الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يُكْرَهَ عَلَى الْإِقْرَارِ لِإِنْسَانٍ فَيُقِرَّ لِغَيْرِهِ، أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَيُقِرَّ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا. أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِدَنَانِيرَ فَيُقِرَّ بِدَرَاهِمَ، فَيَصِحُّ وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ ثَمَرِهِ، فَبَاعَ دَارَهُ فِي ذَلِكَ، صَحَّ.
وَأَمَّا الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الْمَالِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ، صَحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى: لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَعَلَى هَذَا: تَحْرُمُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَكَتْبُ حُجَّةٍ. قَالَهُ فِي النُّكَتِ. (إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، مِثْلَ أَنْ يُكْرَهَ عَلَى الْإِقْرَارِ لِإِنْسَانٍ فَيُقِرَّ لِغَيْرِهِ. أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَيَقَرَّ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا. أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِدَنَانِيرَ فَيُقِرَّ بِدَرَاهِمَ فَيَصِحُّ) إِقْرَارُهُ ; لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ فَصَحَّ مِنْهُ. كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً. وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ إِذَا أُكْرِهَ أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفٍ، فَأَقَرَّ بِبَعْضِهَا لَمْ يَصِحَّ. فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامُ. لَكِنْ إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُقَيَّدًا أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ مُوَكَّلًا بِهِ أَوْ هَدَّدَهُ قَادِرٌ، قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ; لِأَنَّ هَذَا دَلَالَةُ الْإِكْرَاهِ. قَالَ الْأَزَجِيُّ: لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ: اسْتَفَادَ بِهَا أَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ، فَيُحَلَّفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَلَمْ يَرْتَضِهِ فِي الْفُرُوعِ.
فَرْعٌ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ.
وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ وَتَبْقَى الطَّوَاعِيَةُ فَلَا يُقْضَى بِهَا. وَلَوْ قَالَ مَنْ ظَاهِرُهُ الْإِكْرَاهُ: عَلِمْتُ لَوْ لَمْ أُقِرَّ أَيْضًا أُطْلِقْتُ، فَلَمْ أَكُنْ مُكْرَهًا، لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ ظَنٌّ مِنْهُ، فَلَا يُعَارِضُ يَقِينَ الْإِكْرَاهِ. (وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ ثَمَره، فَبَاعَ دَارَهُ فِي ذَلِكَ، صَحَّ) وَكُرِهَ شِرَاؤُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْبَيْعِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُكْرَهْ أَصْلًا. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ لِمَا سَبَقَ.
1 -
مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَقَرَّ بِغَيْرِ حَدٍّ خَالِصٍ لِلَّهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ، لَمْ يُقْبَلْ. ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ زَادَ: وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ; لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْهُ. وَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ: إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِمَالٍ أَوْ حَدٍّ أَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ.
قَالَ السَّامَرِّيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَذْهَبًا. وَلَيْسَ لَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي. وَإِنْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي حَالِ حَجْرِهِ. تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
[إِقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ]
(وَأَمَّا الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الْمَالِ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ. (وَإِنْ
يَصِحُّ، بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ. وَلَا يُحَاصُّ الْمُقَرُّ لَهُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي: يُحَاصُّهُمْ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، إِلَّا أَنْ يُقِرَّ لِامْرَأَتِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَقَرَّ بِمَالٍ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ، صَحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَفِي الْكَافِي: أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ. وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ إِجْمَاعُ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ. فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ.
(وَالْأُخْرَى: لَا يَصِحُّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ عَطِيَّةِ ذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيٍّ، بِخِلَافِ الثُّلُثِ فَمَا دُونَ.
وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا. ذَكَرَهَا فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ كَالْإِقْرَارِ لِوَارِثٍ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ، أَشْبَهَ الْمُفْلِسَ. (وَلَا يُحَاصُّ الْمُقَرُّ لَهُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ) قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَصَحَّحَهُ السَّامَرِّيُّ، سَوَاءٌ أَخَبَرَ بِلُزُومِهِ قَبْلَ الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَهُ ; لِأَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِتَرِكَتِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْفَلَسِ. (وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي) وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ:(يُحَاصُّهُمْ) إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ وَفَاءٌ لِلْجَمِيعِ ; لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ يَجِبُ قَضَاؤُهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَتَسَاوَيَا كَدَيْنِ الصِّحَّةِ، وَكَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ.
وَعَلَى الثَّانِيَةِ الَّتِي تَقُولُ: لَا تَصِحُّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ: لَا يُحَاصُّ. فَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا جَمِيعًا فِي الْمَرَضِ تَسَاوَيَا ; لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الْحَالِ، كَغَرِيمَيِ الصِّحَّةِ.
فَرْعٌ: إِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ، أَوْ عَكْسِهِ: فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ. وَفِي الثَّانِيَةِ: احْتِمَالٌ فِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ، كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ. فَإِنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لَزِمَهُ فِي حَقِّهِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا الْمُقَرُّ لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْغُرَمَاءُ فِي الْأَشْهَرِ. (وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ) نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ أَجَازَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ. وَظَاهِرُ نَصِّهِ: لَا. وَهُوَ ظَاهِرُ الِانْتِصَارِ. وَالْأَوَّلُ: أَوْلَى ; لِأَنَّهُ إِيصَالُ الْمَالِ إِلَى وَارِثِهِ بِقَوْلِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْهِبَةِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ لَهُ
بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَيَصِحَّ. وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ، فَهَلْ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ؛ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيِّنَةٌ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ. وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ، كَمَنْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ عَمٍّ، فَأَقَرَّ لِابْنَتِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ أَقَرَّ لِابْنِ عَمِّهِ قُبِلَ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ التُّهْمَةَ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا بِنَفْسِهَا، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا بِمَظِنَّتِهَا، وَهُوَ الْإِرْثُ.
وَعَنْهُ: يَصِحُّ مُطْلَقًا. وَقَالَهُ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَإِسْحَاقُ ; لِأَنَّ مَنْ صَحَّ الْإِقْرَارُ لَهُ فِي الصِّحَّةِ صَحَّ فِي الْمَرَضِ كَالْأَجْنَبِيِّ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ (إِلَّا أَنْ يُقِرَّ لِامْرَأَتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَيَصِحُّ) نَصَّ عَلَيْهِ. بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِإِقْرَارِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ ; لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ بِمَا يُحَقَّقُ سَبَبُهُ، وَعُلِمَ وُجُوبُهُ، وَلَمْ تُعْلَمِ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ، أَشْبَهَ مَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَقَرَّ لِلْبَائِعِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ.
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ: يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلِهَا. فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ لَهَا بِالْإِقْرَارِ لَا بِالزَّوْجِيَّةِ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ لِمَا تَقَدَّمَ.
فَلَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ، نَقَلَهُ مُهَنَّا.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ) بِمَالٍ (فَهَلْ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ. نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِلَفْظَيْنِ.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِابْنِهِ وَأَجْنَبِيٍّ بِشَيْءٍ.
وَفَرَّقَ فِي الشَّرْحِ بَيْنَهُمَا: بِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَقْوَى، وَلِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إِنْ عَزَاهُ إِلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ.
فَرْعٌ: يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِأَخْذِ دَيْنِ صِحَّةٍ وَمَرَضٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ.
وَجْهَيْنِ. وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ، لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَذَكَرَ الشَّرِيفُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ: إِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِاسْتِيفَاءِ دُيُونِهِ، قُبِلَ مِنْهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَصِحُّ بِقَبْضِ مَهْرٍ وَخُلْعٍ، بَلْ حَوَالَةٍ وَمَبِيعٍ وَقَرْضٍ. وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ. (وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ، لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ. وَإِنْ صَارَ وَارِثًا صَحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ) نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ لَا الْمَوْتِ. فَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى ; لِلتُّهْمَةِ فِيهَا، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ كَالشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ؛ وَصَحَّ لِوُجُودِهِ مِنْ أَهْلِهِ خَالِيًا عَنْ تُهْمَةٍ، فَثَبَتَ الْحَقُّ بِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مُسْقِطٌ فَلَا يَسْقُطُ. وَإِذَا أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَقَعَ بَاطِلًا لِاقْتِرَانِ التُّهْمَةِ بِهِ، فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُمْ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ: لَا يَلْزَمُ ـ لَا بُطْلَانُهُ ـ ; لِأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ. (وَقِيلَ: إِنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْمَوْتِ، فَيَصِحُّ فِي الْأُولَى، وَلَا يَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ، كَالْوَصِيَّةِ) وهو رِوَايَةٌ ; لِأَنَّهُ مَعْنًى يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَمُ الْمِيرَاثِ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ حَالَةُ الْمَوْتِ كَالْوَصِيَّةِ. وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ عَطِيَّةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَاعْتُبِرَ فِيهَا حَالَةُ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَأَطْلَقَ فِي الْوَجِيزِ: الصِّحَّةَ فِيهِمَا. وَهُوَ غَرِيبٌ. وَكَذَا الْحُكْمُ إِنْ أَعْطَاهُ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا. ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. (وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ أَبَانَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارُهُ) أَيْ: إِذَا مَاتَ فِي مَرَضِهِ ; لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ لِوَارِثٍ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُبِنْهَا؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ إِمَّا بِحَالِ الْإِقْرَارِ، أَوْ بِحَالِ الْمَوْتِ، وَالزَّوْجَةُ وَارِثَةٌ فِي الْحَالَيْنِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ، بَطَلَ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ.
فَرْعٌ: إِذَا أَقَرَّ مَرِيضٌ بِهِبَةٍ أَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، صَحَّ ; لِأَنَّهُ وَهَبَ وَارِثًا. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ: يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ كَإِنْشَائِهِ. وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ كَالْإِنْشَاءِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ صُدِّقَ فِيهِ، ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الْوَارِثِ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَبُولِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَالِانْتِصَارِ: لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ.