الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشُهُودُ الْجَنَائِزِ، مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنِ الْحُكْمِ. وَلَهُ حُضُورُ الْوَلَائِمِ، وَإِنْ كَثُرَتْ تَرَكَهَا كُلَّهَا، وَلَمْ يُجِبْ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ.
وَيُوصِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ، وَقِلَّةِ الطَّمَعِ. وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ. وَيَتَّخِذُ كَاتِبًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَدْلًا حَافِظًا عَالِمًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هَذَا يَفْعَلُهُ لِنَفْعِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْوَلَائِمِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا أَشْغَلَهُ حُضُورُ ذَلِكَ عَنِ الْحُكْمِ فَلَا ; لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْفَصْلِ بَيْنَ الْخُصُومِ وَمُبَاشَرَةَ الْحُكْمِ أَوْلَى. (وَلَهُ حُضُورُ الْوَلَائِمِ) كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِحُضُورِهَا. (وَإِنْ كَثُرَتْ تَرَكَهَا كُلَّهَا) لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ، لَكِنَّهُ يَسْأَلُهُمُ التَّحْلِيلَ وَيَعْتَذِرُ. (وَلَمْ يُجِبْ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ) أَيْ: بِلَا عُذْرٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ كَسْرًا لِقَلْبِ مَنْ لَمْ يُجِبْهُ، إِلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِعُذْرٍ يمنعه مِنْ مُنْكَرٍ أَوْ بُعْدٍ أَوِ اشْتِغَالٍ بِهَا زَمَنًا طَوِيلًا، فَلَهُ الْإِجَابَةُ لِأَنَّ عُذْرَهُ طَاعَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُكْرَهُ مُسَارَعَتُهُ إِلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ، مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حُضُورُهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ، وَقَدَّمَ: لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ، وَذَكَرَ لَهُ الْقَاضِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ حضور وَلِيمَة عُرْسٍ. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهَا. وَقِيلَ: إِنْ وَجَبَتْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ.
فَرْعٌ: لَوْ تَضَيَّفَ رَجُلًا، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجُوزُ. وَفِي الْفُنُونِ: لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ.
[يُوصِي الْقَاضِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ]
(وَيُوصِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ وَقِلَّةِ الطَّمَعِ) تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى الْفِعْلِ الْجَمِيلِ اللَّائِقِ بِمَجَالِسِ الْحُكَّامِ وَالْقُضَاةِ (وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ) لِأَنَّ فِي ضِدِّ ذَلِكَ ضَرَرًا بِالنَّاسِ، فَيَجِبُ أَنْ يُوصِيَهُمْ بِمَا يَزُولُ بِهِ الضَّرَرُ عَنْهُمْ، وَالْكُهُولُ وَالشُّيُوخُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ ; لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَأْتِيهِ النِّسَاءُ وَفِي اجْتِمَاعِ الشَّبَابِ بِهِنَّ ضَرَرٌ. (وَيَتَّخِذُ كَاتِبًا) أَيْ: يُبَاحُ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُسَنُّ ; لِأَنَّهُ
يُجْلِسُهُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ، وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ مَخْتُومًا بَيْنَ يَدَيْهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَحْكُمَ إِلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ. وَلَا يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ. وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عليه السلام اسْتَكْتَبَ زَيْدًا وَغَيْرَهُ، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ تَكْثُرُ أَشْغَالُهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ جَازَ، وَالْأَوْلَى الِاسْتِنَابَةُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ السَّامَرِيِّ: أَنَّهُ لَا يُتَّخَذُ إِلَّا مَعَ الْحَاجَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ (مُسْلِمًا) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا} [آل عمران: 118] ، (مُكَلَّفًا) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يُوثَقُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَالْفَاسِقِ. (عَدْلًا) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَوْضِعُ أَمَانَةٍ. (حَافِظًا عالما) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِعَانَةً عَلَى أَمْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَارِفًا قَالَهُ فِي الْكَافِي لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا أَفْسَدَ مَا يَكْتُبُهُ بِجَهْلِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ وَرِعًا نَزِهًا جَيِّدَ الْخَطِّ. (يُجْلِسُهُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ) أَيْ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُجْلِسَهُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ ; لِأَنَّهُ أَبْعَدُ لِلتُّهْمَةِ وَأَمْكَنُ لِإِمْلَائِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَعَدَ نَاحِيَةً جَازَ ; لِأَنَّ مَا يَكْتُبُهُ يُعْرَضُ عَلَى الْحَاكِمِ. مَسْأَلَةٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ حَاسِبًا ; لِأَنَّهُ عَمَلُهُ وَبِهِ يُقَسَّمُ، فَهُوَ كَالْخَطِّ لِلْكَاتِبِ، وَالْعِفَّةِ لِلْحَاكِمِ. (وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ) هُوَ: بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ، أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ الَّذِي تُصَانُ فِيهِ الْكُتُبُ. (مَخْتُومًا بَيْنَ يَدَيْهِ) لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ أَنْ يُغَيَّرَ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَحْكُمَ إِلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ) لِيَسْتَوْفِيَ بِهِمُ الْحُقُوقَ وَيُثْبِتَ بِهِمُ الْحُجَجَ وَالْمَحَاضِرَ، وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ ; لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ. (وَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ) أَيْ: لَا يُنَفِّذُ حُكْمَهُ لِنَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهَا، وَيَتَحَاكَمُ هُوَ وَخَصْمُهُ إِلَى قَاضٍ آخَرَ أَوْ بَعْضِ خُلَفَائِهِ ; لِأَنَّ عُمَرَ حَاكَمَ أُبَيًّا إِلَى زَيْدٍ، وَحَاكَمَ عُثْمَانُ طَلْحَةَ إِلَى جُبَيْرٍ. (وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا كَشَهَادَتِهِ لَهُ. (وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ) لِزَوَالِ التُّهْمَةِ. (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ) هَذَا رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ، وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو ثَوْرٍ،