الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد وقع بالشام فاختلفوا فقال بعضهم: قد خرجنا لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال ارتفعوا عني ثم قال: ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارًا من قدر الله؟ فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة "يعني لعاقبته" نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديًا له عدوتان إحداهما خصيبة والأخري جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وان رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال فجاء عبد الرحمن ابن عوف وكان متغيبًا في بعض حاجته فقال: إن عندي في هذا علمًا سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه" قال فحمد الله عمر ثم انصرف.
وأخرجه الشيخان عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "إن الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسراءيل أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارًا منه"
(باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة)
(ص) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا الْجُعَيْدُ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا قَالَ اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ فَجَاءَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَعُودُنِي وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِي ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِي وَبَطْنِي ثُمَّ قَالَ "اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ".
(ش)(رجال الحديث)(الجعيد) بضم الجيم مصغرًا وقيل مكبرًا ابن عبد الرحمن ابن أوس أو أويس الكندي. روى عن السائب بن يزيد وعائشة بنت سعد ويزيد بن خصيفة وآخرين. وعنه سليمان بن بلال وحاتم بن إسماعيل ويحيى القطان وغيرهم. وثقه النسائي وابن معين وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وفي التقريب ثقة من الخامسة. روى له الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي. مات سنة أربع وأربعين ومائة
(معنى الحديث)
(قوله اشتكيت) أي أصابني مرض
(قوله ووضع يده على جبهتي)
وفي نسخة علي جبيني، والجبهة ما بين الحاجبين إلى الناصية والجبين ما كان بجانب الجبهة، فالجبهة بين جبينين. ووضع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يده على جبهته تأنسيًا له وليعم مقدار مرضه
(قوله وأتمم له هجرته) دعا له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بإتمام الهجرة لأنه كان مريضًا بمكة، وكره أن يموت في موضع هاجر منه لأنه نقص في الهجرة، وقد أجاب الله دعاء الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فشفاه ومات بالمدينة سنة خمس وخمسين بعد فتح العراق
(فقه الحديث) دل الحديث على استحباب وضع يد العائد على جبهة المريض ومسح صدره وبطنه إذا كان العائد يحل له ذلك بالنسبة للمريض ، وقد يكون العائد عارفًا بالعلاج فيعرف المرض ويصف له الدواء. وعلى استحباب الدعاء للمريض وتعيين اسمه في الدعاء. وقد ورد في وضع يد العائد على المريض أحاديث.
منها حديث أبي أمامة "تمام عيادة المريض أن يضع يده على جبهته فيسأله كيف هو "أخرجه الترمذي بسند فيه لين، وفي رواية ابن السني فيقول كيف أصبحت أو كيف أمسيت.
ومنها عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا عاد مريضًا يضع يده على المكان الذي يألم يقول يقول بسم الله، أخرجه أبو يعلي بسند حسن
(والحديث) أخرجه البيهقي وكذا البخاري مطولًا عن عائشة بنت سعد أن أباها قال تشكيت بمكة شكوى شديدة فجاءني النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعودني فقلت يا نبي الله: إني أترك مالا وإني لم أترك إلا ابنة واحدة فأوصي بثلثي مالي وأترك الثلث فقال لا، فقلت فأوصي بالنصف وأترك النصف قال لا، قلت فأوصي بالثلث وأترك لهما الثلثين قال: الثلث والثلث كثير ثم وضع يده علي جبهته ثم مسح يده علي وجهي وبطني ثم قال: اللهم اشف سعدًا وأتمم له هجرته فما زلت أجد برده على كبدي فيما يخال إلى حتى الساعة. وفي رواية أخرى للبخاري ثم وضع يده علي جبهتي الخ وبها يظهر أن في قوله في الرواية الأولى ثم وضع يده علي جبهته وضع ضمير العيبة موضع ضمير المتكلم
(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ". قَالَ سُفْيَانُ وَالْعَانِي الأَسِيرُ.
(ش) هذا الحديث غير مناسب للترجمة فكان المناسب ذكره تحت ترجمة خاصة (كباب الأمر بعيادة المريض) كما صنع البيهقي، وفي بعض النسخ إسقاطه (ابن كثير) محمَّد
و (سفيان) الثوري أو ابن عيينة، فإن كلاهما من تلاميذ منصور بن المعتمر وشيوخ ابن كثير و (أبو وائل) شقيق بن سلمة
(قوله وأطعموا الجائع) أي أعطوا المحتاج إلى الطعام والأمر في للندب ما لم يصل الجائع حدّ الاضطرار، وإلا كان إطعامه واجبًا كفائيًا إذا علم بحاله أكثر من واحد من الموسرين وعينيًا إذا لم يعلم إلا واحد
(قوله وعودو المريض) أمر بعيادته لما فيها من التعاطف والتواد وإدخال السرور على المريض ومعاونته فيما يحتاجه. والأمر قيل للوجوب علي أنه فرض كفاية وقيل سنة مؤكدة وهو قول الجمهور وجزم الداودي بالأول، والمعول عليه ما عليه الجمهور وأنها قد تصل إلى الوجوب العيني إذا ترتب على تركها ضياع المريض وعدم القيام بمصالحه
(قوله وفكوا لعاني) أمر من فك من باب قتل أي خلصوا الأسير المسلم من قهر العدو بمال أو غيره يقال: فككت الرهن فكًا إذا خلصته والاسم الفكاك بفتح الفاء وكسرها والأمر فيه للوجوب على وجه الكفاية وإليه ذهب الجمهور، وقيل تخليصه يكون من بيت المال ومثله في ذلك المحبوس ظلمًا فيجيب على من قدر على إنقاذه السعي في إطلاق سبيله بمال أو جاه
(فقه الحديث) دل الحديث على الحث علي التحلي بأسباب التراحم والتعاطف والتواصل التي منها ما ذكر في الحديث
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والبخاري في كتاب الأطعمة ونحوه في الوليمة من كتاب النكاح وأخرجه النسائي والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى نَا شُعْبَةُ نَا يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ إِلَاّ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ".
(ش) في بعض النسخ ذكر هذا الحديث وما بعده تحت ترجمة "باب الدعاء للمريض عند العيادة" والمناسب إسقاطها لأن فيهما الدعاء بالشفاء للمريض فهما داخلان تحت ترجمة "باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة"
(رجال الحديث)(الربيع بن يحيى) بين مقسم أبو الفضل الأشناني بضم الهمزة وسكون المعجمة. روى عن الثوري وحماد بن سلمة ووهيب بن خالد وغيرهم. وعنه البخاري وأبو داود وأبو حاتم وجماعة، قال أبو حاتم ثقة ثبت وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن قانع ضعيف وقال الدارقطني ضعيف ليس بالقوي يخطئ كثيرًا، وفي
التقريب صدوق من كبار العاشرة له أوهام. توفي سنة أربع وعشرين ومائتين
(معنى الحديث)
(قوله لم يحضر أجله) أي لم يأت وقت انتهاء حياته، ومفهومه أن المريض الذي حضر أجله لا يفيده الدعاء في تأخير أجله، وهذا لا ينافي أن يفيده في شيء آخر كأن يهون عليه سكرات الموت والحساب وغير ذلك من أمور الآخرة
(قوله أسأل الله العظيم الخ) أي العالي قدره المرتفع سلطانه القاهر عباده. ورب بالنصب صفة لله ويجوز رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف.
والعرش في اللغة السرير والمراد به هنا جسم عظيم نوراني فوق الكرسي وهو أعظم المخلوقات، فقد أخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي ذر أنه سأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الكرسي فقال يا أبا ذر: ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة والأولى الإمساك عن القطع بتعيين حقيقته لعدم ثبوت ما يدل عليها
(قوله إلا عافاه الله من ذلك المرض) أي لا يقول ذلك أحد عند واحد من المرضي إلا عافاه الله من مرضه، فأداة النفي مقدرة ليصح الكلام بدليل ما يأتي في رواية الترمذي. ويحتمل أن من في قوله من عاد للاستفهام الإنكاري بمعني النفي كقوله تعالى من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه
(فقه الحديث) دل الحديث علي أن عيادة المريض مشروعة. وعلى أن من حضر أجله لا مفر من موته. وعلى أن العدد الوارد عن الشارع في العبادة له سر تترتب عليه ثمرته وعلى أن الدعاء ينفع
(والحديث) أخرجه أيضًا النسائي وابن حبان والبيهقي، وكذا الترمذي بلفظ ما من مسلم يعود مريضًا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي. قال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث المنهال بن عمرو ، وأخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين اهـ لكن في سنده يزيد أبو خالد الدالاني وفيه مقال
(ص) حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ نَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا أَوْ يَمْشِي لَكَ إِلَى جَنَازَةٍ".
(ش)(ابن وهب) عبد الله. و (الحبلي) بضم الحاء المهملة والموحدة وتشديد اللام هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المعافري تقدم بالثاني ص 100
(قوله ينكأ لك عدوًا) بفتح المثناة التحتية وبالهمز آخره من باب منع أي يجرح لإرضائك عدوًا لدينك، والفعل مجزوم في