الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعُقُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَسَمَاعٌ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ مِمَّا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا بِذَلِكَ؛ كَالنَّسَبِ، وَالْمَوْتِ، وَالْمِلْكِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ، وَالْوَقْفِ وَمَصْرِفِهِ، وَالْعِتْقِ، وَالْوَلَاءِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَشْهَدُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ لِعِصْمَتِهَا، وَقَطَعَ بِهِ، وَحَمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، لِلْخَبَرِ.
فَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ إِقْرَارَهَا وَتَصَرُّفَهَا صَحِيحٌ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (وَسَمَاعٌ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ مِمَّا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا بِذَلِكَ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهَا يُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ ـ غَالِبًا ـ فِي بَعْضِهَا، وَهُوَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا (كَالنَّسَبِ) وَهُوَ مَحَلُّ إِجْمَاعٍ كَالْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ إِلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ (وَالْمَوْتِ وَالْمِلْكِ) الْمُطْلَقِ، قَيَّدَهُ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِثْلَ أَنْ يَسْتَفِيضَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ (وَالنِّكَاحِ) قَالَ جَمَاعَةٌ: دَوَامُهُ، لَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا (وَالْخُلْعِ وَالْوَقْفِ)، أَيْ: أَنَّهُ وَقْفُ زَيْدٍ، لَا أَنَّهُ وَقَفَهُ (وَمَصْرِفِهِ) وَحَكَاهُ فِي الْمُغْنِي عَنِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَفِي الرِّعَايَةِ: أَنَّ الْوَقْفَ وَمَصْرِفَهُ يَثْبُتُ بِهَا، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا (وَالْعِتْقِ) أَيْ: أَنَّهُ عَتِيقٌ وَحُرٌّ، لَا أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ (وَالْوَلَاءِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ) لِأَنَّ الْعِلْمَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَتَعَذَّرُ غَالِبًا، أَشْبَهَ النَّسَبَ.
لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِهِ بِمُشَاهَدَةِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمْكَانَ لَا يُنَافِي التَّعَذُّرَ غَالِبًا، وَلِأَنَّ وُجُودَ السَّبَبِ لَا يُعْلَمُ بِهِ الْمُسَبَّبُ قَطْعًا؛ لِجَوَازِ أَنْ يَبِيعَ مَثَلًا غَيْرَ مِلْكِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالْوَقْفِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، وَقَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ وَزَادَ: مَصْرِفَ الْوَقْفِ وَالْمَوْتَ وَالْوِلَايَةَ وَالْعَزْلَ، وَكَذَا فِي الْكَافِي، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْوَلَاءَ، (وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) كَالطَّلَاقِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
وَفِي عَمْدِ الْأَدِلَّةِ: مُقْتَضَى تَعْلِيلِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بِالِاسْتِفَاضَةِ. وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَدٍّ وَلَا قَوَدٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَابْنِ حَامِدٍ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ بِمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: تُسْمَعُ فِيمَا تَسْتَقِرُّ مَعْرِفَتُهُ بِالتَّسَامُعِ، لَا فِي عِقْدٍ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا فِي نَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ وَوَقْفٍ،.
[الِاسْتِفَاضَةُ فِي الشَّهَادَةِ]
(وَلَا تُقْبَلُ الِاسْتِفَاضَةُ إِلَّا مِنْ
وَالْوِلَايَةِ، وَالْعَزْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَلَا تُقْبَلُ الِاسْتِفَاضَةُ إِلَّا مِنْ عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي: تُسْمَعُ مِنْ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا، وَإِنْ سَمِعَ إِنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أَبٍ أَوِ ابْنٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ له بِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَشْهَدْ، وَإِنْ سَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حَتَّى يَتَكَرَّرَ، وَإِنْ رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إِنْسَانٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ مِنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ فَيْضِ الْمَاءِ لِكَثْرَتِهِ، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي كَثْرَةَ الْقَائِلِ بِهِ، (وَقَالَ الْقَاضِي: تُسَمَعُ مِنْ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا) يَسْكُنُ قَلْبُهُ إِلَى خَبَرِهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِهَا حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ، فَوَجَبَ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُمَا كَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ وَحَفِيدُهُ أَوْ وَاحِدٌ تَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ.
وَالْأَوَّلُ: الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اكْتَفَى بِاثْنَيْنِ لَاشْتَرَطَ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِيهَا بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ، وَالثَّالِثُ بَعِيدٌ عَنْ مَعْنَاهَا، وَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لَمْ يَعْلَمْ تَلَقِّيَهَا مِنَ الِاسْتِفَاضَةِ، وَمَنْ قَالَ: شَهِدْتُ بِهَا، فَفَرَّعَ، وَفِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ: الشَّهَادَةُ بِهَا خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَأَنَّهَا تَحْصُلُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ، (وَإِنْ سَمِعَ إِنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أَبٍ أَوِ ابْنٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهِ) لِتُوَافِقَ الْمُقِرَّ وَالْمُقَرَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، (وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَشْهَدْ) لِتَكْذِيبِهِ إِيَّاهُ (وَإِنْ سَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي النَّسَبِ إِقْرَارٌ بِهِ، بِدَلِيلِ مَنْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَسَكَتَ، كَانَ مُقِرًّا بِهِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَغْلِبُ فِيهِ الْإِثْبَاتُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ فِي النِّكَاحِ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حَتَّى يَتَكَرَّرَ) ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَهُوَ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مُحْتَمَلٌ، فَاعْتُبِرَ لَهُ التَّكْرَارُ لِيَزُولَ الِاحْتِمَالُ، (وَإِنْ رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إِنْسَانٍ) مُدَّةً طَوِيلَةً، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ الْقَصِيرَةَ، وَصَرَّحُوا بِهِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ (يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ مِنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ، وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ، وَنَحْوِهَا، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ