الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الشين والراء المهملة
1183 - الأديب الخليع
…
-
738 هـ -
…
- 1337 م
شرف بن أسد، الأديب الموال المصري الماجن، الخليع.
قرأت في تاريخ الشيخ صلاح الدين الصفدي، الوافي بالوفيات، قال: هو شيخ ماجن متهتك، ظريف، خليع، يعجب الكبار، ويعاشر الندماء، ويشبب في المجالس على القيان. رأيته غير مرة بالقاهرة، وأنشدني له شعراً كثيراً، من البلاليق والأزجال والموشحات وغير ذلك، وكان عامياً، مطبوعاً، قليل اللحن، يمدح الأكابر، ويستعطى الجوائز، ويسترفدهم بأنواع المدائح، وصنف عدة مصنفات في مشاشات الخليج والزوائد التي للمصريين،، والنوار والأمثال، ويخلط ذلك بأشعاره. انتهى.
أنشدنا القاضي عز الدين بن الفرات إجازة، وأنشدنا الشيخ صلاح الدين الصفدي إجازة، قال: أنشدني ابن أسد من لفظه لنفسه بالقاهرة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة:
رمضان كلك فتوه
…
وصحيح دينك عليه
وأنا في ذا الوقت معسر
…
وأشتهي الإرفاق شوية
حتى تروي الأرض بالنيل
…
ويباع القرط بدري
وأعطك الدرهم ثلاثة
…
وأصوم شهرين وما أدري
وإن طلبتني في ذا الوقت
…
فأنا أثبت عسري
فامتهل واربح ثوابي
…
لا تربحني خطية
وتخليني أسقف
…
طول نهاري لا عشيه
لك ثلاثين يوم عندي
…
أصبر أعطي المثل مثلين
وإن عسفتني ذا الأيام
…
ما اعترف لك قط بدين
وأنكرك وأحلف وأقول لك
…
أنت من أين وأنا من أين
واهرب أقعد في قمامة
…
أو قلالى بوبشية
وآجي في عيد شوال
…
واستريح من ذي القضية
وإلا خذ مني نقيده
…
في المعجل نصف رحلك
صومي من بكرة إلى الظهر
…
وأقاسي الموت لأجلك
وأصوم لك شهر طوبة
…
ويكون من بعض فضلك
إيش أنا في رحمة الله
…
من أنا بين البرية
أنا إلا عبد مقهور
…
تحت أحكام المشية
من زبون نحس مثلي
…
رمضان خذ ما تيسر
أنت جيت في وقت لو كان
…
الجنيد في مثله أفطر
هون الأمور ومشي
…
بعلي ولا تعسر
وخذ إيش ما سهل الله
…
ما الزبونات بالسوية
الملي خذ منو عاجل
…
وامهل المعسر شوية
ذي حرور تذوب القلب
…
ونهار أطول من العام
وأنا عندي أي من صام
…
رمضان في ذي الأيام
ذاك يكون الله عونه
…
ويكفر عنو الاثام
وجميع كلامي هذا
…
بطريق المسخرية
والله يعلم ما في قلبي
…
والذي لي في الطوية
قال الصفدي: ووضع ابن شرف هذا في ما وضعه، حكاية حكاها لي بالقاهرة المحروسة، ونحن على الخليج بشق الثعبان، في سابع المحرم سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وهي اجتاز بعض النحاة ببعض الأساكفة، فقال له:
أبيت اللعن واللعن يأباك
…
رحم الله أمك وأباك
وهذه تحية العرب في الجاهلية قبل الإسلام، لكن عليك السلام، والسِّلْم والسَّلْم. ومثلك من يعز ويحترم، ويكرم ويحتشم. قرأت القرآن والتيسير والعنوان. والمقامات الحريرية. والدرة الألفية. وكشاف الزمخشري. وتاريخ الطبري، وشرحت اللغة مع العربية على سيبويه، ونفطويه. والحسين بن خالويه. والقاسم بن كميل. والنضر بن شميل. وقد دعتني الضرورة إليك، وتمثلت بين يديك، لعلك تتخفني من بعض
حكمتك، وحسن صنعتك، بنعل يقيني الحر، ويدفع عني الشر، وأعرب لك عن اسمه حقيقاً، لأتخذك بذلك رفيقاً. ففيه لغات مختلفة، على لسان الجمهور مؤتلفة. ففي الناس من كناه بالمداس، وفي عامة الأمم من لقبه بالقدم. وأهل شهرنوزة، سموه بالسارموزة. وإني أخاطبك بلغات هؤلاء القوم، ولا إثم علي في ذلك ولا لوم. والثالثة به أولى، وأسألك أيها المولى. أن تتحفني بسارموزة. أنعم من الموزة. أقوى من الصوان، وأطول عمراً من الزمان. خالية البواشي، مطبقة الحواشي. لا يتغير على وشيها، ولا يروعني مشيها. لا تنقلب إن وطئت بها جروفا، ولا تنفلت إن طحت بها مكانا مخسوفاً. ولا تلتوق من أجلي، ولا يؤلمها ثقلي، ولا تتمزق من رجلي. ولا تتعوج، ولا تتلقوج ولا تنبعج، ولا تنفلج. ولا تقب تحت الرجل، ولا تلصق بخبز الفجل. ظاهرها كالزعفران، وباطنها كشقائق النعمان. أخف من ريش الطير، شديدة البأس على السير. طويلة الكعاب، عالية الأجناب. لا يلحق بها التراب، ولا يغرقها ماء السحاب. تصر صرير الباب، وتلمع كالسراب، وأديمها من غير جراب، جلدها من
خالص جلود الماعز، ما لبسها أحد إلا افتخر بها وعز، مخروزة كخرز الخردفوش، وهي أخف من المنفوش. مسمرة بالحديد ممنطقة، ثابتة في الأرض المزلقة، نعلها من جلد الأفيلة، لا الحمير الفطير، وتكون بالنزر الحقير.
فلما أمسك النحوي من كلامه، وثب الإسكافي على أقدامه. وتمشى وتبختر، وأطرق ساعة وتفكر وتشدد وتشمر، وتحرج وتنمر. ودخل حانوته وخرج، وقد داخله الحنق والحرج. فقال له النحوي: جئت بما طلبته. فقال: لا بل بجواب ما قلته. فقال: قل وأوجز، وسجع ورجز. فقال: أخبرك أيها النحوي. أن الشرسا بحزوي. شطبطبات المتقرقل. والمتقبعقب. لما قرب من قرى قوق القرنقنقق. طرق ررقنا. شراسيف قصر القشتبغ من جانب الشرشنكل. والديوك تصهل.
كنهيق الرقاريق الصولجانات. والحرفرف الفرتاح. يبيض القرقنطق. والزعر برجو احلبنبوا ياحيز، من الطير، بحج بحمندك بشمردل. خاط الركبنبو. شاع الجبربر. بجفر الترتاح. ابن يوشاخ. على لوى شمندخ. بلسان القرواق. مازكلوخ. إنك أكيت أرس برام. المسلنطح بالشمردلند مخلوط، والزيبق بحبال الشمس مربوط. علعل بشعلعل. مات الكركندوش أدعوك في الوليمة، ياتيس تش يا حمار بهيمة. أعيذك بالرحواح، وأبخرك بحصى لبان المستراح. وأوفيك، وأوقيك، وأرقيك. برقوات مرقات قرقرات البطون، لتخلص من داء البرسام والجنون.
ونزل من دكانه، مستغيثاً بجيرانه. وقبض لحية النحوي بكفيه، وخنقه بأصبعيه، حتى خر مغشياً عليه. وبربر في وجهه وزمجر، ونأى بجانبه واستكبر. وشخر ونخر، وتقدم وتأخر. فقال النحوي الله أكبر الله أكبر. ويحك أنت تجننت؟! فقال له: بل أنت تخرفت، والسلام، انتهى. هذا ما أورده الصفدي.