الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا عَدَا ذَلِكَ مُبَاحٌ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالْخَيْلِ، وَالدَّجَاجِ، وَالْوَحْشِيِّ مِنَ الْبَقَرِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ أَحْمَدُ: فِي الْبَاقِلَاءِ الْمُدَوِّدِ: يَجْتَنِبُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَذَّرْهُ فَأَرْجُو. وَقَالَ عَنْ تَفْتِيشِ الثَّمَرِ الْمُدَوِّدِ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا عَلِمَهُ.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ الْمَأْكُولَيْنِ مَغْصُوبًا فَهُوَ تَبَعٌ لِأُمِّهِ حِلًّا وَحُرْمَةً وَمِلْكًا، (وَفِي الثَّعْلَبِ، وَالْوَبْرِ، وَسِنَّوْرِ الْبَرِّ، وَالْيَرْبُوعِ: رِوَايَتَانِ) وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ تَحْرِيمُ الثَّعْلَبِ، وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، وصححها الحلواني وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فِيهِ إِلَّا عَطَاءً، وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَهَ عَلَيْكَ فَدَعْهُ، وَلِأَنَّهُ سَبُعٌ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ. وَالثَّانِيَةُ: يُبَاحُ، اخْتَارَهَا الشَّرِيفُ، وَأَبُو بَكْرٍ، لِأَنَّهُ يُفْدَى فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ. وَالْأَوَّلُ: أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ من السباع.
الثَّانِيَةُ: الْوَبْرُ، هُوَ مُبَاحٌ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي، وَقَالَهُ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، لِأَنَّهُ يَأْكُلُ النَّبَاتَ، وَلَيْسَ لَهُ نَابٌ يَفْرِسُ بِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْمُسْتَخْبَثَاتِ، فَكَانَ مُبَاحًا كَالْأَرْنَبِ. وَالثَّانِيَةُ: حَرَامٌ، وَقَالَهُ الْقَاضِي قِيَاسًا عَلَى السِّنَّوْرِ.
الثَّالِثَةُ: سِنَّوْرُ الْبَرِّ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وصححه الحلواني وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، «لِأَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ أَكْلِ الْهِرِّ» ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَرِّيُّ، وَالثَّانِيَةُ: مُبَاحٌ، لِأَنَّهُ بَرِّيٌّ أَشْبَهَ الْحِمَارَ الْبَرِّيَّ.
الرَّابِعَةُ: الْيَرْبُوعُ، وَهُوَ مُبَاحٌ، نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَقَالَهُ عَطَاءٌ، وَعُرْوَةُ، لِقَضَاءِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ حَكَمَ فِيهِ بِجَفْرَةٍ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَالثَّانِيَةُ: حَرَامٌ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْفَأْرَ، وَكَبَقٍّ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي هُدْهُدٍ وَصُرَدٍ، وَفِي سِنْجَابٍ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: مُحَرَّمٌ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ يَنْهَشُ بِنَابِهِ، أَشْبَهَ الْجُرَذَ، وَالسِّنَّوْرَ، وَالثَّانِي: يُبَاحُ، أَشْبَهَ الْيَرْبُوعَ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي الْغُدَافِ وَالْفَنَكِ.
[الْمُبَاحُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ]
(وَمَا عَدَا هَذَا مُبَاحٌ) بِلَا كَرَاهَةٍ، لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، (كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: 1]
وَالظِّبَاءِ، وَالْحُمُرِ، وَالزَّرَافَةِ، وَالنَّعَامَةِ، وَالْأَرْنَبِ، وَالضَّبُعِ، وَالضَّبِّ، وَالزَّاغِ، وَغُرَابِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
، وَهِيَ: الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ، (وَالْخَيْلِ) عِرَابِهَا وَبَرَاذِينِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ، قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ مُسْتَطَابٌ، لَيْسَ بِذِي نَابٍ، وَلَا مِخْلَبٍ، فَكَانَ حَلَالًا كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُكْرَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] .
وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَخَيْلِهَا، وَبِغَالِهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَجَوَابُهُ: بِأَنْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ مَنْسُوخٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثُ الْإِبَاحَةِ أَصَحُّ، وَيُشْبِهُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَقَالَ: فِيهِ رَجُلَانِ لَا يُعْرَفَانِ. وَأَمَّا الْآيَةُ فَإِنَّهُمْ يَتَمَسَّكُونَ بِدَلِيلِ خِطَابِهَا، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ، مَعَ أَنَّ نَصَّهُ عَلَى رُكُوبِهَا لِكَوْنِهِ أَغْلَبَ مَنَافِعِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهَا، وَفِي بِرْذَوْنٍ رِوَايَةٌ بِالْوَقْفِ، (وَالدَّجَاجِ) عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، «وَقَالَ أَبُو مُوسَى: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ الدَّجَاجَ» ، (وَالْوَحْشِيِّ مِنَ الْبَقَرِ، وَالظِّبَاءِ، وَالْحُمُرِ) وَالتَّيْسِ، وَالْوَعْلِ، وَالْمَهَا، وَسَائِرِ الْوَحْشِ مِنَ الصُّيُودِ كُلِّهَا، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ تَأَنَّسَ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ أَنَّ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ إِذَا تَأَنَّسَ وَاعْتَلَفَ، هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَهْلِيِّ، قَالَ أَحْمَدُ: وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ رُوِيَ فِي هَذَا شَيْءٌ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي كَمَا قَالَ، وَلِأَنَّ الضَّبَّ إِذَا تَأَنَّسَتْ لَمْ تَحْرُمْ، كَالْأَهْلِيِّ إِذَا تَوَحَّشَ لَمْ يَحِلَّ، (وَالزَّرَافَةِ) فِي الْمَنْصُوصِ، لِأَنَّهَا
الزَّرْعِ، وَسَائِرِ الطَّيْرِ، وَجَمِيعِ حَيَوَانِ الْبَحْرِ إِلَّا الضِّفْدِعَ، وَالْحَيَّةَ، وَالتِّمْسَاحَ، وَقَالَ ابْنُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تُشْبِهُ الْبَعِيرَ إِلَّا أَنَّ عُنُقَهَا أَطْوَلُ مِنْ عُنُقِهِ، وَجِسْمَهَا أَلْطَفُ مِنْ جِسْمِهِ وَأَعْلَا مِنْهُ، وَذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي تَحْرِيمِهَا، وَلِأَنَّهَا مُسْتَطَابَةٌ لَيْسَ لَهَا نَابٌ، وَلَا هِيَ مِنَ الْمُسْتَخْبَثَاتِ، أَشْبَهَتِ الْإِبِلَ. وَعَنْهُ: الْوَقْفُ فِيهَا، وَحَرَّمَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، (وَالنَّعَامَةِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، لِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ فِيهَا بِالْفِدْيَةِ إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ، (وَالْأَرْنَبِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبِلَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَرَ بِأَكْلِهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُسْتَطَابٌ لَيْسَ بِذِي نَابٍ، أَشْبَهَ الظِّبَاءَ، وَلَا نَعْلَمُ قَائِلًا بِتَحْرِيمِهِ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ رِوَايَةً بِتَحْرِيمِهَا، (وَالضَّبُعِ) وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا فِيمَا سَبَقَ، وَفِيهَا رِوَايَةٌ قَالَهُ: ابْنُ الْبَنَّا، وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الضَّبُعِ، فَقَالَ: وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ!» ؛ لَكِنَّ هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُخَارِقِ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: إِنْ عُرِفَ مِنْهُ أَكْلُ مَيْتَةٍ فَكَجَلَّالَةٍ، (وَالضَّبِّ) قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ:«دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدٌ: فَاحْتَزَزْتُهُ، فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُ النَّهْيِ فِيهِ لَيْسَ بِثَابِتٍ، (وَالزَّاغِ) وَهُوَ صَغِيرٌ أَغْبَرُ، (وَغُرَابِ الزَّرْعِ) وَهُوَ أَسْوَدُ كَبِيرٌ يَطِيرُ مَعَ الزَّاغِ، وَلِأَنَّ مَرْعَاهُمَا الزَّرْعُ، وَالْحُبُوبُ، أَشْبَهَا الْحَجَلَ، وَقِيلَ: هُمَا وَاحِدٌ، (وَسَائِرِ) أَيْ: بَاقِي، (الطَّيْرِ) كَالْفَوَاخِتِ، وَالْقَنَابِرِ، وَالْقَطَا، وَالْكُرْكِيِّ، وَالْكَرَوَانِ، وَالْبَطِّ، وَالْأوَزِّ، وَالْحُبَارَى، «لِقَوْلِ سَفِينَةَ: أَكَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُبَارَى» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَكَذَلِكَ الْغَرَانِيقُ، وَالطَّوَاوِيسُ، وَطَيْرُ الْمَاءِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.
حَامِدٍ: وَإِلَّا الْكَوْسَجَ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادِ: لَا يُبَاحُ مِنَ الْبَحْرِ مَا يَحْرُمُ نَظِيرُهُ فِي الْبَرِّ، كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ، وَإِنْسَانِهِ. وَتَحْرُمُ الْجَلَّالَةُ الَّتِي أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةُ، وَلَبَنُهَا وَبَيْضُهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَنَقَلَ مهنا: يُؤْكَلُ الْأَيِّلُ، قِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ الْخَبَائِثَ، فَعُجِبَ مِنْ ذَلِكَ، (وَجَمِيعِ حَيَوَانِ الْبَحْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] ، «، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام لَمَّا سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ.» رَوَاهُ مَالِكٌ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ لِابْنِ آدَمَ (إِلَّا الضِّفْدِعَ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَفِي الْخَبَرِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ: لَوْ أَكَلَ أَهْلِي الضَّفَادِعَ لَأَطْعَمْتُهُمْ، لَا يُعَارِضُهُ، (وَالْحَيَّةَ) لِأَنَّهَا مِنَ الْخَبَائِثِ، وَفِيهَا وَجْهٌ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، (وَالتِّمْسَاحَ) وَفِي الْوَجِيزِ كَـ الْمُقْنِعِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَأْكُلُ النَّاسَ. قَالَ أَحْمَدُ: يُؤْكَلُ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ، إِلَّا: الضِّفْدِعَ، وَالْحَيَّةَ، وَالتِّمْسَاحَ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يُبَاحُ، لِأَنَّهُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ، (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ) وَالْقَاضِي (وَإِلَّا الْكَوْسَجَ) ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ أَحْمَدَ فِي التِّمْسَاحِ، وَصَحَّحَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَهُوَ: سَمَكَةٌ فِي الْبَحْرِ لَهَا خُرْطُومٌ كَالْمِنْشَارِ تَفْتَرِسُ، وَرُبَّمَا الْتَقَمَتِ ابْنَ آدَمَ وَقَصَمَتْهُ نِصْفَيْنِ، وَهِيَ الْقِرْشُ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا إِذَا صِيدَتْ لَيْلًا وَجَدُوا فِي جَوْفِهَا شَحْمَةً طِبِّيَّةً، وَإِنْ صِيدَتْ نَهَارًا لَمْ يَجِدُوهَا، (وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ) وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ، وَحَكَاهُ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً (لَا يُبَاحُ مِنَ الْبَحْرِ مَا يَحْرُمُ نَظِيرُهُ فِي الْبَرِّ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ وَإِنْسَانِهِ) ، لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُبَاحٍ فِي الْبَرِّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ كَلْبُ الْمَاءِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُبَاحٌ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَكِبَ عَلَى سَرْجٍ عَلَيْهِ جِلْدٌ مِنْ جُلُودِ كِلَابِ الْمَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، (وَتَحْرُمُ الْجَلَّالَةُ الَّتِي أَكْثَرُ عَلَفِهَا) أَيْ: غِذَائِهَا، (النَّجَاسَةُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ
حَتَّى تُحْبَسَ، وَعَنْهُ: تُكْرَهُ، وَلَا تَحْرُمُ، وَتُحْبَسُ ثَلَاثًا، وَعَنْهُ: يُحْبَسُ الطَّائِرُ ثَلَاثًا، وَالشَّاةُ سَبْعًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
وَمَا سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا.» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: «نهى عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ» ، وَفِي أُخْرَى لَهُ:«نهى عَنْ رُكُوبِ جَلَّالَةِ الْإِبِلِ» . وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ، وَأَكْلِ لَحْمِهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. قَالَ الْقَاضِي: هِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ، فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ حَرُمَ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا الطَّاهِرَ لَمْ يَحْرُمْ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَتَحْدِيدُهَا بِكَوْنِ أَكْثَرِ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ لَمْ أَسْمَعْهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، لَكِنْ يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ بِمَا يَكُونُ كَثِيرًا فِي مَأْكُولِهَا، وَيُعْفَى عَنِ الْيَسِيرِ، (وَلَبَنُهَا) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شُرْبِ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، (وَبَيْضُهَا) وَلَحْمُهَا وَلَبَنُهَا، وَلِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنَ النَّجَاسَةِ، (حَتَّى تُحْبَسَ) وتطعم الطاهر، إِذِ الْمَنْعُ يَزُولُ بِحَبْسِهَا، (وَعَنْهُ: تُكْرَهُ، وَلَا تَحْرُمُ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي حُرْمَتِهِ، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ لَا يَنْجُسُ بِأَكْلِ النَّجَاسَاتِ، لِأَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ لَا يُحْكَمُ بِتَنْجِيسِ أَعْضَائِهِ، وَالْكَافِرُ الَّذِي يَأْكُلُ الْخِنْزِيرَ وَالْمُحَرَّمَاتِ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ ظَاهِرِهِ، إِذْ لَوْ نَجُسَ لَمَا طَهُرَ بِالْإِسْلَامِ وَالِاغْتِسَالِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ (وَتُحْبَسُ ثَلَاثًا) أَيْ: تُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَكْلَهَا حَبَسَهَا ثَلَاثًا، وَأُطْعِمَتِ الطَّاهِرَاتِ (وَعَنْهُ: يُحْبَسُ الطَّائِرُ ثَلَاثًا، وَالشَّاةُ سَبْعًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ) مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ (أَرْبَعِينَ يَوْمًا) قَدَّمَهَا فِي الْكَافِي، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْإِبِلِ