الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
الرَّابِعُ: التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ أَوِ الْجَارِحَةِ، فَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ يُبَحْ، سَوَاءٌ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَائِدَةٌ: لَا بَأْسَ بِشَبَكَةٍ، وَفَخٍّ، وَدِبْقٍ، قَالَ أَحْمَدُ: وَكُلِّ حِيلَةٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ بِمُثَقَّلٍ، كَبُنْدُقٍ، وَكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الرَّمْيَ بِهِ مُطْلَقًا، لِنَهْيِ عُثْمَانَ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُنْدُقِ، يُرْمَى بِهِ الصَّيْدُ، لَا لِلْعَبَثِ، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هُوَ مَعْصِيَةٌ، فَلَوْ مَنَعَهُ الْمَاءُ حَتَّى صَادَهُ حَلَّ أَكْلُهُ، وَحَرَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُصَادُ الْحَمَامُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَحْشِيًّا (وَإِذَا أَرْسَلَ الصَّيْدَ، وَقَالَ: أَعْتَقْتُكَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ إِجْمَاعًا، كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَكَانْفِلَاتِهِ، أَوْ نَدَّ أَيَّامًا، ثُمَّ صَادَهُ آخَرُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْإِرْسَالَ وَالْاعْتِقَاقَ لَا يُوجِبُ زَوَالَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ أَعْتَقْتُكَ فِي حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ، لِأَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَزُولَ، وَيَمْلِكَهُ مَنْ أَخَذَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَالْإِرْسَالُ يَرُدُّهُ إِلَى أَصْلِهِ بِخِلَافِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَلِأَنَّ الْإِرْسَالَ هُنَا بَعِيدٌ، وَهُوَ: رَدُّ الصَّيْدِ إِلَى الْخَلَاصِ مِنْ أَيْدِي الْآدَمِيِّينَ، وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَى عُصْفُورًا مِنْ صَبِيٍّ، فَأَطْلَقَهُ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ إِرْسَالُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا أَحْرَمَ، بِخِلَافِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْعِتْقُ إِحْدَاثُ قُوَّةٍ تُصَادِفُ الرِّقَّ، وَهُوَ ضَعْفٌ شَرْعِيٌّ يَقُومُ بِالْمَحَلِّ، فَيَمْنَعُهُ عَنْ دَفْعِ يَدِ الِاسْتِيلَاءِ عَنْهُ، وَالرِّقُّ غَيْرُ الْمَالِيَّةِ.
[فَصْلٌ الشَّرْطُ الرَّابِعُ التَّسْمِيَةُ]
فصل
(الرَّابِعُ: التَّسْمِيَةُ) فِي الْجُمْلَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] وَلِلْأَخْبَارِ، (عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ أَوِ الْجَارِحَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفِعْلُ الْمَوْجُودُ مِنَ الْمُرْسِلِ، فَاعْتُبِرَتِ التَّسْمِيَةُ عِنْدَهُ كَمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ قَبْلَهُ قَرِيبًا، فَصَلَ بِكَلَامٍ أَوْ لَا (فَإِنْ تَرْكَهَا لَمْ يُبَحْ، سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ
تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: إِنْ نَسِيَهَا عَلَى السَّهْمِ أُبِيحَ، وَإِنْ نَسِيَهَا عَلَى الْجَارِحَةِ لَمْ تُبَحْ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ، وَأَنَّهُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، لِلْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَالذَّبِيحَةِ أَنَّ الذَّبْحَ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ، فَجَازَ أَنْ يُسَامِحَ فِيهِ، بِخِلَافِ الصَّيْدِ، وَلِأَنَّ فِي الصَّيْدِ نُصُوصًا خَاصَّةً، وَلِأَنَّ الذَّبِيحَةَ تَكْثُرُ وَيَكْثُرُ النِّسْيَانُ فِيهَا، (وَعَنْهُ: إِنْ نَسِيَهَا عَلَى السَّهْمِ أُبِيحَ) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ.» (وَإِنْ نَسِيَهَا عَلَى الْجَارِحَةِ لَمْ تُبَحْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّهْمَ آلَةٌ حَقِيقَةً وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِاخْتِيَارِهِ، وَعَنْهُ: تَسْقُطُ مَعَ السَّهْوِ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ إِجْمَاعًا، قَالَ الْخَلَّالُ: سَهَا حَنْبَلٌ فِي نَقْلِهِ، وَعَنْهُ: سُنَّةٌ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: الْآيَةُ فِي الْمَيْتَةِ، قَدْ رَخَّصَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ الْمُسْلِمُ بِاشْتِرَاطِهَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَكْسَهَا، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ، وَلَيْسَ بِجَاهِلٍ كناس الصوم، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَسَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا سَمَّى عَلَى سَهْمٍ ثُمَّ أَلْقَاهُ وَأَخَذَ غَيْرَهُ لَمْ يُبَحْ مَا صَادَ بِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنِ اعْتِبَارُ التَّسْمِيَةِ عَلَى صَيْدٍ بِعَيْنِهِ، اعْتُبِرَتْ عَلَى الْآلَةِ الَّتِي يَصِيدُ بِهَا، بِخِلَافِ الذَّبِيحَةِ، وَقِيلَ: يُبَاحُ كَمَا لَوْ سَمَّى عَلَى سِكِّينٍ، وَأَخَذَ غَيْرَهَا.