِحُّ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِالثَّانِيَةِ لِفَوْتِهَا، وَيُكَفِّرَ لِتَأْخِيرِ الْأُولَى، وَفِي الْمَعْذُورِ الْخِلَافُ (وَإِنْ نَذَرَ رَقَبَةً فَهِيَ الَّتِي تُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ فِي الْكَفَّارَةِ (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا) فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالنِّيَّةِ كَالْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ، لَكِنْ لَوْ مَاتَ الْمَنْذُورُ، أَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلْ تُصْرَفُ قِيمَتُهُ فِي الرِّقَابِ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الْوَلَاءِ، إِذِ الْأَصْلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ أَوْ نِيَّتِهِ شَيْئًا مِنْ عَدَدِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ هَدْيِ رِقَابٍ كَفَاهُ مَا عَيَّنَهُ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ بِاللَّفْظِ بِهِ، لَا مَا نَوَاهُ فَقَطْ، وَإِنْ عَيَّنَ الْهَدْيَ بِغَيْرِ حَيَوَانٍ جَازَ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ عَيَّنَ الْهَدْيَ بِمَا يُنْقَلُ لَزِمَهُ إِنْفَاذُهُ إِلَى الْحَرَمِ، لِيُفَرَّقَ هُنَاكَ، وَإِلَّا بِيعَ، وَأَنْفَذَ ثَمَنَهُ لِيُفَرَّقَ هُنَاكَ (وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ) فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ (وَإِنْ نَذَرَهُ عَلَى أَرْبَعٍ طَافَ طَوَافَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِخَبَرٍ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ الْكِنْدِيُّ أَنَّهُ «قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أُمُّهُ كَبْشَةُ بِنْتُ مَعْدِي كَرِبَ عَمَّةُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلَيْتُ أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَبْوًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: طُوفِي عَلَى رِجْلَيْكِ سَبْعِينَ: سَبْعًا عَنْ يَدَيْكِ، وَسَبْعًا عَنْ رِجْلَيْكِ» . أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لِأَنَّهُ بَدَلٌ وَاجِبٌ، وَلِأَنَّ فِيهِ عَلَى أَرْبَعٍ مِثْلَهُ، وَعَنْهُ: يَطُوفُ عَلَى رِجْلَيْهِ وَاحِدًا، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ، وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لُزُومُهَا، وَمِثْلُهُ نَذْرُ السَّعْيِ عَلَى أَرْبَعٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: يَلْزَمُهُ سَعْيَانِ، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا، أَوِ الْحَجَّ حَافِيًا حَاسِرًا، وَفَى بِالطَّاعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَفِي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيِّ وَجْهَانِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: النَّذْرُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْفَوْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَهْدِيَ هَدَايَا، لَزِمَهُ أَنْ يَهْدِيَ إِلَى الْحَرَمِ لِيَنْحَرَ هُنَاكَ وَيُفَرِّقَ، فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا بِغَيْرِ مَكَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَوْ يُضَحِّيَ أُضْحِيَّةً فِي مَوْضِعٍ عَيَّنَهُ، لَزِمَهُ نَحْرُ ذَلِكَ، وَيُفَرِّقُ لَحْمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَهُ.
الثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا يَلْزَمُ وَاخْتَارَهُ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ مِنْ تَأْجِيلِ الْعَارِيَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ عِوَضِ الْمُتْلَفِ بِمُؤَجَّلٍ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ؟ قَالَ: بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 3]، وَلِخَبَرِ:«آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ» وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «الْعِدَةُ عَطِيَّةٌ» وَبِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ: «الْعِدَةُ دَيْنٌ» وَمَذْهَبُ مَالِكٍ يَلْزَمُ بِسَبَبٍ كَمَنْ قَالَ: تَزَوَّجْ وَأُعْطِكَ كَذَا، وَاحْلِفْ لَا تَشْتُمْنِي وَلَكَ كَذَا، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.