المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الدعاء في الركوع والسجود) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٥

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الإمام يتطوّع في مكانه)

- ‌(باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة)

- ‌(باب في تحريم الصلاة وتحليلها)

- ‌(باب ما جاء في التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله)

- ‌(باب جماع أبواب ما يصلى فيه)

- ‌(باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلى)

- ‌(باب الرجل يصلى في ثوب بعضه على غيره)

- ‌(باب الإسبال في الصلاة)

- ‌(باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا)

- ‌(باب في كم تصلى المرأة)

- ‌(باب السدل في الصلاة)

- ‌(باب الصلاة في شعر النساء)

- ‌(باب الرجل يصلى عاقصا شعره)

- ‌(باب الصلاة في النعل)

- ‌(باب المصلى إذا خلع نعليه أين يضعهما)

- ‌(باب الصلاة على الخمرة)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(باب الرجل يسجد على ثوبه)

- ‌(باب تسوية الصفوف)

- ‌(باب الصفوف بين السوارى)

- ‌(باب مقام الصبيان من الصف)

- ‌(باب صفّ النساء وكراهة التأخر عن الصفّ الأول)

- ‌(باب مقام الإمام من الصفّ)

- ‌(باب الرجل يصلى وحده خلف الصف)

- ‌(باب الرجل يركع دون الصف)

- ‌(باب الخط إذا لم يجد عصا)

- ‌(باب الصلاة إلى الراحلة)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدّثين والنيام)

- ‌(باب الدنوّ من السترة)

- ‌(باب ما يؤمر المصلى أن يدرأ عن الممر بين يديه)

- ‌(باب ما يقطع الصلاة)

- ‌(باب سترة الإمام سترة لمن خلفه)

- ‌(باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الكلب لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال لا يقطع الصلاة شيء)

- ‌أبواب تفريع استفتاح الصلاة

- ‌(باب رفع اليدين)

- ‌(باب افتتاح الصلاة)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من اثنتين

- ‌(باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌(باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء)

- ‌(باب من رأى الاستفتاح بسبحانك)

- ‌(باب السكتة عند الافتتاح)

- ‌(باب من لم ير الجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌ قصة الإفك

- ‌(باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث)

- ‌(باب ما جاء في نقصان الصلاة)

- ‌(باب القراءة في الظهر)

- ‌(باب تخفيف الأخريين)

- ‌(باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر)

- ‌(باب قدر القراءة في المغرب)

- ‌(باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين)

- ‌(باب من ترك القراءة في صلاته)

- ‌(باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام)

- ‌(باب من رأى القراءة إذا لم يجهر)

- ‌(باب تمام التكبير)

- ‌باب في وضع ركبتيه قبل يديه

- ‌(باب النهوض في الفرد)

- ‌(باب الإقعاء بين السجدتين)

- ‌(باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع)

- ‌(باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين)

- ‌(باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود)

- ‌(باب قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوّعه)

- ‌(باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده)

- ‌(باب الدعاء في الركوع والسجود)

- ‌(باب الدعاء في الصلاة)

- ‌(باب مقدار الركوع والسجود)

- ‌(باب الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع)

- ‌(باب أعضاء السجود)

- ‌(باب السجود على الأنف والجبهة)

- ‌(باب صفة السجود)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)أى في عدم تفريج اليدين عن الجنبين حال السجود

- ‌(باب التخصر والإقعاء)

- ‌(باب البكاء في الصلاة)

- ‌(باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة)

الفصل: ‌(باب الدعاء في الركوع والسجود)

(باب الدعاء في الركوع والسجود)

وفي نسخة باب في الدعاء في الركوع والسجود

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالُوا: نَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قَالَ:«أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ»

(ش)(عمارة) بضم العين المهملة (ابن غزية) بفتح المعجمة وكسر الزاى وتشديد المثناة التحتية تقدم في الجزء الرابع صفحة 200. و (سمىّ) بالتصغير في الجزء الثالث صفحة 89.

(قوله أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) أى أقرب حال يكون فيه العبد قريبا من رحمة ربه حاصل حال سجوده فأقرب مبتدأ وما بمعنى وقوله من ربه على تقدير مضاف والخبر محذوف دلت عليه الجملة الحالية وهي قوله وهو ساجد. وأسند القرب فيه إلى الوقت مجازا. ويحتمل أن تكون ما مصدرية والمصدر المنسبك يقدّر جمعا لأن أفعل بعض ما يضاف إليه أى أقرب أكوان العبد وأحواله من رحمة ربه حاصل حال سجوده. وإنما إن العبد في السجود أقرب إلى رحمة ربه من سائر أحوال الصلاة وغيرها لأن العبد بقدر ما يبعد عن نفسه يقرب من ربه والسجود فيه غاية التواضع وترك التكبر وكسر النفس لأنها لا تأمر صاحبها بالمذلة ولا ترضى بها ولا بالتواضع فإذا سجد فقد خالف نفسه وبعد عنها فإذا بعد عن نفسه قرب من رحمة ربه

(قوله فأكثروا الدعاء) أى حال السجود لأنه حالة قرب وحالة القرب يقبل فيها الدعاء (وفي هذا دلالة) على الترغيب في الاستكثار من السجود ومن الدعاء فيه. وفيه دليل لمن يقول إن كثرة السجود أفضل من طول القيام وسائر أركان الصلاة (وفي هذه المسألة) مذاهب (أحدها) أن كثرة الركوع والسجود أفضل من طول القيام حكاه الترمذى والبغوى عن جماعة وممن قال به ابن عمر. ويدل لهم حديث الباب (وما رواه) أحمد ومسلم عن ثوبان قال سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط بهما عنك خطيئة (وما رواه) النسائى والمصنف عن ربيعة بن كعب قال كنت أبيت مع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم آتيه بوضوئه وحاجته فقال سلني فقلت أسألك مرافقك في الجنة فقال أوغير ذلك فقلت هو ذاك فقال أعني على نفسك بكثرة السجود

ص: 322

(ثانيها) أن طول القيام أفضل من كثرة الركوع والسجود. وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعى وجماعة ويدل لهم ما رواه أحمد ومسلم وغيرهما عن جابر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أفضل الصلاة طول القنوت "أى القيام"(وما رواه النسائى) والمصنف عن عبد الله بن حبشى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سئل أى الأعمال أفضل فقال إيمان لا شك فيه وفيه فأيّ الصلاة أفضل قال طول القنوت (قالوا) ولا يعارض حديث الباب وما في معناه الأحاديث المتقدمة في فضل السجود لأن صيغة أفعل الدالة على التفضيل إنما وردت في فضل طول القيام ولا يلزم من فضل الركوع والسجود أفضليتهما على طول القيام. وكذا لا يلزم من كون العبد أقرب إلى ربه حال سجوده أفضليته على القيام لأن ذلك إنما هو باعتبار إجابة الدعاء (وللمالكية) في هذا قولان ورجح الأمير أفضلية طول القيام. ومحل القولين عندهم إذا اتحد زمن كثرة السجود وزمن القيام أما إذا تفاوتا زمنا فالأفضل منهما الأطول زمنا اتفاقا (وتوقف أحمد) في المسألة ولم يقض فيها بشئ (وقال) إسحاق بن راهويه كثرة الركوع والسجود بالنهار أفضل أما بالليل فتطويل القيام أفضل إلا أن يكون للمصلى مقدار من القرآن يقرؤه فتكثير الركوع والسجود أفضل لأنه يربح كثرة الركوع والسجود ويقرأ ما اعتاد قراءته

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد ومسلم والنسائى والحاكم

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَشَفَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ، وَأَمَّا السُّجُودُ، فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»

(ش)(رجال الحديث)(سفيان) بن عيينة تقدم في الجزء الأول صفحة 47 و (سليمان بن سحيم) بمهملتين مصغرا في الثالث صفحة 138. و (إبراهيم بن عبد الله بن معبد) بوزن مكتب ابن العباس الهاشمى المدني. روى عن أبيه وابن عباس وميمونة. وعنه أخوه عباس ونافع وابن جريج. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب صدوق من الثالثة روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه

(قوله عن أبيه) هو عبد الله بن معبد بن عباس

ص: 323

ابن عبد المطلب المدني الهاشمى. روى عن ابن عباس. وعنه ابنه إبراهيم ومحمد بن جعفر وابن أبى مليكة ومحمد بن على بن ربيعة. وثقه أبو زرعة وقال في التقريب ثقة من الثالثة قليل الحديث روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله كشف الستارة) بكسر السين الستر الذى يكون على باب الدار والبيت

(قوله والناس صفوف خلف أبي بكر) وكان ذلك في مرضه الذى توفي فيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما صرح به في رواية مسلم والنسائى وفيها كشف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذى مات فيه فقال اللهم هل بلغت ثلاث مرات إنه لم يبق من مبشرات النبوة "الحديث" والظاهر أن هذا القول صدر منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد فراغهم من الصلاة

(قوله لم يبق من مبشرات النبوة الخ) أى لم يبق من علامات النبوة إلا الرؤيا الصادقة. والمبشرات جمع مبشرة مأخوذة من تباشير الصبح وهو أول ما يبدو منة. ونظيره قول عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا أول ما بدئ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الوحى الرؤيا الصالحة في النوم وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء "الحديث" رواه البخارى ومسلم. والمراد أنه لم يبق من علامات النبوة مطلقا إلا الرؤيا الصالحة ففيه إشارة إلى قرب وفاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وانقطاع الوحى

(قوله وإني نهيت أن اقرأ راكعا أو ساجدا) النهى له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى لأمته كما يشعر بذلك قوله في الحديث فأما الركوع فعظموا الرب فيه وكما يدل له ما في مسلم أن عليا قال نهاني رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا. وكما تدل عليه أدلة التأسى العامة كقوله تعالى "واتبعوه لعلكم تهتدون"(والحكمة) في النهى عن القراءة في الركوع والسجود أنهما حالتا ذل وانكسار في الظاهر. والمطلوب من القارئ التلبس بحالة الرفعة تعظيما للقرآن الكريم وتكريما للقارئ القائم مقام الكليم "ولا يقال" إن قراءة القرآن عبادة ويناسبها الذلّ والانكسار "لأن المراد" بالذل والانكسار المناسب للعبادة القلبى وهو لا ينافي طلب التلبس بحالة الرفعة ظاهرا (وقال) الخطابي لما كان الركوع والسجود وهما غاية الذل والخضوع مخصوصين بالذكر والتسبيح نهى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن القراءة فيهما كأنه كره أن يجمع بين كلام الله تعالى وكلام الخلق في موضع واحد فيكونان سواء اهـ (وقال ابن الملك) وكأن حكمته أن أفضل أركان الصلاة القيام وأفضل الأذكار القرآن فجعل الأفضل للأفضل ونهى عن جعله في غيره لئلا يوهم استواءه مع بقية الأذكار اهـ (والنهى) عن قراءة القرآن في الركوع والسجود محمول على الكراهة عند الجمهور لا فرق بين الفاتحة وغيرها إلا أن أبا حنيفة قال يسجد للسهو إذا قرأ ساهيا (وللشافعية) في الفاتحة قولان "أصحهما" الكراهة كغيرها

ص: 324

"والثاني" تحرم وتبطل الصلاة بقراءتها إذا كان عمدا فإن قرأ سهوا فلا كراهة (وقال الشافعى) يسجد للسهو مطلقا قرأ عمدا أو سهوا

(قوله فأما الركوع الخ) مرتب على محذوف كأن قائلا يقول إذا نهيت عن القراءة في الركوع والسجود فما نصنع فيهما فقال فأما الركوع فعظموا الرب فيه أى سبحوه ونزهوه ومجدوه. وقد بين صلى الله عليه وعلى آله وسلم الألفاظ التي يقع بها التعظيم في الأحاديث المتقدمة. وأما السجود فاجتهدوا أى أكثروا فيه من الدعاء فإنه حقيق وجدير أن يستجيب الله لكم. فقمن خبر مقدم وأن والفعل في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر وقمن بفتح القاف وفتح الميم مصدر يستعمل بلفظ واحد للمفرد وغيره وللمذكر والمؤنث وبكسر الميم فيطابق في التذكير والتأنيث والإفراد والجمع لأنه وصف ومثله قمين لغة ثالثة فيه. وكان الدعاء حالة السجود حقيقا بالإجابة لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد

(فقه الحديث) دلّ الحديث على صدق رؤيا المؤمن وأنها من علامات النبوة، وعلى النهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود. وتقدم بيان حكمته، وعلى الحث على كثرة الدعاء في السجود وهذا لا ينافي ما تقدم من الأحاديث الدالة على التسبيح في السجود لأنه يجمع فيه بين التسبيح والدعاء أو يسبح تارة ويدعو تارة أخرى (والحديث) أخرجه أحمد ومسلم والنسائى

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ»

(ش)(جرير) بن عبد الحميد. و (منصور) بن المعتمر تقدما في الجزء الأول صفحة 84. و (أبو الضحى) في هذا الجزء صفحة 107. و (مسروق) بن الأجدع في الثاني صفحة 254

(قوله يكثر أن يقول الخ) كذا في رواية منصور وقد بين الأعمش في روايته عن أبي الضحى عند البخارى ابتداء هذا القول وأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واظب عليه ولفظه ما صلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول فيها سبحانك اللهم ربنا الخ (وظاهره) أنه كان يقول ذلك في الصلاة لا غير وفى رواية لمسلم ما يشعر بأنه كان يقوله داخل الصلاة وخارجها (فقد روى) عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه قالت فقلت يا رسول الله أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله

ص: 325

وأتوب إليه فقال أخبرني ربى عز وجل أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه فقد رأيتها إذا جاء نصر الله والفتح فتح مكة ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا

(قوله يتأول القرآن) أى يفسره ويأتي بما أمر به فيه. والمراد بالقرآن بعضه وهو قوله تعالى "فسبح بحمد ربك واستغفره الخ" وفي هذا تعيين أحد الاحتمالين في قوله تعالى "فسبح بحمد ربك" لأنه يحتمل أن يكون المراد بسبح نفس الحمد لما تضمنه الحمد من معنى التسبيح الذى هو التنزيه لاقتضاء الحمد نسبة الأفعال المحمود عليها إلى الله تعالى. وعلى هذا يكفي في امتثال الأمر الاقتصار على الحمد (ويحتمل) أن يكون المراد فسبح متلبسا بالحمد فلا يمتثل حتى يجمعهما وهو الظاهر اهـ من الفتح (والحديث) أخرجه أحمد والبخارى ومسلم والنسائى

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السَّرْحِ، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ، وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» ، زَادَ ابْنُ السَّرْحِ: عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ

(ش)(أبو صالح) هو ذكوان السمان تقدم في الجزء الأول صفحة 44

(قوله دقه وجله) بكسر أولهما وبضم الجيم أيضا أي صغيره وكبيره وهو تفصيل لما قبله. وقدم الصغير على الكبير لأن الكبائر تنشأ غالبا من عدم المبالاة بالصغائر والإصرار عليها فكأنها وسيلة ومن حق الوسائل أن تقدم ولأن السائل يترقى في سؤاله من الأدنى إلى الأعلى

(قوله وأوله وآخره) المراد ما تقدم من ذنبه وما تأخر منه

(قوله زاد ابن السرح علانيته وسرّه) أى زاد أحمد بن السرح في روايته علانيته وسره أى ظاهره وخفيه. وهو بالنسبة لغير الله تعالى لأنهما عند الله سواء. والغرض من هذا كمال التواضع والإذعان لامتثال أمره سبحانه وتعالى والتشريع للأمة وإلا فهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معصوم من الذنب كما تقدم (والحديث) أخرجه مسلم والحاكم

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، نَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ

ص: 326

صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَلَمَسْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ:«أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»

(ش)(عبدة) بن سليمان الكوفى تقدم في الجزء الثالث صفحة 102. و (عبيد الله) ابن عمر العمرى في الأول صفحة 271.

(قوله فقدت) وفي رواية لمسلم افتقدت وهما بمعنى

(قوله فلمست المسجد الخ) أى التمسته وطلبته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الموضع الذى يصلى فيه في البيت. وفي رواية للنسائى فقدت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه فتجسسته فإذا هو راكع أو ساجد. وفى رواية لمسلم فالتمسته فوقعت يدى على بطن قدمه وهو في المسجد "وقوله وقدماه" منصوبتان أى قائمتان "دليل" على أن السنة نصب القدمين حال السجود. وفي رواية النسائى فوجدته وهو ساجد وصدور قدميه نحو القبلة الخ

(قوله أعوذ برضاك من سخطك الخ) أى أتحصن بفعل يوجب رضاك من فعل يوجب سخطك والمراد أسألك التوفيق لفعل الطاعات الموجبة لرضاك وأسألك الحفظ من المعاصى الموجبة لسخطك وأتحصن بعفوك من عقوبتك الناشئة عن غضبك وسخطك (واستعاذ) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بصفات الرحمة لأن رحمة الله تعالى سبقت غضبه

(قوله وأعوذ بك منك) أى أتحصن برحمتك من عذابك أو أتحصن بذاتك من عذابك

(قوله لا أحصى ثناء عليك) أى لا أحصى نعمك وإحسانك والثناء بها عليك إذ لا تخلو لحظة من وصول إحسان منك إلى قال الله تعالى "وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها"

(قوله أنت كما أثنيت على نفسك) أى أنت مستحق لأن يثنى عليك ثناء مثل الثناء الذى أثنيته على ذاتك فالكاف بمعنى مثل وما موصولة أو موصوفة وفي ذلك اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء على الله تعالى وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته وإحصائه إلا هو تعالى ولذا عدل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن التفصيل إلى الجملة ووكل ذلك إلى الله عز وجل المحيط بكل شئ جملة وتفصيلا. وكما أنه لا نهاية لصفاته كذلك لا نهاية للثناء عليه لأن الثناء تابع للمثني عليه وكل ثناء أثني عليه به وإن كثر وطال فقدر الله أعظم وسلطانه أعز وصفاته أكبر وأكثر وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه والترمذى

ص: 327