الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ نَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ".
(ش) هذان الحديثان تقدم الكلام عليهما في باب قيام الليل من الجزء السابع وأعادهما هنا لما فيهما من الحث والترغيب في قيام الليل المناسب للترجمة التي ترجم بها هنا. وقد يذكر الحديث تحت عدة تراجم لمناسبات مختلفة.
(باب في ثواب قراءة القرآن)
(ص) حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ نَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ".
(ش)(الرجال)(أبو عبد الرحمن) عبد الله بن حبيب بن ربيعة بالتصغير السلمي الكوفي، روى عن عمر وعثمان وعلى وخالد بن الوليد وابن مسعود وأبي هريرة وغيرهم، وعنه إبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي وسعيد بن جبير وعطاء بن السائب وغيرهم، وثقة العجلي والنسائي ومحمد بن عمر وقال ابن عبد البر هو ثقة عند الكل، مات سنة سبعين أو اثنين وسبعين وقال ابن قانع مات سنة خمسة وثمانين وهو ابن تسعين سنة روى له الجماعة.
(المعنى)
(قوله خيركم من تعلم القرآن) أي أفضلكم من حفظ القرآن وتدبر معانيه فأحل حلاله وحرم حرامه
(قوله وعلمه) كذا في أكثر الروايات بواو العطف. وفي رواية السرخسي ورواية لأحمد عن غندر بأو وهي بمعنى الواو. ويحتمل أن تكون للتنويع، فتثبت الخيرية لمن فعل أحد الأمرين ولمن فعلهما بالطريق الأولى لأن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه لغيره مكمل لنفسه ولغيره وجامع بين النفع القاصر والمتعدي، ولهذا كان من جملة من قال الله تعالى فيهم. (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وظاهر الحديث يدل على أن من تعلم القرآن وعلمه أفضل من غيره مطلقًا وذلك لأنه صار كاملًا
في نفسه مكملًا لغيره ولكن لا بد من تقييد التعلم والتعليم بالإخلاص ولا يتوهم أن العمل خارج عنهما فقد أجمعوا على أن من عصى الله فهو جاهل، ثم الخطاب عام لا يختص بالصحابة ولا يقال يلزم عليه أن يكون المقرئ أفضل من الفقيه لأن المخاطبين بذلك كانوا فقهاء فقد كانوا من أهل اللسان يعلمون معاني القرآن بالسليقة أكثر ممن يعلمها بالإكتساب فكان الفقه لهم سجية فمن كان مثلهم شاركهم في ذلك بخلاف من يقرأ القرآن ويقرئه قراءة محضة ولا يفهم معانيه.
قال في الفتح (فإن قيل) يلزم أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم عناء في الإِسلام بالمجاهدة والرباط والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مثلًا (أجيب) بأن مدار المسألة على كثرة النفع المتعدي وقلته، فمن كان نفعه أكثر كان أفضل، فلعل من مقدرة في الخبر أو أن الخيرية في الحديث وإن أطلقت فهي مقيدة بجماعة مخصوصين خوطبوا بذلك لأنه اللائق بحالهم أو أن التفضيل بالنسبة لمتعلم غير القرآن فإن القرآن خير الكلام فمتعلمه خير من متعلم غيره وكيفما كان فهو مخصوص بمن علم وتعلم اهـ بتصرف.
وسئل الثوري عن الجهاد وإقراء القرآن فرجح الثاني واحتج بحديث الباب ونحوه. والقرآن يطلق على كله وبعضه. ويصح إرادة المعنى الثاني هنا بمعنى أن من وجد منه التعليم والتعلم ولو آية كان خيرًا ممن ليس كذلك. وكان من تعلم القرآن وعلمه أفضل من غيره لأن خير الكلام كلام الله وخير الناس بعد النبيين من تعلم القرآن وعلمه مع الإخلاص فيهما، فمن حاز خير الكلام وتسبب مع ذلك أن يكون غيره مثله فقد تحققت له وراثة الأنبياء وكان من جملة الصديقين القائمين بحقوق الله تعالى وحقوق عبادة. فقد روى الحاكم أن من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه. وروى النسائي وابن ماجه والحاكم (أهل القرآن هم أهل الله وأولياؤه)
قال في الفتح القرآن أشرف العلوم فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن وهل التشاغل بتعلم القرآن وحفظه من غير فهم للمعنى كما يقع من كثير من قراء زماننا أفضل أو التشاغل بتعلم الأحكام الشرعية أصولًا وفروعًا؟ . قال ابن الجوزي تعلم اللازم منهما فرض على الأعيان وتعلم جميعهما فرض على الكفاية إذا قام به قوم سقط عن الباقين فإن فرضنا الكلام في الزائد منهما على قدر الواجب في حق الأعيان فالمتشاغل بالفقه أفضل وذلك راجع إلى حاجة الإنسان لأن الفقه أفضل من القراءة. وكان القارئ في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو الأفقه فلذلك قدم القارئ في الصلاة اهـ.
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي.
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ
زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَوْؤُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِى عَمِلَ بِهَذَا".
(ش)(ابن وهب) هو عبد الله تقدم بالأول صفحة 325
(قوله من قرأ القرآن) أي ورتله لأنه هو الذي يستحق الإكرام ولقوله تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) بخلاف من قرأن بغير ترتيل فإنه يستحق الإثم والانتقام. أخرج العسكري في المواعظ عن علي كرم الله وجهة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن هذه الآية فقال بينه تبيينًا ولا تنثره نثر الدقل ولا تهذه هذّ الشعر قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة
(قوله وعمل بما فيه) أي من الأخلاق والآداب والأحكام فأتمر بأوامره واجتنب نواهيه واتعظ بمواعظه
(قوله ألبس والداه تاجًا يوم القيامة) قيل هو كناية عن السعادة وسعتة الملك يوم القيامة والأقرب إبقاء التاج على ظاهرة وأنه ما يصاغ للملوك من الذهب والجواهر بقرينة قوله ضوءه أحسن من ضوء الشمس، وعبر بأحسن دون أنور وأشرق إعلامًا بأن تشبيه التاج مع ما فيه من نفائس الجواهر بالشمس ليس لمجرد الإشراق والضوء بل مع رعاية شيء من الزينة والحسن
(قوله لو كانت فيكم) أي لو كانت الشمس في بيت من بيوتكم على سبيل التقدير فإن الشمس إذا كانت داخل البيت على هذه الصفة تضاعف ضوؤها فإن الضوء إذا حبس تزايد نوره على حد قوله تعالى. (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ). والمراد المبالغة في حسن ذلك التاج
(قوله فما ظنكم بالذى عمل بهذا) أي إذا كان هذا جزاء والديه لكونهما سببًا في وجوده فما ظنكم بجزاء من قرأ القرآن وعمل به. وهذا إشارة إلى أن ثواب القارئ بلغ مبلغًا عظيمًا لا تحيط به العقول فلا يعلم قدر عظمة إلا الله تعالى.
(فقه الحديث) دل الحديث على الحث على الترغيب في تعلم القرآن والعمل بمقتضاه. وعلى مزيد أجر والدي القارئ. وعلى الترغيب في تعليم الأولاد القرآن وحثهم على العمل بمقتضاه. وعلى عظم أجر قارئ القرآن العامل بما فيه.
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد وهو ضعيف لأن في سنده زبان بن فائد وسهل بن معاذ وفيهما مقال وأخرجه الحاكم عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس والده يوم القيامة تاجًا من نور ضوءه مثل ضوء الشمس ويكسى والده حلتين لا تقوم بهما الدنيا فيقولان بم كسينا هذا فيقال بأخذ ولدكما القرآن
(ص) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا هِشَامٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِى يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فَلَهُ أَجْرَانِ".
(ش)(هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي تقدم بالأول صفحة 114 وكذا (همام) بن يحيى بن دينار صفحة 74، و (قتادة) بن دعامة
(قوله الذي يقرأ القرآن الخ) الذي مبتدأ وجملة هو ماهر به حال من فاعل يقرأ، وقوله مع السفرة خبر المبتدأ، والماهر الحاذق في قراءته المتقين لها الذي لا تشق عليه لجودة حفظه لكونه يسر الله تعالى عليه كما يسره على الملائكة. يقال مهر في العلم يمهر مهرًا ومهارة فهو ماهر أي حاذق عالم بذلك ومهر في صناعته أتقنها. والسفرة جمع سافر مثل كاتب وكتبة هم الكتبة من الملائكة حملة اللوح المحفوظ قال تعالى (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) سموا بذلك لأنهم ينقلون الكتب المنزلة على الأنبياء وقيل هم الكتبة لأعمال العباد. وقال ابن عباس هم الملائكة المتوسطون بين الله تعالى وأنبيائه. ويكون سافر بمعنى سفير أي رسول وواسطة، والمشهور في مصدره بهذا المعنى السفارة بكسر السين وفتحها. وقيل هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم سفراء بين الله تعالى والأمم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه أنهم أصحاب محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لأنهم سفراء ووسائط بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين سائر الأمة أولأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخير والتعليم والتعلم. ويعنى بكونه معهم أنه يعمل بعملهم في الدنيا فيكونون معه بالحفظ والبركة ويكون رفيقًا لهم في منازلهم في الآخرة
(قوله الكرام البررة) يعني الأعزاء على الله تعالى المعظمين عنده فالكرام من الكرامة بمعنى التوقير ويكون جمع كريم أي المكرمين المقربين عند الله لعصمتهم من دنس المعصية أو المراد أنهم متعطفون على المؤمنين يستغفرون لهم ويرشدونهم إلى ما فيه الخير بالإلهام وينزلون بما فيه تكميلهم من الشرائع، فالكرام من الكرم ضد اللؤم. والبررة جمع بار وهو التقي المطيع لله تعالى أو المحسن
(قوله وهو يشتد عليه الخ) أي يشق عليه ويقل على لسانه لضعف حفظه. وفي رواية الشيخين وابن ماجه والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو شاق عليه فله أجران أجر لقراءته وأجر لمشقته، وهو تحريض وحث على تحصيل القراءة، وليس المراد أن الذي يتتعتع فيه أكثر من الماهر بل الماهر أكمل منه أجرًا لمزيد اعتنائه بالقرآن وكثرة دراسته وإتقانه لحروفه ولاندراجه في سلك الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين والصحابة الطاهرين. وقيل إن من يتتعتع في قراءته أكثر في الأجر من الماهر لأن
الأجر على قدر التعب ولا يخفى بعده
(وفي الحديث) الحث على حفظ القرآن واتقانه وبيان علومنزلة من فعل ذلك
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والبيهقي والترمذي وقال حسن صحيح
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَاّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ".
(ش)(أبو معاوية) محمَّد بن خازم الضرير تقدم بالأول صفحه 36
(قوله ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله) المراد بهم المساجد وخصها بالذكر لأنها أشرف البقاع ويلحق بها غيرها من الأمكنه الطاهره
(قوله ويتدارسونه بينهم) أي يقرءونه ويتعهدونه بالحفظ والإتقان. والأولى أن يقرأ الثاني ما قراه الأول لما قيل إنها الكيفيه التي كانت تحصل من النبي صلى الله عليه واله وسلم مع جبريل حينما يدارسه القرآن ومحله ما لم يؤد إلى التخليط والتشويش على المتعبدين وإلا منع لعموم قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا ضرر ولا ضرار) رواه الترمذي وابن ماجه وراواه مالك في الموطأ مرسلًا وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (من ضار مسلمًا ضاره الله ومن شق مسلمًا سياق الله عليه) رواه الترمذي أيضًا وحسنه وسيأتي للصنف
(قوله إلا نزلت عليهم السكينه) أي الطمانينه والرحمه والوقار وقيل ما يحصل به السكون وصفاء القلب وذهاب الظلمة النفسانيه وقيل المراد بالسكينه الملائكه فإنهم ينزلون على التالين لكتاب الله يستمعون الذكر. ويؤيده ما أخرجه مسلم عن البراءه قال كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابه فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر منها فلما أصبح أتى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكر ذلك له فقال تلك السكينه تنزلت للقران (يعني الملائكه) والشطنين تثنيه شطن بفتحتين الحبل
(قوله وغشيتهم الرحمه الخ) أي عمهم الفضل والإحسان وأحاطت بهم ورفرفت عليهم ملائكة الرحمه لاستماع الذكر تشريفًا وتعظيمًا لهم وذكرهم الله بالثناء عليهم في الملا الأعلى فيمن كان مقربًا عنده من الأنبياء والملائكه المقربين لقوله تعالى في الحديث عند الشيخين (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإٍ ذكرته في ملإٍ خير منه) والعنديه عندية شرف ومكانه لا عندية
مكان لاستحالته عليه تعالى
(والحديث) أخرجه أيضًا مسلم مطولًا
(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ نَا ابْنُ وَهْبٍ نَا مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ في الصُّفَّةِ فَقَالَ "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى بُطْحَانَ أَوِ الْعَقِيقِ فَيَأْخُذَ نَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ بِغَيْرِ إِثْمٍ بِاللهِ عز وجل وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ". قَالُوا كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ "فَلأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عز وجل خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَإِنْ ثَلَاثٌ فَثَلَاثٌ مِثْلُ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ".
(ش)(رجال الحديث)(موسى بن عُلَيِّ بن رباح) اللخمي أبو عبد الرحمن المصري روى عن أبيه والزهري وابن المنكدر ويزيد بن أبي حبيب وعنه اسامه بن زيد وابن المبارك وابن مهدي ووكيع وأبو نعيم وجماعة وثقه أحمد وابن معين والعجلي والنسائي وقال أبو حاتم كان رجلًا صالحًا يتقن حديثه لا يزيد ولا ينقص صالح الحديث وكان من ثقات المصريين توفي سنه ثلاث وستين ومائه روى له مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه والبخاري في الأدب.
و(أبوه) عُلَيِّ بالتصغير ابن رباح بن قصير بن القشيب اللخمي أبو عبد الله.
روى عن عمروبن العاص وسراقة بن مالك وفضاله بن عبيد وأبي قتاده وأبي هريرة وآخرين وعنه ابنه موسى وحميد بن هانئ ويزيد ابن أبي حبيب والحارث بن يزيد وغيرهم وثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي والترمذي وابن ماجه والبخاري في الأدب
(معنى الحديث)
(قوله ونحن في الصفه) بضم الصاد المهمله وتشديد الفاء موضع مظلل في مؤخر مسجد المدينة يسكنه من لم يكن له منزل من فقراء المهاجرين وكانوا يكثرون تاره حتى يبلغوا نحوالمائتين ويقلون أخرى لإرسالهم في الجهاد وتعليم القرآن
(قوله أيكم يحب أن يغدوالخ) أي يذهب في الغدوه وهي أول النهار أو ينطلق كل يوم وفي رواية مسلم أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق وبطحان بضم الموحده وفتحها والعقيق واديان بالمدينة وأو للتنويع وخصها بالذكر لأنهما كانا يقام فيها أسواق الإبل بالمدينة
(قوله كوماوين) تثنيه كوماء قلبت الهمزه واوا في التثنيه وهي العظيمه السنام. وزهراوين أي
مائلين إلى البياض لسمنهما تثنيه زهراء من الزهرة وهي الحسن والبهجة
(قوله بغير إثم) متعلق بقوله يأخذ وهو كنايه عن كونهما جلالين بغير ثمن ليستا مشوبتين بشيء من الإثم كان يسرقهما أو يغصبهما
(قوله ولا قطع رحم) وفي نسخه ولا قطيعه رحم وهو من ذكر الخاص بعد العام والمراد إلا يأخذهما من ذوي رحمه بالغصب أو السرقه المترتب عليه قطيعه الرحم
(قوله قالوا كلنا يا رسول الله الخ) أي كلنا يحب ذلك وهذا إلا ينافي اختيارهم الفقر فإنهم أرادوا الدنيا للدين ليصرفوا على المحتاجين والمجاهدين فأراد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يرقيهم عن هذا المقام قال فلأن يغدو أحدكم الخ أي إذا كنتم غير تاركين فلأن يذهب أحدكم كل يوم إلى المسجد ليتعلم الخ. والسلام للقسم والفعل في تأويل مصدر مبتدأ خبره خير والتقدير والله غدو أحدكم في كل يوم إلى المسجد ليتعلم آيتين من كتاب الله تعالى خير له من هاتين الناقتين
(قوله وإن ثلاث فثلاث الخ) أي وإن كان الذي يتعلمه ثلاث آيات فهن خير من النوق الثلاث وفي رواية مسلم وأربع خير من أربع ومثل أعدادهن مثل أعدادهن من الإبل أي وسائر الأعداد من الآيات خير من مثل أعدادهن من الإبل ويحتمل أن يكون المعنى أن آيتين خير من ناقتين ومن أعدادهما من الإبل وثلاث خير من ثلاث ومن أعدادهن من الإبل وكذا أربع والحاصل أن الآيات تفضل على أعدادهن من النوق ومن أعدادهن من الإبل وهذا من باب التمثيل والتقريب وإلا فجميع الدنيا أحقر من أن تقابل بمعرفه شيء من كتاب الله تعالى وفي هذا كله الترغيب في تعلم القرآن
(وقد جاء) في فضل قراءة القرآن والترغيب في حفظه أحاديث أخر.
منها ما أخرجه الترمذي عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم وخيركم وأفضلكم من تعلم القرآن وعلمه
ومنها ما أخرجه أيضًا عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حلة فيلبس تاج الكرامه ثم يقول يا رب زده فيلبس حله الكرامه ثم يقول يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقال له أقرأ وارق وتزاد بكل آيه حسنة
ومنها ما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أوصني قال عليك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت يا رسول الله -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- زدني قال عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء
ومنها ما أخرجه مسلم عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول اقراءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه.
ومنها ما أخرجه الشيخان والنسائي عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجه ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانه ريحها طيب وطعمها مر ومثل
المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظله ليس لها ريح وطعمها مر:
ومنها ما أخرجه النسائي وابن ماجه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن لله أهلين من الناس قالوا من هم يا رسول الله قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته.
(والحديث) أخرجه أيضًا مسلم
(باب فاتحة الكتاب)
أي في بيان ما ورد في فضلها
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي.
(ش)(ابن أبي ذئب) محمَّد بن عبد الرحمن تقدم بالثاني ص 83.
و(المقبري) سعيد ابن أبي سعيد تقدم بالثالث ص 25
(قوله الحمد لله رب العالمين أم القرآن الخ) أم الشيء أصله وأصول القرآن ومقاصده أربعه: الإلهيات والمعاد وإثبات القضاء والقدر لله تعالى والنبوات فقوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم يدل على الإلهيات من أن ذاته مستجمعة لصفات الكمال وقوله مالك يوم الدين يدل على المعاد وإياك نعبد وإياك نستعين يدل على نفي الجبر وأن الكل بقضاء الله وقدره واهدنا الصراط المستقيم الخ يدل على إثبات القضاء والقدر وعلى النبوات ولذا لقبت هذه السورة بأم القرآن وأم الكتاب وقيل سميت بذلك لاشتمالها على جل المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى والتعبد بالأمر والنهى والوعد والوعيد واشتمالها على ذكر ذات الله تعالى وصفاته وعلى ذكر المبدأ والمعاش والمعاد كما تقدم. وقال البخاري سميت بذلك لأنها يبدأ بكتابتها في المصحف ويبدأ بقرائتها في الصلاة وقيل الأم في الأصل الراية التي يحملها قائد الجيش وتكون مرجعًا للعسكر في الكر والفر وسميت هذه السورة بذلك لأنها مرجع أهل الإيمان كما أن الأرض تسمى أمًا لأن الخلق يرجعون إليها في حياتهم ومماتهم وأما وجه تسميتها بالسبع المثاني لأنها سبع آيات بالاتفاق إلا أن بعضهم عد البسملة منها وجعل السابعة صراط الذين أنعمت عليهم الخ ومن لم يعد البسملة منها جعل صراط الذين أنعمت عليهم آيه وغير المغضوب عليهم الخ آيه أخرى. والمثاني جمع مثناه من التثنيه لأنها تثنى في الصلاة في كل ركعه كما جاء عن ابن عمر بسند حسن: قال السبع المثاني فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعه
أو لاشتمالها على قسمين ثناء ودعاء كما يشير إليه حديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين وقد تقدم في (باب من ترك القراءة في صلاته) من الجزء الخامس ص 246 ، وقيل هي من الثناء لاشتمالها على ما هو ثناء على الله تعالى فكأنها تثنى عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ومن أسمائها الفاتحة والوافية والكفاية والشافية وسوره الأساس وسوره الصلاة وسورة السؤال وسوره الشكر وسوره الدعاء وسوره الشفاء
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري بلفظ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أم القرآن هي السبع المثاني والقران العظيم
(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ نَا خَالِدٌ نَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَدَعَاهُ قَالَ فَصَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ قَالَ فَقَالَ "مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي ". قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي. قَالَ "أَلَمْ يَقُلِ الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ في الْقُرْآنِ". شَكَّ خَالِدٌ "قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ". قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ قَوْلَكَ. قَالَ " (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِى أُوتِيتُ وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ".
(ش)(الرجال)(خالد) بن الحارث البصري تقدم بالرابع صفحه 100.
و(أبو سعيد بن المعلى) الحارث بن نفيع بن المعلى كما صححه ابن عبد البر وقيل رافع بن أوس بن المعلى. روى عن النبي صلى الله تعالى وآله وسلم. وعنه حفص بن عاصم وعبيد بن حنين. توفي سنه ثلاث أو أربع وسبعين روى له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه (المعنى)
(وقوله فدعاه) أي طلب النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم أبا سعيد فلم يجبه كما في رواية البخاري قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم أجبه. وفي رواية له قال مر بي النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيت، ولم يجبه في الصلاة لاعتقاده أن إجابه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مبطله للصلاه كإجابه غيره
(قوله كنت أصلي) اعتذار عن عدم إجابته للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ولعله فهم أن من في الصلاة خارج عن الخطب في قوله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ)
(وقوله ألم يقل الله الخ) إنكار منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على أبي سعيد في عدم إجابته له في الصلاة
(قوله استجيبوا لله وللرسول) أي أجيبوا الله ورسوله بالطاعة. فالسين والتاء زائدتان للتأكيد
(قوله إذا دعاكم لما يحييكم) أي إذا طلبكم لما فيه حياتكم حياة أبدية من الإيمان بالله والرسول وإطاعتهما في الأمر والنهي. وإفرد الضمير في دعا ولم يقل دعياكم لأن دعوة الرسول في الحقيقه هي دعوة الله. وذكر الرسول لأنه المبلغ عن الله تعالى فعدم طاعته مخالفه لله
(قوله لأعلمنك أعظم سورة الخ) وفي رواية للبخاري ثم قال لي لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن بدون شك. والمراد أن ثوابها أعظم من ثواب غيرها. وبه استدل جماعة على جواز تفضيل بعض القرآن على بعض. ومنع ذلك الأشعري وجماعة قالوا لأن المفضول ناقص عن درجه الأفضل وأسماء الله وصفاته وكلامه لا نقص فيها. وفيما قالوه نظر فإن الأحاديث الكثيره الصحيحه عند المصنف وغيره جاءت بتفضيل بعض القرآن على بعض. على أن التفاصيل إنما هو بحسب المعاني لا بحسب الصفه أما من حيث إنه كلام الله تعالى وصفة من صفاته فلا تفاضل فيه
(قوله قلت يا رسول الله قولك) أي تذكر قولك لي لأعلمنك سورة، فقولك مفعول لمحذوف هو تذكر أو راع أو احفظ قولك الذي وعدتني به من تعليم السورة. وفي رواية البخاري ألم تقل لأعلمنك سورة: وفي رواية ابن ماجه فذهب النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم ليخرج فاذكرته
(قوله هي السبع المثاني الخ) فيه تصريح بأن المراد بقوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) الفاتحة، فيكون عطف القرآن على السبع المثاني عطف مرادف وإطلاق القرآن على الفاتحة مبالغة لما اشتملت عليه من المعاني التي في القرآن كما تقدم ويحتمل أن يكون قوله والقران العظيم مبتدأ والخبر محذوف أي والقران العظيم ما يزيد عليها فيكون وصف الفاتحة قد انتهى إلى قوله السبع المثاني، والراجح الأول، وسيأتي عن ابن عباس أن السبع المثاني هي السبع الطول من أول البقرة إلى آخر الأعراف ثم براءه (وقيل يونس) هذا: وصريح المصنف أن هذه القصه وقعت لأبي سعيد بن المعلى ، وفي رواية الترمذي من حديث أبي هريرة أنها وقعت لأبيّ بن كعب ولفظه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم خرج على أبيّ بن كعب فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يا أبيّ وهو يصلي فالتفت أبيّ ولم يجبه وصلى أبيّ فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليك السلام: ما منعك يا أبيّ أن تجيبني إذ دعوتك فقال يا رسول الله إني كنت في الصلاة، قال فلم تجد فيما أوحي إليّ أن (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ
لِمَا يُحْيِيكُمْ) ، قال بلى ولا أعود أن شاء الله تعالى (الحديث).
وجمع البيهقي بأن القصه وقعت لأبيّ ابن كعب ولأبي سعيد بن المعلى. قال الحافظ في الفتح ويتعين المصير إلى ذلك لاختلاف مخرج الحديثين واختلاف سياقهما وما قيل من أن هذه القصه وقعت لأبي سعيد الخدري فهو وهم كما قاله الحافظ.
(فقه الحديث) دل الحديث على عظم فضل الفاتحة. وعلى أن القرآن يتفاضل. وعلى أن إجابه النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم واجبه على الفور ولو في الصلاة لأنه صلى الله عليه وسلم عاتب الصحابي على تأخير إجابته. واختلف أتفسد صلاة من أجاب دعاء النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم حال صلاته أم لا؟ وبكل قال جماعة من الحنفية والشافعية والحديث محتمل لكل منهما وذهبت المالكية إلى عدم البطلان في أصح القولين وعلى إنه ينبغي لمن نصب نفسه للأمر والنهي أن يستعمل الحكمة في نصحه. وعلى أن الإنسان لا تمنعه مهابه رئيسيه من تعلم أمر دينه منه.
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري والنسائي وابن ماجه والدرامي والبيهقي
(باب مَنْ قَالَ هِىَ مِنَ الطُّوَلِ)
أي من قال إن الفاتحة من السور الطُّوَلِ يعني باعتبار اشتمالها على المعاني الطويلة لا باعتبار اللفظ ، ويحتمل أن المراد بيان من قال أن السبع المثاني هي الطُّوَلِ فمن زائده والضمير عائد على السبع المثاني في الحديث المتقدم لأنه لما ذكر أن الفاتحة السبع المثاني وهو قول بين بهذه الترجمه أن هناك قولًا آخر هو أن السبع المثاني هي السور الطوال الآتي بيانها
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُوتِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي الطُّوَلِ وَأُوتِىَ مُوسَى عليه السلام سِتًّا فَلَمَّا أَلْقَى الأَلْوَاحَ رُفِعَتْ ثِنْتَانِ وَبَقِىَ أَرْبَعٌ.
(ش)(جرير) بن عبد الحميد تقدم بالأول صفحه 84. و (الأعمش) سليمان ابن مهران
(قوله أوتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سبعًا من المثاني الطُّوَلِ) أي أعطي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سبعًا من المثاني هي الطول بضم الطاء المهمله وفتح الواو جمع الطولى مثل كبرى وكبر، ومراد ابن عباس بالسبع المثاني الفاتحة لأن آياتها سبع وطولها باعتبار غزارة معانيها كما تقدم، ويحتمل إنه أراد بها البقرة وآل عمران