الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْقَضَاءِ
وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الْقَضَاءِ]
[تَعْرِيفُ القضاء وَأَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ]
ِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْقَضَاءُ فِي الْأَصْلِ إِحْكَامُ الشَّيْءِ وَالْفَرَاغُ مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى إِمْضَاءِ الْحُكْمِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: 4]، أَيْ: أَمْضَيْنَا وَأَنْهَيْنَا.
وَسُمِّيَ الْحَاكِمُ قَاضِيًا ; لِأَنَّهُ يُمْضِي الْأَحْكَامَ وَيُحْكِمُهَا. وَيَكُونُ بِمَعْنَى أَوْجَبَ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَ بِهِ لِإِيجَابِهِ الْحُكْمَ عَلَى مَنْ يُجِبُ عَلَيْهِ.
وَاصْطِلَاحًا: النَّظَرُ بَيْنَ الْمُتَرَافِعِينَ لَهُ لِلْإِلْزَامِ وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26] .
وقَوْله تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65] .
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
[حُكْمُ القضاء]
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَصْبِ الْقُضَاةِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ النَّاسِ.
(وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) كَالْإِمَامَةِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَدْ أَوْجَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَأْمِيرَ
النَّاسِ؟ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُنَصِّبَ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ قَاضِيًا، وَيَخْتَارُ لِذَلِكَ أَفْضَلَ مَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ فِي السَّفَرِ، وَهُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ، وَالْوَاجِبُ اتِّخَاذُهَا دِينًا وَقُرْبَةً، فَإِنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ، وَإِنَّمَا فَسَدَ حَالُ بَعْضِهِمْ لِطَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَالْمَالِ بِهَا، وَمَنْ فَعَلَ مَا يُمْكِنُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ. وَعَنْهُ: سُنَّةٌ. نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَعَنْهُ: لَا يُسَنُّ دُخُولُهُ فِيهِ. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُعْجِبُنِي، هُوَ أَسْلَمُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ (قَالَ أَحْمَدُ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ!) لِأَنَّ أَمْرَ النَّاسِ لَا يَسْتَقِيمُ بِدُونِهِ، كَالْجِهَادِ وَفِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ إِنْ لَمْ يُؤَدَّ الْحَقُّ فِيهِ.
لِمَا رَوَى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ» . قَالَ مَسْرُوقٌ: لَأَنْ أَحْكُمَ يَوْمًا بِحَقٍّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ سَنَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَعَلَى هَذَا: إِذَا أَجْمَعَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِ الْقَضَاءِ أَثِمُوا، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ لَمْ يَحْتَكِمُوا فِي غَيْرَةٍ (فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُنَصِّبَ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ) هُوَ: بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ. (قَاضِيًا) لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الرَّعِيَّةِ، الْمُتَكَلِّمُ بِمَصْلَحَتِهِمْ، الْمَسْؤُولُ عَنْهُمْ، فَيَبْعَثُ الْقُضَاةَ إِلَى الْأَمْصَارِ، كَفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَلِلْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام بَعَثَ عَلِيًّا قَاضِيًا إِلَى الْيَمَنِ، وَوَلَّى عُمَرُ شُرَيْحًا قَضَاءَ الْكُوفَةِ، وَكَعْبَ بْنَ سُورٍ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. (وَيَخْتَارُ لِذَلِكَ أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُ،
يَجِدُ، وَأَوْرَعَهُمْ، وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ، وَتَحَرِّي الْعَدْلِ وَالِاجْتِهَادِ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ، وَأَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي كُلِّ صُقْعٍ أَصْلَحَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَهُمْ. وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ لَهُ إِذَا طُلِبَ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ الدُّخُولُ فِيهِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَأْثَمُ الْقَاضِي بِالِامْتِنَاعِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا يَأْثَمُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ. فَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ كُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ بِغَيْرِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَأَوْرَعَهُمْ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْقَضَاءِ. (وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ، وَتَحَرِّي الْعَدْلِ وَالِاجْتِهَادِ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ) لِأَنَّ ذَلِكَ تَذْكِرَةٌ لَهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، وَإِعَانَةٌ لَهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ، وَتَقْوِيَةٌ لِقَلْبِهِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى اهْتِمَامِ الْإِمَامِ بِأَمْرِ الشَّرْعِ وَأَهْلِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ كُتِبَ لَهُ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ. (وَأَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي كُلِّ صُقْعٍ) أَيْ: نَاحِيَةٍ. (أَصْلَحَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَهُمْ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ، وَتَنْبِيهًا عَلَى مَصْلَحَةِ رَعِيَّةِ بَلَدِ الْقَاضِي، وَحَثًّا لَهُ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَصْلَحِ، وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ: أَنَّ عَلَى الْإِمَامِ نَصْبَ مَنْ يُكْتَفَى بِهِ. (وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ لَهُ إِذَا طُلِبَ) وَلَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ أَهَمَّ مِنْهُ. (وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ الدُّخُولُ فِيهِ) قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِهِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ: وَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ كَانَ فِيهِ غَيْرَ أَهْلٍ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ إِزَالَتَهُ أُثِيبَ.
وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ لِيُخْتَصَّ بِالنَّظَرِ أُبِيحَ، فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ تَمْكِينِهِ فَاحْتِمَالَانِ. وَقِيلَ: يُحْرَمُ بِخَوْفِهِ مَيْلًا. (وَعَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَأْثَمُ الْقَاضِي بِالِامْتِنَاعِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ؛) مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ؟ (قَالَ: لَا يَأْثَمُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ) ، نَقَلَهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ
خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ. وَإِنْ طُلِبَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُجِيبَ إِلَيْهِ. فِي ظَاهِرِ الكَلَامِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخَطَرِ وَالْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ، لَكِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِالْوَاجِبِ لِظُلْمِ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ. وَحَكَى ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنِ الثَّلَاثَةِ: أَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الدُّخُولُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَحْمَدُ فِي أَظْهَرِ رِوَايَتَيْهِ: لَيْسَ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الدُّخُولُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. (وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ كُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ؛ «لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ لِقَصْدِ إِقَامَةِ الْحَقِّ، وَخَوْفًا أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ. ذَكَرُهُ الْقَاضِي، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ، بَلْ يُسْتَحَبُّ إِذَنْ، وَقَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَحْرُمُ بِدُونِهِ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّهُ لِقَصْدِ الْمَنْزِلَةِ وَالْمُبَاهَاةِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا، وَإِنَّ طَائِفَةً كَرِهَتْهُ إِذَنْ، وَطَائِفَةً لَا
أَحْمَد. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْأَفْضَلُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ إِذَا أَمِنَ نَفْسَهُ.
وَلَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ إِلَّا بِتَوْلِيَةِ الْإِمَامِ.
وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ الْمُوَلِّي كَوْنَ الْمُوَلَّى عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
، وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى نَالَهُ فَغَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَإِنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَالْمُرَادُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلٌ، وَإِلَّا حُرِمَ وَقُدِحَ فِيهِ (وَإِنْ طُلِبَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُجِيبَ إِلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الْكَلَامِ أَحْمَدُ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَفِي الشَّرْحِ: أَنَّهُ الْأَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ وَالتَّشْدِيدِ، وَلِمَا فِي تَرْكِهِ مِنَ السَّلَامَةِ، وَذَلِكَ طَرِيقَةُ السَّلَفِ، وَقَدْ أَرَادَ عُثْمَانُ تَوْلِيَةَ ابْنِ عُمَرَ الْقَضَاءَ فَأَبَى. (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْأَفْضَلُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ إِذَا أَمِنَ نَفْسَهُ) لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - جَعَلَ لِلْمُجْتَهِدِ فِيهِ أَجْرًا مَعَ الْخَطَأِ، وَأَسْقَطَ عَنْهُ حُكْمَ الْخَطَأِ، وَلِأَنَّ فِيهِ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ وَأَدَاءَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ، وَرَدَّ الظَّالِمِ عَنْ ظُلْمِهِ، بِدَلِيلِ تَوْلِيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ كَذَلِكَ. وَلَا يَخْتَارُ إِلَّا الْأَفْضَلَ، وَقِيلَ: مَعَ خُمُولِهِ، وَحَمَلَ فِي الْمُغْنِي كَلَامَ ابْنِ حَامِدٍ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: أَوْ فَقْرِهِ. فَرْعٌ: يَحْرُمُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ وَأَخْذُهُ وَطَلَبُهُ، وَفِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ، وَظَاهِرُ تَخْصِيصِهِمُ الْكَرَاهَةَ بِالطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَوْلِيَةُ الْحَرِيصِ لَا يَنْفِي أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ، يُكْرَهُ. مَسْأَلَةٌ إِذَا جَهِلَ الْقَضَاءَ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ أَوْ خَافَ الْمَيْلَ حُرِمَ دُخُولُهُ فِيهِ، وَقِيلَ: مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَهُوَ يَصْلُحُ لَهُ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الدُّخُولَ فِيهِ، وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ وَلَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُهُ.
1 -
(وَلَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ إِلَّا بِتَوْلِيَةِ الْإِمَامِ) لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْأَمْرِ