الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قوله
(ص) قالت أليس يقول الله فسوف يحاسب الخ) وفي نسخة قلت أليس الخ قالت ذلك لأن لفظ الحديث عام في تعذيب من حوسب، والآية تدل على أن من حوسب حسابًا يسيرًا لا يعذب كما يدل عليه قوله تعالى (وينقلب إلى أهله مسرورًا) فظاهر الآيه يعارض الحديث. فأجابها النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم بأن المراد بالحساب في الآيه العرض وفي الحديث المناقشة والمطالبة بالصغيرة والكبيرة
(قوله ذاكم العرض يا عائشة) خاطبها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بضمير جماعة المذكور إشارة إلى علو قدرها وأنها فطنت لما لم يفطن له فحول الرجال. أي أن الحساب اليسير في الآية أن تعرض على العبد أعماله فيعرف الطاعة والمعصية فيثاب على الطاعة ويتجاوز له عن المعصية. وكان حسابًا يسيرًا لأنه لا شدة فيه على صاحبه ولا مناقشة ولا يقال له لم فعلت هذا ولا يطالب بالحجه عليه كما جاء عند البزار والطبري من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير قال سمعت عائشة تقول سألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الحساب اليسير قال الرجل تعرض عليه ذنوبه ثم يتجاوز له عنها. وما وقع عند ابن أبي حاتم والحاكم من حديث جابر مرفوعًا "من زادت حساناته على سيئاته فذاك الذي يدخل الجنة بغير حساب ومن استوت حسناته وسيئاته فذاك الذي يحاسب حسابًا يسيرًا ثم يدخل الجنة ومن زادت سيئاته على حسناته فذاك الذي أوبق نفسه وإنما الشفاعه في مثله" وما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه فيقرره بذنوبه فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا؟ فيقول رب أعرف قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم قال فيعطى حسناته
(قوله من نوقش الحساب عذب) أي من استقصى أمره في المحاسبة والمطالبة بالجليل والحقير ولم يسامح عذب وتعب. يقال ناقشه في الحساب إذا عاسره فيه واستقصى فلم يترك قليلًا ولا كثيرًا
(قوله قال أبو داود وهذا لفظ ابن بشار قال حدثنا ابن أبي مليكة) المراد أن ابن بشار روى بالتحديث عن ابن أبي مليكة بخلاف مسدد فإنه رواه عنه بالعنعنة وفي بعض النسخ إسقاط هذه العبارة.
(باب في العيادة)
أي في بيان مشروعية عيادة المريض. وفي بعض النسخ إسقاط هذة الترجمة.
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-
يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَرَفَ فِيهِ الْمَوْتَ قَالَ "قَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ". قَالَ فَقَدْ أَبْغَضَهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فَمَهْ؟ فَلَمَّا مَاتَ أَتَاهُ ابْنُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَدْ مَاتَ فَأَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ. فَنَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصَهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
(ش)(قوله خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعود عبد الله الخ) وذلك حين أرسل إليه ابنه عبد الله كما في رواية عبد الرزاق والطبري من حديث قتادة قال: أرسل عبد الله بن أبيّ إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلما دخل عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له أهلكك حب يهود فقال يا رسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتوبخني ثم سأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه فأجابه. وهو مرسل لكن رجاله ثقات
(قوله قد كنت أنهاك عن حب يهود الخ) أي وحبهم حملك على النفاق فتموت عليه ولا تنجو بالإِسلام اللساني من عذاب الله. ولعل غرضه صلى الله عليه وعلى آله وسلم استنهاضه للتوبة لا مجرد التوبيخ فلم يتب بل قال قد أبغض اليهود أسعد بن زرارة فما حصل له ببغضهم؟ وما أفاده شيئًا ولو أفاده لما مات. فمه اسم استفهام إنكاري بمعنى النفي حذفت ألفها، والهاء للسكت. وقال ذلك لقصور نظره حيث فهم أن الضرر في الموت والنفع في الخلاص منه. وخص أسعد لأنه أول من قدم المدينة مسلمًا وكان رضي الله تعالى عنه نقيبًا على قبيلته بني النجار، وأول من صلى الجمعة بالمدينة قبل مقدم رسول الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، ومن كانت هذه صفاته يكون أشد عداوة لليهود
(قوله فلما مات الخ) أي لما مات ابن أبيّ أتى ابنه عبد الله النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان اسمه الحباب فسماه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عبد الله.
فقد روى الطبري من طريق الشعبي قال: لما احتضر عبد الله جاء ابنه عبد الله إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا نبي الله إن أبي قد احتضر فأحب أن تشهده وتصلي عليه قال ما اسمك؟ قال الحباب قال بل أنت عبد الله. الحباب اسم الشيطان. وكان من فضلاء الصحابة شهد بدرًا وما بعدها.
وأخرج ابن منده من حديث أبي هريرة بإسناد حسن أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يستأذنه في قتله قال بل أحسن صحبته ولذا كان أبر الناس بأبيه حيًا وميتًا
(قوله فأعطاه إياه) وأعطاه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قميصه مع علمه بنفاق أبيه إجراء له على ظاهر حكم الإِسلام وإكرامًا لولده الذي تحقق إيمانه وتأليفًا لقومه لرياسته
فيهم، وقد علم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن القميص لا ينفعه مع نفاقه. وقيل أعطاه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قميصه لأن ابن أبيّ كان أعطى العباس عمه صلى الله عليه وآله وسلم قميصه لما أسر يوم بدر ولم يكن على العباس ثياب فأراد أن يكافئه لئلا يكون لمنافق عليه يد لم يجازه عليها.
وفي رواية للبخاري عن جابر قال: أتى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عبد الله بن أبيّ بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه. ولا منافاة بينهما لاحتمال أن معنى قوله في حديث الباب أعطاه قميصه وعد بإعطائه فأطلق على العدة اسم العطية مجازًا لتحقق وقوعها.
ومعنى قوله في حديث جابر بعد ما دفن، أدلى في حفرته، وكان أهل عبد الله خشوا على النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم المشقة في حضوره فبادروا بتجهيزه قبل وصوله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم، فلما وصل وجدهم قد أدلوه في حفرته ولم يحثوا التراب عليه فأمر بإخراجه إنجازًا لوعده بتكفينه.
(فقه الحديث) دل الحديث على عظيم مكارم أخلاق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعلى أن المنافق تجري عليه أحكام الإِسلام. وعلى مشروعية نعي الميت والإخبار بموته. وعلى مشروعية التبرك بآثار الصالحين
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وزادا فيه: ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما خيرني الله فقال "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم سبعين مرة" وسأزيد على السبعين، قال إنه منافق فصلى عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأنزل الله تعالى (ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره) وفي رواية عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: لما مات عبد الله بن أبيّ بن سلول دعي له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليصلي عليه فلما قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على ابن أبيّ وقد قال يوم كذا كذا وكذا؟ قال أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال أخر عني يا عمر، فلما أكثرت عليه قال: إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت، فصلى عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرًا حتى نزل الآيتان من براءة (ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا إلى قوله وهم فاسقون) قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وأشار بقوله في الحديث يوم كذا كذا وكذا إلى ما قاله عبد الله بن أبيّ بعد غزوة بني المصطلق وقد ازدحم