الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطنة بالديار المصرية، فبقي مدة، وحسنت سيرته، وكان محبباً للناس، ثم استعفى، وصرف بالأمير كوندك، وقبض عليه حتى مات معتقلاً بالإسكندرية في سنة ثمانين وستمائة.
وكان ديناً خيراً، وله فضل وأدب، ومات وهو من أبناء الأربعين. رحمه الله.
1122 - الأقرع
…
-
670 هـ -
…
- 1272 م
سنقر بن عبد الله الأقرع، الأمير شمس الدين
.
أحد مماليك الملك المظفر غازي بن الملك العادل صاحب ميافارقين، تنقلت به الأحوال حتى صار من كبار الأمراء بالديار المصرية، ثم أمسكه الملك الظاهر بيبرس وحبسه إلى أن توفي سنة سبعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
1123 - الأشقر
…
-
692 هـ -
…
- 1293 م
سنقر بن عبد الله الصالحي النجمي، الأمير شمس الدين
.
كان من عتقاء الملك الصالح نجم الدين أيوب، ومن أعيان مماليكه ثم صار، بعد موته من جملة الأمراء، ثم توجه إلى دمشق فأمسكه الملك الناصر يوسف صاحب حلب وحبسه، فاستمر محبوساً إلى أن ورد هولاكو إلى حلب وجده محبوساً فأطلقه، وأخذه صحبته إلى بلاده، وأنعم عليه وأكرمه واستمر عنده مدة، وتأهل هناك، ورزق الأولاد.
فصار رفيقه الملك الظاهر بيبرس يحرض على خلاصه من بلاد التتار فلم يقدر على ذلك، فاتفق أن الملك لما أسر كيفون بن صاحب سيس بعث إلى الملك الظاهر أبو كيفون يطلبه منه وبذل له مالاً كثيراً، فلم يرض الملك الظاهر بذلك واستمر ابنه الملك الظاهر، فلما استولى الملك الظاهر على أنطاكية، بعث إليه هيثوم صاحب سيس رسولاً بسبب ولده المذكور وذكر أنه يسلم للملك الظاهر القلاع التي كان أخذها من التتار عند استيلائهم على حلب وهي: دربساك وبهسنا ورعيان. فأبى السلطان قبول ذلك وإطلاق ولده
إلا أن يحتال في إخراج سنقر الأشقر هذا من التتار. فعند ذلك سار إليهم بحيلة الاستعانة بهم على الملك الظاهر، واستصحب معه الأمير علم الدين سلطان أحد البحرية، وكان يجتمع بسنقر الأشقر سراً وعليه زي الأرمن ويرغبه في الهرب. وخاف سنقر الأشقر أن يكون ذلك دسيسة عليه، فلا يصغي إليه، ويقول ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج من عند هؤلاء القوم فإنهم محسنون إلي. ولم يزل سلطان المذكور يذكر له إمارات وعلامات ليهتدي بها إلى صحة مرامه حتى أذعن سنقر للهرب. فلما خرج صاحب سيس لبس زيهم، وخرج معهم، فلما وصل إلى بلده سار علم الدين سلطان المذكور إلى الملك الظاهر، وعرفه بما وقع، فعند ذلك بعث الملك الظاهر إلى القاهرة وأحضر كيفون ابن صاحب سيس فوصل إليه والملك الظاهر على أنطاكية، فسار به إلى دمشق فدخلها يوم السبت سابع عشر شهر رمضان سنة ست وستين وستمائة، ثم سيره إلى سيس، ووقفوا به على النهر من غير أن يطلقوه حتى يحضر سنقر الأشقر ثم وصل سنقر الأشقر مع جماعة من الأرمن ووقفوا به من تلك الجهة على النهر، ثم أطلق كل واحد منهما، وتسلم نواب الملك الظاهر دربساك ورعيان، ولم يبق مما وقع عليه الاتفاق
إلا بهسنا فإن صاحب سيس سأل الأمير سنقر الأشقر أن يشفع فيه عند الملك الظاهر في إبقائها عليه على سبيل الإقطاع، فوعده سنقر بذلك، وقال لنواب الملك الظاهر: أنا أجيب الملك الظاهر بالجواب فتوجهوا صحبة سنقر الأشقر إلى جهة الملك الظاهر.
فلما بلغ الملك الظاهر قدوم سنقر الأشقر خرج من دمشق في تاسع عشر شوال، ونزل على القطيفة. فلما بلغه أن سنقر الأشقر وصل إلى خان المناخ ركب الملك الظاهر وحده وسار إليه، فما أحس سنقر إلا والملك الظاهر على رأسه، فقام إليه وترجل له واعتنقا طويلاً، وسارا حتى نزلا في الدهليز ليلاً، فلما أصبحا خرجا منه معاً. فعجب العساكر كيف اجتمعا ولم يشعر بهما، ثم سأل سنقر الأشقر السلطان في إبقاء بهسنا مع صاحب سيس، فامتنع السلطان من ذلك، فقال له سنقر: يا خوند أنا قد رهنت لساني عنده، ووعدته ببلوغ قصده، وقد أحسن إلي غاية الإحسان، فأجابه الملك الظاهر.
واستمر سنقر من أعظم أمراء الملك الظاهر إلى أن توفي الملك الظاهر وتسلطن ولده الملك السعيد، ثم خلع وتسلطن أخوه سلامش، وبقي قلاوون
مدبر المملكة استقر الأشقر في نيابة الشام، فوصل إلى دمشق بعظمة زائدة، وخرج إلى لقائه أهل دمشق، وزينت دمشق لقدومه. واستمر إلى أن تسلطن قلاوون، فلم يرض بذلك سنقر المذكور، وتسلطن هو أيضاً بدمشق، بعد أن استولى على قلعتها، ولقب بالملك الكامل، وجهز العساكر إلى نحو غزة، وجرت له أمور. ثم إن الملك المنصور قلاوون أرسل إليه عسكراً كثيفاً إلى دمشق، ومقدم العسكر الأمير سنجر الحلبي، وكان الأمير سنجر أيضاً قد تغلب على الملك الظاهر بيبرس في أول سلطنته، وتسلطن ولقب بالملك المجاهد، ثم قبض عليه الملك الظاهر، حسبما ذكرناه في ترجمته.
ولما اتصل الخبر إلى سنقر الأشقر بوصول الأمير سنجر مقدم العساكر إليه، خرج هو بنفسه وبجميع من عنده من العساكر إليه، والتقى الجيشان يوم الأحد سادس عشر صفر وقت طلوع الشمس، وتقاتلا أشد القتال، وثبت الملك الكامل سنقر الأشقر، وقاتل قتالاً عظيماً واستمر القتال إلى الرابعة من النهار، ولم يقتل من الفريقين إلا نفر يسير جداً، وخامر أكثر عسكر دمشق على سنقر الأشقر، فعند ذلك انهزم سنقر الأشقر وتوجه إلى رحبة مالك ابن طوق، ومعه عيسى بن مهنا، وتسلم المصريون دمشق.
ثم جهز الأمير سنجر فرقة من العساكر تقارب ثلاثة آلاف فارس في طلب سنقر الأشقر ومن معه من الأمراء والجند، ثم ردفهم بعسكر آخر من دمشق،
فلما بلغ سنقر الأشقر ذلك فارق عيسى بن مهنا، وتوجه بمن معه إلى البرية، إلى الحصون التي كانت بقيت بيد نوابه، ليحصن هو ومن معه فيها، وهي صهيون. وكان بها أولاده وخزائنه، فدخلها هو أيضاً، وبقية القلاع التي بيده صارت في يد أعوانه، وهم عدة قلاع: بلاطنس، وبرزية، وحصن عكار، وجبلة، واللاذقية، والشغر، وبكاس، وشيزر. ووقع له أمور وحوادث، فبينما هم كذلك إذ وردت الأخبار في جمادى الآخرة بأن التتار خذلهم الله قد قصدوا بلاد الشام، فخرج من كان بدمشق من العسكر الشامي والمصري، ومقدمهم الأمير زين الدين إياجي، ولحق ببقية العسكر الذين كانوا على شيزر، وكانوا قد تأخروا عنها، ونزلوا بظاهر حماة، ووصل من الديار المصرية عسكر أيضاً، واجتمع الجميع على حماة، وأرسلوا بالكشافة إلى بلاد التتار، وأخليت حلب من العساكر التي بها والتجأوا إلى حماة.
وظن التتار أن سنقر الأشقر ومن معه يتفقون معهم، ويكونون جميعاً على العسكر المصري، فأرسل أمراء العسكر المصري إلى أن سنقر الأشقر يقولون له: هذا العدو قد دهمنا، وما سببه إلا الخلف بيننا، وما ينبغي أن نهلك الإسلام في الوسط، والمصلحة أننا نجتمع على وقعة واحدة. فنزل سنقر الأشقر من صهيون
والحاج أزدمر من شيزر بإشارة سنقر الأشقر. وخيمت كل طائفة تحت قلعتها، ولم يجتمعوا بالمصريين، واتفقوا على اجتماع الكلمة ودفع العدو عن الشام، واستمروا على ذلك إلى يوم الجمعة حادي عشرين جمادى الآخرة، وصلت طائفة عظيمة من عساكر التتار إلى حلب؛ وقتلوا من كان ظاهراً، وسبوا، وأحرقوا الجوامع والمدارس المعتبرة، ودار السلطنة، ودور الأمراء الكبار، ووأفسدوا فساداً كبيراً، وكان أكثر من تخلف بها استتر في المقابر وغيرها. وأقاموا التتار بحلب يومين على هذه الصورة، وفي يوم الأحد ثالث عشرين جمادى رحلوا من حلب راجعين إلى بلادهم.
ولما بلغ العسكر المصري والشامي عود التتار فرحوا بذلك؛ ثم التفتوا إلى سنقر الأشقر، وترددت الرسل بينهم، ثم هرب جماعة من أمراء سنقر الأشقر ودخلوا في طاعة الملك المنصور قلاوون، واستمر سنقر بصهيون إلى سنة ثمانين وستمائة. خرج الملك المنصور إلى دمشق لنصرة الإسلام ودفع التتار، وترددت الرسل بينه وبين سنقر الأشقر في الصلح، فاصطلحا وحلف الملك المنصور لسنقر، وسر الناس لذلك، ودقت البشائر بدمشق.
ووجه ما وقع عليه الصلح أن سنقر الأشقر رفع يده عن شيزر، وسلمها إلى نواب الملك المنصور، وعوضه الملك المنصور عنها أفامية وكفر طاب، وأنطاكية، والسويداء، والشغر، وبكاس، ودير كوش بأعمالها كلها، وعدة ضياع مفرقة، وأن يقيم على ذلك، وعلى ما كان استقر بيده عند الصلح وهو: صهيون، وبلاطنس، وبرزية، وجبلة، واللاذقية. وخوطب بالمقر العالي المولوي السيدي العالمي العادلي الشمسي، ولم يصرح له بلفظ الملك ولا أمير، وكان يخاطب قبل ذلك في مكاتبته بالجناب العالي الأميري الشمسي.
فلما كان يوم الأحد ثالث شهر رجب نزل الملك المنصور على حمص لقتال التتار، وأرسل إلى سنقر الأشقر بالحضور إليه بمن معه من الأمراء والعسكر، فوصل سنقر الأشقر إلى الملك المنصور، واجتمع به، وحصل له احترام وإكرام، والاجتماع على العدو المخذول إلى العدو المخذول إلى يوم المصاف قاتل الأمير سنقر الأشقر بين يدي الملك المنصور قتالاً شديداً، وأبلى بلاء حسناً، وثبت ثباتاً عظيماً، فلما أيد الله المسلمين بنصره عاد سنقر في خدمة الملك المنصور إلى حمص، ثم ودعه وعاد إلى صهيون.
فلما كان سنة ست وثمانين وقعت الوحشة بينهما، فجهز المنصور الأمير قلاووز وطائفة من العساكر صحبة الأمير حسام الدين طرنطاي بمن معه إلى دمشق
لحصار صهيون وانتزاعها من يد الأمير سنقر الأشقر، فلما وصل طرنطاي إلى دمشق استصحب معه الأمير حسام الدين لاجين نائب دمشق بعسكر دمشق.
وتوجهوا الجميع حتى نزلوا على صهيون في المحرم، وكان سنقر استعد لقتالهم، فتقاتلوا مدة. وأخذت برزية من سنقر الأشقر، فلما بلغه أخذها منه خارت قواه، ولان لتسليم صهيون على شروط اشترطها. فأجابه طرنطاي إلى ذلك، وحلف له، ونزل من قلعة صهيون بعد حصرها شهراً واحداً، وكان نزوله منها في شهر ربيع الأول من سنة ست وثمانين وستمائة. وتوجه سنقر الأشقر صحبة طرنطاي إلى الديار المصرية، فوفى له طرنطاي بجميع ما وعده، ولم يزل يذب عنه أيام حياته، وسعى له طرنطاي حتى أنعم عليه الملك المنصور قلاوون بإمرة مائة وتقدمه ألف بالديار المصرية. وبقي وافر الحرمة إلى أن توفي الملك المنصور قلاوون وتسلطن من بعده ولده الملك الأشرف خليل. استقر سنقر الأشقر في خدمته أيضاً، وتوجه معه إلى فتح قلعة الروم، فلما عاد الأشرف من فتح قلعة الروم إلى دمشق في سنة إحدى وتسعين وستمائة، أمسك سنقر الأشقر وجهزه إلى الديار المصرية، وتوجه الأشرف بعده إلى القاهرة، وقتله في سنة اثنتين وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى.