الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْءٍ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، حَنِثَ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللَّحْمِ الْأَحْمَرِ وَحْدَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ حِنْطَةٍ فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ. .
فَصْلٌ وَإِنْ
حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ
، فَقَالَ الْخِرَقِيُّ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
المحلوف عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَعَيَّنَ عَدَمُ الْحِنْثِ، لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الْمَحْلُوفِ مِنْ أَجْلِهِ، (وَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُ السَّمْنِ، أَوْ طَعْمُ شَيْءٍ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، حَنِثَ) ، كَمَا لَوْ أَكَلَ ذَلِكَ مُنْفَرِدًا، وَكَحَلِفِهِ عَلَى اللَّبَنِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمُسَمَّاهُ، وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ وَآدَمِيَّةٍ، (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللَّحْمِ الْأَحْمَرِ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ شَحْمٍ فَيَحْنَثُ بِهِ وَإِنْ قَلَّ، لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الطَّبِيخِ، فَيَبِينُ عَلَى وَجْهِ الْمَرَقِ، وفارق مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ طَعْمُهُ، وَلَا لَوْنُهُ، لِأَنَّ هَذَا قَدْ يَظْهَرُ الدُّهْنُ فِيهِ، (وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ حِنْطَةٍ فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ) لِأَنَّ الشَّعِيرَ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ بِتَرْكِهِ فِيهِ، وَأَكْلُهُ لَهُ أَكْلٌ لِمَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَكْلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ مُنْفَرِدًا، وَفِي التَّرْغِيبِ: إِنْ طَحَنَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، فَلَوْ حَلَفَ: لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً، فَأَكَلَهَا خُبْزًا أَوْ طَحِينًا حَنِثَ، لِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَا تُؤْكَلُ حَبًّا عَادَةً، فَانْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إِلَى أَكْلِهَا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، فَأَكَلَ فِيهَا، أَوْ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِهَا، حَنِثَ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الْقَرْيَةَ، فَأَوَى إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهَا، مِمَّا هُوَ فِي حَدِّهَا، حَنِثَ، لِأَنَّ النَّاحِيَةَ وَالْحَدَّ مِنْ جُمْلَةِ الْقَرْيَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
[حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَشَرِبَهُ أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ]
فَصْلٌ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ، فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ) ، هَذَا رِوَايَةٌ لِأَنَّ الْحَالِفَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ يَقْصِدُ بِهِ فِي الْعُرْفِ اجْتِنَابَ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَحُمِلَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ تَحْرِيمَ شُرْبِهَا، وَلَوْ قَالَ طَبِيبٌ لِمَرِيضٍ: لَا تَأْكُلِ الْعَسَلَ، كَانَ نَاهِيًا لَهُ عَنْ شُرْبِهِ، وَبِالْعَكْسِ، (وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا، فَثَرَّدَ فِيهِ وَأَكَلَهُ:
يَحْنَثُ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا، فَثَرَّدَ فِيهِ وَأَكَلَهُ: لَا يَحْنَثُ، فَيَخْرُجُ فِي كُلِّ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ، وَجْهَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَعَيِّنْهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، وَإِنْ ذَاقَ وَلَمْ يَبْلَعْهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا، فَأَكَلَهُ بِالْخُبْزِ حَنِثَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يَحْنَثُ) هَذِهِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ نَقَلَهَا مُهَنَّا، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ، لِأَنَّ الْأَفْعَالَ أَنْوَاعٌ كَالْأَعْيَانِ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ، كَذَلِكَ الْأَفْعَالُ (فَيَخْرُجُ فِي كُلِّ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ وَجْهَانِ) مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يَحْنَثْ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ تَغَيُّرَ صِفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَنْفِي الْحِنْثَ، فَكَذَلِكَ تَغَيُّرُ صِفَةِ الْفِعْلِ، وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ فَلَا حِنْثَ، لِأَنَّهُ لَمْ تَحْصُلِ الْمُخَالَفَةُ مِنْ جِهَةِ الِاسْمِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ التَّعْيِينِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَيْسَ لِلتَّعْيِينِ أَثَرٌ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ، فَإِنَّ الْحِنْثَ فِي الْمُعَيَّنِ إِنَّمَا كَانَ لِتَنَاوُلِهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِجْرَاءِ مَعْنَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى التَّنَاوُلِ الْعَامِّ فِيهِمَا، وَهَذَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ، وَعَدَمُ الْحِنْثِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلِ الْفِعْلَ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ غَيْرَهُ، وَهَذَا فِي الْمُعَيَّنِ كَهُوَ فِي الْمُطْلَقِ، لِعَدَمِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا.
فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ، أَوْ لَا يَفْعَلُهُمَا، فَمَصَّ رُمَّانًا، أَوْ قَصَبَ سُكَّرٍ، فَرِوَايَتَانِ أَنَصُّهُمَا: لَا حِنْثَ، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ، فَمَصَّ قَصَبَ السُّكَّرِ، أَوِ الرُّمَّانَ حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا أَوْ لَا يَشْرَبُهُ، فَتَرَكَهُ فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَ، وَابْتَلَعَهُ فَعَلَى الْخِلَافِ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ) وَمَصِّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} [البقرة: 249] ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ طُعْمٌ (وَإِنْ ذَاقَ وَلَمْ يَبْلَعْهُ لَمْ يَحْنَثْ) فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّائِمَ لَا يُفْطِرُ بِهِ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُهُ، حَنِثَ بِأَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ ذَوْقِهِ، لِأَنَّهُ ذَوْقٌ وَزِيَادَةٌ، وَفِي الرِّعَايَةِ: حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَلْتُ فِيمَنْ لَا ذَوْقَ لَهُ نَظَرٌ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا فَأَكَلَهُ بِالْخُبْزِ حَنِثَ) «لِقَوْلِهِ عليه السلام: