الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الْآلَةِ قَاصِدًا لِلصَّيْدِ، فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ، أَوْ غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ، لَمْ يُبَحْ صَيْدُهُ وَإِنْ زَجَرَهُ، إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَدْوُهُ بِزَجْرِهِ، فَيَحِلَّ. وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ سَهْمَهُ إِلَى هَدَفٍ فَقَتَلَ صَيْدًا، أَوْ أَرْسَلَهُ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَلَا يَرَى صَيْدًا، لَمْ يَحِلَّ صَيْدُهُ إِذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[فَصْلٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الْآلَةِ قَاصِدًا لِلصَّيْدِ]
فصل
(الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الْآلَةِ قَاصِدًا لِلصَّيْدِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ سَقَطَ سَيْفٌ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهِ، فَعَقَرَهُ، أَوِ احْتَكَّتْ شَاةٌ بِشَفْرَةٍ فِي يَدِهِ، لَمْ تَحِلَّ (فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ، أَوْ غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ، لَمْ يُبَحْ صَيْدُهُ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُؤْكَلُ إِذَا جَرَحَهُ الصَّائِدُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا سَمَّى عِنْدَ انْفِلَاتِهِ أُبِيحَ، وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكِلَابِ تَنْفَلِتُ مِنْ مَرَابِطِهَا، فَتَصِيدُ الصَّيْدَ، قَالَ: إِذَا سَمَّى فَكُلْ، قَالَ الْخَلَّالُ: هَذَا عَلَى مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَجَوَابُهُ: قَوْلُهُ عليه السلام: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ إِرْسَالَ الْجَارِحَةِ جُعِلَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ، وَلِهَذَا اعْتُبِرَتِ التَّسْمِيَةُ مَعَهُ، (وَإِنْ زَجَرَهُ) أَيْ: لَمْ يَحِلَّ، لِأَنَّ الزَّجْرَ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا عَنِ اسْتِرْسَالِ الصَّائِدِ بِنَفْسِهِ، (إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَدْوُهُ بِزَجْرِهِ فَيَحِلَّ) لِأَنَّ زَجْرَهُ لَهُ أَثَّرَ فِي عَدْوِهِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ، لِأَنَّ فِعْلَ الْآدَمِيِّ إِذَا انْضَافَ إِلَى فِعْلِ الْبَهِيمَةِ، كَانَ الِاعْتِبَارُ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ عَدَا عَلَى إِنْسَانٍ، فَأَغْرَاهُ آدَمِيٌّ فَأَصَابَهُ، ضَمِنَ، فَلَوْ أَرْسَلَهُ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، ثُمَّ سَمَّى وَزَجَرَهُ، فَزَادَ عَدْوُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: إِبَاحَتُهُ، لِأَنَّهُ انْزَجَرَ بِتَسْمِيَتِهِ وَزَجْرِهِ، أَشْبَهَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِالْإِرْسَالِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: إِنْ صَادَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ: إِنِ اسْتَرْسَلَ الطَّائِرُ بِنَفْسِهِ فَصَادَ وَقَتَلَ، حَلَّ وَأَكَلَ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْكَلْبِ، (وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ، أَوْ سَهْمَهُ إِلَى هَدَفٍ) وَهُوَ كُلُّ مُرْتَفَعٍ مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ كَثِيبِ رَمْلٍ، أَوْ جَبَلٍ، (فَقَتَلَ صَيْدًا، أَوْ أَرْسَلَهُ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَلَا يَرَى صَيْدًا، لَمْ يَحِلَّ صَيْدُهُ إِذَا قَتَلَهُ) لِأَنَّ قَصْدَ الصَّيْدِ شَرْطٌ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ فِي السَّهْمِ (وَإِنْ رَمَى حَجَرًا يَظُنُّهُ صَيْدًا، فَأَصَابَ صَيْدًا، لَمْ يَحِلَّ) قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ صَيْدًا عَلَى
قَتَلَهُ، وَإِنْ رَمَى حَجَرًا يَظُنُّهُ صَيْدًا، فَأَصَابَ صَيْدًا، لَمْ يَحِلَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحِلَّ. وَإِنْ رَمَى صَيْدًا، فَأَصَابَ غَيْرَهُ حَلَّ، وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَقَتَلَ جَمَاعَةً حَلَّ، وَإِنْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَعَانَتْهُ الرِّيحُ فَقَتَلَتْهُ، وَلَوْلَاهَا مَا وَصَلَ - حَلَّ، وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ مَلَكَهُ، فَإِنْ تَحَامَلَ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ، فَدَخَلَ خَيْمَةَ إِنْسَانٍ فَأَخَذَهُ، فَهُوَ لِآخِذِهِ، وَلَوْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ صَيْدٌ، فَإِنْ خَرَقَهَا، وَذَهَبَ بِهَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْحَقِيقَةِ، وَكَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ، أَوْ ظَنَّهُ أَوْ عَلِمَهُ غَيْرَ صَيْدٍ، فَأَصَابَ صَيْدًا، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحِلَّ) اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، لِأَنَّ صِحَّةَ الْقَصْدِ تَنْبَنِي عَلَى الظَّنِّ، وَقَدْ وُجِدَ وَصَحَّ، وَكَمَا لَوْ رَمَى غَيْرُهُ، أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَكَّ، هَلْ هُوَ صَيْدٌ أَمْ لَا؛ لَمْ يُبَحْ، لِأَنَّ صِحَّةَ الْقَصْدِ تَنْبَنِي عَلَى الْعِلْمِ، وَلَمْ يُوجَدْ.
تَتِمَّةٌ: إِذَا قَصَدَ إِنْسَانًا أَوْ حَجَرًا، أَوْ رَمَى عَبَثًا غَيْرَ قَاصِدٍ صَيْدًا فَقَتَلَهُ، لَمْ يَحِلَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ صَيْدًا، لِكَوْنِ الصيد لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَإِنْ ظَنَّهُ صَيْدًا، فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ حَلَّ، وَإِنْ ظَنَّهُ كَلْبًا أَوْ خِنْزِيرًا، لَمْ يُبَحْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ رَمَى مَا ظَنَّهُ حَجَرًا، أَوْ آدَمِيًّا، فَبَانَ صَيْدًا، أَوْ رَمَى حَجَرًا ظَنَّهُ صَيْدًا، فَأَصَابَ صَيْدًا، أَوْ سَمِعَ حِسٍّا لَيْلًا، أَوْ رَأَى سَوَادًا، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً، أَوْ سَهْمَهُ، فَأَصَابَ صَيْدًا فَوَجْهَانِ.
وَقِيلَ: إِنْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، أَوْ بَهِيمَةً، أَوْ حَجَرًا، فَقَتَلَهُ، فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ، لَمْ يُبَحْ، (وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ، حَلَّ) وَالْجَارِحُ كَالسَّهْمِ فِي هَذَا، نَصَّ عَلَيْهِ، لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ، فَحَلَّ مَا صَادَهُ، كَمَا لَوْ أَرْسَلَهَا عَلَى كِبَارٍ فَتَفَرَّقَتْ عَنْ صِغَارٍ، أَوْ كَمَا لَوْ أَخَذَ صَيْدًا فِي طَرِيقِهِ، (وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَقَتَلَ جَمَاعَةً حَلَّ) لِأَنَّ شَرْطَ الْحِلِّ قَصْدُ الصَّيْدِ فِي الْجُمْلَةِ، لَا قَصْدُ الصَّيْدِ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا، (وَإِنْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَعَانَتْهُ الرِّيحُ فَقَتَلَتْهُ، وَلَوْلَاهَا مَا وَصَلَ، حَلَّ) لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِسَهْمِهِ وَرَمْيِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَ سَهْمُهُ عَلَى حَجَرٍ، فَرَدَّهُ عَلَى الصَّيْدِ فَقَتَلَهُ، وَلِأَنَّ الْإِرْسَالَ لَهُ حُكْمُ الْحِلِّ، وَالرِّيحُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهَا، (وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ مَلَكَهُ) لِأَنَّهُ أَزَالَ امْتِنَاعَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ، (فَإِنْ تَحَامَلَ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَلَزِمَهُ، كَمَا يَلْزَمُهُ رَدُّ مِلْكِ غَيْرِهِ،
فَصَادَهُ آخَرُ، فَهُوَ لِلثَّانِي، وَإِنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ، فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِهِ، فَهِيَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ. وَإِنْ صَنَعَ بِرْكَةً لِيَصِيدَ بِهَا السَّمَكَ، فَمَا حَصَلَ فِيهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالشَّاةِ وَنَحْوِهَا، (وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ، فَدَخَلَ خَيْمَةَ إِنْسَانٍ) أَوْ غَيْرَهَا (فَأَخَذَهُ فَهُوَ لِآخِذِهِ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَمْلِكْهُ، لِكَوْنِهِ مُمْتَنِعًا، فَمَلَكَهُ الثَّانِي بِأَخْذِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ خَرَجَ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: هُوَ لِصَاحِبِ الْخَيْمَةِ، وَلَوْ نَصَبَ خَيْمَةً لِلْأَخْذِ مَلَكَهُ، وَإِنْ مَاتَ فِيهَا، فَهُوَ لَهُ.
فَرْعٌ: إِذَا رَمَى طَيْرًا عَلَى شَجَرَةٍ فِي دَارِ قَوْمٍ، فَطَرَحَهُ فِي دَارِهِمْ فَأَخَذُوهُ، فَهُوَ لِلرَّامِي، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِإِزَالَةِ امْتِنَاعِهِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إِنْ حَمَلَ نَفْسَهُ فَسَقَطَ خَارِجَ الدَّارِ، فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ سَقَطَ فِيهَا فَهُوَ لَهُمْ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لِلْمُوحِي، (وَلَوْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ) أَوْ فَخِّهِ أَوْ شَرَكِهِ (صَيْدٌ) فَهُوَ لَهُ، لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِآلَتِهِ (فَإِنْ خَرَقَهَا، وَذَهَبَ بِهَا، فَصَادَهُ آخَرُ، فَهُوَ لِلثَّانِي) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ الْأَوَّلُ، وَمَا مَعَهُ لُقَطَةٌ، فَإِنْ كَانَ يَمْشِي بِالشَّبَكَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ، فَهُوَ لِصَاحِبِهَا، لَكِنْ إِنْ أَمْسَكَهُ الصَّائِدُ وَثَبَتَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْفَلَتَ مِنْهُ، لَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ شَرَدَتْ فَرَسُهُ، أَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ صَادَهُ فَوَجَدَ عَلَيْهِ عَلَامَةً كَقِلَادَةٍ فِي عُنُقِهِ أَوْ قُرْطٍ فِي أُذُنِهِ، فَلَوْ وَجَدَ طَائِرًا مَقْصُوصَ الْجَنَاحِ فَلُقَطَةٌ، وَيَمْلِكُ الصَّيْدَ بِإِلْجَائِهِ إِلَى مَضِيقٍ يَعْجِزُ عَنِ الِانْفِلَاتِ مِنْهُ، وَكَذَا إِذَا وَقَعَ فِي دِبْقٍ يمنعه مِنَ الطَّيَرَانِ، (وَإِنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِهِ، فَهِيَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ، لِأَنَّ السَّمَكَ مِنَ الصَّيْدِ الْمُبَاحِ، فَمُلِكَتْ بِالسَّبْقِ إِلَيْهَا، كَمَا لَوْ فَتَحَ حِجْرَهُ لِلْأَخْذِ، زَادَ فِي الْوَجِيزِ: مَا لَمْ تَكُنِ السَّفِينَةُ مُعَدَّةً لِلصَّيْدِ، فِي هَذَا الْحَالِ، وَقِيلَ: هُوَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، فَيَكُونَ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهَا إِذَا وَقَعَتْ في السفينة فَهِيَ لِصَاحِبِهَا، لِأَنَّ السَّفِينَةَ مِلْكُهُ، وَيَدُهُ عَلَيْهَا، لَكِنْ إِنْ كَانَتِ السَّمَكَةُ وَثَبَتْ بِفِعْلِ إِنْسَانٍ لِقَصْدِ الصَّيْدِ فَهِيَ لَهُ دُونَ مَنْ وَقَعَتْ فِي حِجْرِهِ، لِأَنَّ الصَّائِدَ أَثْبَتَهَا بِذَلِكَ.
فَرْعٌ: إِذَا دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارَهُ، فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا، وَمِثْلُهُ إِحْيَاءُ أَرْضٍ بِهَا كَنْزٌ مَلَكَهُ، كَنَصْبِ خَيْمَةٍ، وَفِي التَّرْغِيبِ: إِنْ دَخَلَ الصَّيْدُ دَارَهُ، فَأَغْلَقَ بَابَهُ،
مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا ذَلِكَ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ سَمَكٌ، أَوْ عَشَّشَ فِيهَا طَائِرٌ، لَمْ يَمْلِكْهُ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ، وَيُكْرَهُ صَيْدُ السَّمَكِ بِالنَّجَاسَةِ، وَصَيْدُ الطَّيْرِ بِالشِّبَاشِ. وَإِذَا أَرْسَلَ الصَّيْدَ، وَقَالَ: أَعْتَقْتُكَ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزُولَ، وَيَمْلِكَهُ مَنْ أَخَذَهُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَوْ بُرْجَهُ، فَسَدَّ الْمَنَافِذَ، أَوْ حَصَلَتِ السَّمَكَةُ فِي بِرْكَتِهِ، فَسَدَّ مَجْرَى الْمَاءِ، فَقِيلَ: يَمْلِكُهُ، وَقِيلَ: إِنْ سَهُلَ تَنَاوُلُهُ مِنْهُ، وَإِلَّا كَمُتَحَجِّرٍ لِلْأَحْيَاءِ، وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بِغَلْقٍ وَسَدٍّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: مَا يَبْنِيهِ النَّاسُ مِنَ الْأَبْرِجَةِ، فَتُعَشْعِشُ بِهَا الطُّيُورُ يَمْلِكُونَ الْفِرَاخَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الطُّيُورُ مَمْلُوكَةً، فَهِيَ لِأَرْبَابِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَحَوَّلَ طَيْرٌ مِنْ بُرْجِ زَيْدٍ إِلَى بُرْجِ عَمْرٍو، لَزِمَ عَمْرًا رَدُّهُ، وَإِنِ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مُنِعَ عَمْرٌو مِنَ التَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ يَنْقُلُ الْمِلْكَ حَتَّى يَصْطَلِحَا، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ حَقَّهُ، أَوْ وَهَبَهُ، صَحَّ فِي الْأَقْيَسِ (وَإِنْ صَنَعَ بِرْكَةً لِيَصِيدَ بِهَا السَّمَكَ، فَمَا حَصَلَ فِيهَا مَلَكَهُ) لِأَنَّهَا آلَةٌ لِلصَّيْدِ، قَصَدَ بِهَا السَّمَكَ فَمَلَكَهُ، وَكَمَا لَوْ وَقَعَ فِي شَبَكَةٍ، أَوْ فَخٍّ، أَوْ مِنْجَلٍ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا ذَلِكَ لَمْ يَمْلِكْهُ) كَمَا لَوْ تَوَحَّلَ الصَّيْدُ فِي أَرْضِهِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَمْلِكُهُ بِالتَّوَحُّلِ (وَكَذَلِكَ إِنْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ سَمَكٌ، أَوْ عَشَّشَ فِيهَا طَائِرٌ لَمْ يَمْلِكْهُ) لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِذَلِكَ، أَشْبَهَ الْبِرْكَةَ الَّتِي لَمْ يُقْصَدْ بِهَا الِاصْطِيَادُ، نَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ، فِيمَنْ صَادَ مِنْ نَخْلَةٍ بِدَارِ قَوْمٍ: هُوَ لَهُ، فَإِنْ رَمَاهُ بِبُنْدُقَةٍ فَوَقَعَ فِيهَا فَهُوَ لِأَهْلِهَا، (وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ) عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ، وَلِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ، لَكِنْ يَأْثَمُ بِدُخُولِهَا بِدُونِ إِذْنِ رَبِّهَا، وَقِيلَ: مُسْتَأْجِرُهَا أَوْلَى مِنْ رَبِّهَا، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لِلْمُؤَجِّرِ، (وَيُكْرَهُ صَيْدُ السَّمَكِ بِالنَّجَاسَةِ) قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِمَا فِيهِ مِنْ أَكْلِ السَّمَكِ لِلنَّجَاسَةِ، فَيَصِيرُ كَالْجَلَّالَةِ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَنَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، وَقَالَ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِمْ بِالسُّلْطَانِ، وَفِي الْمُبْهِجِ فِيهِ: وَبِمُحَرَّمٍ، رِوَايَتَانِ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ الصَّيْدَ بِبَنَاتِ وَرْدَانَ، وَقَالَ: مَأْوَاهَا الْحُشُوشُ، وَكَذَا بِالضَّفَادِعِ (وَصَيْدُ الطَّيْرِ بِالشِّبَاشِ) وَهُوَ طَائِرٌ تَخِيطُ عَيْنَيْهِ وَيُرْبَطُ، لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْحَيَوَانِ.
وَكَذَا يُكْرَهُ مِنْ وَكْرِهِ، أَطْلَقَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا بِلَيْلٍ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا، كَالْفَرْخِ مِنْهُ، وَلَا بِمَا يُسْكِرُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُكْرَهُ بِلَيْلٍ.