الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَوْمَا الْعِيدَيْنِ، وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي يَوْمَيِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَأَصْبِرَنَّ، وَلَإِنْ لَقِيتُ عَدُوَّ اللَّهِ لَأُجَاهِدَنَّ، نَذْرٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ، كَقَوْلِ الْآخَرِ:{لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 75] ، وَمِنْهَا الْتِزَامُ طَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، لِقَوْلِ أَبِي عَمْرٍو، غُلَامِ ثَعْلَبٍ: النَّذْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَعْدٌ بِشَرْطٍ، لِأَنَّ مَا الْتَزَمَهُ الْآدَمِيُّ بَعِوَضٍ يَلْزَمُهُ كَالْبَيْعِ، وَمَا الْتَزَمَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْهِبَةِ، وَمِنْهَا نَذْرُ طَاعَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْوُجُوبِ، كَالِاعْتِكَافِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي قَوْلِ الْعَامَّةِ، لِقَوْلِهِ:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ.» وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ الَّذِينَ يَنْذُرُونَ وَلَا يُوفُونَ، وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، فَلَزِمَهُ لِمَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ، وَكَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمْ سَلَّمُوهَا وهي غير وَاجِبَة عِنْدَهُمْ، وَمَا حَكَوْهُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْمُلْتَزَمَ نَذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ، وَالْجِعَالَةُ وَعْدٌ بِشَرْطٍ، وَلَيْسَتْ بِنَذْرٍ.
مَسَائِلُ: إِذَا نَذَرَ الْحَجَّ الْعَامَ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، فَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ الْحَجُّ عَنْهُمَا، وَعَنْهُ: تَلْزَمُهُ حَجَّةٌ أُخْرَى، أَصْلُهُمَا: إِذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ، فَوَافَقَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، وَإِذَا نَذَرَ صِيَامًا، وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا، أَجْزَأَهُ صَوْمُ يَوْمٍ بِلَا خِلَافٍ، وَيَنْوِيهِ لَيْلًا، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَإِذَا نَذَرَ صَلَاةً مُطْلَقَةً لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُجْزِئُ فِي فَرْضٍ، وَعَنْهُ: تُجْزِئُهُ رَكْعَةٌ بِنَاءً عَلَى التَّنَفُّلِ بِهَا، فَدَلَّ أَنَّ فِي لُزُومِهَا قَائِمًا الْخِلَافُ. وَإِنْ نَذَرَهَا قَائِمًا لَمْ تَجُزْ جَالِسًا، وَلَوْ عَكَسَ جَازَ، فَإِنْ صَلَّى جَالِسًا لِعَجْزٍ كَفَى، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، هِيَ بِمَوْضِعِ غَصْبٍ مَعَ الصِّحَّةِ، وَلَهُ الصَّلَاةُ قَائِمًا مِنْ نَذْرٍ جَالِسًا، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ، كَشَرْطِ تَفْرِيقِ صَوْمٍ، وَفِي النَّوَادِرِ: لَوْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ، أَوْ أَطْلَقَ، لَمْ يَجِبْ، وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ إِنْ عَيَّنَ، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ، وَالْمَنْصُوصُ لَوْ حَلَفَ يَقْصِدُ التَّقَرُّبَ، بِأَنْ قَالَ: وَاللَّهِ لَإِنْ سَلِمَ مَالِي لِأَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا، فَوَجَدَ شَرْطَهُ، لَزِمَهُ فِعْلُهُ، وَيَجُوزُ فِعْلُهُ قَبْلَهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالْفُنُونِ، لِوُجُودِ أَحَدِ سَبَبَيْهِ، وَمَنَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ مَنَعَ كَوْنَهُ سَبَبًا
[إِذَا نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ]
(وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (لَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ صَوْمُ رَمَضَانَ وَيَوْمَا الْعِيدَيْنِ) لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ الصَّوْمُ عَنِ النَّذْرِ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ كَاللَّيْلِ (وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ) وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ صَوْمَهَا عَنِ الْفَرْضِ هَلْ هُوَ جَائِزٌ، أَمْ لَا؟ (وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ
الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَإِذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ، فَوَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ حَيْضٍ، أَفْطَرَ وَقَضَى وَكَفَّرَ، وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، وَنُقِلَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ صَامَ يَوْمَ الْعِيدِ صَحَّ صَوْمُهُ، وَإِنْ وَافَقَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا، فَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ) فَيَتَنَاوَلُهَا نَذْرُهُ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ صَوْمِهَا عَنِ الْفَرْضِ، وَيُكَفِّرُ فِي الْأَصَحِّ، لِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» وَعَنْهُ: يَتَنَاوَلُ أَيَّامَ النَّهْيِ دُونَ أَيَّامِ رَمَضَانَ، فَإِنْ وَجَبَ فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ، وَمَا أَفْطَرَهُ بِلَا عُذْرٍ قَضَاهُ مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفُ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَالَ: سَنَةً، وَأَطْلَقَ، فَيَصُومُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضَانَ وَأَيَّامِ النَّهْيِ، وَيَقْضِيهِمَا، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ فِي الْأَقْيَسِ، وَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ فِي رِوَايَةٍ، وَعَيَّنَ أَوَّلَهُمَا، فَفِي الْقَضَاءِ وَجْهَانِ، وَمَعَ جَوَازِ التَّفَرُّقِ تُكْمَلُ أَيَّامُهَا، وَقِيلَ: بَلَى عِدَّةَ الشُّهُورِ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَصُومُ مَعَ التَّفْرِيقِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِنْ صَامَهَا مُتَتَابِعَةً فَهِيَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ تَمَامٍ، وَإِنْ قَالَ سَنَةً مِنَ الْآنِ فَكَمُعَيَّنَةٍ، وَقِيلَ: كَمُطْلَقَةٍ فِي لُزُومِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لِلنَّذْرِ (وَإِذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسَ، فَوَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ حَيْضٍ، أَفْطَرَ) لِأَنَّ الشَّرْعَ حَرَّمَ صَوْمَهُ، (وَقَضَى) لِأَنَّهُ فَاتَهُ مَا نَذَرَ صَوْمَهُ، (وَكَفَّرَ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ، وَكَمَا لَوْ فَاتَهُ لَمَرَضٍ، وَفِي الرِّعَايَةِ: إِنَّ مَنِ ابْتَدَأَ بِصَوْمِ كُلِّ اثْنَيْنٍ وَخَمِيسٍ لَزِمَهُ، فَإِنْ صَادَفَ مَرَضًا أَوْ حَيْضًا غَيْرَ مُعْتَادٍ قَضَى، وَقِيلَ: وَكَفَّرَ، كَمَا لَوْ صَادَفَ عِيدًا، وَعَنْهُ: تَكْفِي الْكَفَّارَةُ عَنْهُمَا، وَقِيلَ: لا قَضَاء، وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ حَيْضٍ وَعِيدٍ، (وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ) كَمَا لَوْ نَذَرَتِ الْمَرْأَةُ صَوْمَ يَوْمِ حَيْضِهَا (وَنُقِلَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ صَامَ يَوْمَ الْعِيدِ صَحَّ صَوْمُهُ) لِأَنَّهُ وَفَّى بِنَذْرِهِ (وَإِنْ وَافَقَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهَا عَنِ الْفَرْضِ، لِأَنَّ النَّذْرَ إِذَا صَادَفَ زَمَنًا قَابِلًا لِلصَّوْمِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ يَوْمِ الْعِيدِ، وَفِي الْمُغْنِي رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ: أَنَّهُ يَقْضِي، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ) صَحَّ نَذْرُهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَوْمُهُ بَعْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ زَمَنٌ يَصِحُّ فِيهِ صَوْمُ التَّطَوُّعِ، فَانْعَقَدَ نَذْرُهُ لِصَوْمِهِ كَمَا لَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا تَطَوُّعًا، وَقَالَ: لِلَّهِ
عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا إِتْمَامُ صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَفْطَرَ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ، سَوَاءٌ قَدِمَ وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ، وَإِنْ وَافَقَ قُدُومُهُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُجْزِئُهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ وَافَقَ يَوْمَ نَذْرِهِ وَهُوَ مَجْنُونٌ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمِي، وَلَا نُسَلِّمُ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ قُدُومَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَنَوَى صَوْمَهُ، وَكَانَ صَوْمًا يَجُوزُ فِيهِ صَوْمُ النَّذْرِ أَجْزَأَهُ (فَقَدِمَ لَيْلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) عِنْدَ الْجَمِيعِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُهُ، فَلَمْ يَجِبْ نَذْرُهُ، وَلَا يَلْزَمْهُ أَنْ يَصُومَ صَبِيحَتَهُ، وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يُسْتَحَبُّ (وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا) وَهُوَ مُفْطِرٌ، فَالْمَذْهَبُ يَقْضِي، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ كَقُدُومِهِ لَيْلًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ (فَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ صَوْمُهُ بَعْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا إِتْمَامُ صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَفْطَرَ) كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ بَقِيَّةَ يَوْمِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَتَّبًا عَلَى عَدَمِ الِانْعِقَادِ، لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ، سَوَاءٌ قَدِمَ وَهُوَ مُفْطِرٌ) لِأَنَّهُ أَفَطَرَ مَا نَذَرَ صَوْمَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَلَمْ يَصُمْهُ، (أَوْ صَائِمٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ مِنَ اللَّيْلِ، وَإِنْ قَدِمَ وَلَمْ يُفْطِرْ، فَنَوَى، أَجْزَأَهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجَبَ النَّذْرِ الصَّوْمُ مِنْ قُدُومِهِ، وَعَلَى الْقَضَاءِ يُكَفِّرُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَا، كَالْأُخْرَى، وَإِنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ قَضَى فِي وَجْهٍ، وَفِي الِانْتِصَارِ: وَيُكَفِّرُ (وَإِنْ وَافَقَ قُدُومُهُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُجْزِئُهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ) لِأَنَّهُ نَذَرَ صَوْمَهُ، وَقَدْ وَفَى بِهِ، وَكَوْنُهُ يُجْزِئُهُ صِيَامُ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ النَّذْرَ صَحِيحٌ مُنْعَقِدٌ، صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ النَّذْرَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ، لِأَنَّ نَذْرَهُ وَافَقَ زَمَنًا يَسْتَحِقُّ صِيَامُهُ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ نَذْرُ طَاعَةٍ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ غَالِبًا (وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ عَنْ نَذْرِهِ (وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ.
إِحْدَاهُمَا: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَهِيَ أَشْهَرُ، لِتَأَخُّرِ النَّذْرِ عَنْ زَمَنِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا، لِأَنَّهُ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَّرَ صَوْمَ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ لِمَا يَأْتِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ: يُكَفِّرُ إِنْ لَمْ يَصُمْهُ، وَعَنْهُ: يَكْفِيهِ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ، وَفِي نِيَّةِ