المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٥

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الإمام يتطوّع في مكانه)

- ‌(باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة)

- ‌(باب في تحريم الصلاة وتحليلها)

- ‌(باب ما جاء في التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله)

- ‌(باب جماع أبواب ما يصلى فيه)

- ‌(باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلى)

- ‌(باب الرجل يصلى في ثوب بعضه على غيره)

- ‌(باب الإسبال في الصلاة)

- ‌(باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا)

- ‌(باب في كم تصلى المرأة)

- ‌(باب السدل في الصلاة)

- ‌(باب الصلاة في شعر النساء)

- ‌(باب الرجل يصلى عاقصا شعره)

- ‌(باب الصلاة في النعل)

- ‌(باب المصلى إذا خلع نعليه أين يضعهما)

- ‌(باب الصلاة على الخمرة)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(باب الرجل يسجد على ثوبه)

- ‌(باب تسوية الصفوف)

- ‌(باب الصفوف بين السوارى)

- ‌(باب مقام الصبيان من الصف)

- ‌(باب صفّ النساء وكراهة التأخر عن الصفّ الأول)

- ‌(باب مقام الإمام من الصفّ)

- ‌(باب الرجل يصلى وحده خلف الصف)

- ‌(باب الرجل يركع دون الصف)

- ‌(باب الخط إذا لم يجد عصا)

- ‌(باب الصلاة إلى الراحلة)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدّثين والنيام)

- ‌(باب الدنوّ من السترة)

- ‌(باب ما يؤمر المصلى أن يدرأ عن الممر بين يديه)

- ‌(باب ما يقطع الصلاة)

- ‌(باب سترة الإمام سترة لمن خلفه)

- ‌(باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال الكلب لا يقطع الصلاة)

- ‌(باب من قال لا يقطع الصلاة شيء)

- ‌أبواب تفريع استفتاح الصلاة

- ‌(باب رفع اليدين)

- ‌(باب افتتاح الصلاة)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من اثنتين

- ‌(باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌(باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء)

- ‌(باب من رأى الاستفتاح بسبحانك)

- ‌(باب السكتة عند الافتتاح)

- ‌(باب من لم ير الجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌ قصة الإفك

- ‌(باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث)

- ‌(باب ما جاء في نقصان الصلاة)

- ‌(باب القراءة في الظهر)

- ‌(باب تخفيف الأخريين)

- ‌(باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر)

- ‌(باب قدر القراءة في المغرب)

- ‌(باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين)

- ‌(باب من ترك القراءة في صلاته)

- ‌(باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام)

- ‌(باب من رأى القراءة إذا لم يجهر)

- ‌(باب تمام التكبير)

- ‌باب في وضع ركبتيه قبل يديه

- ‌(باب النهوض في الفرد)

- ‌(باب الإقعاء بين السجدتين)

- ‌(باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع)

- ‌(باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين)

- ‌(باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود)

- ‌(باب قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوّعه)

- ‌(باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده)

- ‌(باب الدعاء في الركوع والسجود)

- ‌(باب الدعاء في الصلاة)

- ‌(باب مقدار الركوع والسجود)

- ‌(باب الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع)

- ‌(باب أعضاء السجود)

- ‌(باب السجود على الأنف والجبهة)

- ‌(باب صفة السجود)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)أى في عدم تفريج اليدين عن الجنبين حال السجود

- ‌(باب التخصر والإقعاء)

- ‌(باب البكاء في الصلاة)

- ‌(باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة)

الفصل: ‌(باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء)

(باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء)

أى في بيان ما يفتتح به المصلى صلاته من الدعاء. وفي بعض النسخ باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نَا أَبِي، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ " إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، وَإِذَا رَكَعَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعِظَامِي وَعَصَبِي، وَإِذَا رَفَعَ، قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وملء الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ، مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، وَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ

ص: 167

وَالْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.

(ش)(رجال الحديث)

(قوله حدثنا أبي) هو معاذ بن معاذ وتقدم في الجزء الثاني صفحة 115

(قوله عن عمه) اسمه يعقوب بن أبي سلمة التيمى مولى آل المنكدر أبى يوسف. روى عن ابن عباس وأبى هريرة وأبى سعيد وابن عمر وعمر بن عبد العزيز. وعنه ابناه عبد العزيز ويوسف وعبد الله بن أبي سلمة وآخرون. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب صدوق من الرابعة توفي سنة أربع وستين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه. و (الماجشون) بالفارسية الورد وسمى به يعقوب لحمرة وجنتيه

(معنى الحديث)

(قوله وجهت وجهى) أى توجهت بذاتي وأخلصت عبادتي لله تعالى فالمراد بالوجه الذات. ويحتمل أن المراد بالوجه القلب أى وجهت قلبي لعبادة الله. وفي حذف إني إيماء إلى أنه لم يقصد به القراءة. ويؤخذ منه أنه ينبغى للمصلى عند قراءة هذا الدعاء أن يكون على غاية من الحضور والإخلاص وإلا كان كاذبا وأقبح الكذب ما يكون والإنسان واقف بين يدى من لا تخفى عليه خافية

(قوله للذى فطر السماوات والأرض) أى خلقهما وأوجدهما على غير مثال سابق. والمراد بالسموات ما علا فيشمل العرش وبالأرض ما سفل فيشمل ما تحتها. وقدم السماوات لأنها أشرف من الأرض لكونها مسكن الملائكة المطهرين لا غير والأرض وإن كان فيها الأنبياء لكنها احتوت على المفسدين. وجمع السماوات لاختلاف أجناسها وأفرد الأرض وإن كانت سبعا أيضا لأنها من جنس واحد

(قوله حنيفا مسلما الخ) أى وجهت وجهى حال كوني مائلا عن كل دين باطل إلى الدين الحق ثابتا عليه منقادا مطيعا لأمره تعالى ومجتنبا لنهيه وما أنا من المشركين أى الكافرين فيشمل عابد الوثن وغيره ويكون تأكيدا لقوله حنيفا. ويحتمل أن يكون خاصا بعابد الوثن فيكون من ذكر الخاص بعد العام. والنكتة فيه مراعاة حال الحاضرين فإنهم كانوا يعبدون الأصنام

(قوله إن صلاتى ونسكي) أى عبادتي من حج وغيره فعطف النسك على الصلاة من عطف العام على الخاص

(قوله ومحياى ومماتي الخ) أى حياتي وموتي لله رب العالمين وهو متعلق بمحذوف خبر إن لكن يقدّر بالنسبة للعبادة خالصة وبالنسبة للحياة والموت مخلوقان. ويحتمل أن يراد بالحياة ما يعمل فيها من الطاعات وبالممات ما يموت عليه من الإيمان فيكون متعلق الجار والمجرور متحدا وهو خالصة. والرب يطلق على معان منها المالك والسيد والمدبر والمصلح فإن وصف الله بالأولين يكون الرب من صفات الذات وإن وصف بالأخيرين يكون من صفات الأفعال والعالمون جمع عالم وهو ما سوى الله عز وجل

(قوله لا شريك له) أى في ذاته وصفاته وأفعاله

ص: 168

وبذلك أى بالتوحيد الكامل والطاعات الخالصة أمرت وأنا أول المنقادين المطيعين لله تعالى من هذه الأمة فلا يشكل ما تقدم من الأنبياء وأممهم. وفي رواية مسلم وأنا من المسلمين "ولا منافاة" بينهما لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول هذه تارة وتلك أخرى. وأما غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمخير بين أن يقول وأنا من المسلمين وبين أن يقول وأنا أول المسلمين ويقصد بها التلاوة أو يقصد أنه أول المنقادين إلى الخير. ولا فرق بين الرجل والمرأة في هذا الدعاء وكل ما ورد من الأذكار والأدعية

(قوله أنت الملك الخ) أى المتصرف في جميع المخلوقات بدون معارض وأنت مربينى على موائد كرمك وهو تخصيص بعد تعميم

(قوله ظلمت نفسى) اعتراف بالتقصير وبما يوجب نقص حظ النفس من ملابسة المعاصى. أما بالنسبة لنا فظاهر. وأما بالنسبة للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فهو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين أو قال ذلك تواضعا أو تعلما للأمة. وقدمه على سؤال المغفرة تأدبا كما. وقع لآدم وحواء في قوله تعالى "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا. الآية"

(قوله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت الخ) وفي نسخة لا يغفر الذنوب إلا أنت وهو بمنزلة التعليل لطلب المغفرة فكأنه قال اغفر لى ذنوبى لأن مغفرة الذنوب بيدك لا يتولاها غيرك ولا يقدر عليها أحد إلا أنت وأرشدني لأكمل الأخلاق ووفقنى للتحلى بها. والأخلاق جمع خلق وهي السجية والطبيعة

(قوله لبيك وسعديك) أى أجيبك إجابة بعد إجابة وأسعد بإقامتي على طاعتك وإجابتي لدعوتك سعادة بعد سعادة فهما مصدران مفعولان لفعل محذوف وأريد بالتثنية التكرير من غير نهاية. ولبيك من ألبى بالمكان إذا أقام به

(قوله والخير كله في يديك) أى أن جميع الخير حسيا كان أو معنويا في تصرّفك لأن الكل عندك كالشئ المقبوض عليه يجرى بقضائك لا يدرك من غيرك (ولفظ اليدين) في الحديث من المتشابه وللسلف والخلف فيه مذهبان مشهوران. فالسلف وهم من قبل الخسمائة يقولون فيه وفي أمثاله نؤمن بكل ما ورد من ذلك ولا يعلم المراد منه إلا الله عز وجل مع اعتقادنا أن الله سبحانه وتعالى منزّه عن صفات المخلوقين (والخلف) وهم من بعد الخمسمائة يؤولون الآيات والأحاديث المتشابهة تأويلات عربية صحيحة مع اعتقاد كمال التنزيه لله عز وجل عن صفات الحوادث فيقولون المراد باليدين القدرة أو القوّة. ومذهب السلف أسلم وأعلم. وهو مذهبنا

(قوله والشرّ ليس إليك) أى لا يتقرّب به إليك أو لا يضاف إليك تأدبا بل إلى من فعله وهو كقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه وعلى آله الصلاة والسلام "وإذا مرضت فهو يشفين" حيث أضاف المرض لنفسه والشفاء لربه. ويؤيده قوله تعالى "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك" وقيل معناه الشر لا يصعد إليك وإنما يصعد إليك الكلم الطيب والعمل الصالح

(قوله أنا بك وإليك) أى أستعين بك وألتجئ إليك. أو بك وجدت وإليك ينتهى أمرى فأنت المبدأ

ص: 169

والمنتهى وبك أحيا وأموت وإليك المصير

(قوله تباركت وتعاليت) أى تكاثر خيرك وتزايد برّك وتنزّهت عن النقائص واتصفت بالكمالات

(قوله أستغفرك وأتوب إليك) أى أطلب منك المغفرة لما مضى وأرجع عن فعل الذنب فيما بقى متوجها إليك بالتوفيق والثبات إلى الممات

(قوله خشع لك سمعى الخ) أى خضع لك فلا يسمع إلا ما أذنت في سماعه وخضع بصرى فلا يبصر إلا ما أذنت في إبصاره. وخص السمع والبصر بالذكر من بين الحواسّ لأن أكثر الآفات بهما فإذا خشعا قلت الوساوس ولأن تحصيل العلم النقلى والعقلى بهما

(قوله ومخى وعظامى وعصبى) المراد خضع لك جسمى باطنا كما خضع لك ظاهرا وكني بهذه الثلاثة عن الجسم لأن مدار قوامه عليها. والغرض من هذا كله المبالغة في الانقياد والخضوع لله تعالى

(قوله قال سمع الله لمن حمده) أى قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حال الرفع سمع الله لمن حمده يعني قبل الله حمد من حمده وجازاه عليه

(قوله ربنا ولك الحمد) الواو عاطفة على محذوف أى قال بعد أن استقل قائما ربنا أطعناك وحمدناك ولك الحمد. وقيل زائدة كما نقل الأصمعى

(قوله ملء السماوات) بالنصب على الأشهر صفة لمصدر محذوف تقديره أحمدك حمدا ملء السماوات. ويحتمل أن تكون حالا أى أحمد حمدا حال كونه مالئا تلك الأجرام. ويجوز رفعه على أنه صفة لحمد. والمعنى أحمدك حمدا لو جسم لملأ هذه الأجرام المذكورة. وهذا تمثيل وتقريب لأن الكلام لا يقدّر بالمكاييل وإنما المراد منه تكثير العدد حتى لو قدّر أن تكون تلك الكلمات أجساما تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما يملأ السماوات والأرض

(قوله وملء ما شئت من شيء بعد) أى بعد السماوات والأرضين كالكرسى والعرش وما فوقه وما تحت الأرضين مما لا يعلمه إلا الله ولا يحيط به سواه. وفيه إشارة إلى الاعتراف بالعجز عن أداء حق الحمد بعد استفراغ المجهود فيه وأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حمده ملء السماوات والأرض وملء ما بينهما ثم ارتفع فأحال الأمر فيه على المشيئة وليس وراء ذلك للحمد منتهى

(قوله وشقّ سمعه) أى طريق سمعه إذ السمع ليس في الأذنين بل في مقعد الصماخ

(قوله أحسن الخالقين) أى أحسن المصورين والموجدين فإنه الخالق الحقيقي المنفرد بالإيجاد والإعدام

(قوله وإذا سلم الخ) أى إذا أراد أن يسلم كما تدل عليه رواية مسلم وفيها ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم اللهم اغفر لى ما قدّمت أى ما وقع منى من الذنوب وما سيقع وما أخفيته وما جهرت به منها وما ضيعت من الأوقات في غير طاعتك وما أنت أعلم به منى من الذنوب التي نسيتها وأغفلتها. وفي هذا كله المبالغة في طلب الغفران. وسأل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك تعليما للأمة وإلا فهو معصوم من الذنوب كلها قبل البعثة وبعدها

(قوله أنت المقدم الخ) أى من تشاء إلى رحمتك بتوفيقه إلى

ص: 170

طاعتك والمؤخر من تشاء عن رحمتك بعدم توفيقه لطاعتك كما اقتضته حكمتك

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن دعاء الافتتاح يكون عقب تكبيرة الإحرام. خلافا للهادى والقاسم وأبى العباس وأبى طالب القائلين بأنه قبل الإحرام محتجين بقوله تعالى وكبره تكبيرا بعد قوله الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا (قالوا) المراد بقوله وكبره تكبيرا تكبيرة الإحرام لكن استدلالهم بالآية مردود لأن المراد بقوله وكبره تكبيرا مطلق التعظيم كما عليه جمهور المفسرين لا خصوص تكبيرة الإحرام. ولأن الواو لا تقتضى ترتيبا. ودلّ الحديث أيضا على مشروعية دعاء الافتتاح (وبه قال) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم (وذهبت) المالكية إلى كراهته واحتج لهم بحديث المسيء صلاته فإنه ليس فيه استفتاح. وبحديث أبي هريرة الآتي للمصنف كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر وعمر يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين (وأجيب) عن حديث المسئ صلاته بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علمه الفرائض من الصلاة. ودعاء الافتتاح ليس منها فلا يصح الاستدلال به (وعن) حديث أبى هريرة بأن المراد أنهم كانوا يقرءون الفاتحة قبل السورة وليس المراد أنهم كانوا لا يأتون بالدعاء. على أنه لو صرح أبو هريرة بنفى الدعاء لكانت الأحاديث الصحيحة الدالة على إثباتها مقدمة لأنها زيادة من ثقات فتقبل. ولأنها مثبتة والمثبت مقدم على النافي (وروي) عن مالك استحباب دعاء الافتتاح كما قال الزرقاني في شرحه على مختصر خليل وروى عن مالك استحباب قول المصلى قبل القراءة وبعد تكبيرة الإحرام سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك "وجهت وجهى. الآية" اللهم باعد بيني وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسلنى من خطاياى بالماء والثلج والبرد اهـ ببعض تصرّف. ودلّ الحديث أيضا على مشروعية الاعتدال في الصلاة والطمأنية فيه، وعلى أن المصلى له أن يجمع بين قوله سمع الله لمن حمده وقوله ربنا ولك الحمد وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الشافعى وأحمد ومسلم والنسائى والدارقطني مطوّلا وأخرجه ابن ماجه مختصرا

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ

ص: 171

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ وأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَيَصْنَعُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ وَكَبَّرَ وَدَعَا، نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الدُّعَاءِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ الشَّيْءَ وَلَمْ يَذْكُرْ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ "، وَزَادَ فِيهِ، وَيَقُولُ: عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» .

(ش)(قوله وإذا قام من السجدتين) يعنى الركعتين

(قوله ودعا) يعني بعد تكبيرة الإحرام

(قوله نحو حديث عبد العزيز الخ) أى روى عبد الله بن الفضل في حديثه دعاء نحوا الدعاء الذى رواه عبد العزيز بن أبى سلمة. في الحديث السابق حال كون عبد الله بن الفضل يزيد في دعاء الافتتاح شيئا عما رواه عبد العزيز وينقص شيئا

(قوله ولم يذكر والخير كله في يديك الخ). لعل هذا بيان للزيادة والنقص المذكورين فيكون فيه التفصيل بعد الإجمال

(قوله وزاد فيه ويقول الخ) أى زاد عبد الله بن الفضل في روايته ويقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عند إرادة السلام اللهم اغفر لى ما قدمت الخ وظاهره أن هذا كله زائد في رواية عبد الله بن الفضل لكن الزائد فيه قوله أنت إلهى فقط

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الدارقطنى

(ص) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، نَا شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ لِي: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَابْنُ أَبِي فَرْوَةَ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا قُلْتَ أَنْتَ ذَاكَ، فَقُلْ:«وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ، يَعْنِي قَوْلَهُ:«وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»

(ش)(رجال الأثر)(ابن أبي فروة) هو إسحاق بن عبد الله بن أبى فروة عبد الرحمن الأموى مولى آل عثمان. روى عن أبي الزناد وعمرو بن شعيب والزهرى ونافع ومكحول وهشام بن عروة وغيرهم. وعنه الليث بن سعد وابن لهيعة والوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وطائفة. قال ابن سعد كان كثير الحديث يروى أحاديث منكرة ولا يحتجون بحديثه وقال أبو زرعة وأبو حاتم والنسائى والدارقطني

ص: 172

متروك الحديث وقال ابن عدى لا يتابع على أسانيده ولا على متونه وهو بين الأمر في الضعفاء وضعفه غير واحد. مات سنة ست وثلاثين ومائة. روى له أبو داود والترمذى وابن ماجه

(معنى الأثر)

(قوله فإذا قلت أنت ذاك الخ) أى قال من ذكروا لشعيب إذا دعوت بدعاء الاستفتاح فقل وأنا من المسلمين ولا تقل وأنا أول المسلمين لكن تقدم أنه يجوز لغير النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يقولها ويقصد بها التلاوة. أو أن المراد أنا أول المنقادين إلى الخير

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الدارقطني عن شريح عن شعيب بن أبى حمزة ومحمد ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا استفتح الصلاة قال إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال لا يهدى لأحسنها إلا أنت وقني سيئ الأخلاق والأعمال لا يقى سيئها إلا أنت قال شعيب قال لى محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء أهل المدينة إن قلت أنت هذا القول فقل وأنا من المسلمين

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ:«أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِيَ النَّفَسُ فَقُلْتُهَا، فَقَالَ:«لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا» وَزَادَ حُمَيْدٌ فِيهِ: «وَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْشِ نَحْوَ مَا كَانَ يَمْشِي فَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَهُ وَلْيَقْضِ مَا سَبَقَهُ»

(ش)(حماد) بن سلمة تقدم في الجرء الأول صفحة 26. و (قتادة) فيه صفحة 34 و (ثابت) البناني. في الجزء الثاني صفحة 245. و (حميد) الطويل. فيه صفحة 172

(قوله أن رجلا الخ) لم يعرف اسمه. وفي رواية مسلم أن رجلا جاء فدخل في الصف وقد حفزه النفس أى جهده من شدة السعى إلى الصلاة

(قوله طيبا الخ) أى خالصا لوجهه تعالى مباركا فيه يعنى كثيرا غاية الكثرة وقيل مباركا بدوام ذاته وكمال غاياته. وهذا الدعاء وإن أتى به الرجل شكرا لله تعالى لإدراك فضل الجماعة فقد أقره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله فإنه لم يقل بأسا. أى لم يقل قولا يؤاخذ عليه. وفي رواية مسلم والنسائى قال صلى الله

ص: 173

تعالى عليه وعلى آله وسلم أيكم المتكلم بالكلمات فأرمّ القوم فقال أيكم المتكلم بالكلمات فأرمّ القوم فقال أيكم المتكلم بها فإنه لم يقل بأسا "وقوله فأرم القوم أى أمسكوا عن الكلام وسكتوا"

(قوله فقلتها) أى الكلمات المذكورة ثناء وشكرا لله تعالى حيث أدركت الجماعة

(قوله يبتدرونها) أي يستبقونها أيهم يكتبها ويرفعها إلى محلّ العرض والقبول لعظم قدرها وكثرة ثوابها (ووجه) تخصيص العدد من الملائكة بالمقدار المذكور مفوّض إلى علم الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (وقال العينى) قد وقع في تعيين العدد اثني عشر أن كلمات الحمد لله حمدا كثيرا الخ ست فبعث الله تعالى لكل كلمة منها ملكين تعظيما لشأنها وتكثيرا لثواب قائلها اهـ

(قوله وزاد حميد فيه إذا جاء الخ) أى زاد حميد في الحديث وإذا جاء أحدكم إلى الصلاة فليمش كمشيه المعتاد. ويؤخذ منه أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يقرّه على الإسراع في الإتيان إلى الصلاة. وتقدم بيانه

(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز افتتاح الصلاة بهذه الكلمات لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أقرّها، وعلى مزيد فضلها

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والنسائى وأخرجه مسلم عى ابن عمر بلفظ بينما نحن نصلى مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذ قال رجل من القوم الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من القائل كلمة كذا وكذا قال رجل من القوم أنا يا رسول الله قال عجبت لها فتحت لها أبواب السماء قال ابن عمر فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك

(ص) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْعَنَزِيِّ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةً -قَالَ عَمْرٌو: لَا أَدْرِي أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ- فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، ثلاثا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ثَلَاثًا، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ» ، قَالَ: نَفْثُهُ الشِّعْرُ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ، وَهَمْزُهُ الْمُوتَةُ.

(ش)(قوله الله أكبر الخ) أى أعظم من أن تعرف عظمته وكبيرا منصوب

ص: 174

بفعل محذوف أى أكبر كبيرا. أو على أنه صفة لمحذوف أى تكبيرا كثيرا أو حال مؤكدة للجملة والتكرير للتأكيد

(قوله والحمد لله كثيرا الخ) أى حمدا كثيرا وفى رواية ابن ماجه الحمد لله كثيرا الحمد لله كثيرا ثلاثا. والتكرير فيه للمبالغة في الثناء على الله عز وجل

(قوله وسبحان الله بكرة، أصيلا) أى أول النهار وآخره. وخصّ هذين الوقتين بالذكر لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيهما أو لتنزيه الله تعالى عن التغير في أوقات تغير الكون (وقال) الطيبي الأظهر أنه يراد بهما الدوام كما في قوله تعالى "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا"

(قوله ثلاثا) راجع للأخير وهي من كلام الراوى أى قال الراوى قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاث مرّات. ويحتمل أن يكون راجعا إلى الكلمات الثلاث فيكون بالنسبة للجملة الأخيرة تأسيسا وللأولين تأكيدا

(قوله أعوذ بالله من الشيطان الخ) أى أتحصن بالله من شرّ الشيطان. وقوله من نفخه الخ بدل اشتمال من الشيطان

(قوله قال) أى عمرو بن مرّة كما صرّح به في بعض النسخ ورواية ابن ماجه

(قوله نفثه الشعر) النفث قذف النفس مع شيء من الريق وهو شبيه بالنفخ وأقل من التفل. وكان الشعر من نفث الشيطان لأنه كالشئ ينفثه الإنسان من فيه وذلك لأن الشيطان يحمل الشعراء على المدح والذم والتعظيم والتحقير في غير موضعها (وقال العينى) إن كان هذا التفسير من متن الحديث فلا معدل عنه وإن كان من قول بعض الرواة فلعله يراد منه السحر فإنه أشبه لما شهد له التنزيل قال تعالى "ومن شرّ النفاثات في العقد"

(قوله ونفخه الكبر) وكان الكبر من نفخ الشيطان لأنه ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره

(قوله وهمزه الموتة) بضم الميم وسكون الواو بدون همز وفتح المثناة الفوقية نوع من الجنون والصرع يعترى الإنسان فإذا أفاق عاد إليه عقله. وأصل الهمز النخس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم. وسمى به الجنون لأنه سببه فهو من إطلاق اسم المسبب على السبب

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه وأحمد وابن حبان في صحيحه وأخرجه مختصرا عن ابن مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل في الصلاة يقول اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه قال فهمزه الموتة ونفثه الشعر ونفخه الكبرياء

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: فِي التَّطَوُّعِ، ذَكَرَ نَحْوَهُ

ص: 175

(ش)(يحيى) القطان. تقدم في الجزء الأول صفحة 348. و (مسعر) بن كدام فيه صفحة 602

(قوله عن رجل) لعله عاصم العنزى

(قوله ذكر نحوه) أى ذكر مسعر في روايته عن عمرو بن مرّة نحو ما ذكر شعبة بن الحجاج عنه وقد صرح في هذه الرواية بأن الصلاة التي قال فيها هذه الكلمات صلاة التطوّع بخلاف الرواية المتقدمة "ولا منافاة" بينهما لاحتمال أن يكون عمرو بن مرّة لما حدّث شعبة كان غير متذكر لها وتذكرها لما حدّث مسعرا

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، نَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، أَخْبَرَنِي أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَرَازِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ قِيَامَ اللَّيْلِ فَقَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ عَشْرًا، وَحَمِدَ اللَّهَ عَشْرًا، وَسَبَّحَ عَشْرًا، وَهَلَّلَ عَشْرًا، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَقَالَ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي» وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

(ش)(رجال الحديث)(أزهر بن سعيد) ويقال ابن عبد الله. روى عن عبد الرحمن ابن السائب وأبي أمامة. وعنه محمد بن الوليد ومعاوية بن صالح. وثقه العجلى وقال ابن سعد كان قليل الحديث وقال في التقريب صدوق من الخامسة. توفي سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائى والبخارى في الأدب. و (الحرازى) بفتح الحاء المهملة وتخفيف الراء نسبة إلى حراز بوزن سحاب بطن من ذى كلاع ابن حمير. وقيل مخلاف باليمن قرب زبيد سمى باسم بطن من حمير

(معنى الحديث)

(قوله بأيّ شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قيام الليل الخ) أى صلاة الليل كما في الرواية بعد. ففيه إطلاق العام وهو قيام الليل وإرادة الخاصّ الذى هو الصلاة. وقولها لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك معترض بين السؤال والجواب والغرض منه تحسين السؤال وتنشيط السائل والثناء عليه

(قوله إذا قام كبر عشرا الخ) أى إذا قام إلى الصلاة وكبر تكبيرة الإحرام قال الله أكبر عشرا والحمد لله عشرا وسبحان الله عشرا ولا إله إلا الله عشرا وأستغفر الله عشرا

(قوله وعافني) أى من البلاء الحسيّ والمعنوى في الدنيا والآخرة

(قوله ويتعوّذ من ضيق المقام الخ) أى يتحصن بالله تعالى من ضيق المقام يوم

ص: 176

القيامة. وفي رواية النسائى أعوذ بالله من ضيق المقام. والمراد به أهوال القيامة

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى وابن ماجه

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ

(ش) غرض المصنف بهذا تقوية الحديث المذكور. و (ربيعة) هو ابن عمرو ويقال ابن الحارث مختلف في صحبته قال أبو حاتم ليس له صحبة وذكره أبو زرعة في التابعين وقال البخارى في تاريخه له صحبة وعدّه في الصحابة ابن منده وأبو نعيم والبغوى والبارودى وقد سمع من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحاديث. وروى عن أبى هريرة وعائشة ومعاوية. وعنه على بن رباح ويحيى ابن ميمون وآخرون. قال ابن سعد قتل سنة أربع وستين. و (الجرشى) نسبة إلى جرش بضم الجيم وفتح الراء من مخاليف اليمن من جهة مكة. وقيل مدينة عظيمة وولاية واسعة باليمن

(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، نَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، نَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» .

(ش)(رجال الحديث)(ابن المثني) هو محمد. و (عمر بن يونس) بن القاسم أبو حفص اليمامي الحنفي. روى عن أبيه وأيوب بن عتبة وعكرمة بن عمار وجهضم بن عبد الله وآخرين وعنه عمرو. الناقد وأبو خيثمة والعباس العنبرى وإسحاق بن وهب ومحمود بن غيلان وكثيرون وثقه أحمد وابن معين والنسائى وأبو بكر البزّار وقال ابن المديني كان ثقة ثبتا. مات سنة ست ومائتين. روى له الجماعة

(معنى الحديث)

(قوله كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته اللهم رب جبريل الخ) أى يقول في افتتاح الصلاة بعد تكبيرة الإحرام اللهم رب جبريل الخ (وفيه) دلالة على مشروعية افتتاح صلاة الليل بهذه الكلمات. ودعاؤه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بهذا

ص: 177

ونحوه تواضعا وإشفاقا وليقتدى به في أصل الدعاء والخضوع وحسن التضرع "ولا منافاة" بين هذه الرواية والتي قبلها "لأنه" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول ما في هذه الرواية تارة وما في الروايات المتقدمة تارة أخرى. وخص هؤلاء الثلاثة من الملائكة بالذكر تشريفا لهم وتعظيما إذ بهم تنتظم أمور العباد لأن جبريل كان موكلا بالوحى وإنزال الكتب السماوية على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وتعليم الشرائع وأحكام الدين. وميكاءيل موكل بجميع القطر والنبات وأرزاق بني آدم وغيرهم. وإسرافيل موكل باللوح المحفوظ وهو الذى ينفخ في الصور

(قوله عالم الغيب والشهادة) أى ما غاب عن العباد وما شاهدوه وظهر لهم

(قوله فيما كانوا فيه يختلفون) في الدنيا من أمر دينهم فتعذّب العاصي إن شئت وتثيب الطائعين

(قوله اهدني لما اختلف فيه من الحق) أى دلني على الحق الذى اختلفوا فيه ولم يقبلوه. وقوله من الحق بيان لما

(قوله بإذنك الخ) أى بارادتك وتوفيقك إنك أنت تهدى من تشاء. وفي نسخة أنت تهدى أى من تشاء هدايته. وأشار به إلى أن الهداية والإضلال ليسا من فعل الإنسان بل بخلق الله تعالى "فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا"

(قوله إلى صراط مستقيم) أى طريق الحق وهو الدين الإسلامى وسمي صراطا لأنه موصل للمقصود كما أن الطريق الحسى كذلك

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، نَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ، نَا عِكْرِمَةُ، بِإِسْنَادِهِ بالإخْبَارٍ وَمَعْنَاهُ قَالَ:«كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ وَيَقُولُ» .

(ش)(أبو نوح قراد) بضم ففتح هو عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي المعروف بقراد. روى عن جرير بن حازم وشعبة وعكرمة بن عمار ومالك والليث بن سعد. وعنه ابناه محمد وغزوان وأحمد وعباس الدورى والفضل بن سهل. وثقه ابن المديني والدارقطني ويعقوب بن شيبة وابن نمير وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطئ وقال أبو حاتم صدوق وقال في التقريب ثقة له أفراد من الخامسة. توفي سنة سبع وثمانين ومائة. روى له البخارى والنسائى والترمذي وأبو داود

(قوله بالإخبار) أى بلفظ أخبرنا لا بلفظ حدثنا. وفي نسخة بلا إخبار ولعل معناه بلا سماع منه فيكون أبو نوح رواه عن عكرمة كتابة

(قوله كبر ويقول) أى كبر تكبيرة الإحرام وقال اللهم رب جبريل وميكائيل الخ

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قال قال مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَفِي

ص: 178

آخِرِهِ فِي الْفَرِيضَةِ وَغَيْرِهَا.

(ش) أفاد به أن مالكا يقول بدعاء الافتتاح وهو موافق لما نقله الزرقاني عن مالك كما تقدم ويقويه الأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة بدعاء الافتتاح. وبذلك تعلم ردّ ما قيل من كراهة دعاء الافتتاح عند المالكية

(قوله في أوله الخ) أى الصلاة. وذكر الضمير العائد على الصلاة باعتبار أنها ذكر

(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ:«مَنِ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا آنِفًا» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ:«لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ»

(ش)(رجال الحديث)(نعيم بن عبد الله المجمر) بضم الميم الأولى وكسر الثانية وسكون الجيم بينهما مولى آل عمر بن الخطاب. روى عن أنس وابن عمر وجابر ومحمد ابن عبد الله بن زيد الأنصارى وجماعة. وعنه ابنه محمد والعلاء بن عبد الرحمن وسعيد بن هلال ومالك وابن عجلان وكثيرون. وثقه ابن سعد وأبو حاتم وقال في التقريب ثقة من الثانية. روى له الجماعة. ووصف بالمجمر لأنه كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أى يبخره. و (على بن يحيى) بن خلاد بن رافع بن مالك بن عجلان الأنصارى روى عن أبيه ورفاعة بن رافع وأبي السائب. وعنه ابنه يحيى ونعيم المجمر وداود بن قيس وآخرون. وثقه ابن معين والنسائي والدارقطنى. توفي سنة تسع وعشرين ومائة. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه

(قوله عن أبيه) هو يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك بن عجلان

ص: 179

ابن عمرو بن عامر بن زريق (الزرقى) الأنصارى قيل إنه ولد في حياة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. روى عن عمر بن الخطاب ورفاعة بن رافع. وعنه ابنه على وابن ابنه. قال في التقريب من ثقات التابعين. روى له البخارى وأبو داود والنسائى وابن ماجه والترمذى و (رفاعة بن رافع) بن مالك بن عجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الزرقي أبي معاذ. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبى بكر وعبادة بن الصامت. وعنه ابنه عبيد ومعاذ وغيرهما. شهد بدرا وشهد مع على الجمل وصفين. توفي سنة إحدى أو اثنتين وأربعين. روى له البخارى والنسائى وابن ماجه والترمذى

(معنى الحديث)

(قوله كنا يوما فصلى) أى صلاة المغرب كما أفاده الحافظ في الفتح

(قوله فلما رفع رأسه الخ) أى لما شرع في رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده

(قوله قال رجل) لم يعرف اسمه

(قوله من المتكلم بها الخ) أى من المتكلم بهذه الكلمات المذكورة والبضع بكسر الموحدة وقد تفتح في العدد ما بين الثلاث إلى التسعة يستوى فيه المذكر والمؤنث فيقال بضع رجال وبضع نسوة. ويستعمل أيضا من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر بإثبات التاء مع المذكر وحذفها مع المؤنث فيقال بضعة عشر رجلا وبضع عشرة امرأة. ولا يستعمل فيما زاد على العشرين. وأجازه بعض المشايخ فيقول بضعة وعشرون رجلا وبضع وعشرون امرأة اهـ مصباح والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة كما يؤيده ما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر (ولعلّ الحكمة) في تخصيص هذا العدد من الملائكة أن حروف هذه الكلمات أربع وثلاثون فأنزل الله تعالى ملائكة بعددها

(قوله أيهم يكتبها أول) وفي رواية الطبراني من حديث أبي أيوب أيهم يرفعها أول "ولا تنافي" بينهما لأنهم يكتبونها أوَّلا ثم يرفعونها. وأول مبني على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه ويجوز نصبه على الحال (والحكمة) في سؤاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هي أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله

(قوله آنفا) بمد الهمزة وقد تقصر أى قريبا

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومالك في الموطأ وأخرج الطبراني نحوه

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ

ص: 180

السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ».

(ش)(أبو الزبير) هو محمد بن مسلم تقدم في الجزء الأول صفحة 24. و (طاوس) بن كيسان فيه صفحة 79

(قوله من جوف الليل الخ) وفي رواية البخارى عن ابن عباس أيضا قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال اللهم لك الحمد الخ وظاهره أنه كان يقوله أول ما يقوم إلى الصلاة قبل أن يحرم. لكن الرواية الآتية فيها التصريح بأنه كان يقول ذلك بعد الإحرام، وترجم ابن خزيمة لهذا الحديث فقال الدليل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول هذا بعد أن يكبر وساق الحديث وفيه كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قام للتهجد قال بعد ما يكبر اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض أى منوّرهما وخالق النور الحسيّ والمعنويّ فيهما، أما في السماوات فبالشمس والقمر والنجوم والعرش والملائكة وفي الأرض بالمصابيح والسرج والأنبياء والعلماء والصالحين فبنورك يهتدى أهل السماوات والأرض وبه يبصر ذو العماية ويرشد ذو الغواية. وأصل النور كيفية تدركها الباصرة أوّلا وتدرك بواسطتها سائر المبصرات كالكيفية الفائضة من الشمس والقمر على الأجرام الكثيفة المحاذية لها. وهو بهذا المعنى يستحيل إطلاقه على الله تعالى فهو بالمعنى المراد هنا من صفات الأفعال

(قوله أنت قيام السماوات والأرض) أى القائم بأمرهما وتدبير شؤونهما دون سواك. وفي نسخة ورواية البخارى أنت قيم السماوات والأرض

(قوله أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن الخ) عبر بمن تغليبا للعقلاء على غيرهم فهو رب كل شئ وميكة ومصلحه. وكرّر الحمد للاهتمام بشأنه وليناط به كل مرّة معنى آخر. وقدم الجار والمجرور لإفادة التخصيص أى لا يستحق الحمد إلا أنت أنت الحق أى المتحقق وجوده الثابت بلا شك (قال) القرطبي هذا الوصف له سبحانه وتعالى بالحقيقة خاص به لا ينبغى لغيره إذ وجوده لنفسه فلم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم بخلاف غيره اهـ (وقال) ابن التين يحتمل أن يكون معناه أنت الحق بالنسبة إلى من يدعي فيه أنه إله أو بمعنى أن من سماك إلها فقد قال الحق

(قوله وقولك الحق الخ) أى الثابت الصادق ووعدك الحق الذى لا شك فيه وهو

ص: 181

من ذكر الخاص بعد العام ونكتته الاهتمام بالوعد

(قوله ولقاؤك حق) أى واقع وكائن لا محالة والمراد باللقاء البعث بعد الموت للحساب والجزاء على الأعمال، وقيل المراد به رؤية الله تعالى في الآخرة حيث لا مانع

(قوله والجنة حق والنار حق الخ) أى وجودهما حق وكذا القيامة ثابتة. وأصل الساعة الجزء من الزمن. وعرّف الحق في الثلاثة الأول للحصر لأن الله تعالى هو الحق الثابت وما سواه في معرض الزوال. ونكر البواقي للعظيم. والغرض من كون المذكورات حقا أنها ثابتة يجب الإيمان بها. وفي رواية البخارى قبل هذه الجملة والنبيون حق ومحمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حق

(قوله وإليك أنبت الخ) أى رجعت إليك في تدبير أمرى دون غيرك وبما علمتني وأعطيتنى من الحجج والبراهين خاصمت من عاداك ولم يطع أمرك وجعلت محاكمتي مع كل من جحد الحق إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا إلى غير ذلك مما تحاكم إليه الجاهلية

(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية دعاء الافتتاح في الصلاة بهذه الكلمات. وعلى مزيد معرفة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بعظمة ربه وعظيم قدرته ومواظبته على الذكر والدعاء والثناء على ربه والاعتراف له تعالى بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده، وعلى استحباب تقديم الثناء على الله تعالى عند كل مطلوب منه عز وجل اقتداء به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه ومالك في الموطأ

(ص) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، نَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، نَا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: نَا طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَانَ فِي التَّهَجُّدِ يَقُولُ بَعْدَ مَا يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ

(ش) غرض المصنف بهذا بيان أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول هذا الدعاء داخل الصلاة بعد تكبيرة الإحرام

(رجال الحديث)(عمران بن مسلم) المنقرى أبو بكر البصرى. روى عن محمد بن سيرين وعطاء بن أبى رباح وإبراهيم التيمى وعبد الله بن دينار وقيس بن سعد وآخرين. وعنه يحيى القطان ووكيع وبشر بن المفضل وخالد بن الحارث وجماعة. قال يحيى بن سعيد منكر الحديث وقال أبو حاتم منكر الحديث وهو شبه المجهول وقال في التقريب صدوق من السادسة

ص: 182

و (قيس بن سعد) أبا عبد الملك الحبشى المكي مولى نافع بن علقمة. روى عن مكحول وسعيد بن جبير وعمرو بن دينار ومجاهد وطاوس. وعنه الحمادان وجرير بن حازم وهشام بن حسان ويزيد بن إبراهيم التسترى وآخرون. وثقه أحمد وأبو زرعة ويعقوب بن شيبة وأبو داود والعجلى. توفي ست سبع عشرة ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه والبخارى في التاريخ

(معنى الحديث)

(قوله كان في التهجد الخ) أى كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في صلاة الليل يقول هذا الدعاء فالمراد بالتهجد صلاة الليل. يقال هجد وتهجد إذا نام وإذا سهر فهو من الأضداد ومن الأخير قيل صلاة الليل للتهجد. وفرق بعضهم بين هجد وتهجد فقال هجد نام وتهجد سهر فيكون أصل الهجود النوم والتهجد طرحه

(قوله ثم ذكر معناه) أى ذكر قيس ابن سعد معنى حديث أبى الزبير المتقدم

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ -نَحْوَهُ- قَالَ قُتَيْبَةُ: نَا رِفَاعَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَمِّ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ فَعَطَسَ رِفَاعَةُ -لَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ: رِفَاعَةُ- فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ انْصَرَفَ، فَقَالَ:«مَنِ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيث مَالِكٍ وَأَتَمَّ مِنْهُ

(ش)(رجال الحديث)

(قوله وسعيد بن عبد الجبار نحوه) أى وحدثنا سعيد بن عبد الجبار نحو ما حدثنا به قتيبة. و (رفاعة بن يحيى الخ) الزرقى. روى عن معاذ بن رفاعة. وعنه عبد العزيز بن أبى ثابت وسعيد بن عبد الجبار وقتيبة بن سعيد. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب صدوق من الثامنة. روى له النسائى والترمذى وأبو داود. و (معاذ بن رفاعة الخ) ابن مالك بن عجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الزرقي الأنصارى. روى عن أبيه وجابر بن عبد الله وخولة بنت قيس ومحمد بن عبد الرحمن. وعنه رفاعة بن يحيى وهشام بن هارون ومحمد بن إسحاق ويزيد بن الهاد ويحيى بن سعيد. ضعفه ابن معين وقال الأزدى لا يحتج بحديثه وقال في التقريب صدوق من الرابعة

ص: 183

(معنى الحديث)

(قوله فعطس رفاعة الخ) يعني نفسه. وعطس من باب ضرب. وفي لغة من باب قتل. وهذا لفظ سعيد بن عبد الجبار. ولفظ قتيبة قال رفاعة صليت خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعطست. وقد أشار المصنف لهذا بقوله لم يقل قتيبة رفاعة

(قوله مباركا عليه الخ) تأكيد لقوله مباركا فيه. والغرض منهما المبالغة في الثناء على الله تعالى وقيل قوله مباركا فيه المراد منه زيادة الحمد. وقوله مباركا عليه المراد منه البقاء. فكأنه قال الحمد لله حمدا كثيرا زائدا باقيا لا ينقطع. وقوله كما يحب ربنا ويرضى المراد منه أنه يحمد حمدا يقبله الله منه ويثيبه عليه ويرضى عنه بسببه ففيه من حسن التفويض إلى الله تعالى ما هو الغاية في القصد

(قوله ثم ذكر نحو حديث مالك الخ) أى ذكر قتيبة في روايته عن رفاعة بن يحيى نحو حديث مالك الذى رواه عن نعيم بن عبد الله المجمر عن على بن يحيى الزرقي وأتم منه. وتمامه كما في النسائى فقال من المتكلم في الصلاة فلم يكلمه أحد ثم قال الثانية من المتكلم في الصلاة فقال رفاعة بن رافع بن عفراء أنا يا رسول الله قال كيف قلت قال قلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فقال للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والذى نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها "ولا يقال" كيف أخر رفاعة إجابته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مع أن إجابته واجبة عليه بل وعلى كل من سمع رفاعة فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يسأل المتكلم وحده "لأنهم ظنوا" أن للسؤال استنكار منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلا يتطلب إجابة. أو أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما لم يعين واحدا بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من غيره وكأن القوم انتظر بعضهم بعضا بالإجابة وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنا منهم أنه أخطأ فيما فعل ورجوا أن يقع العفو. وكأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما رأى سكوتهم فهم ذلك فعرّفهم أنه لم يقل بأسا. ويدل على ذلك ما في رواية سعيد بن عبد الجبار عن رفاعة بن يحيى عند ابن قانع قال رفاعة فوددت أني خرجت من مالى وأني لم أشهد مع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تلك الصلاة. وما في رواية الطبراني من حديث أبي أيوب فقال من المتكلم فسكت ورأى أنه قد هجم من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على شيء كرهه فقال من هو فإنه لم يقل إلا صوابا فقال أنا يا رسول الله قلتها أرجو بها الخير (والحكمة) في سؤاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عمن قال أن يتعلم السامعون ما قاله فيقولوا مثله كما تقدم

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن العاطس في الصلاة ينبغي له أن يحمد الله تعالى خلافا للقائلين بكراهته، وعلى أن المتلبس بالصلاة لا يطلب منه تشميت العاطس

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى والترمذى وقال حديث حسن وكان هذا

ص: 184

الحديث عند بعض أهل العلم في التطوع لأن غير واحد من التابعين قالوا إذا عطس الرجل في الصلاة المكتوبة إنما يحمد الله في نفسه ولم يوسعوا بأكثر من ذلك اهـ وتخصيص الدعاء بالتطوّع غير مسلم فقد قال الحافظ في الفتح أفاد بشر بن عمر الزهراني في روايته عن رفاعة ابن يحيى أن تلك الصلاة كانت المغرب اهـ

(ص) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَطَسَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، حَتَّى يَرْضَى رَبُّنَا، وَبَعْدَمَا يَرْضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ، قَالَ:«مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ» ، قَالَ: فَسَكَتَ الشَّابُّ، ثُمَّ قَالَ:«مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا قُلْتُهَا لَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا خَيْرًا، قَالَ:«مَا تَنَاهَتْ دُونَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ جَلَّ ذِكْرُهُ»

(ش)(رجال الحديث)(عاصم بن عبيد الله) بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدنى العدوى. روى عن أبيه وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وجابر بن عبد الله وعبيد الله ابن أبى رافع وآخرين. وعنه مالك والسفيانان وشعبة وشريك بن عبد الله النخعى وجماعة. ضعفه ابن معين وقال ابن سعد كان كثير الحديث ولا يحتج به وقال يعقوب بن شيبة قد حمل الناس عنه وفي أحاديثه ضعف وله أحاديث مناكير وقال البخارى منكر الحديث وقال أبو حاتم منكر الحديث مضطرب الحديث ليس له حديث يعتمد عليه وقال ابن خزيمة لست أحتج به لسوء حفظه وقال ابن حبان سيئ الحفظ كثير الوهم فاحش الخطأ فترك من أجل كثرة خطئه وتكلم فيه غير واحد. روى له النسائى والترمذى وأبو داود وابن ماجه. و (عبد الله بن عامر بن ربيعة) العنزى أبى محمد المدني ولد في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. روى عن أبيه وعبد الرحمن بن عوف وعمر وعثمان وعائشة وجابر. وعنه الزهرى وعاصم بن عبيد الله ومحمد ابن زيد بن المهاجر وعبد الرحمن بن القاسم وغيرهم. قال الواقدى كان ثقة قليل الحديث وقال أبو زرعة ثقة أدرك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال العجلى ثقة من كبار التابعين

ص: 185