الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُلُثَاهُ، إِنْ لَمْ يُجِيزَا عتقه كَامِلًا. وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا لَوْ عَيَّنَا الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ الثَّانِي سَوَاءً.
بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ
إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، أَوْ كَذَا
. قِيلَ لَهُ: فَسِّرْ. فَإِنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الِابْنُ بِعِتْقِهِ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثَاهُ) لِأَنَّهُ الثُّلُثُ كَمَا لَوْ عَيَّنَاهُ بِقَوْلِهِمَا (إِنْ لَمْ يُجِيزَا عتقه كَامِلًا) فَإِذَا أَجَازَاهُ عَتَقَ كُلُّهُ، عَمَلًا بِالْعِتْقِ السَّالِمِ عَنِ الْمُعَارِضِ. (وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ عَيَّنَا الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ الثَّانِي سَوَاءً) لِأَنَّ الْقُرْعَةَ جَعَلَتْهُ مُسْتَحِقًّا لِلْعِتْقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِابْنِ الْمُدَّعِي عَدَمَ الْمَعْرِفَةِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَيَّنَهُ.
فَعَلَى هَذَا: يُعْتَقُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ، وَيَبْقَى سُدُسُ الْخَارِجِ بِالْقُرْعَةِ لِلَّذِي قَالَ: لَا أَدْرِي. وَنَصِفُهُ لِلِابْنِ الْآخَرِ، وَيَبْقَى نِصْفُ الْعَبْدِ الْآخَرِ لِلِابْنِ الَّذِي قَالَ: لَا أَدْرِي. وَسدس لِلْآخَرِ.
فَإِنْ رَجَعَ الِابْنُ الَّذِي جَهِلَ عَيْنَ الْعِتْقِ فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا، عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُهُ. وَهَلْ يُبْطُلُ الْعِتْقُ فِي الَّذِي عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ.
[بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ]
[إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا]
بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ
الْمُجْمَلُ: مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ، وَهُوَ نَقِيضُ الْمُبَيَّنِ، وَهُوَ مَا احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ فَصَاعِدًا عَلَى السَّوَاءِ.
(إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، أَوْ كَذَا) صَحَّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
وَيُفَارِقُ الدَّعْوَى حَيْثُ لَا تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ ; لِكَوْنِ الدَّعْوَى لَهُ وَالْإِقْرَارُ عَلَيْهِ، فَلَزِمَهُ مَا عَلَيْهِ مَعَ الْجَهَالَةِ دُونَ مَا لَهُ؛ وَلِأَنَّ الدَّعْوَى إِذَا لَمْ تَصِحَّ فَلَهُ تَحْرِيرُهَا، وَالْمُقِرُّ لَا دَاعٍ لَهُ إِلَى التَّحْرِيرِ، وَلَا يُؤْمَنُ رُجُوعُهُ عَنْ إِقْرَارِهِ فَأَلْزَمْنَا مَعَ الْجَهَالَةِ.
وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ كَالْمَعْلُومِ. (وَقِيلَ لَهُ: فَسِّرْ) أَيْ: يَلْزَمُهُ تَفْسِيرُهُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ. (فَإِنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَ) أَيْ: إِذَا امْتَنَعَ مِنَ التَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُفَسِّرَ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ; لِأَنَّ التَّفْسِيرَ حَقٌّ عَلَيْهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ حُبِسَ عَلَيْهِ كَالْمَالِ.
يُفَسِّرَ فَإِنْ مَاتَ أَخَذُوا إِرْثَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، إِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ شَيْئًا يُقْضَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أَوْ مَالٍ، قُبِلَ. وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ، كَقِشْرِ جَوْزَةٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ، لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْعَلُ نَاكِلًا وَيُؤْمَرُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا، فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ، ثَبَتَ. وَإِنْ كَذَّبَهُ وَامْتَنَعَ مِنَ الْبَيَانِ، قِيلَ لَهُ: إِنْ بَيَّنْتَ وَإِلَّا جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ. (فَإِنْ مَاتَ أَخَذُوا إِرْثَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، إِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ شَيْئًا يُقْضَى مِنْهُ) زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ: وَقُلْنَا: لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَدِّ قَذْفٍ ; لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ، فَتَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا. (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: لَا يُؤَاخَذُ بِالتَّفْسِيرِ حَيْثُ لَمْ يُخَلِّفِ الْمَيِّتُ شَيْئًا يُقْضَى مِنْهُ ; لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَلْزَمُهُ وَفَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إِذَا لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً كَمَا يَلْزَمُهُ فِي حَيَاتِهِ.
وَعَنْهُ: إِنْ صَدَّقَ الْوَارِثُ مَوْرُوثَهُ فِي إِقْرَارِهِ، أُخِذَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: إِنْ أَبَى وَارِثٌ أَنْ يُفَسِّرَهُ، وَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ. حَلَفَ، وَلَزِمَهُ مِنَ التَّرِكَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، كَالْوَصِيَّةِ لَهُ بِشَيْءٍ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حكم الْمُقِرّ كَذَلِكَ ـ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَعْلَمَ ـ كَالْوَارِثِ.
فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا، فَأَقَرَّ بِغَيْرِهِ صَحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ إِنْ صَدَّقَهُ، وَالدَّعْوَى بَاقِيَةٌ، (فَإِنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أَوْ مَالٍ، وَإِنْ قَلَّ، قُبِلَ) وَثَبَتَ ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ حَقِيقَةً وَعُرْفًا، إِلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَيَدَّعِي جِنْسًا آخَرَ، أَوْ لَا يَدَّعِي شَيْئًا، فَيَبْطُلُ إِقْرَارُهُ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُتَمَوَّلُ غَالِبًا. (وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ، كَقِشْرِ جَوْزَةٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ، لَمْ يُقْبَلْ) وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً ; لِأَنَّ إِقْرَارَهُ اعْتِرَافٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ. فَإِذَا فَسَّرَهُ بِقِشْرِ جَوْزَةٍ أَوْ بَيْضَةٍ لَمْ يُقْبَلْ ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. وَأَمَّا الْمَيْتَةُ وَالْخَمْرُ فَلَيْسَا بِحَقٍّ عَلَيْهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَكَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ.
وَقِيلَ: يُقْبَلُ. وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ، وَزَادَ: إِنَّهُ يَحَرُمُ أَخْذُهُ، وَيَجِبُ رَدُّهُ. . . وَإِنَّ قِلَّتَهُ لَا تَمْنَعُ طَلَبَهُ وَالْإِقْرَارَ بِهِ. وَالْأَشْهَرُ: لَا يُقْبَلُ بِرَدِّ سَلَامٍ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ
قَالَ: غَصَبْتُه شَيْئًا. ثُمَّ فَسَّرَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ وَلَدِهِ، لَمْ يُقْبَلْ.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَسْقُطُ بِفَوَاتِهَا، وَلَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ إِذَا أَرَادَ حَقًّا عَلَى رَدِّ سَلَامِهِ إِذَا سَلَّمَ، وَتَشْمِيتِهِ إِذَا عَطَسَ، لِلْخَبَرِ. (وَإِنْ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) :
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ. لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، فِي الْكَافِي غَيْرَهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، فِيهِ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْكَلْبُ شَيْءٌ يَجِبُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ، فَالْإِيجَابُ يَتَنَاوَلُهُ.
وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَيْسَ بِمَالٍ، وَالْإِقْرَارُ إِخْبَارٌ عَمَّا يَجِبُ ضَمَانُهُ، وَالْكَلْبُ لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ. وَلَمْ يُفَرِّقِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا فِي الْكَلْبِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ أَوْ يَحْرُمُ، وَكَذَا السَّامَرِّيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
وَالْمَذْهَبُ ـ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ ـ: أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ يُبَاحُ نَفْعُهُ.
فَعَلَى هَذَا: لَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لَمْ يُقْبَلْ، قَوْلًا وَاحِدًا. وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: وَفِي مَيْتَةٍ. وَأَطْلَقَ فِي التَّبْصِرَةِ الْخِلَافَ فِي كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ.
(وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُهُ شَيْئًا. ثُمَّ فَسَّرَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ وَلَدِهِ، لَمْ يُقْبَلْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ: فِي نَفْسِهِ ; لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى وَلَدِهِ؛ إِذِ الْغَصْبُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِخَمْرٍ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ أَوْ كَلْبٍ فِيهِ نَفْعٌ، قُبِلَ مِنْهُ.
وَفِي الْوَلَدِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يُقْبَلُ. وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: أَنَّهُ إِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ قُبِلَ.