الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه أحدا لأنه لو جذب واحدا لفوّت عليه فضيلة الصفّ الأول ولأوقع الخلل في الصفّ (وذهب) الأوزاعي وأحمد وإسحاق وداود إلى كراهة الجذب (وقال) مالك من صلى خلف الصفوف وحده فإن صلاته تامة مجزئة عنه ولا يجبذ إليه أحدا ومن جبذ أحدا إلى خلفه ليقيمه معه فلا يتبعه وهذا خطأ ممن فعله ومن الذى جبذه اهـ من المدوّنة (وقال) بعضهم جذب الرجل من الصف ظلم (وعن أبي حنيفة) إذا لم يجد فرجة في الصف ينتظر حتى يجئ آخر فيقوم معه فإن لم يجد أحدا حتى أراد الإمام الركوع يجذب واحدا من الصف فيقوم معه لئلا يصير مرتكبا للمنهيّ عنه (وقال) أكثر الشافعية يجذب إليه واحدا من الصف بعد إحرامه ويستحب للمجذوب أن يوافقه لما رواه المصنف في المراسيل من رواية مقاتل بن حيان مرفوعا إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج إليه رجلا فليقم معه فما أعظم أجر المختلج (وبه قالت) الهادويّة وعطاء وإبراهيم النخعي. واستدل القائلون بالجواز بما رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي من حديث وابصة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لرجل صلى خلف الصف أيها المصلى هلا دخلت في الصف أو جررت رجلا من الصف، وبما أخرجه الطبراني عن ابن عباس بإسناده أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر الآتي وقد تمت الصفوف أن يجتذب إليه رجلا يقيمه إلى جنبه
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب إعادة صلاة من صلى خلف الصف. وقد علمت ما فيه. ولعلّ الحكمة في ذلك أن من صلى منفردا خلف الصف تسلط الشيطان عليه وتمكن منه فيشغله عن تمام الخشوع والمناجاة لقوله صلى الله تعالى. عليه وعلى آله وسلم فيما تقدم للمصنف في باب في التشديد في ترك الجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية. بخلاف ما إذا كان ملتئما في الصف فلا يقوى عليه لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يد الله على الجماعة رواه الترمذى عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه والترمذى وقال حديث وابصة حديث حسن ورواه البيهقي من عدة طرق
(باب الرجل يركع دون الصف)
أى في بيان حكم صلاة من ركع خارج الصف. وفي نسخة باب الرجل يركع دون الصفوف
(ص) حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَهُمْ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ، ثَنَا الْحَسَنُ، أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ، حَدَّثَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ، قَالَ: فَرَكَعْتُ دُونَ الصَّفِّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ»
(ش)(زياد الأعلم) هو ابن حسان. و (الحسن) البصرى.
(قوله أن أبا بكرة) هو نفيع بن الحارث
(قوله أنه دخل المسجد الخ) أى وكان مسرعا في مشيه حال الدخول كما تفيده رواية الطحاوى عن حماد بن سلمة أن زيادا الأعلم أخبرهم عن الحسن عن أبي بكرة قال جئت ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم راكع وقد حفزني النفس فركعت دون الصف أى قبل أن أصل إليه ومشيت إلى أن دخلت فيه كما في الرواية الآتية. وركع قبل الوصول إلى الصف خشية أن تفوته الركعة كما في رواية الطبراني عن يونس بن عبيد عن الحسن وفيها فلما قضى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاته قال أيكم صاحب هذا النفس قال خشيت أن تفوتني الركعة فقال صلى الله عليه وآله وسلم زادك الله حرصا أى على الخير والمبادرة إليه (قال) ابن المنير صوّب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل أبي بكرة من الجهة العامة وهى الحرص على إدراك فضيلة الجماعة وخطأه من الجهة الخاصة التي هي الركوع دون الصف أو الإسراع في المشى إلى الصلاة
(قوله ولا تعد) من العود أى لا تعد ثانيا إلى ركوعك دون الصف ويؤيده رواية البيهقي عن أبى بكرة أنه جاء والناس ركوع فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف فلما قضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاته قال أيكم الذى ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف الخ (وما رواه) الطحاوى من طريق ابن عجلان عن الأعرج عن أبى هريرة قال قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأتي مكانه من الصف (فيكون الحديث) دليلا لمن قال بعدم صحة صلاة المتفرد خلف الصف. لكن تقدم عن الجمهور أن هذا إرشاد لأبي بكرة إلى ما هو الأفضل والأكمل. وقيل لا تعد من الإعادة أى لا تعد صلاتك التي صليتها وأحرمت لها دون الصف فيكون دليلا لمن قال بصحة صلاة من صلى وحده خلف الصف (وأجاب عنه) القائلون يبطلان الصلاة بأن أبا بكرة ركع دون الصف خشية أن تفوته الركعة. أو بأن حديث أبي بكرة مخصص لعموم حديث وابصة (قالوا) فمن ابتدأ الصلاة منفردا خلف الصف ثم دخل فيه قبل القيام من الركوع لم تجب عليه الإعادة كما في حديث أبى بكرة وإلا فتجب لعموم حديث وابصة، وقيل لا تعد من العدو أى لا تسرع في مشيك إلى الصلاة إسراعا يحفزك فيه النفس ويؤيده ما تقدم للمصنف عن أبى هريرة عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وما رواه ابن السكن في صحيحه بلفظ أقيمت الصلاة فانطلقت أسعى
حتى دخلت في الصف فلما قضى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصلاة قال من الساعي آنفا قال أبو بكرة فقلت أنا فقال زادك الله حرصا ولا تعد "إذا علمت" ما تقدم من الاحتمالات تعلم أن الحديث لا يصلح دليلا لأحد الفريقين، والأحوط البعد عن الصلاة خلف الصف منفردا لما فيها من الخلاف إلا لضرورة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والبخارى والنسائى والطحاوى والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادٌ، أَنَا زِيَادٌ الْأَعْلَمُ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ جَاءَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ - رَاكِعٌ، فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ:«أَيُّكُمُ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ؟ » فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» .
(ش)(حماد) بن سلمة
(قوله ثم مشى إلى الصف) أى وهو راكع (وفيه دلالة) على أن المشى في الصلاة لمصلحتها لا يبطلها (وقد اختلف) في المقدار الذى يغتفر مشيه من غير بطلان فقدّره بعض الحنفية بخطوة وقدّره البعض الآخر بموضع السجود (وقالت) الشافعية تغتفر الخطوة والخطوتان على التوالى لا ما زاد عليهما وأما إذا كان المشى متقطعا فيغتفر ولو بلغ مائة خطوة (وقالت) المالكية إذا كان المشى لسدّ فرجة أو سترة يغتفر قدر الصفين والثلاثة وأما إذا كان لغيرهما مثل دفع مارّ أو ذهاب دابة ونحوهما فيرجع فيه إلى العرف فما عدّ في العرف قريبا اغتفر وإلا فلا "وفي بعض النسخ" زيادة "قال أبو داود زياد الأعلم زياد بن فلان بن قرّة وهو ابن خالة يونس بن عبيد" وقوله فلان هو كناية عن اسم أبيه وهو حسان كما تقدم
(باب ما يستر المصلى)
أى في بيان ما يتخذه المصلى أمامه سترة حال الصلاة. وفي بعض النسخ تفريع أبواب السترة في الصلاة وقدر ما يستر المصلى
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ،
عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «إِذَا جَعَلْتَ بَيْنَ يَدَيْكَ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلَا يَضُرُّكَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْكَ»
(ش)(رجال الحديث)(إسرائيل) بن يونس و (سماك) بن حرب. و (موسى ابن طلحة) بن عبيد الله القرشي التيمى أبي عيسى أو أبي محمد المدني. روى عن عثمان وعلي وأبي هريرة وابن عمر وآخرين. وعنه ابنه عمران وسعد بن طارق والحكم بن عتيبة وحكيم بن جبير وغيرهم. وثقه ابن سعد وقال كثير الحديث وقال العجلى تابعى ثقة وكان خيارا وقال ابن خراش كان من أجلاء المسلمين. مات سنة ثلاث أو أربع ومائة. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله مثل مؤخرة الرحل) بضم الميم وسكون الهمزة وكسر الخاء المعجمة وفتحها على ما جزم به أبو عبيد. ورواه بعضهم بفتح الهمزة وتشديد الخاء. ويقال فيها آخرة بالمدّ وهي أفصح اللغات وهي الخشبة التي تكون في مؤخر الرحل يستند إليها الراكب (واختلف) في مقدارها فقيل ذراع وقيل ثلثا ذراع وهو الأشهر. وقدّرها عطاء بذراع فما فوقه كما ذكره المصنف بعد (واختلف الفقهاء) في مقدار السترة طولا وغلظا. فقال النووى المعتبر أن يكون طولها كمؤخرة الرحل وأما عرضها فلا ضابط فيه بل يكفى الغليظ والدقيق عندنا. ودليلنا حديث أبي هريرة عنه صلى الله تعالى عليه وعلى وآله وسلم قال يجزئُ من السترة مثل مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة. وعن سبرة بن معبد أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال استتروا في صلاتكم ولو بسهم (وبهذا) قالت الحنابلة (وقالت المالكية) أقلها غلظ رمح وطول ذراع فإن كانت أقل فلا يحصل بها الندب. ويدل لهم حديث العنزة الآتي (وقالت الحنفية) طولها ذراع وغلظها قدر أصبع
(قوله فلا يضرك من مرّ بين يديك) يعني لا ينقص من ثواب صلاتك من مرّ خلف السترة حال صلاتك بخلاف من مرّ بينك وبينها. وأخبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بنفى الضرر لأنه قد فعل ما يؤذن بأنه يصلى وهو وضع السترة. فالمراد بالضرر نقص الصلاة. وفيه إشعار بأن من وضع السترة بين يديه لا ينقص من ثواب صلاته شيء بخلاف من صلى لغير سترة. والحكمة في مشروعيتها كفّ البصر عما ورائها ومنع من يجتاز بينه وبينها
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم بلفظ إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال بمن مرّ وراء ذلك. وأخرجه ابن ماجه عن موسى بن طلحة عن أبيه قال كنا نصلى والدوابّ تمرّ بين أيدينا فذكر ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدى أحدكم فلا يضرّه من مرّ بين يديه وأخرجه الترمذى وقال حديث طلحة حديث حسن صحيح
(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:«آخِرَةُ الرَّحْلِ ذِرَاعٌ فَمَا فَوْقَهُ» .
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ «كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ»
(ش)(ابن نمير) هو عبد الله. و (عبيد الله) بن عمر بن حفص العدوى
(قوله أمر بالحربة الخ) أى بحملها لتغرز في الأرض أمامه صلى الله عليه وآله وسلم ليستتر بها. وهي أقل من الرمح عريضة النصل. وروى البخارى من طريق الأوزاعي عن نافع عن ابن عمر قال كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يغدو إلى المصلى والعنزة بين يديه تحمل وتنصب بالمصلى بين يديه فيصلى إليها. وزاد ابن ماجه وابن خزيمة والإسماعيلي وذلك أن المصلى كان فضاء ليس فيه شئ يستره
(قوله والناس ورائه الخ) بالرفع عطف على فاعل يصلى أى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلى إلى الحربة والحال أن الناس يصلون ورائه وكان ينصب الحربة بين يديه في السفر حيث لا يكون جدار أو نحوه
(قوله فمن ثم اتخذها الأمراء) أى فمن أجل اتخاذ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الحربة فيما ذكر اتخذها الأمراء. وهذه الجملة ليست في رواية ابن ماجه. وفصلها علي بن مسهر من حديث ابن عمر فجعلها من كلام نافع. والضمير في قوله اتخذها عائد على الحربة التي كان يتخذها النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان الأمراء يتناولونها واحدا بعد واحد. ويحتمل عوده على جنس الحربة فيكون فيه استخدام (واختلف) في الحربة التي كان يضعها صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمامه. فقيل هي التي أهداها النجاشى للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقد روى عمر بن شيبة في أخبار المدينة من حديث سعد القرظ أن النجاشي أهدى إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حربة فأمسكها لنفسه فهى التي يمشى بها مع الإمام يوم العيد. وقيل كانت لرجل من المشركين بدليل ما روى من طريق الليث أنه بلغه أن العنزة التي كانت بين يدى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانت لرجل من المشركين فقتله الزبير بن العوام يوم أحد فأخذها منه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فكان ينصبها بين يديه إذا صلى. ويمكن الجمع بأن عنزة الزبير كانت أولا قبل حربة النجاشى
(فقه الحديث) دلّ الحديث مشروعية اتخاذ السترة للصلاة، وعلى مشروعية استصحاب