الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب تفريع استفتاح الصلاة
أى هذه أبواب يذكر فيها ما يفتتح به الصلاة. وهي متفرعة على ما مضى من الأبواب وفي بعض النسخ تفريع أبواب استفتاح الصلاة. وفي بعضها أبواب استفتاح الصلاة
(باب رفع اليدين)
أى في بيان مواضع رفع اليدين في الصلاة
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ "إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَبَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ -وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً: وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يَقُولُ: وَبَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ- وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ"
(ش)(سفيان) بن عيينة. و (سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب
(قوله إذا استفتح الصلاة رفع يديه) أى إذا شرع في الصلاة رفع يديه عند تكبيرة الإحرام. وفي رواية البخارى كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة (وفيه دلالة) على مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام واختلف في حكمه. فذهب الجمهور إلى استحبابه (وذهب) داود والأوزاعي والحميدى وابن خزيمة وأحمد ابن سيار والنيسابورى إلى وجوبه. لكن لا دليل عليه إلا أن يقال إن مداومته صلى الله عليه وآله وسلم على الفعل تدلّ على الوجوب. وفي ذلك خلاف والراجح عدم دلالتها على الوجوب (ونقل) ابن المنذر والعبدرى عن الزيدية أنه لا يجوز رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ولا غيرها. لكن هذا غلط فإن إمامهم زيد بن على ذكر في كتابه حديث الرفع وقال باستحبابه وكذا قال بالاستحباب أكابر أئمتهم المتقدمين والمتأخرين (وفي كيفية) رفع اليدين أقوال فقال بعضهم يرفعهما ناشرا أصابعه مستقبلا بباطن كفيه القبلة لما رواه الطبراني عن ابن عمر مرفوعا إذا استفتح أحدكم الصلاة فليرفع يديه وليستقبل بباطنهما القبلة فإن الله عز وجل أمامه. وما رواه الترمذى عن أبى هريرة قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا كبر نشر أصابعه. وقال بعضهم تكون اليدان قائمتين محنية أطراف أصابعهما. وقيل تكونان مبسوطتين بطونهما إلى السماء وظهورها إلى الأرض. وقال سحنون بطونهما إلى الأرض وظهورهما إلى السماء. وقال الغزالى لا يتكلف ضما
ولا تفريقا بل يتركهما على هيئتهما (والحكمة) في رفع اليدين عند الإحرام استعظام ما دخل فيه. وقيل إشارة إلى نبذ الدنيا وراءه والإقبال بكليته على صلاته ومناجاة ربه حتى يطابق فعله قوله الله أكبر. قال القاضى عياض وهذه الوجوه تناسب القول برفعهما منتصبتين. وقيل إن ذلك خضوع ورهبانية وهو يناسب نصبهما منحنية أطراف الأصابع (وقال) في حجة الله البالغة السرّ في ذلك أن رفع اليدين فعل تعظيمى ينبه النفس على ترك الأشغال المنافية للصلاة والدخول في حيز المناجاة فشرع لتنبيه النفس لثمرة ذلك الفعل اهـ (وقال الباجى) إن التكبير شرع في الصلاة عند عمل قرن به للانتقال من حال إلى حال فلما لم يكن عند تكبيرة الإحرام عمل من الانتقال من حال إلى حال قرن به رفع اليدين كما قرن بالسلام الإشارة بالرأس والوجه إلى اليمين اهـ
(قوله حتى يحاذى منكبيه) غاية لرفع يديه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو دليل على أن الرفع يكون إلى المنكبين (وبه قال) أحمد ومالك والشافعى وإسحاق مستدلين بحديث الباب وغيره من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الدالة على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه (وذهبت الحنفية) وجماعة إلى أن رفع اليدين يكون حذو الأذنين. واستدلوا بما رواه مسلم عن مالك بن الحويرث أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذى بهما أذنيه. وبما رواه الطحاوى عن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى تكون إبهاماه قريبين من شحمتى أذنيه. وبما رواه أيضا عن وائل بن حجر قال رأيت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين يكبر للصلاة يرفع يديه حيال أذنيه. وسيأتى نحوه للمصنف (وأجابوا) عن أحاديث الرفع إلى المنكبين بأنها محمولة على حالة العذر كالبرد. وروى الطحاوى من طريق شريك عن وائل ابن حجر قال أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آلة وسلم فرأيته يرفع يديه حذاء أذنيه إذا كبر وإذا رفع وإذا سجد فذكر من هذا ما شاء الله قال ثم أتيته في العام المقبل وعليهم الأكسية والبرانس وكانوا يرفعون أيديهم فيها وأشار شريك إلى صدره (قال الطحاوى) فأخبر وائل بن حجر في حديثه هذا أن رفعهم إلى مناكبهم إنما كان لأن أيديهم كانت حينئذ في ثيابهم وأخبر أنهم كانوا يرفعون إذا كانت أيديهم ليست في ثيابهم إلى حذو آذانهم فأعملنا روايته كلها فجعلنا الرفع إذا كانت اليدان في الثياب لعلة البرد إلى منتهى ما يستطاع الرفع إليه وهو المنكبان وإذا كانتا باديتين رفعهما إلى الأذنين كما فعل صلى الله عليه وآله وسلم ولم يجز أن يجعل حديث ابن عمر وما أشبهه الذى فيه ذكر رفع اليدين إلى المنكبين أن ذلك كان واليدان باديتان لجواز أنهما كانتا في الثياب وإلا لكان مخالفا لما روى وائل بن حجر فيتضادّ الحديثان اهـ ببعض تصرف. ويمكن الجمع بين أحاديث الرفع إلى المنكبين وأحاديث الرفع إلى الأذنين بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
كان يرفع يديه حذو منكبيه بحيث تحاذى أطراف أصابعه أعلى أذنيه وإبهاماه شحمتي أذنيه وراحتاه منكبيه وبهذا جمع الشافعى بينهما. أو يقال إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعل هذا تارة وذاك تارة أخرى ولذا قال ابن عبد البر. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الرفع مدّا فوق الأذنين مع الرأس. وروى أنه كان يرفعهما حذاء أذنيه وروى حذو منكبيه وروى إلى صدره كلها آثار محفوظة مشهورة دالة على التوسعة اهـ
(قوله وإذا أراد أن يركع) فيه إشارة إلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه عند الشروع في الركوع وفي رواية البخارى كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع أى حين يبتدئ الركوع وهي بمعنى رواية المصنف
(قوله وبعد ما يرفع رأسه من الركوع) أى بعد ما يشرع في رفع رأسه من الركوع لا بعد انتهائه كما تدل عليه الرواية الآتية وفيها ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما (وهو دليل) على استحباب رفع اليدين عند الركوع والرفع منه وبه قال الشافعى وأحمد وإسحاق والحسن البصرى وابن سيرين وعطاء وطاوس ومجاهد والقاسم ومكحول والأوزاعي وغيرهم من التابعين مستدلين بحديث الباب وأشباهه وهو قول أبى بكر وعمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأنس وابن الزبير وأبي هريرة وأبي موسى الأشعرى وكثيرين من الصحابة (واختلفت) الروايات عن مالك فروى ابن القاسم عنه عدم الرفع عند الركوع والرفع منه (وبه قال) أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة وهو قول الثورى وابن أبي ليلى والنخعى والشعبى. واستدلوا بما سيأتى للمصنف والدارقطني عن البراء قال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لم يعد. لكن لا يصلح للاستدلال به لأنه من رواية يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف كما سيأتي بيانه. واستدلوا أيضا بما رواه أحمد والترمذى وسيأتى للمصنف عن ابن مسعود أنه قال لأصلينّ لكم صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة. ولا يصلح للاستدلال به أيضا لأنه ضعفه غير واحد كما سيأتي واستدلوا أيضا بما رواه البيهقي في الخلافيات عن عبد الله بن عون الخزّاز عن مالك عن الزهرى عن ابن عمر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه إذا استفتح الصلاة ثم لا يعود قال الحاكم هو حديث باطل موضوع ولا يجوز أن يذكر إلا على سبيل القدح اهـ إلى غير ذلك من الأحاديث والآثار التي لا تخلو عن مقال. وأجاب بعضهم عن حديث الباب وأشباهه بأنه منسوخ. لكن لا دليل على النسخ وقد جائت أحاديث الرفع في المواضع المذكورة عن جمع من الصحابة عند الجماعة وغيرهم وهي مثبتة وتلك نافية ويقدّم المثبت على النافي (قال) في النيل إن الصحابة قد أجمعوا على هذه السنة بعد موته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهم
لا يجمعون إلا على أمر فارقوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليه. على أنه قد ثبت من حديث ابن عمر عند البيهقي أنه بعد أن ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرم وعند الركوع وعند الاعتدال فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى اهـ وعلى تقدير أنه صلى الله عليه وآله وسلم تركه فهو لبيان الجواز لا لأنه الراجح. وروى ابن وهب وأشهب وأبو مصعب وغيرهم أن مالكا كان يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع منه. وقال ابن عبد الحكم لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع فيهما إلا ابن القاسم. والذى نأخذ به الرفع لحديث ابن عمر وهو الذى رواه ابن وهب وغيره عن مالك ولم يحك الترمذى عن مالك غيره اهـ ونقل الخطابي وتبعه القرطبى أن الرفع فيهما آخر قولى مالك وأصحهما. وحديث ابن عمر الذى أشار إليه ابن عبد الحكم هو ما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وكان لا يفعل ذلك في السجود (إذا علمت) هذا علمت أن الثابت عن مالك رفع اليدين عند الركوع والرفع منه (قال البخارى) في جزء رفع اليدين روى الرفع تسع عشرة نفسا من الصحابة. وذكر البيهقي أسماءهم نحوا من ثلاثين صحابيا وقال سمعت الحاكم يقول اتفق على رواية هذه السنة العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أكابر الصحابة "ثم قال" ولا نعلم سنة اتفق على روايتها العشرة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في الأقطار الشاسعة غير هذه السنة اهـ وروى ابن عساكر في تاريخه من طريق أبي سلمة عن الأعرج قال أدركت الناس كلهم يرفعون أيديهم عند كل خفض ورفع اهـ (وهذه السنة) يشترك فيها الرجال والنساء ولم يرد ما يدل على الفرق بينهما فيها وكذا لم يرد ما يدل على الفرق بينهما في مقدار الرفع خلافا لبعض الحنفية أن الرجل يرفع يديه إلى الأذنين والمرأة إلى المنكبين لأنه أستر لها. وكذا لا فرق في ذلك بين إمام ومأموم ومنفرد ولا بين الفريضة والنافلة
(قوله وقال سفيان مرّة الخ) أى قال في روايته مرّة وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه وأكثر ما كان يقول سفيان في روايته هو قوله وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه
(قوله ولا يرفع بين السجدتين) أى لا يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجدة الأولى. وفي رواية البخارى ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود (وفي هذا دلالة) على عدم مشروعية رفع اليدين بين السجدتين وهو مذهب الجمهور
(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعلى مشروعية رفعهما عند الركوع والرفع منه، وعلى عدم مشروعية رفعهما بين السجدتين (فائدة) إذا لم يمكن المصلى رفع يديه أو أمكنه رفع إحداهما أو أمكنه رفعهما إلى دون
المنكبين رفع ما أمكنه لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم رواه للبخارى ومسلم "وإن كان" به علة إذا رفع يده جاوز المنكب "رفع لأنه" أتى بالمأمور به وبزيادة هو مغلوب عليها. وإن نسى الرفع وذكره قبل أن يفرغ من التكبير أتي به لأن محله باق (وقال النووى) قال أصحابنا إذا كان أقطع اليدين أو إحداهما من المعصم "موضع السوار" رفع للساعد (قال البغوى) فإن قطع من المرفق رفع العضد على أصح الوجهين والثاني لا يرفع لأن العضد لا يرفع في حال الصحة. وجزم المتولى برفع العضد
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجه ومالك في الموطأ والنسائى والدارقطنى من عدّة طرق عن ابن عمر وأخرجه الطحاوى في شرح معاني الآثار وأخرجه البيهقى من طريق سعدان بن نصر المخرمى ثنا سفيان بن عيينة الخ نحوه
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، ثَنَا بَقِيَّةُ، ثَنَا الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ وَهُمَا كَذَلِكَ فَيَرْكَعُ، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ صُلْبَهُ رَفَعَهُمَا حَتَّى تَكُونَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ وَيَرْفَعُهُمَا فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاتُهُ "
(ش)(رجال الحديث)(محمد بن المصفى) بن بهلول (الحمصى) أبو عبد الله الحافظ روى عن أبيه ومحمد بن حرب والوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب وابن عيينة وآخرين. وعنه أبو داود والنسائى وابن ماجه وأبو حاتم وكثيرون. قال أبو حاتم صدوق وقال صالح بن محمد كان مخلطا وأرجو أن يكون صدوقا وقد حدث بأحاديث مناكير وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطئ وقال في التقريب صدوق له أوهام وكان يدلس من العاشرة. مات سنة ست وأربعين ومائتين و (بقية) بن الوليد تقدم في جزء 2 صفحة صفحة 173. و (الزبيدى) في جزء 4 صفحة 274. و (الزهرى) في جزء 1 صفحة 48. و (سالم) بن عبد الله بن عمر في جزء 3 صفحة 78. وأبوه (عبد الله بن عمر) تقدم في جزء 1 صفحة 51.
(معنى الحديث)
(قوله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه الخ) أى إذا قام إلى الصلاة وافتتحها بتكبيرة الإحرام رفع يديه عندها ثم كبر للركوع وهما مرفوعتان حذو المنكبين (وفيه إشارة) إلى أن رفع اليدين للركوع يكون مقارنا للتكبير له. ويحتمل أن المراد كبر للإحرام واليدان
مرفوعتان حذو منكبيه. وقوله فيركع فيه حذف أى ثم يقرأ فيركع وهما مرفوعتان إلى المنكبين
(قوله ثم إذا أراد أن يرفع صلبه) أى من الركوع. والصلب الظهر وجمعه أصلاب
(قوله ويرفعهما في كل تكبيرة الخ) لعله أتى به لدفع ما يتوهم أن رفع اليدين في الركوع خاص بالركعة الأولى
(من أخرج الحديث أيضا) أخرخه الدارقطني بسنده إلى الزبيدى عن الزهرى عن سالم عن أبيه قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قام صلى الصلاة رفع يديه حتى إذا كانتا حذو منكبيه كبر ثم إذا أراد أن يركع رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه وهما كذلك ثم يرفع ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه ثم قال سمع الله لمن حمده ثم سجد فلا يرفع يديه في السجود ويرفعهما في كلّ تكبيرة يكبرها قبل الركوع حتى تنقضى صلاته اهـ وأخرج البيهقى نحوه من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن الزهرى عن سالم الخ وأخرجه أيضا من عدّة طرق
(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي فَحَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ " إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ الْتَحَفَ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ وَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَجَدَ وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ "، قَالَ: مُحَمَّدٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، فَقَالَ: هِيَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ وَتَرَكَهُ مَنْ تَرَكَهُ.
(ش)(رجال الحديث)(عبيد الله بن عمر) تقدم في جزء 1 صفحة 61 و (عبد الوارث) في جزء 1 صفحة 29 و (محمد بن جحادة) بضم الجيم الأودى الكوفي روى عن أنس ونافع وأبى حازم والحكم بن عتيبة وعطاء بن أبي رباح وأبي إسحاق السبيعى وجماعة وعنه شعبة والسفيانان وزهير بن معاوية وشريك النخعى وآخرون. وثقه أحمد وعثمان بن أبي شيبة
والعجلى وللنسائى وأبو حاتم وقال صدوق وقال في التقريب ثقة من الخامسة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. روى له الجماعة. و (عبد الجبار بن وائل بن حجر) بضم الحاء المهملة وسكون الجيم الحضرمى الكوفي أبو محمد. روى عن أبيه وأخيه علقمة وعن أمه أمّ يحيى. وعنه ابنه سعيد وحجاج بن أرطاة والحسن النخعى وأبو إسحاق السبيعى وآخرون. وثقه ابن معين وأبو حاتم وابن جرير ويعقوب بن سفيان ويعقوب بن شيبة والدارقطني والحاكم وتكلموا جميعا في روايته عن أبيه وقال البخارى لا يصح سماعه من أبيه مات أبوه قبل أن يولد وقال في التقريب ثقة لكنه أرسل عن أبيه. توفي سنة اثنتي عشرة ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه والتزمذى
(قوله كنت غلاما الخ) أى كنت صبيا لا أفهم صلاة أبي. وهو صريح في أن قائله عبد الجبار فيقتضى وجوده حال حياة أبيه. لكن قد علمت أن أباه مات قبل أن يولد قال الحافظ نصّ البزار على أن القائل كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي هو علقمة بن وائل لا أخوه عبد الجبار
(قوله وائل بن علقمة) كذا قال القواريرى عن عبد الوارث عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار ابن وائل عن وائل بن علقمة وتابعه على ذلك أبو خيثمة عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه وقال إبراهيم بن الحجاج وعمران بن موسى عن عبد الوارث بن سعيد بسنده عن علقمة بن وائل وكذا قال إسحاق بن أبى إسراءيل عن عبد الصمد قال الحافظ وهو الصواب
(قوله عن أبي وائل بن حجر) وائل بدل من أبي في قوله لا أعقل صلاة أبي. وهو ابن سعد بن مسروق بن وائل بن ضمعج الحضرمى. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعنه ابناه علقمة وعبد الجبار وأم يحيى زوجه وكليب بن شهاب وأبو جرير. قال أبو نعيم قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنزله وأصعده معه على المنبر وأقطعه القطائع وكتب له عهدا وقال هذا وائل بن حجر سيد الأقيال جاءكم حبا لله ولرسوله وذكره ابن سعد فيمن نزل الكوفة من الصحابة وبشر به النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل قدومه. مات في ولاية معاوية
(معنى الحديث)
(قوله فكان إذا كبر رفع يديه الخ) أى إذا أراد أن يكبر للإحرام وفي رواية مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر وقوله ثم التحف أى بثوبه كما صرح به في رواية مسلم والبيهقى. والمراد أنه أدخل يديه في كميه. ولعل التحاف يديه كان لبرد شديد أو لبيان أن عدم كشف اليدين في غير التكبير جائز من غير كراهة
(قوله ثم أخذ شماله بيمينه الخ) أى قبض بيده اليمينى على يده اليسرى واضعا لهما على صدره وأدخل يديه في ثوبه. وهي جملة مؤكدة لقوله ثم التحف
(قوله ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه الخ) أى جعلهما إزاء أذنيه وإذا رفع رأسه من السجود أيضا رفع يديه كما رفعهما عند الرفع من الركوع وبه قال أبو بكر بن المنذر والطبرى وبعض أهل الحديث (ولعل) هذا كان
أوّلا ثم نسخ بالأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يرفع يديه عند الرفع من السجود (منها) ما تقدم عن ابن عمر (ومنها) ما رواه النسائى والترمذى والدارقطني والمصنف عن على قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل هذا إذا قضى قراءته فأراد أن يركع وإذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو جالس اهـ على أن زيادة رفع اليدين في السجود غير متفق عليها من رواية ابن جحادة كما سيأتي
(قوله قال محمد فذكرت ذلك للحسن الخ) أى قال محمد بن جحادة فذكرت ما حدثنى به عبد الجبار بن وائل للحسن البصرى فقال هي صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعله أى فعل هذا الثابت عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من وفقه الله تعالى فيثاب عليه وتركه من تركه فلا يؤجر ويلام على تركه. وتقدمت ترجمة الحسن البصرى في جزء 1 صفحة 69.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن العمل القليل في الصلاة لا يبطلها، وعلى استحباب رفع اليدين عند الدخول في الصلاة وعند الركوع والرفع منه. وتقدم بيانه، وعلى استحباب كشف اليدين عند رفعهما. وعلى استحباب وضعهما في السجود حذاء أذنيه، وعلى مشروعية وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر حال القيام في الصلاة. وسيأتى تمام الكلام عليه
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الترمذى وابن خزيمة وأخرجه البيهقى من طريق عفان قال حدثنا همام ثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل ابن حجر أنه رأى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين دخل في الصلاة كبر قال أبو عثمان وصف همام حيال أذنيه يعني رفع اليدين ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على يده اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ورفعهما فكبر فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هَمَّامٌ، عَنِ ابْنِ جُحَادَةَ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ مَعَ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ
(ش)(همام) بن يحيى تقدم في جزء 1 صفحة 74. وغرض المصنف بهذا بيان أنه قد اختلف على محمد بن جحادة في رواية الحديث فرواه عنه عبد الوارث بن سعيد بذكر رفع اليدين في السجود ورواه عنه همام بدونه وهو الصواب لما علمته من أن رفع اليدين في السجود منسوخ. ورواية همام هذه أخرجها مسلم والنسائى من طريق همام عن محمد بن جحادة عن علقمة ابن وائل عن أبيه أنه رأى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله سلم رفع يديه حين دخل في الصلاة
وكبر ثم التحف بثوبه ثم وضع اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يده ثم رفعهما وكبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه ورواها البيهقى من طرق عفان قال ثنا همام ثنا محمد بن جحادة الخ. وتقدم لفظه
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، ثَنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ، حَدَّثَنِي أَهْلُ بَيْتِي، عَنْ أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرَ» .
(ش)(مسدد) بن مسرهد تقدم في جزء 1 صفحة 24. و (يزيد بن زريع) في جزء 1 صفحة 227. و (المسعودى) في جزء 4 صفحة 159
(قوله حدثنى أهل بيتي) لم تعرف أسماؤهم ولا أحوالهم فهم مجهولون
(قوله أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه مع التكبير) وفي نسخة مع التكبيرة (وفيه دلالة) على أن رفع اليدين يكون مقارنا لتكبيرة الإحرام لأن المعية تقتضى ابتداء الرفع عند ابتداء التكبير وانتهاءه بانتهائه. وبه قال مالك في المشهور عنه وأحمد والشافعية في أصح الأقوال عندهم وهو رواية عند الحنفية. وقال أكثرهم يرفع أولا ثم يبتدئُ التكبير مع إرسال اليدين وينهيه مع انتهائه. وصحح البغوى أنه يرفع بلا تكبير ثم يكبر ويداه قارّتان ثم يرسلهما بعد فراغ التكبير. وصحح الرافعي أنه يبتدئُ الرفع مع ابتداء التكبير ولا حدّ لهما في الانتهاء. والكل واسع والخلاف إنما هو في الأكمل وأصل السنة يحصل بشيء من ذلك ولا خلاف لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل هذا كله لصحة الروايات به وتخصيص كلّ بوقت لما تقتضيه المصلحة. ولم يعرف ما فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أكثر من غيره ولا آخر ما فعله فعمل كل بما قام عنده من الأدلة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والبيهقي
(ص) حَدَّثَنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَبْصَرَ «النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ حِينَ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى كَانَتَا بِحِيَالِ مَنْكِبَيْهِ وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ» .
(ش)(رجال الحديث)(عثمان بن أبي شيبة) تقدم في جزء 1 صفحة 65 و (عبد الرحيم بن سليمان) أبو على المروزى الكنانى. روى عن عاصم الأحول
وهشام بن حسان وهشام بن عروة وزكريا بن أبي زائدة وآخرين. وعنه أبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري وأبو كريب وأبو سعيد الأشج والوليد بن شجاع وغيرهم وثقه ابن معين وأبو داود وقال أبو حاتم صالح الحديث كان عنده مصنفات وقال العجلى ثقة متعبد كثير الحديث وقال عثمان بن أبي شيبة ثقة صدوق ليس بحجة. توفي سنة سبع وثمانين ومائة. روى له الجماعة. و (الحسن بن عبيد الله النخعى) بن عروة أبي عروة الكوفي. روى عن جامع بن شدّاد وأبى وائل والشعبى وأبي زرعة وإبراهيم بن الأسود وجماعة. وعنه السفيانان وشعبة وجرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل وغيرهم. وثقه النسائى وأبو حاتم والعجلى وابن معين وقال الساجى صدوق وقال يعقوب بن سفيان كان من خيار أهل الكوفة وقال البخارى عامة حديثه مضطرب وضعفه الدارقطني بالنسبة للأعمش. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه والترمذى
(معنى الحديث)
(قوله وحاذى بإبهاميه أذنيه) أى جعل إبهاميه مساويين لأذنيه، وهذا الحديث يقوى الجمع المتقدم عن الشافعى بين الأحاديث الدالة على أن رفع اليدين يكون حذو الأذنين وبين الأحاديث الدالة على أنه يكون حذو المنكبين لأن المراد أنه جعل راحتيه حيال منكبيه وإبهاميه حيال أذنيه وأطراف أصابعه حيال أعالى أذنيه
(قوله ثم كبر) فيه دلالة للحنفية على أن تكبيرة الإحرام تكون بعد رفع اليدين. لكن تقدم أن عبد الجبار لم يصح له سماع من أبيه فلا يقوى الاستدلال بحديثه. وتقدم بيانه.
(من أخرج الحديث أيضا) أخرج أحمد نحوه
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: قُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ «فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا، مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ رَأْسَهُ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ
الْيُسْرَى وَحَدَّ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَقَبَضَ ثِنْتَيْنِ وَحَلَّقَ حَلْقَةً» وَرَأَيْتُهُ يَقُولُ: هَكَذَا وَحَلَّقَ بِشْرٌ الْإِبْهَامَ وَالْوُسْطَى وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ.
(ش)(رجال الحديث)(بشر بن المفضل) تقدم في جزء 2 صفحة 55.و (عاصم بن كليب) ابن شهاب الجرمى الكوفي. روى عن أبيه وأبي بردة وعبد الرحمن بن الأسود وعلقمة بن وائل ومحمد ابن كعب وغيرهم. وعنه ابن عون وشعبة والقاسم بن مالك وشريك والسفيانان وآخرون. قال أحمد لا بأس به ووثقه ابن معين والنسائى وابن حبان وقال بن المديني لا يحتج به إذا انفرد
(قوله عن أبيه) هو كليب بن شهاب الجرمى. روى عن أبيه وعمر وعلى وأبى ذرّ وأبي هريرة ووائل بن حجر وعنه ابنه عاصم وإبراهيم بن مهاجر. وثقه أبو زرعة وقال ابن سعد كان ثقة ورأيتهم يستحسنون حديثه ويحتجون به وقال في التقريب صدوق من الثانية وقال النسائى ليس بالقوى في الحديث ووهم من ذكره في الصحابة. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه والترمذى
(معنى الحديث)
(قوله فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) مرتب على محذوف أى فنظرت إليه فقام الخ كما صرّح به في رواية النسائى
(قوله فكبر فرفع يديه) ظاهره أنه كبر أولا ثم رفع يديه. وليس مرادا بل الفاء فيه بمعنى الواو بقرينة الروايات الأخر وقد صرح بها في بعض النسخ
(قوله ثم وضع يديه على ركبتيه) أى حال الركوع ومكنهما منهما كما يؤخذ من رواية البخارى وفيها وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه
(قوله فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه الخ) يريد أنه صلى الله وآله وسلم وضع رأسه بين يديه محاذيتين لأذنيه ثم جلس للتشهد فافترش رجله اليسرى وجلس على بطنها وأقام رجله اليمنى وجعل أصابعها إلى القبلة وباطن الأصابع إلى الأرض كما يؤخذ مما يأتى
(قوله ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى الخ) وفي رواية النسائى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حدّ مرفقه الخ. وهو في اللغة الفصل والمنع أى منع مرفقه من الاتصال بفخذه برفعه عنه وبعده عن جنبه فحدّ بصيغة الماضى عطفا على الأفعال السابقة وعلى بمعنى عن. ويحتمل أن يكون حدّ اسما مرفوعا مبتدأ خبره على فخذه والجملة حال من فاعل وضع أى ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى والحال أن حدّ مرفقه الأيمن مستعل على فخذه اليمنى (قال ابن رسلان) يرفع طرف مرفقه من جهة العضد عن فخذه حتى يكون مرتفعا عنه ويضع طرفه الذى من جهة الكف على طرف فخذه الأيمن. أو يكون حدّ منصوبا عطفا على مفعول وضع أى وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ووضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ويؤيده ما أخرجه البيهقي من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر وفيه ووضع
مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى. ونحوه للطحاوى. وما أخرجه أحمد في مسنده من طريق عاصم أيضا وفيه ووضع حدّ مرفقه على فخذه اليمنى. وفي رواية له أيضا وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى
(قوله وقبض ثنتين الخ) الخنصر والبنصر أى جعل الإبهام والوسطى كالحلقة بسكون اللام وقد تفتح
(قوله ورأيته يقول هكذا الخ) أى قال وائل رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعل هكذا فالقول بمعنى الفعل. وقوله وحلق بشر الخ من كلام مسدّد ابن مسرهد. بيان للمشار إليه في قوله هكذا
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن رفع اليدين يكون إلى الأذنين. وتقدم بيانه، وعلى مشروعية وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وعلى مشروعية وضع اليدين على الركبتين حال الركوع، وعلى استحباب وضع الرأس في السجود بين اليدين محاذية للاذنين، وعلى مشروعية افتراش الرجل اليسرى في الجلوس. وسيأتي بيانه، وعلى مشروعية وضع اليدين على الفخذين ورفع المرفقين عنهما في التشهد، وعلى مشروعية عقد الخنصر والبنصر وتحليق الوسطى مع الإبهام من اليد اليمنى والإشارة بالسبابة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والنسائى بنحوه وابن خزيمة والبيهقي وابن ماجه وأخرجه البيهقى أيضا من طريق عبد الواحد بن زياد قال حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ابن حجر الحضرمى قال أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلت لأنظرن كيف يصلى فاستقبل القبلة وكبر ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه ثم أخذ شماله بيمينه فلما أراد أن يركع رفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه فلما ركع وضع يديه على ركبتيه فلما أراد أن يرفع رفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه فلما سجد وضع يديه من وجهه ذلك الموضع فلما جلس افترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ووضع حدّ مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى وعقد ثنتين وحلق واحدة وأشار بالسبابة
(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا أَبُو الْوَلِيدِ، نَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ فِيهِ: ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ، وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ جِئْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَانٍ فِيهِ بَرْدٌ شَدِيدٌ فَرَأَيْتُ النَّاسَ عَلَيْهِمْ جُلُّ الثِّيَابِ تَحَرَّكُ أَيْدِيهِمْ تَحْتَ الثِّيَابِ
(ش)(أبو الوليد) الطيالسي تقدم في جزء 1 صفحة 319، و (زائدة) في جزء 1 صفحة 243
(قوله بإسناده) أى سند الحديث السابق وهو عن كليب عن وائل بن حجر
(قوله قال فيه الخ) أى قال زائدة بن قدامة في روايته ثم وضع يده اليمنى الخ بدل قول بشر بن المفضل في الرواية السابقة ثم أخذ شماله بيمينه (وفي هذا) بيان كيفية أخذ الشمال باليمين
(قوله والرسغ والساعد) بالجر عطف على قوله ظهر كفيه. والرسغ من الإنسان مفصل ما بين الكف والساعد وما بين القدم والساق ويجمع على أرساغ. والساعد ما بين المرفق والكف وهو مذكور ويجمع على سواعد وسمى ساعدا لأنه يساعد الكف في بطشها وعملها
(قوله وقال فيه ثم جئت بعد ذلك الخ) أى قال وائل في الحديث زيادة على الرواية السابقة بعد قوله وحلق حلقة ثم جئت بعد ذلك في زمان تحرك أيديهم تحت الثياب أى ترتفع أيديهم عند الإحرام وغيره وهي مستورة تحت الثياب من شدة البرد. وتحرك مضارع حذفت منه إحدى التاءين. ورواية زائدة أخرجها النسائى بدون قوله ثم جئت بعد ذلك الخ.
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ «حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ أُذُنَيْهِ» ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُمْ فَرَأَيْتُهُمْ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى صُدُورِهِمْ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِمْ بَرَانِسُ وَأَكْسِيَةٌ
(ش)(شريك) بن عبد الله النخعى تقدم في جزء 1 صفحة 164
(قوله حين افتتح الصلاة رفع يديه الخ) صريح في أن رفع اليدين يكون مقارنا لتكبيرة الإحرام. وتقدم بيانه. وقوله وعليهم برانس وأكسية جملة حالية من الضمير في يرفعون مفيدة للتعليل أى كانوا يرفعون أيديهم إلى صدورهم لا حيال آذانهم لأن عليهم البرانس والأكسية فيثقل عليهم رفع اليدين إلى الأذنين. وفيه إشارة إلى أن رفع أيديهم إلى صدورهم كان لعذر. والبرانس جمع برنس وهو كل ثوب رأسه منه ملتصق به. وقال الجوهرى هو قلنسوة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام اهـ وهو مأخوذ من البرس بكسر الباء الموحدة وهو القطن. والبرنس شائع عند المغاربة يلبسونه بدون أكمام والأكسية جمع كساء