الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ الثَّانِي: الْجَارِحَةُ
، فَيُبَاحُ مَا قَتَلَتْهُ إِذَا كَانَتْ مُعَلَّمَةً، إِلَّا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ، فَلَا يُبَاحُ صَيْدُهُ. وَالْجَوَارِحُ نَوْعَانِ: مَا يَصِيدُ بِنَابِهِ، كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ، فَتَعْلِيمُهُ بِثَلَاثَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَائِدَةٌ: يُكْرَهُ الصَّيْدُ بِمُثَقِّلٍ لَا يَجْرَحُ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَذْفِ، وَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْدًا، وَلَا تَنْكَأُ عَدُوًّا، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ» . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
[النَّوْعُ الثَّانِي الْجَارِحَةُ]
(النَّوْعُ الثَّانِي: الْجَارِحَةُ فَيُبَاحُ مَا قَتَلَتْهُ إِذَا كَانَتْ مُعَلَّمَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] قَالَ ابْنُ حَزْمٍ اتَّفَقُوا فِيمَا إِذَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، وَكُلُّ سَبْعٍ مِنْ طَيْرٍ أَوْ ذِي أَرْبَعٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ، وَلَمْ يُدْرَكْ فِيهِ حَيَاةٌ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ، وَلَوْ ذُكِّيَ، وَحِينَئِذٍ مَا قَتَلَتْهُ الْجَارِحَةُ جَرْحًا، وَعَنْهُ: وَصَدْمًا وَخَنْقًا، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، فَيُبَاحُ، (إِلَّا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ) وَهُوَ مَا لَا بَيَاضَ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ وَالْمُؤَلِّفُ: هُوَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ لَوْنَهُ لَوْنٌ سِوَاهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: كُلُّ لَوْنٍ لَمْ يُخَالِطْهُ لَوْنٌ آخَرُ فَهُوَ بَهِيمٌ، قِيلَ لَهُمَا: مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، قَالَا: نَعَمْ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُرَخِّصُ فِيهِ، يَعْنِي مِنَ السَّلَفِ، (فَلَا يُبَاحُ صَيْدُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ شَيْطَانٌ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهُوَ الْعِلَّةُ، وَالسَّوَادُ عَلَامَةٌ، كَمَا يُقَالُ إِذَا رَأَيْتَ صَاحِبَ السِّلَاحِ فَاقْتُلْهُ، فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ فَالْعِلَّةُ الرِّدَّةُ، وَنَقَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَرَاهَةَ، وَأَبَاحَهُ الْأَكْثَرُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ وَكَغَيْرِهِ مِنَ الْكِلَابِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ بَلَى، وَمِثْلُهُ فِي أَحْكَامِهِ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ كَخِنْزِيرٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: يُقْتَلُ، فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ، وَنَقَلَ مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ بِهِ. 1
أَشْيَاءَ: بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ، وَيَنْزَجِرَ إِذَا زُجِرَ، وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُلْ، وَلَا يُعْتَبَرْ تَكَرُّرُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ لَمْ يَحْرُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَيْدِهِ، وَلَمْ يُبَحْ مَا أَكَلَ مِنْهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْأُخْرَى: يَحِلُّ. وَالثَّانِي: ذُو الْمِخْلَبِ كَالْبَازِيِّ وَالصَّقْرِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَالْجَوَارِحُ نَوْعَانِ مَا يَصِيدُ بِنَابِهِ كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ) وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ: وَالنَّمِرِ، (فَتَعْلِيمُهُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إِذَا زُجِرَ) لَا فِي وَقْتِ رُؤْيَتِهِ لِلصَّيْدِ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، (وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُلْ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْمُعَلَّمِ تُرْكُ الْأَكْلِ، فَكَانَ شَرْطًا كَالِانْزِجَارِ إِذَا زُجِرَ، وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: لَا أَحْسَبُ هَذِهِ الْخِصَالَ تُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الْكَلْبِ، فَإِنَّهُ الَّذِي يُجِيبُ صَاحِبَهُ إِذَا دَعَاهُ وَيَنْزَجِرُ إِذَا زُجِرَ، وَالْفَهْدُ لَا يَكَادُ يُجِيبُ دَاعِيًا وَإِنْ عُدَّ مُتَعَلِّمًا فَيَكُونُ التَّعْلِيمُ فِي حَقِّهِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ خَاصَّةً، أَوْ بِمَا يُعِدُّهُ أَهْلُ الْعُرْفِ مُتَعَلِّمًا، (وَلَا يُعْتَبَرُ تَكَرُّرُ ذَلِكَ مِنْهُ) اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، لِأَنَّهُ تَعَلَّمَ صَنْعَةً أَشْبَهَ سَائِرَ الصَّنَائِعِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُعْتَبَرُ تَكَرُّرُ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يَصِيرَ فِي الْعُرْفِ مُعَلَّمًا، وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَاثٌ، نَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي، لِأَنَّ تَرْكَ الْأَكْلِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِشِبَعٍ أَوْ عَارِضٍ فَيُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ، وَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ ثَلَاثًا كَالِاسْتِجْمَارِ وَالْأَقْرَاءِ وَالشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ، وَالصَّنَائِعِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهَا إِلَّا مَنْ تَعَلَّمَهَا، وَتَرْكُ الْأَكْلِ مُمْكِنُ الْوُجُودِ مِنَ الْمُتَعَلِّمِ وَغَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا يَحِلُّ فِي الرَّابِعَةِ، وَقِيلَ: مَرَّتَيْنِ فَيَحِلُّ فِي الثَّالِثَةِ، (فَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ لَمْ يَحْرُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَيْدِهِ) رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مَعَ اجْتِمَاعِ شُرُوطِ التَّعْلِيمِ فِيهِ، فَلَا يَحْرُمُ بِالِاحْتِمَالِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَلَّمًا مَا أَكَلَ، (وَلَمْ يُبَحْ مَا أَكَلَ مِنْهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ
وَالْعُقَابِ وَالشَّاهِينِ، فَتَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ، وَيُجِيبَ إِذَا دُعِيَ، وَلَا يُعْتَبَرَ تَرْكُ الْأَكْلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيْدَ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِهِ أَوْ خَنَقَهُ لَمْ يُبَحْ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُبَاحُ. وَمَا أَصَابَهُ فَمُ الْكَلْبِ هَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الصَّحِيحَةُ، لِقَوْلِهِ عليه السلام:«فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ» . وَرَوَاهُ سَعِيدٌ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ: حِينَ الصَّيْدِ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقِيلَ: قَبْلَ مُضِيِّهِ، وَلَا يَخْرُجُ بِأَكْلِهِ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، فَيُبَاحُ صَيْدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، (وَالْأُخْرَى: يَحِلُّ) رُوِيَ عَنْ سَعْدٍ، وَسَلْمَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، حَكَاهُ عَنْهُمْ أَحْمَدُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَلَا حُجَّةَ فِيهَا، مَعَ أَنَّ حَدِيثَنَا هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ وَأَصَحُّ، فَلَوْ شَرِبَ مِنْ دَمِهِ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، لَمْ يَحْرُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الِانْتِصَارِ: مِنْ دَمِهِ الَّذِي جَرَى، وَكَرِهَهُ الشَّعْبِيُّ وَالثَّوْرِيُّ.
1 -
(وَالثَّانِي: ذُو الْمِخْلَبِ كَالْبَازِيِّ، وَالصَّقْرِ، وَالْعُقَابِ، وَالشَّاهِينِ، فَتَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ، وَيُجِيبَ إِذَا دُعِيَ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَرْكُ الْأَكْلِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ الصَّقْرُ فَكُلْ. رَوَاهُ الْخَلَّالُ. وَلِأَنَّ تَعْلِيمَهُ بِالْأَكْلِ، وَيَتَعَذَّرُ تَعْلِيمُهُ بِدُونِهِ، فَلَمْ يَقْدَحْ فِي تَعْلِيمِهِ، بِخِلَافِ الْكَلْبِ، (وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيْدَ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِهِ، أَوْ خَنَقَهُ، لَمْ يُبَحْ) قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِغَيْرِ جَرْحٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ وَالْبُنْدُقِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُبَاحُ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْعُمُومَ فِيهِمَا مَخْصُوصٌ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ إِبَاحَتِهِ.
(وَمَا أَصَابَهُ فَمُ الْكَلْبِ هَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَحَالِّ.
وَالثَّانِي: لَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ أَمَرَا بِأَكْلِهِ، وَلَمْ يَأْمُرَا بِغَسْلِهِ.