الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم" وسيأتي للمصنف في "باب النهي عن سب الموتى" من كتاب الأدب، ويكون المراد بتأمين الملائكة إثبات ما يقولون ليجازى الميت بحسبه
(قوله فلما مات أبو سلمة) هو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله المخزومي: أمه بسرة عمة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ورضع معه من ثويبة مولاة أبي لهب، كان من السابقين إلى الإِسلام أسلم بعد عشرة أنفس روى ابن أبي عاصم من حديث ابن عباس أول من يعطى كتابه بيمينه أبو سلمة وكان أول من هاجر إلى الحبشه ثم إلى المدينة وشهد بدرًا. مات بالمدينة بعد أن رجع من أحد على الصحيح
(قوله وأعقبنا عقبى صالحة) يعني أبدلنا وعوضنا منه بدلًا وعوضًا صالحًا
(قوله فأعقبني الله تعالى محمدًا) أي عوضني الله وأخلفني بدل أبي سلمة محمدًا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقد تزوجها: فأعقب من الإعقاب وهو الإبدال ويقال أعقب الرجل إذا مات وترك عقبًا أي ولدًا
(فقه الحديث) دل الحديث على أنه يطلب ممن حضر عند ميت أن يدعو له بالمغفرة ولأهله بحسن العاقبة. وعلى فضل أم سلمة وحسن يقينها بالله وكمال إيمانها بما جاء به النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ومما ورد فيما يقال عند المصيبة ما روته أم سلمة عن زوجها أبي سلمة قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول قولًا سررت به "لا يصاب أحدًا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها إلا فعل به" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال حسن غريب
(والحديث) أخرجه أيضًا مسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي والبيهقي
(باب في التلقين)
أي تذكير المحتضر أو الميت لا إله إلا الله بذكرها عنده
(ص) حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِيُّ نَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ نَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ".
(ش)(رجال الحديث)(مالك بن عبد الواحد) أبو غسان البصري. روى عن عبد الأعلى والمعتمر بن سليمان وبشر بن المفضل. وعنه أبو داود ومسلم وجماعة وقال ابن قانع ثقة ثبت وذكره ابن حبان في الثقات وقال يغرب. مات سنه ثلاثين ومائتين
و (المسمعي) بكسر الميم الأولى وفتح الثانية بينهما سين ساكنة نسبة إلى مسمع بن شهاب ابن عمرو بن عباد بن ربيعة أبي قبيلة بالبصره. و (صالح بن أبي عريب) بفتح العين المهملة واسم أبي عريب قليب بالتصغير ابن حرمل الحضرمي. روى عن كثير بن مرة وخلاد بن السائب ومختار الحميري. وعنه الليث وحيوة بن شريح وابن لهيعة وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات وفي التقريب مقبول من السادسة. روى أبو داود والنسائي وابن ماجه
(معنى الحديث)
(قوله من كان آخر كلامه الخ) أي من كان آخر كلامه في الدنيا "لا إله إلا الله دخل الجنة" أي استحق دخولها، وهذا، ويحتمل بقاء الحديث على ظاهرة من الاقتصار على كلمة التوحيد ويحتمل أن المراد بقول لا إله إلا الله الشهادتان إذ لا يكون مسلمًا إلا بهما
(وفي هذا) دلالة على نجاة من كان آخر كلامه الشهادتين من النار. والحديث وإن كان فيه صالح بن أبي عريب وفيه مقال إلا أنه يقويه ما رواه مسلم من حديث عثمان مرفوعًا "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" وما رواه الطبراني عن أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعًا "من قال عند موته لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله لا تطعمه النار أبدًا" وأخرج مسلم عن أبي ذر مرفوعًا "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" وأخرج الحاكم مرفوعًا "إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقًا من قلبه فيموت على ذلك إلا حرم على النار: لا إله إلا الله"
(فقه الحديث) دل الحديث على الترغيب في الإكثار من ذكر لا إله إلا الله، ولا سيما عند المحتضر فإن ذلك سبب للسعادة الأبدية
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والحاكم
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا بِشْرٌ نَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ نَا يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ".
(ش)(بشر) بن المفضل تقدم بالثاني ص 55
(قوله لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) أي ذكروا من حضره الموت منكم بكلمه التوحيد أو بالشهادتين ولا تأمروهم بذلك ولا تلحوا عليهم لأن الساعة ساعة ضيق وكرب. وربما كان ذلك سببًا في تغير حال الميت والعياذ بالله تعالى أو في زيادة الضيق عليهم، فالمراد بالميت المحتضر كما ذكره ابن حبان وغيره للأحاديث السابقة ولما رواه أبو حفص عمر شاهين عن ابن عمر مرفوعًا "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجته من النار" وبهذا التلقين قالت الأئمة ومنهم المالكية في المشهور عنهم: قال النووي في شرح مسلم الأمر بهذا التلقين أمر ندب وأجمع العلماء على هذا التلقين،
وكرهوا الإكثار عليه والمولاة لئلا يضجر بضيق حاله وشدة كربه فيكره ذلك بقلبه أو يتكلم بما لا يليق، قالوا وإذا قالها مرة لا يكرر عليه إلا أن يتكلم بعده بكلام آخر فيعاد التعريض به ليكون آخر كلامه والجمهور على أن هذا التلقين مندوب وظاهر الحديث يقتضي وجوبه وذهب إليه جمع بل نقل بعض المالكية الاتفاق عليه قاله القاري، وأما التلقين بعد الدفن فذهبت الشافعية إلى جوازه أيضًا أخذًا بظاهر حديث الباب، قالوا يجلس عند رأسه ويقول: يا فلان ابن فلان ويا عبد الله بن أمة الله اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبد الله ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله ربًا وبالاسلام دينًا وبمحمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نبيًا وبالقرآن إمامًا وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانًا، أفاده في شرح المهذب، وعند الحنفية خلاف
قال في فتح القدير: أما التلقين بعد الموت وهو في القبر فقيل يفعل لحقيقه ما روينا "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" ونسب إلى أهل السنة والجماعة وخلافه إلى المعتزلة، وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه ويقول: يا فلان يابن فلان اذكر دينك الذي كنت عليه في دار الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ولا شك أن اللفظ لا يجوز إخراجه عن حقيقته إلا بدليل اهـ.
وذهب ابن الطلاع وابن الحاج والقرطبي وغيرهم من المالكية إلى ندب التلقين بعد الدفن، قال الأبيّ: لا يبعد حمل لقنوا موتاكم على التلقين بعد الدفن ووجه عدم البعد ما فيه من حمل لفظ الحديث على ظاهره والأصل عدم التأويل. وذهب جماعة من المالكية إلى عدم استحبابه، قال زروق في شرحه على الرسالة: قال التادلي وظاهر كلام الشيخ "يعني ابن عرفه" أنه لا يلقن بعد الموت وبه قال عز الدين وحمل قوله لقنوا موتاكم على من دنا موته، وهو بدعة إذ لم يصح فيه شيء وهذا هو الأولى لأن التلقين بعد الدفن لم يعرف لدى السلف بل هو أمر حادث، فلا يحمل عليه الحديث، مع أن التلقين اللغوي حقيقة في المختصر مجاز في الميت ولذا قال ابن حبان وغيره ان المراد في الحديث من حضره الموت، ويؤيده ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله ولقنوهم عند الموت لا إله إلا الله" وإلى هذا ذهب أكثر الحنابلة: وأما حديث أبي أمامة قال: إذا أنا مت فأصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن نصنع. بموتانا قال "إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب، ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يستوى قاعدًا، ثم يقول يا فلان بن فلانة فإنه يقول ارشدنا يرحمك الله، ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله