المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ قصة الإفك - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٥

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الإمام يتطوّع في مكانه)

- ‌(باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة)

- ‌(باب في تحريم الصلاة وتحليلها)

- ‌(باب ما جاء في التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله)

- ‌(باب جماع أبواب ما يصلى فيه)

- ‌(باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلى)

- ‌(باب الرجل يصلى في ثوب بعضه على غيره)

- ‌(باب الإسبال في الصلاة)

- ‌(باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا)

- ‌(باب في كم تصلى المرأة)

- ‌(باب السدل في الصلاة)

- ‌(باب الصلاة في شعر النساء)

- ‌(باب الرجل يصلى عاقصا شعره)

- ‌(باب الصلاة في النعل)

- ‌(باب المصلى إذا خلع نعليه أين يضعهما)

- ‌(باب الصلاة على الخمرة)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(باب الرجل يسجد على ثوبه)

- ‌(باب تسوية الصفوف)

- ‌(باب الصفوف بين السوارى)

- ‌(باب مقام الصبيان من الصف)

- ‌(باب صفّ النساء وكراهة التأخر عن الصفّ الأول)

- ‌(باب مقام الإمام من الصفّ)

- ‌(باب الرجل يصلى وحده خلف الصف)

- ‌(باب الرجل يركع دون الصف)

- ‌(باب الخط إذا لم يجد عصا)

- ‌(باب الصلاة إلى الراحلة)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدّثين والنيام)

- ‌(باب الدنوّ من السترة)

- ‌(باب ما يؤمر المصلى أن يدرأ عن الممر بين يديه)

- ‌(باب ما يقطع الصلاة)

- ‌(باب سترة الإمام سترة لمن خلفه)

- ‌(باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الكلب لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال لا يقطع الصلاة شيء)

- ‌أبواب تفريع استفتاح الصلاة

- ‌(باب رفع اليدين)

- ‌(باب افتتاح الصلاة)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من اثنتين

- ‌(باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌(باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء)

- ‌(باب من رأى الاستفتاح بسبحانك)

- ‌(باب السكتة عند الافتتاح)

- ‌(باب من لم ير الجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌ قصة الإفك

- ‌(باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث)

- ‌(باب ما جاء في نقصان الصلاة)

- ‌(باب القراءة في الظهر)

- ‌(باب تخفيف الأخريين)

- ‌(باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر)

- ‌(باب قدر القراءة في المغرب)

- ‌(باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين)

- ‌(باب من ترك القراءة في صلاته)

- ‌(باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام)

- ‌(باب من رأى القراءة إذا لم يجهر)

- ‌(باب تمام التكبير)

- ‌باب في وضع ركبتيه قبل يديه

- ‌(باب النهوض في الفرد)

- ‌(باب الإقعاء بين السجدتين)

- ‌(باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع)

- ‌(باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين)

- ‌(باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود)

- ‌(باب قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوّعه)

- ‌(باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده)

- ‌(باب الدعاء في الركوع والسجود)

- ‌(باب الدعاء في الصلاة)

- ‌(باب مقدار الركوع والسجود)

- ‌(باب الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع)

- ‌(باب أعضاء السجود)

- ‌(باب السجود على الأنف والجبهة)

- ‌(باب صفة السجود)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)أى في عدم تفريج اليدين عن الجنبين حال السجود

- ‌(باب التخصر والإقعاء)

- ‌(باب البكاء في الصلاة)

- ‌(باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة)

الفصل: ‌ قصة الإفك

(معنى الحديث)

(قوله وذكر الإفك) أى ذكر عروة بن الزبير‌

‌ قصة الإفك

. وفي نسخة وذكرت الإفك أى ذكرت عائشة قصة الإفك. وهو الكذب والافتراء عليها لما استصحبها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في غزوة بنى المصطلق وسقط عقدها فذهبت تلتمسه فارتحل القوم وتركوها ظنا منهم أنها في هودجها وكان صفوان يتخلف عن القوم ويتتبع منازلهم فإذا عثر على شيء من أمتعتهم حمله إليهم فرأى عائشة في منزل القوم وقد غلبها النوم فحوّل وجهه عنها وجعل يسترجع فاستيقظت حين سمعت استرجاعه فأناخ راحلته فركبتها فانطلق يقود بها الراحلة حتى لحق القوم فرماها جماعة كذبا وافتراء بالفاحشة فأنزل الله تعالى براءتها وتعظيم شأنها وتهويل الوعيد لمن تكلم فيها والثناء على من ظن بها خيرا

(قوله وكشف عن وجهه الخ) أى بعد الفراغ من الوحى وقال أعوذ بالله أى أتحصن بالله السميع لأقوال العالم العليم بأحوالهم من الشيطان الرجيم أى المرجوم المبعد عن رحمة الله تعالى

(قوله إن الذين جاءوا بالإفك الخ) أى إن الذين أخبروا بأسوء الكذب على عائشة بقذفها جماعة منكم أى من المؤمنين وهم حسان بن ثابت وعبد الله بن أبى بن سلول ومسطح وحمنة بنت جحش. وأصل العصبة الفرقة قلت أو كثرت وكثر إطلاقها على العشرة إلى الأربعين

(قوله قال أبو داود هذا حديث منكر الخ) أشار به إلى أن حميدا الأعرج انفرد به مخالفا لما رواه الثقات كمعمر ويونس عن الزهرى (ونوزع) في أنه منكر لأن حميدا قوى العدالة وقد أخرج له الشيخان (فالحق) أنه شاذ لا منكر (لأن المنكر) ما خالف الراوى فيه الثقات مع ضعف عدالته (والشاذ) ما خالف فيه الراوى الثقات مع قوّة عدالته (ولعل) المصنف عده منكرا لقول أحمد في حميد إنه ليس بالقوى

(قوله لم يذكروا هذا الكلام الخ) مراده أن من روى هذا الحديث عن الزهرى لم يذكروا فيه الاستعاذة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما أشار له بقوله وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة منه أى من الشيطان كلام حميد. وفي بعض النسخ وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة فيه أى في الحديث. وفي بعضها وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة من كلام حميد. وذكر هذا الحديث هنا غير مناسب للمقام. اللهمّ إلا أن يقال إنه داخل تحت الترجمة لأن المصنف لم يقيد عدم الجهر بالبسملة فيها بالصلاة

(باب من جهر بها)

أى في بيان دليل من قال بالجهر بالبسملة. وفي بعض النسخ إسقاط هذه الترجمة وهو الأجود المناسب لأن الأحاديث الآتية ليس فيها شيء مما يتعلق بالجهر بالبسملة

(ص) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ

ص: 203

ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى بَرَاءَةَ وَهِيَ مِنَ المِئِينَ، وَإِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ المَثَانِي فَجَعَلْتُمُوهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ مِمَّا تَنَزَّلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ، وَيَقُولُ لَهُ:«ضَعْ هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا، كَذَا وَكَذَا» ، وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْآيَتَانِ فَيَقُولُ: مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَّلِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ مَا نُزِّلَ مِنَ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا فَمِنْ هُنَاكَ وَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

(ش)(رجال الحديث)(عمرو بن عون) تقدم في الجزء الأول صفحة 153، وكذا (هشيم) بن بشير صفحة 201، و (عوف) هو ابن أبى جميلة أبو سهل الهجرى العبدى المعروف بالأعرابي. روى عن أبي رجاء وأبى عثمان النهدى وأنس ومحمد ابني سيرين وعلقمة بن وائل وجماعة. وعنه الثورى وشعبة ومروان بن معاوية وابن المبارك ومعتمر بن سليمان وكثيرون. وثقه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد وقال كان كثير الحديث وقال أبو حاتم صدوق وقال في التقريب ثقة رمى بالقدر والتشيع. توفي سنة ست أو سبع وأربعين ومائة. روى له الجماعة. و (يزيد الفارسى) هو ابن هرمز أبو عبد الله المدني مولى بني ليث. روى عن ابن عباس وأبى هريرة وأبان بن عثمان. وعنه سعيد المقبرى والزهرى وقيس بن سعد والمختار بن صيفى وغيرهم. وثقه أبو زرعة وابن معين وابن سعد والعجلى وقال في التقريب ثقة من الثالثة. مات على رأس المائة. روى له مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه

(معنى الحديث)

(قوله ما حملكم أن عمدتم الخ) وفي نسخة على أن عمدتم أى ما الذى بعثكم على قصدكم براءة فجعلتموها من المئين وهي من الطول لأنها تسع وعشرون ومائة آية عند الكوفيين وثلاثون ومائة آية عند البصريين. والمئون جمع مائة وأصلها مئى بوزن حمل فحذفت لام الكلمة وهي الياء وعوّض عنها الهاء وتجمع مائة أيضا على مئات

(قوله وهى من المثاني) أى من السور التي تنقص آياتها عن المائة وتزيد على المفصل. والأنفال خمس أو ست أو سبع

ص: 204

وسبعون آية (قال العلماء) أول القرآن السبع الطوال ثم ذوات المائة وهي إحدى عشرة سورة ثم المثاني وهي ما لم تبلغ مائة وهي عشرون سورة ثم المفصل (وحاصله) أن ابن عباس سأل عن أمور ثلاثة "الأول" أن الأنفال سورة قصيرة من المثانى لأنها سبع وسبعون آية فأدخلتموها في السبع الطول "والثاني" أن براءة سورة طويلة فأدخلتموها في المئين "والثالث" لم تكتبوا بينهما بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مع أنهما سورتان. فقول ابن عباس وهى من المئين مراده وهى من الطول

(قوله فجعلتموها في السبع الطول) وفي أكثر النسخ فجعلتموهما بالتثنية والأولى هي الصواب أى جعلتم الأنفال من السبع الطول. والطول جمع طولى مثل كبرى وكبر. والسبع هى البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والسابعة براءة وقيل مجموع الأنفال وبراءة

(قوله مما تنزل عليه الآيات الخ) أى كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينزل عليه بعض الآيات. وفى نسخة وكان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مما ينزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له كزيد ابن ثابت ومعاوية ويقول له ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا يعنى من القصص والحوادث التي تناسب تلك الآيات المنزلة كقصة هود ونوح والطلاق والنكاح. وهذه زيادة في الجواب تبرع بها عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُللإشارة إلى أن ترتيب الآيات توقيفى وعليه الإجماع

(قوله وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن الخ) أى فهى مدنية أيضا وكانت قصتها أى قصة براءة شبيهة بقصة الأنفال ظننت أن سورة التوبة من الأنفال لما بينهما من المناسبة وقد قبض صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يبين أهي منها أم لا كما صرح به في الرواية الآتية ورواية الترمذى. ووجه الشبه بينهما أن الأنفال بينت ما وقع له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من مشركي أهل مكة وبراءة بينت ما وقع له مع منافقي أهل المدينة. ولأن في كل منهما تعاهدا من المشركين ونبذا لعهدهم وفي كل منهما الأمر بالقتال ففى الأنفال قوله تعالى "يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال" وفي براءة "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم" وقوله "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر" وقوله "انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله"

(قوله فمن هناك الخ) أى من أجل ما ذكر من وجود المشابهة بين السورتين وعدم تبيينه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وضعتهما ولم أكتب بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لأن البسملة كانت تنزل عليه للتيمن والفصل بين السور ولم تنزل بينهما (والحكمة) في عدم نزول الوحى بها ما روى عن ابن عباس قال سألت عليا لم لم تكتب في براءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال لأن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان رواه الحاكم. وأيضا هى سورة عذاب والبسملة رحمة ولا تجمع رحمة مع عذاب وكانت العرب تكتب البسملة أول مراسليها في الصلح والأمان

ص: 205

فإذا نقضوا العهد لم يكتبوها. ونزل القرآن على هذا السنن فصارت البسملة علامة الأمان وعدمها علامة نقيضه. وقيل لم تكتب البسملة بين الأنفال وبراءة لاختلاف الصحابة في أنهما سورة واحدة هى سابعة السبع الطول أو سورتان فتركت البسملة لقول من قال إنهما سورة واحدة وتركت بينهما فرجة لقول من قال هما سورتان.

(فقه الحديث) في الحديث دلالة على فضل عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُومزيد اهتمامه بأمر القرآن الذى هو أساس الدين حتى صار يرجع إليه في أمره أعلام الصحابة كابن عباس. ولما رأى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُفرقة الناس واختلافهم في القرآن مما أدى إلى تخطئة بعضهم بعضا جمع الصحابة خشية تفاقم الأمر وأشار عليهم بجمع القرآن في مصحف واحد مقتصرا على لغة قريش لأنها التي نزل بها القرآن وإن كان قد توسع في قراءته في ابتداء الأمر بلغة غيرهم فوافقوا على ذلك واستصوبوا رأيه (فقد صح) عن على رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أنه قال لا تقولوا في عثمان إلا خيرا فوالله ما فعل الذى فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا قال فما تقولون في هذه القراءة فقد بلغنى أن بعضهم يقول إن قرائتي خير من قرائتك وهذا يكاد أن يكون كفرا قلت فما ترى قال أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف قلنا فنعم ما رأيت (وقد) جمعه قبل ذلك أبو بكر خشية أن يذهب من القرآن شئ لذهاب حملته لأنه لم يكن مجموعا في موضع واحد فجمعه في صحائف مرتبا آيات سوره على ما أوقفهم عليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جمعا كليا بما في ذلك من منسوخ ومتواتر وغيرهما فترك عثمان المنسوخ وأبقى المتواتر وحرّر رسم الحروف وقرّر ترتيب السور والآيات على وفق العرضة الأخيرة من العرضات التي عرضها جبريل عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهى المطابقة لما في اللوح المحفوظ وإن اختلف نزولها منجما على حسب الأحوال. ولذا قال الباقلانى لم يقصد عثمان قصد أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما في نفس القراءة وإنما قصد جمعهم على القراءة العامة المعروفة عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المروية عن القراء السبعة وإلغاء ما ليس كذلك وأخذهم بمصحف واحد لا تقديم فيه ولا تأخير اهـ (وقد) اتفقوا على أن ترتيب الآى توقيفى ولذا حرم عكس ترتيبها بخلاف ترتيب السور فإنه مختلف فيه والأصح أنه توقيفى أيضا

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد وابن حبان والطحاوى والحاكم وقال حديث صحيح الإسناد وأخرجه الترمذى في أبواب التفسير وقال هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسى عن ابن عباس

(ص) حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، نَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ، أَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، عَنْ

ص: 206

يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، حَدَّثَني ابْنُ عَبَّاسٍ، بِمَعْنَاهُ قَالَ فِيهِ: فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا.

(ش)(قوله بمعناه) أى حدث مروان بن معاوية عن عوف حديثا بمعنى حديث هشيم الذى رواه عن عوف

(قوله ولم يبين لنا أنها منها) أى لم يبين لنا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن براءة من الأنفال أو ليست منها

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو مَالِكٍ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ النَّمْلِ هَذَا مَعْنَاهُ

(ش)(الشعبى) تقدم في الجزء الأول صفحة 286. و (أبو مالك) سعد بن طارق في الثالث صفحة 311. و (قتادة) في الأول صفحة 34. و (ثابت بن عمارة) هو البصري الحنفي. روى عن غنيم بن قيس وربيعة بن شيبان وابن تميمة وآخرين. وعنه شعبة والنضر بن شميل ويحيى بن سعيد ومحمد بن عبيد الله وجماعة. وثقه ابن معين والدارقطني وقال أبو حاتم ليس بالمتين عندى وقال النسائى ليس به بأس وقال في التقريب صدوق فيه لين من السادسة. توفي سنة تسع وأربعين ومائة. روى له النسائى وأبو داود والترمذى

(قوله لم يكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الخ) أى لم يبتدئ صلى الله عليه وعلى آله وسلم مراسلاته ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حتى نزلت عليه آية سورة النمل وكان يكتب في أول المراسلات باسمك اللهم جريا على عادة العرب كما أخرجه عبد الرزاق وابن المنذر عن الشعبى قال كان أهل الجاهلية يكتبون باسمك اللهم فكتب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أول ما كتب باسمك اللهم حتى نزلت بسم الله مجريها ومرساها فكتب بسم الله ثم نزلت ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فكتب بسم الله الرحمن ثم نزلت آية النمل إنه من سليمان وإنه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وهذا لا ينافي أن البسملة نزلت عليه قبل آية النمل لأنه ما كان يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. لكنه لم يعلم مشروعية كتابتها في الرسائل إلا من آية النمل. ويحتمل أن معنى قوله لم يكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يأمر بكتابتها في أوائل السور وإن كانت تنزل عليه عند كل سورة ليعرف بها الفصل بين السور حتى نزلت سورة النمل فأمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بكتابتها في أوائل السور (فائدة) قال بعضهم إذا كتبت البسملة في الكتب والرسائل

ص: 207

فالأولى أن تكتب سطرا واحدا (ومن السنة) أن يقدم الكاتب اسمه على اسم المكتوب إليه ولو كان الكاتب مفضولا والمكتوب إليه فاضلا لما روى في البحر عن أنس ما كان أحد أعظم حرمة من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان أصحابه إذا كتبوا له كتابا بدءوا بأنفسهم

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالُوا: نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ قُتَيْبَةُ فِيهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنَزَّلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ السَّرْحِ

(ش)(رجال الحديث)(أحمد بن محمد) بن موسى أبو العباس المعروف بمردويه روى عن إسحاق بن يوسف وابن المبارك وجرير وغيرهم. وعنه البخارى والترمذى والنسائى وقال لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب ثقة حافظ من العاشرة. مات سنة ثلاث ومائتين. و (المروزى) نسبة إلى مرو على غير قياس والقياس مروى وهي أشهر مدن خراسان. و (عمرو) هو ابن دينار البصرى الأعور أبو يحيى. روى عن سالم بن عبد الله وصيفى بن صهيب. وعنها الحمادان وسفيان بن عيينة وخارجة بن مصعب وسعيد بن زيد وإسماعيل بن علية ومعتمر ابن سليمان وغيرهم. قال أبو حاتم ضعيف يروى عن سالم بن عبد الله بن عمر الأحاديث المنكرة وقال أبو زرعة واه وقال ابن حبان لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب كان يتفرّد بالموضوعات عن الأثبات وقال العجلى يكتب حديثه وليس بالقوى وقال النسائى ليس بثقة وقال الترمذى ليس بالقوى وقال في التقريب ضعيف من السادسة

(قوله قال قتيبة فيه عن ابن عباس) أى قال قتيبة في روايته عن ابن عباس فهو متصل بخلاف رواية أحمد بن محمد المروزى ورواية ابن السرح فإنها مرسلة

(معنى الحديث)

(قوله لا يعرف فصل السورة الخ) وفي نسخة السور أى لا يعرف

انقضاءها حتى تنزل عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وفيه دلالة) على تكرار نزول البسملة وهذا يدل على شرفها ومزيد فضلها (وفيه دلالة) أيضا على أن البسملة آية من القرآن لوصفها بالإنزال. وكونها آية مستقلة أو آية من كل سورة تقدم الكلام عليه (قال الشوكاني) في النيل اعلم أن الأمة أجمعت على أنه لا يكفر من أثبتها ولا من نفاها لاختلاف العلماء فيها بخلاف ما لو نفى حرفا مجمعا عليه أو أثبت

ص: 208