الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أياماً بغير كسوة إلى أن جدد له سقفاً، فدلف ما صنعة أكثر من السقف القديم وتكرر منه هذا الفعل، فلم يحمد على ما فعل، وساءت سيرته بمكة لأجل ذلك، ونقم عليه كل أحد، وصار سقف البيت مأوى للطيور، وأتعب الخدام ذلك، فإنهم صاروا كل قليل ينزلون من أعلى البيت بقفف من زبل الحمام وغيره، فما شاء الله كان، وندم هو أيضاً على فعلته، فلم يفده الندم، فكان أمره كقول القائل:
رام نفعا فضر من غير قصد
…
ومن البر ما يكون عقوقا
انتهى.
1134 - الحمزاوي
…
-
810 هـ -
…
- 1407 م
سودون بن عبد الله الحمزاوي الظاهري الدوادار، الأمير سيف الدين
.
كان خصيصاً عند أستاذه الملك الظاهر برقوق، مقرباً عنده إلى الغاية، ثم تنكر عليه في المحرم سنة إحدى وثمانمائة، وضربه ضرباً مبرحاً، وحبسه بخزانة شمائل مدة، ثم أخرجه إلى البلاد الشامية. واستمر بتلك البلاد إلى بعد موت الملك الظاهر برقوق بمدة، قدم إلى القاهرة، وصار من جملة الأمراء بها، إلى سنة أربع وثمانمائة. فلما وقع في السنة المذكورة فتنة بين الأمير يشبك وجكم ونوروز
وسودون طاز، ثم وقع الصلح بينهم على أن يخرجوا سودون هذا إلى نيابة صفد، ويخرج سبعة أخر إلى البلاد الشامية وهم: الأمير أزبك الدوادار، وسودون بشتآو، وهما من العشرات، وقاني باي الخازندار، وبردبك، وهما من الخاصكية وغيرهم. ثم مشى الحال على إخراج الحمزاوي هذا لا غير، فخلع عليه واستقر في نيابة صفد، عوضاً عن الأمير دقماق المحمدي بحكم عزله وذلك في سابع عشرين صفر سنة أربع وثمانمائة. فتوجه إلى صفد وباشرها إلى أن قدم القاهرة في شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة معزولاً، باستدعاء من الملك الناصر فرج صحبة الطواشي عبد اللطيف اللالا، وولى نيابة صفد عوضه الأمير شيخ السليماني شاد الشراب خاناة، وأنعم السلطان على سودون الحمزاوي بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، واستقر به شاد الشراب خاناة عوضاً عن شيخ السليماني المذكور، فاستمر من شهر ربيع الأول إلى يوم الإثنين سابع جمادى الآخرة من السنة استقر خازنداراً، عوضاً عن الأميري آقباي الكركي بعد موته، وأقام على
ذلك إلى شوال من السنة استقر رأسه نوبة النوب، عوضاً عن الأمير سودون المارديني بحكم استقرار سودون المارديني أمير مجلس، عوضاً عن تمراز الناصري المنتقل إلى إمرة سلاح، عوضاً عن بكتمر الركني بحكم استقرار بكتمر رأس نوبة الأمراء.
قلت: وهذه الوظيفة مفقودة في عصرنا هذا وقبله بمدة، واستمر سودون الحمزاوي على ذلك مدة، وأمسك وحبس بالإسكندرية ثم أفرج عنه بعد مدة يسيرة، وأعيد إليه إقطاعه.
ودام على ذلك حتى اختفى الملك الناصر فر وخلع، وتسلطن أخوه الملك المنصور عبد العزيز، واستمر مختفيا إلى أن طلب العود إلى ملكه. وتوجه إلى بيت سودون الحمزاوي هذا وركب من عنده بآلة الحرب، وبين يديه الحمزاوي هذا وغيره من الأمراء، وانتصر على أخيه المنصور، وتسلطن ثانيا. أخلع على سودون الحمزاوي هذا، واستقر به دوادار كبيراً، عوضاً عن الأمير يشبك الشعباني، بحكم انتقال يشبك إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية، بعد القبض على بيبرس ابن أخت الملك الظاهر برقوق، كل ذلك في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانمائة.
واستمر سودون في الدوادارية إلى سنة تسع، توجه مجرداً إلى البلاد الشامية، فلما صار بدمشق عصى وتوجه إلى صفد وملكها، إلى أن طرقه الأمير شيخ المحمودي بصفد، ففر سودون هذا بنفسه إلى دمشق عند الأمير نوروز الحافظي. وأخذ شيخ جميع موجوده، ودام سودون الحمزاوي عند نوروز إلى أن استناب نوروز إينال باي بن قجماس في نيابة غزة، وأردفه بسودون الحمزاوي ويشبك ابن أزدمر وغيرهم. وساروا حتى دخلوا غزة وملكوها، فلم يكن إلا أيام قلائل وطرقهم الأمير شيخ المحمودي أعني المؤيد فخرجوا إليه، وقاتلوه على الجديد خارج غزة في يوم الخميس رابع ذي القعدة سنة تسع وثمانمائة، فقتل الأمير إينال باي بن قجماس في المعركة، ويونس الحافظي نائب حماة، وسودون قرناص. وقبض على سودون الحمزاوي صاحب الترجمة بعدما قلعت عينه، وحمل في القيود إلى الملك الناصر مع آخرين ممن قبض عليهم من الأمراء في المعركة، وصحبتهم رمة الأمير إينال باي بن قجماس. وكان وصوله إلى الديار المصرية في شهر ربيع الآخر سنة عشرة وثمانمائة، فحبسه الملك الناصر إلى سادس عشرين الشهر، استدعى السلطان القضاة إلى بين يديه، وأثبت على سودون الحمزاوي هذا أنه قتل رجلاً ظلماً، فحكموا القضاة بقتله، فقتل. وقتل