الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ش) أي ما ذكر من أن أبيًا لم يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان يدل علي أن ما ذكر من القنوت في غير رمضان ليس بشيء. لكن ذلك لا يصلح للدلالة لأن الأثر في إسناده انقطاع فإن الحسن لم يدرك عمر لأنه ولد سنة أحدى وعشرين ومات عمر في أواخر سنة ثلاث وعشرين أو في أوائل أربع وعشرين
(قوله وهذان الحديثان الخ) يريد أن أثري أبي المذكورين يدلان علي ضعف حديثه المرفوع الذي ظاهره أنه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم قنت في الوتر دائمًا. ولعل وجه تضعيفه أن عمل الصحابي علي خلاف مرويه يدل علي ضعف ما رواه، وأبي روى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قنت في الوتر في غير رمضان وعمل علي خلافه فلم يقنت إلا في النصف الأخير منه، لكن علمت أن أثري أبي ضعيفان فإن الأول فيه مجهول والثاني فيه انقطاع فلا يدلان علي ضعف المروي المرفوع
(باب في الدعاء بعد الوتر)
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ نَا أَبِي عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ الأَيَامِيِّ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَلَّمَ فِي الْوِتْرِ قَالَ "سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ".
(ش) مناسبة الحديث للترجمة أنه أراد بالدعاء ما يشمل الذكر، أو أن التسبيح والتقديس من الدعاء ففي الحديث (خير الدعاء دعائي ودعاء الأنبياء من قبلي وهو لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو علي كل شيء قدير)
(رجال الحديث)(محمَّد بن أبي عبيدة) المسعودي الكوفي، روي عن أبيه وعنه إبراهيم النخعي وابن ابنه يحيي وأبو كريب ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيرهم، وثقه ابن معين، وقال ابن عدي له غرائب وإفرادات ولا بأس به عندي وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة خمس ومأتين، روي له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه
و(أبوه) عبد الملك ابن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي الكوفي. روي عن أبي إسحاق الشيباني والأعمش، وعنه ابنه محمَّد وحسين بن ثابت وأحمد بن يحيى الأحول، وثقه ابن معين والعجلي، روي له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
و(طلحة الأيامي) بن مصرّف تقدم بالثاني صفحة 63، والأيامي نسبة إلى إيام بكسر الهمزة وضمها وتخفيف الياء بوزن كتاب وغراب بطن من همدان
و(ذر) بفتح الذال المعجمة ابن عبد الله تقدم بالثالث صفحة 163.
(معنى الحديث)
(قوله كان إذا سلم في الوتر الخ) أي كان من عادته صلى الله تعالى عليه وعلي آله إذا سلم من الوتر قال هذه الكلمات. وزاد النسائي كان يقولها ثلاث مرات يرفع بها صوته
(قوله سبحان الملك القدوس) أي أنزه الله تنزيهًا عن كل نقص. والقدوس صيغة مبالغة من التقديس وهو التطهير عن العيوب.
(والحديث) أخرجه أيضًا النسائي تحت ترجمة التسبيح بعد الفراغ من الوتر" والبيهقي في باب ما يقول بعد الوتر، وأخرجه محمَّد بن نصر مطولًا بلفظ تقدم في الباب قبله.
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ نَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ".
(ش) هذا الحديث غير مطابق للترجمة، ولعل المصنف وضعه تحت ترجمة "باب من نام عن وتر أو نسيه" فسقطت من النساخ
(قوله من نام عن وتره) أي عن صلاة الوتر حتى طلع الفجر
(قوله فليصله إذا ذكره) أي أو استيقظ كما صرح به في رواية الترمذي وغيره كما يأتي في تخريج الحديث فالتذكر راجع للنسيان والاستيقاظ راجع للنوم
(والحديث) من أدلة القائلين بوجوب الوتر وقد قدم الكلام علي ذلك في باب من لم يوتر وفيه دلالة علي مشروعية قضاء الوتر. وبه قال جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم سعد بن أبي وقاص وعلي وابن مسعود وابن عمر وعبادة بن الصامت وعامر بن ربيعة وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل وفضالة بن عبيد وابن عباس: وعمرو بن شرحبيل وعبيدة السلماني وإبراهيم النخعي ومحمد بن المنتشر وأبو العالية: والثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، واختلف في وقت قضائيه ابن عباس ومسروق والحسن البصري وإبراهيم النخعي ومكحول وقتادة ومالك وأحمد وإسحاق وأبو خيثمة يقضي بعد الفجر ما لم تصل الصبح قال الترمذي روي عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال لا وتر بعد صلاة الصبح وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق لا يرون الوتر بعد صلاة الصبح اهـ
يدل لهم ما أخرجه البيهقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم أصبح فأوتر وما أخرجه ابن نصر من طريق أبي عاصم حدثنا ابن جبير أخبرنا زياد أن أبا نهيك أخبره أن أبا الدرداء كان يخطب الناس فيقول لا وتر لمن أدركه الصبح، قال فانطلق رجال إلى عائشة فأخبروها فقالت كذب أبو الدرداء كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يصبح فيوتر، وقول
عائشة هذا أخرجه أحمد والطبراني في الأوسط. ويؤيده ما أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء، قال ربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويوتر وقد قام الناس لصلاة الصبح وما أخرجه ابن نصر عن أبي التياح عن رجل من عزة عن رجل من بني أسد قال خرج عليّ حين ثوب المثوب لصلاة الصبح فقال إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمرنا بالوتر وإنه أثبت وتره في هذه الساعة، وما رواه أيضًا عن عبادة أنه خرج يومًا لصلاة الفجر فلما رآه المؤذن أخذ في الإقامة فقال عبادة كما أنت ولم يكن أوتر فأوتر وصلى ركعتين قبل الفجر ثم أمره فأقام وصلى.
وما أخرجه أيضًا عن عكرمة قال تحدث عن ابن عباس رجال من أصحابه حتى تهور الليل ثم خرجوا وغلبته عينه فما استيقظ حتى استيقظ بأصوات أهل البيقع وذلك بعد ما أصيب بصره فقال لي تراني أستطيع أن أصلي العشاء أربعًا قلت نعم فصلى ثم قال أقرانه أستطيع أن أوتر بثلاث قلت نعم فأوتر فقال أتراني أستطيع أن أصلي الركعتين قبل الغداة قلت نعم فصلاهما ثم صل الغداة وذكر ابن نصر آثارًا كثيرة عن الصحابة وغيرهم أنهم كانوا يوترون بعد الفجر وقبل الصلاة، وقال والذي أقول وبه إنه يصلي الوتر ما لم يصل الغداة فإذا صلى الغداة فليس عليه أن يقضيه بعد ذلك، وإن قضاه على ما يقضي التطوع فحسن، وقد صلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم الركعتين قبل الفجر بعد طلوع الشمس في الليلة التي نام فيها عن صلاة الغداة حتى طلعت الشمس وقضى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الظهر بعد العصر في اليوم الذي شغل فيه عنهما، وقد كانوا يقضون صلاة الليل إذا فاتهم بالليل نهارًا فذلك حسن وليس بواجب اهـ.
وقال النخعي يقضي الوتر ما لم تطلع الشمس ولو بعد صلاة الصبح، وقال الشعبي والحسن وطاوس ومجاهد وحماد بن أبي سليمان إن الوتر يقضي بعد الصبح وبعد طلوع الشمس إلى الزوال، وهو مروي أيضًا عن ابن عمر، وفرق ابن حزم بين من تركه لنوم أو نسيان أوتركه عمدًا: قال فإن تركه لنوم أو نسيان قضاه إذا تذكر أو استيقظ في أي وقت كان ليلًا أو نهارًا وإن تركه عمدًا فلا قضاء عليه، ومشهور مذهب الشافعية أنه يقضي أبدًا ليلًا أو نهارًا، وعن الشافعي أنه يقضي بعد الفجر ما لم تصل الصبح وعن سعيد بن جبير إذا اطلع الفجر فلا يقضي نهارًا ويقضي في الليلة القابلة، وذكر ومحمد بن نصر عنه إذا طلع الفجر فلا وتر كيف تستطيع أن تجعل عمل الليل في عمل النهار وحكي عن الأوزاعي أنه لا يقضيه بعد الصبح حتى تطلع الشمس فيقضيه نهارًا حتى يصلي العصر فلا يقضيه بعده ويقضيه بعد المغرب إلى العشاء ولا يقضيه بعد العشاء لئلا يجمع بين وترين في ليلة ولئلا يصير وتره شفعًا. وقال محمَّد بن نصر رأى بعضهم أن الفجر إذا طلع فقد ذهب وقت الوتر ولا يقضي بعد ذلك ولأنه ليس بفرض وإنما يصلي في وقته فإذا ذهب وقته لم يقض علي ما روينا عن عطاء وغيره اهـ.
وذهب الحنفيون إلى أنه يقضي