المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب قدر القراءة في المغرب) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٥

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الإمام يتطوّع في مكانه)

- ‌(باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة)

- ‌(باب في تحريم الصلاة وتحليلها)

- ‌(باب ما جاء في التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله)

- ‌(باب جماع أبواب ما يصلى فيه)

- ‌(باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلى)

- ‌(باب الرجل يصلى في ثوب بعضه على غيره)

- ‌(باب الإسبال في الصلاة)

- ‌(باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا)

- ‌(باب في كم تصلى المرأة)

- ‌(باب السدل في الصلاة)

- ‌(باب الصلاة في شعر النساء)

- ‌(باب الرجل يصلى عاقصا شعره)

- ‌(باب الصلاة في النعل)

- ‌(باب المصلى إذا خلع نعليه أين يضعهما)

- ‌(باب الصلاة على الخمرة)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(باب الرجل يسجد على ثوبه)

- ‌(باب تسوية الصفوف)

- ‌(باب الصفوف بين السوارى)

- ‌(باب مقام الصبيان من الصف)

- ‌(باب صفّ النساء وكراهة التأخر عن الصفّ الأول)

- ‌(باب مقام الإمام من الصفّ)

- ‌(باب الرجل يصلى وحده خلف الصف)

- ‌(باب الرجل يركع دون الصف)

- ‌(باب الخط إذا لم يجد عصا)

- ‌(باب الصلاة إلى الراحلة)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدّثين والنيام)

- ‌(باب الدنوّ من السترة)

- ‌(باب ما يؤمر المصلى أن يدرأ عن الممر بين يديه)

- ‌(باب ما يقطع الصلاة)

- ‌(باب سترة الإمام سترة لمن خلفه)

- ‌(باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الكلب لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال لا يقطع الصلاة شيء)

- ‌أبواب تفريع استفتاح الصلاة

- ‌(باب رفع اليدين)

- ‌(باب افتتاح الصلاة)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من اثنتين

- ‌(باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌(باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء)

- ‌(باب من رأى الاستفتاح بسبحانك)

- ‌(باب السكتة عند الافتتاح)

- ‌(باب من لم ير الجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌ قصة الإفك

- ‌(باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث)

- ‌(باب ما جاء في نقصان الصلاة)

- ‌(باب القراءة في الظهر)

- ‌(باب تخفيف الأخريين)

- ‌(باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر)

- ‌(باب قدر القراءة في المغرب)

- ‌(باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين)

- ‌(باب من ترك القراءة في صلاته)

- ‌(باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام)

- ‌(باب من رأى القراءة إذا لم يجهر)

- ‌(باب تمام التكبير)

- ‌باب في وضع ركبتيه قبل يديه

- ‌(باب النهوض في الفرد)

- ‌(باب الإقعاء بين السجدتين)

- ‌(باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع)

- ‌(باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين)

- ‌(باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود)

- ‌(باب قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوّعه)

- ‌(باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده)

- ‌(باب الدعاء في الركوع والسجود)

- ‌(باب الدعاء في الصلاة)

- ‌(باب مقدار الركوع والسجود)

- ‌(باب الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع)

- ‌(باب أعضاء السجود)

- ‌(باب السجود على الأنف والجبهة)

- ‌(باب صفة السجود)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)أى في عدم تفريج اليدين عن الجنبين حال السجود

- ‌(باب التخصر والإقعاء)

- ‌(باب البكاء في الصلاة)

- ‌(باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة)

الفصل: ‌(باب قدر القراءة في المغرب)

سبيل لقلعت ألسنتهم إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قرأ فكانت قراءته لنا قراءة وسكوته لنا سكوتا. ولما تكلم بعض الصحابة بأنه كان يقرأ فيهما وتشكك فقال لا أدرى الخ ولما تواترت أخبار الصحابة بالقراءة جزم بالقراءة فيهما

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الطحاوى في شرح معانى الآثار والطبرانى

(باب قدر القراءة في المغرب)

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ، سَمِعَتْهُ وَهُوَ «يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا» ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّهَا «لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ»

(ش)(ابن شهاب) هو محمد بن مسلم الزهرى، تقدم في الجزء الأول صفحة 48

(قوله أن أم الفضل بنت الحارث) هى لبابة والدة ابن عباس وأخت ميمونة زوج النبى صلى الله تعالى عليه وعلى إله وسلم. وفي رواية الترمذى عن ابن عباس عن أمه أم الفضل. ولم يقل عن أمى لأنها كانت مشهورة بأم الفضل

(قوله سمعته) أى سمعت ابن عباس، وفيه التفات وكان السياق أن يقول سمعتنى

(قوله وهو يقرأ والمرسلات عرفا) أى السورة بتمامها. والمرسلات الرياح حال كونها مشابهة لعرف الفرس من حيث تتابعها وتلاحقها. والعرف بضم العين المهملة في الأصل شعر عنق الفرس

(قوله لقد ذكرتني الخ) أى والله لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة قراءة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إياها فاللام فيه موطنة للقسم ومفعول ذكر الثاني محذوف. وفي بعض النسخ لقد ذكرتنى قراءتك الخ

(قوله إنها لآخر ما سمعت الخ) بيان لما تذكرنه بقراءة ابن عباس (وظاهره) أن صلاة المغرب كانت آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وروى البخارى عن عائشة أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هى الظهر ولا منافاة بينهما لأن عائشة أخبرت عن آخر صلاة صلاها في المسجد وأم الفضل أخبرت عن آخر صلاة صلاها في بيته كما صرح به في رواية النسائى عن أم الفضل قالت صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بيته المغرب فقرأ المرسلات وما صلى بعدها صلاة حتى قبض "ولا يعكر" عليه ما رواه الترمذى عن ابن عباس عن أمه أم الفضل قالت خرج إلينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو عاصب

ص: 233

رأسه في مرضه فصلى المغرب فقرأ بالمرسلات فما صلاها بعد حتى لقي الله عز وجل "لإمكان" حمل قولها خرج إلينا على خررجه من المكان الذى كان راقدا فيه إلى مكان حاضرا في البيت ليصلى بهم

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك في الموطأ وأحمد والبخارى ومسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه والطحاوى في شرح معاني الآثار وأخرجه البيهقي من طريق أنس عن أم الفضل بنت الحارث قالت صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في مرضه في بيته المغرب في ثوب واحد متوشحا به قرأ والمرسلات ما صلى بعدها صلاة حتى قبض اهـ

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ «يَقْرَأُ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ»

(ش)(رجال الحديث)(محمد بن جبير بن مطعم) بن عدى النوفلى أبي سعيد المدني روى عن ابن عباس وعمر ومعاوية. وعنه أولاده سعيد وجبير وعمرو بن دينار والزهرى وغيرهم. وثقه ابن خراش وقال العجلى تابعى ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن إسحاق كان أعلم قريش بأحاديثها وقال في التقريب ثقة من الثالثة. مات على رأس المائة

(معنى الحديث)

(قوله يقرأ بالطور في المغرب) أى سورة الطور فالباء زائدة وقيل بمعنى من على حدّ قوله تعالى "عينا يشرب بها عباد الله"(وظاهره) أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قرأ بعض السورة في الركعة الأولى والبعض الآخر في الثانية كما قرأ الأعراف فيهما ويحتمل أنه قرأ الصورة كلها في كل ركعة كما سيأتي في باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين (وقال الطحاوى) وابن الجوزى يجوز أن يراد بقوله يقرأ بالطور أى ببعضها وذلك جائز في اللغة يقال فلان يقرأ القرآن إذا قرأ بعضه. لكن هذا خلاف الظاهر وقد ورد ما يشعر بأنه قرأ السورة كلها "فعند البخارى" في التفسير سمعته يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون". الآيات إلى قوله "المسيطرون" كاد قلبى يطير (وقال الطحاوى) أيضا إنه لا دلالة في شيء من الأحاديث على تطويل القراءة في المغرب لاحتمال أن يكون المراد أنه قرأ بعض السورة "ثم استدل" لذلك بما رواه هشيم عن الزهرى في حديث جبير بلفظ سمعته يقرأ "إن عذاب ربك لواقع" قال فأخبر أن الذى سمعه من هذه السورة هو هذه الآية خاصة اهـ وليس في السياق ما يقتضى قوله خاصة. وحديث البخارى المتقدم يردّه. وفي رواية للبخارى من طريق محمد بن عمرو عن الزهرى وللطبراني من رواية أسامة بن زيد أنه سمعه يقرأ والطور

ص: 234

وكتاب مسطور. ومثله لابن سعد وزاد في رواية أخرى فاستمعت قراءته حتى خرجت من المسجد. أيضا لو اقتصر على قراءة تلك الآية كما زعم لما كان لإنكار زيد بن ثابت على مروان في الحديث الآتي معنى لأن الآية أقصر من قصار المفصل. ونحوه ما روى ابن خزيمة أن زيدا قال لمروان إنك تخفف القراءة في الركعتين من المغرب فوالله لقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ فيهما بسورة الأعراف في الركعتين جميعا

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ «يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ» ، قَالَ: قُلْتُ: مَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ؟ قَالَ: الْأَعْرَافُ وَالْأَنْعَامُ، قَالَ: وَسَأَلْتُ أَنَا ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، فَقَالَ لِي: مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ الْمَائِدَةُ وَالْأَعْرَافُ

(ش)(قوله مالك تقرأ في المغرب بقصار المفصل) وفي رواية البخارى مالك تقرأ في المغرب بقصار. وفى رواية النسائى بقصار السور. وفى رواية له أتقرأ في المغرب بقل هو الله أحد وإنا أعطيناك الكوثر. ولعل مروان كان يداوم على القراءة من قصار المفصل حتى أنكر عليه زيد بن ثابت وإلا فمجرّد قراءته مرة أو مرتين لا يترتب عليه الإنكار إذ لا تخفى على هذا الصحابى الجليل قراءته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المغرب بقصار المفصل. والمفصل السبع السابع من آخر القرآن سمى بذلك لكثرة فصوله. وهو على ثلاثة أقسام طوال وأوساط وقصار (وقد اختلف) العلماء في تحديد ذلك فعند الحنفية طواله من الحجرات إلى آخر البروج وأوساطه من البروج إلى آخر لم يكن وقصاره إلى آخر القرآن (وعند) المالكية طواله من الحجرات إلى والنازعات وأوسطه من عبس إلى والليل وقصاره من والضحى إلى آخر القرآن (وعند) الشافعية طواله من الحجرات إلى سورة عم يتساءلون وأوساطه إلى الضحى وقصاره إلى الآخر (وعند) الحنابلة طواله من ق إلى عم وأوساطه إلى الضحى وقصاره إلى آخر القرآن. وقيل طواله من الصافات. وقيل من الجاثية. وهذا مستغرب. وقيل من القتال. وقيل من الفتح وقيل غير ذلك

(قوله وقد رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) وفي رواية البخارى وقد سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (واستدل) به ابن المنير على أن قراءته بالطوال كانت

ص: 235

نادرا قال لأنه لو لم يكن كذلك لقال كان يفعل ليشعر بأن عادته كانت كذلك اهـ (قال في الفتح) وغفل عما في رواية البيهقي من طريق أبي عاصم بلفظ لقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ بطولى الطوليين. ومثله في رواية حجاج بن محمد عن ابن جريج عند الإسماعيلي اهـ

(قوله بطولى الطوليين) أى أطول السورتين الطويلتين وطولى بضم الطاء على وزن فعلى تأنيث أطول

(قوله قال قلت الخ) أى قال عبد الله بن أبى مليكة لعروة ما طولى الطوليين فقال عروة طولى الطوليين الأعراف وفي رواية النسائى قلت يا أبا عبد الله ما أطول الطوليين قال الأعراف "وأبو عبد الله كنية عروة" وفي رواية البيهقي قال فقلت لعروة، وفي رواية الإسماعيلى قال ابن أبي مليكة ما طولى الطوليين والثانية من الطوليين الأنعام (قال الحافظ) وهو المحفوظ (قال) ابن المنير تسمية الأعراف والأنعام بالطوليين إنما هو لعرف فيهما لا أنهما أطول من غيرهما اهـ وقيل ثانية الطوليين المائدة كما ذكره ابن أبي مليكة، وقيل يونس (وفي هذا) كله دلالة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في المغرب بالسور الطوال كالأعراف. وروى أيضا أنه قرأ فيها بقصار المفصل كما سيذكره المصنف. وروى أحمد والنسائى عن سليمان بن يسار عن أبى هريرة أنه قال ما رأيت رجلا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فلان لإمام كان بالمدينة قال سليمان فصليت خلفه فكان يطيل الأوليين من الظهر ويخفف الأخريين ويخفف العصر ويقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصل ويقرأ في الأوليين من العشاء من وسط المفصل ويقرأ في الغداة بطوال المفصل وروى الطحاوى عن أبي هريرة أيضا قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ في المغرب بقصار المفصل. وروى أيضا عن زرارة بن أوفى قال أقرأنى أبو موسى كتاب عمر إليه اقرأ في المغرب بآخر المفصل (فقد عرفت) أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ في المغرب بالسور الطوال وطوال المفصل وقصاره (قال) الحافظ وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان أحيانا يطيل القراءة في المغرب إما لبيان الجواز وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين، وليس في حديث جبير بن مطعم دليل على أن ذلك تكرر منه، وأما حديث زيد بن ثابت ففيه إشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل ولو كان مروان يعلم أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واظب على ذلك لاحتج به على زيد لكن لم يرد زيد منه فيما يظهر المواظبة على القراءة بالطوال وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اهـ إذا علمت هذا عرفت أن القول بأنه لا دلالة في شيء من الأحاديث على تطويل القراءة في المغرب لا وجه له (قال في سبل السلام) وقد ورد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قرأ في المغرب بالمص وأنه قرأ فيها بالصافات وأنه قرأ فيها بحم الدخان وأنه قرأ فيها بسبح اسم ربك الأعلى وأنه قرأ

ص: 236

فيها بالتين والزيتون وأنه قرأ فيها بالمعوذتين وأنه قرأ فيها بالمرسلات وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل وكلها أحاديث صحيحة. وأما المداومة في المغرب على قصار المفصل فإنما هو من فعل مروان بن الحكم وقد أنكر عليه زيد بن ثابت اهـ (فالحق) أن القراءة في المغرب بطوال المفصل وقصاره وسائر السور سنة، والاقتصار على نوع من ذلك مع اعتقاد أنه السنة دون غيره مخالف لهديه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى والطبرانى والبيهقى والنسائي

(باب من رأى التخفيف فيها)

أى في بيان أدلة من رأى التخفيف في القراءة في صلاة المغرب، وفى بعص النسخ "باب ما جاء فيمن رأى التخفيف فيها"

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ، «كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِنَحْوِ مَا تَقْرَءُونَ وَالْعَادِيَاتِ وَنَحْوِهَا مِنَ السُّوَرِ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَاكَ مَنْسُوخٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ

(ش)(حماد) بن سلمة تقدم في الجزء الأول صفحة 36. وكذا (عروة) بن الزبير صفحة 72

(قوله والعاديات ونحوها) هو بيان لنحو ما يقرءون أى أن عروة راوى الحديث السابق كان يقرأ في المغرب بقصار المفصل

(قوله وهذا يدل على أن ذاك منسوخ) أى أن قراءة عروة في المغرب بقصار المفصل يدل على أن ذاك أى قراءة الطوال في المغرب منسوخة (قال) الحافظ في الفتح وفى حديث أم الفضل إشعار بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ في الصحة بأطول من المرسلات لكونه كان في حال شدة مرضه وهو مظنة التخفيف وهو يردّ على أبى داود ادعاء نسخ التطويل لأنه روى عقب حديث زيد بن ثابت من طريق عروة أنه كان يقرأ في المغرب بالقصار قال وهذا يدل على نسخ حديث زيد، ولم يبين وجه الدلالة، وكأنه لما رأى عروة راوى الحديث السابق عمل بخلافه حمله على أنه اطلع على ناسخه، ولا يخفى بعد هذا الحمل وكيف تصح دعوى النسخ وأم الفضل تقول إن المغرب آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقرأ فيها بالمرسلات اهـ (فالحق أنه) لا نسخ في المسألة، ولو سلم القول بالنسخ فيها لكان حديث أم الفضل. ناسخا القراءة بقصار المفصل لا العكس (وقد) علمت بسط الكلام في القراءة في صلاة المغرب في الباب السابق

(قوله قال أبو داود هذا أصح) هكذا في أكثر النسخ في بعضها إسقاطها

ص: 237

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ السَّرْخَسِيُّ، نَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، نَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ:«مَا مِنْ الْمُفَصَّلِ سُورَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ، إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ»

(ش)(رجال الحديث)(أحمد بن سعيد) بن صخر الدارمى أبو جعفر. روى عن على بن الحسين والنضر بن شميل ويحيى بن أبى كثير وآخرين. وعنه البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجه. قال يحيى بن زكريا كان ثقة جليلا وقال ابن حبان كان ثبتا صاحب حديث يحفظ وقال في التقريب ثقة حافظ من الحادية عشرة. توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين. و (السرخسى) نسبة إلى سرخس بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الخاء المعجمة. ويقال بفتح الراء وسكون الخاء مدينة من نواحى خراسان بين نيسابور ومرو بينها وبين كل واحدة منهما ثلاث مراحل

(قوله حدثنا أبى) هو جرير بن حازم

(قوله عن جده) أى جد شعيب وهو عبد الله بن عمرو بن العاصى وتقدمت ترجمته في الجزء الأول صفحة 138

(معنى الحديث)

(قوله ما من المفصل) أى ما من سورة من سور المفصل

(قوله في الصلاة المكتوبة) أى المفروضة جهرية أو سرية فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يسمعهم الآية أحيانا من الصلاة السرية كما تقدم (وفي هذا دلالة على) أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يخفف القراءة في الصلاة المكتوبة حيث يؤم الناس بخلاف صلاته وحده فإنه كان يطيل القراءة ولا سيما في صلاة الليل

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك

(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نَا أَبِي، نَا قُرَّةُ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّهُ «صَلَّى خَلْفَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»

(ش)(رجال الأثر)

(قوله حدثنا أبى) هو معاذ بن معاذ بن نصر تقدم في الجزء الثاني صفحة 116. و (قرة) بن خالد في هذا الجزء صفحة 67. و (النزال بن عمار) البصرى روى عن ابن عباس وأبى عثمان النهدى. وعنه عمران بن حدير وقرة بن خالد. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب مقبول من السادسة

ص: 238