الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). وروي عن علي موقوفًا. وورد عن بعض الصحابة القراءة بغير ما ذكر قولًا وفعلًا.
فقد روى محمَّد بن نصر عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ في الوتر في أول ركعة خاتمة البقرة. وفي الثانية (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وربما قرأ (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، وفي الثالثة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).
وروي أيضًا عن سعيد بن جبير لما أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب أن يقوم بالناس في رمضان كان يوتر بهم فيقرأ في الركعة الأولى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، وفي الثانية ب (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، وفي الثالثة بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وروي عن عليّ ليس من القرآن شيء مهجور فأوتر بما شئت، وروي النسائي من طريق عاصم الأحول عن أبي مجلز أن أبا موسى كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء ركعتين ثم صلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ثم قال: ما آلوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم قدميه وأنا اقرأ بما قرأ به رسول الله صلي الله تعالى وعلي آله وسلم
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي والدارقطني والحاكم ومحمد بن نصر.
(باب القنوت في الوتر)
أي في بيان مشروعية القنوت في الوتر، والقنوت يطلق علي معان، والمراد هنا الدعاء في محل مخصوص.
(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ قَالَا نَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِى وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ".
(ش)(رجال الحديث)(أبو الأحوص) سلام بن سليم تقدم بالأول صفحة 240 و (أبو إسحاق) السبيعي. و (بريد بن أبي مريم) مالك بن ربيعة السلولي البصري، روى
عن أبيه وأنس وابن عباس وأبي موسي الأشعري وشهر بن حوشب وآخرين. وعنه ابنه يحيى وشعبة وأبو إسحاق السبيعي وعبد الرحمن بن هرمز وجماعة. وثقه أبو زرعة وابن معين والنسائي وأبو حاتم والعجلي. توفي سنة أربع وأربعين ومائة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي والبخاري في الأدب
و(أبو الحوراء). بحاء وراء مهملتين ربيعة بن شيبان السعدي البصري. روى عن الحسن. وعنه ثابت بن عمارة ويزيد بن أبي مريم وأبو يزيد الزراد، وثقه النسائي والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. روي له أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.
و(الحسن بن علي) بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي سبط رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وريحانته. روي عن النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وعن أبيه وأخيه الحسين وهند بن أبي هالة. وعنه ابنه الحسن وعائشة وعكرمة وابن سيرين وجبير بن نفير وطوائف. كان النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم يحبه. فقد روي الترمذي عن أسامة بن زيد قال طرقت النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم في بعض حاجة فقال هذان "يعني الحسن والحسين" ابناي وابنا بنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما. وروي أحمد من طريق زهير بن الأحمر قال بينما الحسن بن علي يخطب بعد ما قتل علي إذ قام رجل من الأزد فقال لقد رأيت الله صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم واضعه في حبوته يقول من أحبني فليحبه فليبلغ الشاهد الغائب، وروى البخاري عن أبي بكر قال رأيت النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم علي المنبر والحسن بن علي معه وهو يقبل علي الناس مرة وعليه مرة ويقول إن إبني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين. وروى أحمد من طريق المبارك بن فضالة قد حدثنا الحسن بن أبي الحسن قال حدثنا أبو بكرة قال كان رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم يصلي بالناس وكان الحسن بن علي يثب علي ظهره إذا سجد ففعل ذلك غير مرة قالوا له إنك لتفعل بهذا شيئًا ما رأيناك تفعله بأحد قال ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين، قال فلما ولى لم يهرق في خلافته بمحجمة من دم. وروى ابن أبي خيثعة من طريق هارون بن معروف قال حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال لما قتل عليّ سار الحسن في أهل العراق ومعاوية في أهل الشام فالتقوا فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن يجعل له العهد من بعده فكان أصحاب الحسن يقولون له يا عار أمير المؤمنين فيقول العار خير من النار ولد رضي الله عنه في رمضان سنة ثلاث من الهجرة علي الأصح، وتوفي سنة تسع وأربعين أو خمسين مسمومًا، قال ابن سعد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا ابن عون عن عمر بن إسحاق قال دخلت أنا وصاحب لي علي الحسن بن علي فقال لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارًا فلم أسق مثل
هذا فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك فأبى أن يخبره.
(معنى الحديث)(وقوله علمني كلمات) يعني جملًا أدعو بهن في الوتر فهو من إطلاق اسم الجزء علي الكل وهذا لفظ قتيبة. ورواية ابن جواس أقولهن في قنوت الوتر. وهي رواية النسائي وابن ماجه
(قوله اللهم أهدني فيمن هديت
…
ألخ) بيان للكلمات أي ثبتني علي الهداية مع من هديتهم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ففي بمعني مع أو زدني من أسباب الهداية حتى أكون مع الأنبياء
(وعافني فيمن عافيت) أي من البلاء والأهواء
(قوله وتولني فيمن توليت) أي تولني بالحفظ والرعاية مع من توليتهم ولا تكلني إلى نفسي
(قوله وبارك لي فيما أعطيت) أي زدني فيما أعطيتنيه من خيري الدارين
(قوله وقني شر ما قضيت) أي احفظني مما يترتب علي ما قضيته عليّ من السخط والجزع. هذا إن أريد بالقضاء القضاء المبرم إذ لا بد من نفوذه وإن أريد به المعلق فلا حاجة إلى هذا التأويل
(قوله إنك تقضي ولا يقضى عليك) أي تحكم بما تريد ولا يحكم عليك لا رادّ لما قضيت ولا معقب لحكمك. وهو كالتعليل لما قبله
(قوله وإنه لا يذل من واليت) بفتح الياء وكسر الذال أي لا يخذل من واليته من عبادك في الآخرة أو مطلقًا وإن ابتلي بما ابتلي به وسلط عليه من أهانه ظاهرًا لأن ذلك يزيده رفعة عند الله تعالى ومن ثم وقع للأنبياء ما وقع من المحن كقطع زكريا بالمنشار
(قوله ولا يعز من عاديت) أي لا يكون لمن عاديته عزة في الدنيا ولا في الآخرة وإن أعطي من نعيم الدنيا ما أعطي حيث لم يمتثل أمر الله تعالى ولم يجتنب نهيه. وهذه الزيادة ثابتة في الحديث. "وقول" النووي في الخلاصة إن البيهقي رواها بسند ضعيف وقول ابن الرفعة لم تثبت "غير" مسلم لأن البيهقي رواها من طريق إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن الحسن أو الحسين بن علي. ورواها أيضًا الطبراني من حديث شريك وزهير بن معاوية عن أبي إسحاق ومن حديث أبي الأحوص عن أبي إسحاق، قال الحافظ في التلخيص وقد وقع لنا عاليًا جدًا متصلًا بالسماع قرأته علي أبي الفرج بن حماد أن علي بن إسماعيل أخبره أن إسماعيل بن عبد القوي أنبأ فاطمة بنت سعد الخير وأنبأ فاطمة بنت عبد الله أنبأنا محمَّد بن عبد الله حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا الحسن بن المتوكل البغدادي حدثنا عفان بن مسلم حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت
(الحديث) مثل ما ساقه الرافعي وزاد ولا يعز من عاديت اهـ
(قوله تباركت ربنا وتعاليت) أي تزايد برك وإحسانك وتنزهت عما لا يليق بك.
(فقه الحديث) دلّ الحديث علي مشروعية القنوت في الوتر. وظاهره عدم الفرق بين
رمضان وغيره. وبه قالت الحنفية والحنابلة ورواه الترمذي ومحمد بن نصر عن ابن مسعود ورواه محمَّد بن نصر عن علي وعمر، وحكاه ابن المنذر عن إبراهيم النخعي وأبي ثور.
واختار ابن مسعود وأبو حنيفة أن يكون قبل الركوع. وبه قال سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق وأهل الكوفة والبراء وأبو موسى وابن عباس وأنس وعمر بن عبد العزيز وعبيدة وعبد الرحمن بن أبي ليلي وحميد الطويل وذهب جماعة إلى أنه يقنت في الوتر في النصف الأخير من رمضان فقط منهم علي وابن سيرين وسعيد بن أبي الحسن والزهري ويحيى بن ثابت ومالك والشافعي واختاره أبو بكر الأثرم لما رواه محمَّد بن نصر بإسناده صحيح أن ابن عمر كان لا يقنت في الصبح ولا في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان وروي أيضًا عن الحسن كانوا يقتنون في النصف الأخير من رمضان.
وعن محمَّد بن عمر كنا ونحن بالمدينة نقنت ليلة أربع عشرة من رمضان اهـ.
وذهب قتادة إلى أنه يقنت في السنة كلها إلا في النصف الأول من رمضان، وعن بعض الشافعية أنه يقنت في رمضان فقط دون بقية السنة.
وذهب طاوس إلى عدم مشروعية القنوت في الوتر. وروي ذلك محمَّد ابن نصر عن ابن عمر وأبي هريرة وعروة وابن الزبير وروي عن مالك مثل ذلك فقد سئل عن الرجل يقوم لأهله في رمضان أيقنت بهم في النصف الباقي من الشهر فقال لم أسمع أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم ولا أحدًا من أولئك قنت وما هو من الأمر القديم وما أفعله أنا في رمضان ولا أعرف القنوت قديمًا.
وقال ابن العربي اختلف قول مالك فيه في صلاة رمضان قال والحديث لم يصح والصحيح عندي تركه إذ لم يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم من فعله ولا قوله اهـ.
وفي هذا كله نظر فإنه قد ثبت عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم القنوت في الوتر كما ستعرفه.
واختلف من قال بالقنوت في الوتر في محله. فذهب جماعة إلى أنه بعد الركوع منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعيد بن جبير. وهو قول أحمد. ومشهور مذهب الشافعية، واستدلوا بما رواه البيهقي والحاكم عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود اللهم أهدني الخ وقال الحاكم حديث صحيح علي شرط الشيخين. وذهب ابن مسعود وسفيان الثوري وابن المبارك وأبو حنيفة وغيرهم ممن تقدم ذكرهم إلى أنه قبل الركوع.
واستدلوا بما رواه النسائي من طريق عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يوتر بثلاث يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلي وفي الثانية قل يأيها الكافرون وفي الثالثة قل هوالله أحد ويقنت قبل الركوع. وبما رواه ابن ماجه عن أبيّ أيضًا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع وبما أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق سهيل بن العباس الترمذي قال حدثنا سعيد بن سالم
القداح بن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم كان يوتر بثلاث ركعات ويجعل القنوت قبل الركوع.
وبما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال أوتر النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم بثلاث فقنت منها قبل الركوع. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم كان يوتر بثلاث ركعات ويجعل القنوت قبل الركوع رواه الطبراني في الأوسط.
ولا منافاة بين روايات القنوت بعد الركوع وقبله في الوتر لأن هذا من باب المباح فيجوز القنوت فيه بعده وقبله لورود كل عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وروى ابن نصر عن حميد قال سالت أنسًا عن القنوت قبل الركوع وبعد الركوع فقال كنا نفعل قبل وبعد.
ومن قال بالقنوت في الوتر قال يكبر ويرفع يديه قبله. فقد روى محمَّد بن نصر عن علي أنه كبر في القنوت حين فرغ من القراءة وحين ركع، وفي رواية كان يفتتح القنوت بتكبيرة، وقال أيضًا كان عبد الله بن مسعود يكبر في الوتر إذا فرغ من قراءته حين يقنت وإذا فرغ من القنوت.
وعن البراء أنه كان إذا فرغ من السورة كبر ثم قنت. وعن أحمد إذا كان يقنت قبل الركوع افتتح القنوت بتكبيرة، وكان سعيد بن جبير يقنت في رمضان في الوتر بعد الركوع إذا رفع رأسه كبر ثم قنت وروى محمَّد بن نصر أيضًا عن الأسود أن عبد الله كان يرفع يديه في القنوت إلى صدره، وقال كان أبوهريرة يرفع يديه في قنوته في شهر رمضان.
وروى البيهقي عن أنس أنه رفع يديه في القنوت.
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي من طريق يزيد عن أبي الحوراء. وتوقف ابن حزم في صحة حديثه عن لحسن فقال هذا الحديث وإن لم يكن مما يحتج به فإنا لم نجد فيه عن النبي صلى الله تعالى عليه علي آله وسلم غيره والضعيف من الحديث أحب إلينا من الرأي كما قال أحمد بن حنبل اهـ
ورواه البيهقي أيضًا من طريق موسي بن عقبة عن عبد الله بن علي عن الحسن وزاد بعد قوله تبارك وتعاليت وصلى الله علي النبي محمَّد، قال النووي في شرح المهذب إنها زيادة بسند صحيح أو حسن اهـ.
ورده الحافظ في التلخيص بأنه منقطع، فإن عبد الله بن علي لم يلحق الحسن بن علي رضي الله عنه اهـ.
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ نَا زُهَيْرٌ نَا أَبُو إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ هَذَا يَقُولُ فِي الْوِتْرِ فِي الْقُنُوتِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَبُو الْحَوْرَاءِ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ.
(ش) غرض المصنف من ذكر هذه الرواية بيان الفرق بين رواية أبي الأحوص عن أبي إسحاق ورواية زهير بن معاوية عنه. فقد قال أبو الأحوص في روايته أقولهن في الوتر فجعلها من كلام الحسن، وقال زهير في روايته يقولها في الوتر في القنوت فجعلها من كلام أبي الحوراء
(زهير) بن معاوية تقدم بالأول صفحة 112
(قوله بإسناده) أي إسناد أبي إسحاق السبيعي في الحديث السابق. وهو عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن
(قوله قال في آخره قال هذا الخ). أي قال زهير بن معاوية في آخر حديثه قال الحسن هذا أي دعاء القنوت يقوله الحسن في قنوت الوتر. قال الحافظ في التلخيص: نبه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله في قنوت الوتر تفرد به أبو إسحاق عن يزيد بن أبي مريم وتبعه ابناه يونس وإسرائيل، قالا ورواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر وإنما قال كان يعلمنا هذا الدعاء اهـ.
وروية زهير أخرجها الطبراني كما تقدم والبيهقي.
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو الْفَزَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ هِشَامٌ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِحَمَّادٍ وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.
(ش)(رجال الحديث)(هشام بن عمرو الفزاري) روي عن عبد الرحمن بن الحارث. وعنه حماد بن سلمة. وثقه ابن معين وقال لم يرو عنه غير حماد بن سلمة، ووثقه أحمد وأبو حاتم، وقال شيخ قديم وذكره ابن حبان في الثقات. روي له أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه. والفزاري نسبة إلى فزارة قبيلة من غطفان
و(عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو محمَّد المدني. روي عن عمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وعائشة، وعنه أولاده أبو بكر وعكرمة والمغيرة وهشام بن عمرو وجماعة. اختلف في صحبته، قال البغوي ولد في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم ولا أحسبه سمع منه. وقال العجلي تابعي ثقة وقال الدارقطني جليل يحتج به. توفي في خلافة معاوية، روي له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.
(معنى الحديث)
(قوله في آخر وتره) أي بعد السلام منه كما في رواية، قال ميرك وفي إحدى روايات النسائي كان يقول إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك الحديث اهـ من المرقاة
(قوله أعوذ برضاك من سخطك الخ) أي أتحصن بفعل ما يوجب رضاك مما يوجب سخطك وبفعل ما يوجب عفوك مما يوجب عذابك
(قوله وأعوذ بك منك) أي أتحصن بذاتك من عذابك وفيه إشارة إلى قوله تعالى (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) وقوله (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) أي عقوبته
(قوله لا أحصي ثناء عليك) أي لا أستطيع أن أحصي نعمك التي تستحق بها الثناء عليك قال تعالى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)
(قوله أنت كما أثنيت على نفسك) أي أنت ثابت على الأوصاف الجليلة والكمالات التي أثنيت بها على ذاتك. فضمير المخاطب مبتدأ خبره محذوف. والكاف بمعى على وما موصوفة. وفي هذا اعتراف منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالعجز عن تفصيل الثناء ورده إلى الله تعالى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلًا
(قوله أنه قال لم يروعنه الخ) أي لم يرو عن هشام بن عمرو غير حماد بن سلمة. وهذا يقتضي أن هشامًا غير معروف. وقد علمت أنه وثقه غير واحد فارتفعت جهالته. وفي هذا الحديث دلالة على مشروعية القنوت في الوتر بهذا الدعاء. وفي القنوت أدعية أخرى يأتي ذكر بعضها
(والحديث) أخرجه أيضًا النسائي وابن ماجه والترمذي ومحمد بن نصر والبيهقي والحاكم والدارمي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَنَتَ -يَعْنِي فِي الْوِتْرِ- قَبْلَ الرُّكُوعِ.
(ش) أشار بهذا التعليق والتعاليق التي بعده إلى بيان محل القنوت
(قوله يعني في الوتر قبل الركوع) هذه العناية من أحد الرواة: ويحتمل أن تكون من المصنف. وهذا التعليق وصله محمَّد بن نصر قال حدثنا إسحاق أخبرنا عيسى بن يونس ثنا سعيد. ثم قال ومرة قال إسحاق ثنا فذكر السند إلى قوله عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بن كعب فذكر الحديث سواء ثم قال ويقنت قبل الركوع، ووصله الدارقطني من طريق عيسى بن يونس إلى آخر السند بذكر القنوت، قال فيه أبيّ وكان يقنت قبل الركوع وكان يقول إذا سلم سبحان ربي القدوس مرتين يسرهما وفي الثالثة يجهر بها ويمد بها صوته
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ
(ش) أي روى هذا الحديث عيسى بن يونس عن فطر بن خليفة عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن مثل روايته له عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن (وروايته) عن فطر أخرجها الدارقطني موصولة عن عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال حدثنا علي بن خشرم حدثنا عيسى بن يونس عن فطر عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب مثله وقال فيه ويقنت قبل الركوع، وإذا سلم قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يمد بها صوته وفي الأخيرة يقول رب الملائكة والروح
(ص) وَرُوِىَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
(ش) هذا تعليق آخر فيه التصريح بالقنوت قبل الركوع. والحاصل أنه قد روى ذكر القنوت قبل الركوع من ثلاث طرق: من طريق عيسى بن يونس عن قتادة ومن طريقه أيضًا عن فطر ابن خليفة عن زبيد، ومن طريق حفص، بن غياث عن مسعر عن زبيد
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثُ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَذْكُرِ الْقُنُوتَ وَلَا ذَكَرَ أُبَيًّا
(ش) أشار به إلى أن حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مختلف في وصله وفي ذكر القنوت فيه، فقد رواه عن عيسى بن يونس عنه موصولًا وذكر فيه القنوت، ورواه عن يزيد بن زريع مرسلًا ولم يذكر فيه القنوت (وقد روى النسائي) حديث قتادة عن عزرة من غير طريق يزيد بن زريع قال أخبرنا محمَّد بن المثنى حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد حدثنا سعيد عن قتادة
عن عروة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يوتر بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فإذا فرغ قال سبحان الملك القدوس. ورواه أيضًا بدون ذكر عبد الرحمن بن أبزى قال أخبرنا محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي عامر عن هشام عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يوتر الخ، فلم يذكر في هاتين الروايتين أبيًا ولا القنوت
(ص) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الأَعْلَى وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ وَسَمَاعُهُ بِالْكُوفَةِ مَعَ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقُنُوتَ
(ش) أي كذلك روي هذا الحديث عبد الأعلي بن عبد الأعلي ومحمد بن بشر العبدي عن سعيد بن أبي عروبة بدون ذكر القنوت فيه
(قوله وسماعه بالكوفة مع عيسي بن يونس) أي سماع محمَّد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة لهذا الحديث مع عيسي بن يونس كان بالكوفة.
(ص) وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ وَلَمْ يَذْكُرَا الْقُنُوتَ
(ش) أي روي هذا الحديث هشام بن أبي عبد الله الدستوائي وشعبة بن الحجاج بدون ذكر القنوت أيضًا (ورواية شعبة) أخرجها النسائي قال أخبرنا محمَّد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يوتر بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فإذا فرغ قال سبحان الملك القدوس ثلاثًا. ورواه هكذا من عدة طرق
(فالحاصل) أنه قد خالف عيسي بن يونس في روايته عن سعيد ابن أبي عروبة يزيد بن زريع وعبد الأعلى ومحمد بن بشر في عدم ذكر القنوت في الحديث، وخالفه يزيد بن زريع في عدم ذكر أبي فهذا يدل علي وهم عيسي في ذكر القنوت. علي أن النسائي روى الحديث من طريقه بدون ذكر القنوت قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا عيسى بن يونس عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وفي الثانية بـ (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثالثة بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وأيضًا خالف سعيد بن أبي عروبة في روايته عن قتادة هشام الدستوائي وشعبة عن قتادة في عدم ذكر القنوت. ووقع في رواية يزيد بن زريع عزرة بين قتادة وبين سعيد بن عبد الرحمن، فلعل قتادة روى عن
سعيد مرة بواسطة عزرة ومرة بدونها.
(ص) وَحَدِيثُ زُبَيْدٍ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ كُلُّهُمْ عَنْ زُبَيْدٍ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْقُنُوتَ إِلَاّ مَا رُوِىَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ زُبَيْدٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ إِنَّهُ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَيْسَ هُوَ بِالْمَشْهُورِ مِنْ حَدِيثِ حَفْصٍ نَخَافُ أَنْ يَكُونَ عَنْ حَفْصٍ عَنْ غَيْرِ مِسْعَرٍ.
(ش) أشار به إلى الاختلاف في التعليق الثاني عن عيسي عن فطر والتعليق الثالث عن حفص عن مسعر فذكر أن حديث زبيد رواه عنه سليمان الأعمش ومن معه وكلهم خالفوا فطرا عن زبيد حيث ذكر القنوت عنه ولم يذكروه، وخالفوا في روايته أيضًا حفص ابن غياث عن مسعر عن زبيد، فإن مسعرا ذكر في حديثه عن زبيد أنه قنت قبل الركوع فتابع مسعر فطر وبن خليفة في ذكر القنوت، هذا
(ورواية سليمان الأعمش) أخرجها النسائي موصولة. قل أخبرنا محمَّد بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب النسائي أنبأنا محمد بن أبي عبيدة حدثنا أبي عن الأعمش وعن طلحة عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب قال كان رسول الله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى إلخ وروه أيضًا من عدة طرق بدون ذكر القنوت
(وأخرج أيضًا) رواية شعبة قال أخبرنا عمر ابن يزيد حدثنا بهز بن أسد حدثنا شعبة عن سلمة وزبيد عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يوتر بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) إلخ
(وأخرج) رواية عبد الملك بن أبي سليمان قال أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا محمَّد بن عبيد حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم يوتر بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) إلخ
(وأخرج) رواية جرير قال أخبرنا حرمى بن يونس بن محمَّد حدثنا أبي حدثنا جرير قال سمعت زبيدًا يحدث عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى إلخ وليس في رواية منها ذكر القنوت
(قوله وليس هو بالمشهور من حديث حفص إلخ) أي ليس ذكر القنوت مشهورًا من حديث حفص عن مسعر بل يخشى أن يكون ذكر القنوت فيه عن حفص عن غير مسعر فوهم الراوي عن حفص فذكر مسعرًا فمتابعة مسعر لفطر ضعيفة، وغرض المصنف من هذا كله تضعيف رواية القنوت في الوتر إلا في النصف
الأخير من رمضان. ومال إلى تضعيف أحاديث القنوت في الوتر أيضًا أحمد.
قال ابن القيم قال أحمد لم يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في قنوت الوتر قبل أو بعد شيء وقال الخلال أخبرني محمَّد بن يحيى أنه قال لأبي عبد الله في القنوت في الوتر فقال ليس يروي فيه عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم شيء ولكن كان عمر يقنت من السنة إلى السنة اهـ
وقد حكي البيهقي في سننه الكبري كلام المصنف، وأجاب عنه في الجوهر النقي، قال "باب من قال يقنت في الوتر قبل الركوع" ذكر يعني البيهقي فيه حديث عيسي بن يونس عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب ثم ذكر (عن أبي داود أن جماعة رووه عن ابن أبي عروبة وأن الدستوائي وشعبة روياه عن قتادة ولم يذكروا القنوت) قلت عيسي ابن يونس قال فيه أبو زرعة ثقة حافظ وقال ابن المديني بخ بخ ثقة مأمون وإذا كان كذلك فهو زيادة ثقة، وقد جاء له شاهد علي ما سنذكره إن شاء الله تعالى ثم أخرجه البيهقي من حديث عيسي ابن يونس عن فطر عن زبيد وعن سعيد بن عبد الرحمن بسنده ثم ذكر (عن أبي داود أن جماعة رووه عن زبيد لم يذكر أحد منهم القنوت إلا ما روي عن حفص بن غياب عن مسعر عن زبيد فإنه قال في حديثه وإنه قنت قبل الركوع وليس هو بالمشهور من حديث حفص نخاف أن يكون عن حفص عن غير مسعر) قلت العجب من أبي داود كيف يقول لم يذكر أحد منهم القنوت إلا ما روي عن حفص عن مسعر عن زبيد، وقد روى هو ذكر القنوت قبل الركوع من حديث عيسي بن يونس عن ابن أبي عروبة، ثم قال وروى عيسي بن يونس هذا الحديث أيضًا عن فطر عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي عن النبي عليه السلام مثله والبيهقي خرّج رواية فطر عن زبيد مصرحة بذكر القنوت قبل الركوع، ثم نقل الكلام أبي داود لم يتعب عليه. علي أن ذلك روي عن زبيد من وجه ثالث قال النسائي في سننه أنا علي بن ميمون ثنا ومخلد عن يزيد عن سفيان هو الثوري وعن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بن كعب أنه عليه السلام كان يوتر بثلاث يقرأ في الأولى بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وفي الثانية بـ (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثالثة بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ويقنت قبل الركوع، وابن ميمون وثقه أبو حاتم وقال النسائي لا بأس به، ومخلد وثقه ابن معين ويعقوب وبن سفيان وأخرج له الشيخان، وأخرج ابن ماجه أيضًا هذا الحديث بسند النسائي، فظهر بهذا أن ذكر القنوت عن زبيد زيادة ثقة من وجوه فلا يصير سكوت من سكت عنه حجة على من ذكره، وقد روي القنوت في الوتر قبل الركوع عن الأسود وسعيد بن جبير والنخعي وغيرهم، رواه عنهم ابن أبي شيبة في مصنفه بأسانيده وقال أيضًا ثنا أبو خالد الأحمر وعن أشعث عن الحكم عن إبراهيم قال كان عبد الله لا يقنت في السنة كلها في الفجر ويقنت في الوتر كل ليلة قبل الركوع، قال أبو بكر هو ابن أبي شيبة هذا القول
عندنا وقال أيضًا ثنا يزيد بن هارون ثنا هشام الدستوائي عن حماد هو ابن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة أن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانوا يقتنون في الوتر قبل الركوع، وهذا سند صحيح علي شرط مسلم، وفي الإشراف لابن منذر روينا عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي موسي الأشعري وأنس والبراء بن عازب وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وعبيدة وحميد الطويل وابن أبي ليلي أنهم رأوا القنوت قبل الركوع وبه قال إسحاق اهـ
وروى محمَّد بن نصر عن الأسود قال صحبت عمر رضي الله عنه ستة أشهر فكان يقنت في الوتر وكان عبد الله يقنت في الوتر السنة كلها. وعن علي رضي الله عنه أنه كان يقنت في رمضان كله وفي غير رمضان في الوتر، وروى عن الأسود أن عمر بن الخطاب قنت في الوتر قبل الركوع وعن ابن مسعود أنه قنت في الوتر بعد القراءة قبل الركوع، وقال في "باب ما يدعى به في قنوت الوتر" وعن عطاء أنه سمع عبيد بن عمر يؤثر عن عمر بن الخطاب في القنوت اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم علي عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك. اللهم خالف بين كلمهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ واللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يكفرك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ولك نسعي ونحفد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق، وفي لفظ كان يقول في القنوت فذكر مثله غير أنه قال ونثني عليك الخير وقال نترك ومن يفجرك إلى قوله ملحق وزاد هنا يقول هذا في الوتر قبل الركوع، ونحفد من باب ضرب أي نسرع في العمل والخدمة وملحق روي بكسر الحاء أي إن عذابك يلحق من نزل به من الكفار وقيل بمعنى لاحق وروي بفتحها أي يلحق بهم ويصابون به وفي القاموس الفتح أحسن أو هو الصواب.
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَيُرْوَى أَنَّ أُبَيًّا كَانَ يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.
(ش) أي يقنت في النصف الأخير من شهر رمضان، وذكره بصيغة التمريض لأن في سنده مجهولًا كما ذكره مسندًا بقوله.
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَمَّهُمْ -يَعْنِي فِي رَمَضَانَ- وَكَانَ يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ الآخِرِ مِنْ رَمَضَانَ.
(ش)(هشام) بن حسان تقدم بالأول صفحة 243 و (محمَّد) بن سيرين (وفي هذا الأثر)
مجهول وهو أيضًا فعل صحابي فلا يحتج به عند الجمهور
(والحديث) أخرجه البيهقي
(ص) حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ نَا هُشَيْمٌ أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَكَانَ يُصَلِّي لَهُمْ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَلَا يَقْنُتُ بِهِمْ إِلَاّ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَإِذَا كَانَتِ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ تَخَلَّفَ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ فَكَانُوا يَقُولُونَ أَبَقَ أُبَيٌّ.
(ش)(هشم) بن بشير تقدم بالأول صفحة 201
(قوله جمع الناس علي أبي بن كعب) أي ليصلي بهم قيام رمضان، وسبب جمعهم عليه ما رواه البخاري عن عبد الله بن عبد القارئ قال خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر إني لو جمعت هؤلاء علي قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم علي أبيّ بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخري والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون، يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله
(قوله وكان يصلي لهم إلخ) أي يصلي بهم صلاة التراويح عشرين ليلة ولا يقنت بهم في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان فكان يقنت بهم خمس ليال منه وينفرد في العشر الأخير، يؤيده ترجمة البيهقي لهذا الحديث باب من قال لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان، ولعل تخلفه في هذه الليالي ليتفرغ للعبادة تفرغًا تامًا تاسيًا به صلى الله عليه وعلي آله وسلم فإنه كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شد مئزره وأيقظ أهله
(قوله أبق أبيّ) أي هرب أبق العبد من باب ضرب وفي لغة من باب تعب وقتل إذا هرب من سيده من غير خوف ولا كد عمل والاسم الإباق والواحد آبق والجمع آباق مثل كافر وكفار، وكانوا يقولون ابق لكراهتهم تخلفه عنهم فلذا شبهوه بالعبد الآبق
(والأثر) أخرجه أيضًا البيهقي وأخرجه محمَّد بن نصر عن الحسن بلفظ إن أبي بن كعب أم الناس في رمضان فكان لا يقنت في النصف الأول ويقنت في الآخر فلما دخل العشر أبق وخلى عنهم فصلى بهم معاذ القارئ.
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِى ذُكِرَ فِي الْقُنُوتِ لَيْسَ بِشَىْءٍ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَدُلَاّنِ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِ أُبَيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَنَتَ فِي الْوِتْرِ.