الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُشْتَرَطُ لِلذَّكَاةِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهَا: أَهْلِيَّةُ الذَّابِحِ، وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا مُسْلِمًا، أَوْ كِتَابِيًّا فَتُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَعَنْهُ: لَا تُبَاحُ ذَبِيحَةُ نَصَارَى بَنِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا كَانَ مَأْوَاهُ الْبَحْرَ، وَهُوَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ، كَطَيْرِ الْمَاءِ، وَالسُّلَحْفَاةِ، وَكَلْبِ الْمَاءِ، فَلَا يَحِلُّ إِلَّا بِذَبْحِهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَذَهَبَ إِلَيْهِ قَوْمٌ لِلْأَخْبَارِ، وَالْأَصَحُّ فِي السَّرَطَانِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ، (وَعَنْهُ: فِي الْجَرَادِ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ؛ كَكَبْسِهِ وَتَغْرِيقِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ لَهُ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ فِيهِ كَالذَّبْحِ فِي غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّ مَا أُبِيحَتْ مَيْتَتُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ سَبَبٌ بِدَلِيلِ السَّمَكِ.
[شُرُوطُ الذَّكَاةِ]
[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَهْلِيَّةُ الذَّابِحِ]
(وَيُشْتَرَطُ لِلذَكَاةِ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَالْعُمْدَةِ: لِلنَّحْرِ (شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ) قَالَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، (أَحَدُهَا: أَهْلِيَّةُ الذَّابِحِ) وَهُوَ الْمُذَكِّي، (وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا) لِيَصِحَّ قَصْدُ التَّذْكِيَةِ، وَلَوْ مُكْرَهًا، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَذَبْحِ مَغْصُوبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الْأَكْلِ، وَفِي التَّعْلِيقِ لَوْ تَلَاعَبَ بِسِكِّينٍ عَلَى حَلْقِ شَاةٍ، فَصَارَ ذَبْحًا، وَلَمْ يَقْصِدْ حَلَّ أَكْلِهَا لَمْ تُبَحْ، وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ تَحْرِيمَ مَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ لِصَوْلِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أَكْلُهُ، أَوْ وَطِئَهُ آدَمِيٌّ إِذَا قُتِلَ، وَفِي التَّرْغِيبِ: هَلْ يَكْفِي قَصْدُ الذَّبْحِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِحْلَالِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ، (مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ. وَرَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَا تَأْكُلُوا مِنَ الذَّبَائِحِ إِلَّا مَا ذَبَحَ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ. وَالْعَدْلُ، وَالْفَاسِقُ سَوَاءٌ وَلَوْ مُمَيِّزًا، وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: لَا دُونَ عَشْرٍ (فَتُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) وَلَوْ قِنًّا، وَهُوَ كَالْحُرِّ إِجْمَاعًا، ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَاخْتُلِفَ فِي ذَبْحِ الصَّبِيِّ، وَقَيَّدَهُ أَحْمَدُ بِإِطَاقَةِ الذَّبْحِ، وَالْجُنُبِ وَالْآبِقِ؛ نَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْأَقْلَفِ: لَا صَلَاةَ لَهُ وَلَا حَجَّ، هِيَ مِنْ تَمَامِ الْإِسْلَامِ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا بَأْسَ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ جُنُبٌ، وَمِثْلُهُ حَائِضٌ، وَظَاهِرُهُ: إِبَاحَةُ
تَغْلِبَ، وَلَا مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ، وَلَا تُبَاحُ ذَكَاةُ مَجْنُون، وَلَا سَكْرَانَ، وَلَا طِفْلٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَلَا وَثَنِيٍّ، وَلَا مَجُوسِيٍّ، وَلَا مُرْتَدٍّ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ذَكَاةِ أَعْمَى، وَذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمَا (وَعَنْهُ: لَا تُبَاحُ ذَبِيحَةُ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ) فِي الْأَظْهَرِ، قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا تَأْكُلُوا مِنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ.
وَظَاهِرُ الْمَتْنِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: الْإِبَاحَةُ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي الصَّابِئَةِ رِوَايَتَانِ، مَأْخَذُهُمَا هَلْ هُمْ مِنَ النَّصَارَى، أَمْ لَا؟ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ: يَسْبِتُونَ، جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ، وَكُلُّ مَنْ يَصِيرُ إِلَى كِتَابٍ فَلَا بَأْسَ بِذَبِيحَتِهِ، (وَلَا مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ غير كِتَابِيٌّ) قَالَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ: تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَالْأَشْهَرُ الْحِلُّ مُطْلَقًا لِلْعُمُومِ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: مَنْ أَقَرَّ بِجِزْيَةٍ حَلَّتْ ذَكَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا. (وَلَا تُبَاحُ ذَكَاةُ مَجْنُونٍ) وَفِي مَعْنَاهُ: الْمَغْمِيٌّ عَلَيْهِ فِي حَالِ إِغْمَائِهِ، (وَلَا سَكْرَانَ وَلَا طِفْلٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمُ الْقَصْدُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَرَبَ إِنْسَانًا بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَ عُنُقَ شَاةٍ (وَلَا وَثَنِيٍّ، وَلَا مَجُوسِيٍّ) أَمَّا الْمَجُوسُ فَلَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ، لِمَفْهُومِ الْآيَةِ، وَلِخَبَرٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَكَسَائِرِ الكفار غير أَهْلِ الْكِتَابِ، وَشَذَّ أَبُو ثَوْرٍ، فَأَبَاحَ صَيْدَهُ وَذَبِيحَتَهُ، لِقَوْلِهِ عليه السلام:«سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَلِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ كَأَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: خَرَقَ أَبُو ثَوْرٍ الْإِجْمَاعَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ مَا صَادَهُ الْمَجُوسُ مِنْ سَمَكٍ وَجَرَادٍ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: أَصَحُّهُمَا عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ التَّحْرِيمُ، وَأَمَّا الْوَثَنِيُّ فَحُكْمُهُ كَالْمَجُوسِ، بَلْ هُمْ شَرٌّ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الْمَجُوسَ لَهُمْ شِبْهُ كِتَابٍ، (وَلَا مُرْتَدٍّ) لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ كَالْوَثَنِيِّ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ تَحِلُّ ذَكَاةُ مُرْتَدٍّ إِلَى أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنِ انْتَقَلَ إِلَى دِينٍ يُقِرُّ أَهْلُهُ بِكِتَابٍ وَجِزْيَةٍ، وَأَقَرَّ عَلَيْهِ حَلَّتْ ذَكَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا